مقالات مترجمة | انهض واقتله أولاً (2)

مقالات مترجمة | انهض واقتله أولاً (2)

للصحفي الإسرائيلي: رونين بيرجمان 
ترجمة وتلخيص: عبد الله محمد

سلسلة من الكوارث

شهد منتصف الستينات كوارث للموساد بكل المقاييس، فقد اكتُشفت حقيقة العميل إيلي كوهين، الذي وصل لمنصب مستشار وزير الدفاع في سوريا، والعميل وولفغانغ لوتز الذي اكتسب مكانة رفيعة في مصر، الأول أُعدم والثاني حُكم عليه بالمؤبد ثم سلم لإسرائيل في عملية تبادل أسرى لاحقًا.
أما الكارثة الثالثة فهي أزمة أوشكت أن تقع بين الموساد والمخابرات الفرنسية بخصوص المعارض المغربي مهدي بن بركة. في القمة العربية في 1965 في الدار البيضاء أجرى المغرب صفقة مع الموساد والشين بيت بأن تسجل المخابرات المغربية كل الحوارات والنقاشات بين الرؤساء العرب في القمة، ويكون للموساد مقر في المغرب وأن يسهل الملك هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل مقابل أن يساعد الموساد ملك المغرب بالتقنية والمعلومات الاستخباراتية اللازمة ليتجسس على معارضيه ويساعد على تصفيتهم.
وبالفعل حدث في سبتمبر 1965 أن ساعد الموساد في عملية الاختطاف ووفر للمغربيين الملاذ الآمن للتحقيق مع بن بركة وتكفلوا بالتعامل مع الجثة. هرب كل المتورطين من فرنسا بسرعة ولاحقًا اكتشفت السلطات الفرنسية الأمر وحوكمت شخصيات مغربية غيابيًّا وأثيرت الشكوك حول تعاون الموساد وظلوا دومًا خائفين من أن يُحاكم أعضاؤهم يومًا كذلك.
كل هذه الأخطاء الكارثية أدخلت الموساد وخاصة فرقة Caesarea في حالة من الغموض والتشوش وعدم اتضاح الرؤية. هنا أتى للواجهة رجل اسمه مايك هراري، عُين نائبًا للرئيس في 1965 ثم رئيسًا للفرقة في 1970، ونقل فرقة الاغتيالات نقلة نوعية من مجرد كونهم جنودًا سابقين لا توجد لديهم عقيدة قتالية أو رؤية متبلورة. كانت بداية هذه النقلة عندما عُين على رأس لجنة لتقييم واكتشاف الخلل في فرقة الاغتيالات، وكان أول أعماله أن أوقف عمل الفرقة كلها ثم اكتشف أن إحدى أكبر ثغرات الفرقة هي انعدام التدريب، عند التخطيط لعملية اغتيال، لا يُعد التخطيط مكتملًا ما لم تتوفر خطط هرب المنفذين من ساحة الاغتيال، وكانت هذه بالذات مشكلة إذ إن أعضاء الفرقة لم يتدربوا أساسًا على أساليب الهرب بعد تنفيذ العمليات.
تمثلت تغييرات هراري في التدريب على الهرب، إلغاء فكرة الاغتيال بالسكين أو أي قتال بالأيدي لتأمين الهرب الآمن للعميل وعدم وقوعه في الأسر، ثم التدريب على إخفاء الهوية تمامًا، إذ يكتب العملاء سيرًا ذاتية مختلفة تمامًا يحفظونها حتى لا يثيروا أية شكوك عند من سيكونون بينهم، ثم يتعلمون إحدى اللغات الأجنبية – خاصة الأوروبية إذ فضل هراري الاعتماد على ذوي مظهر أوروبي بعد افتضاح خطة العملاء العرب في الدول العربية – إلى أن يتقنوها، ثم يختارون مهنة تتطلب منهم التنقل وتكون غطاء لسفرهم لعمليات الاغتيال.
لكن أكبر نقلة حصلت في عهد هراري هي الصرامة، تطلب الأمر مميزات كثيرة حتى ينضم الشخص إلى فرق الاغتيالات في الموساد، فيجب أن يعرف الموساد أنه من أصل يهودي، ثم يعرف ما الدافع الذي يدفع العميل لقبول هذا العمل الخطير للغاية، يتفقد الموساد تاريخه والتأكد من أنه ليس عميلًا لدولة أخرى، ثم تكون التدريبات الشاقة جدًّا والتي لا يصمد لها الكثير، كان الإسرائيليون المولودون في أوروبا لهم فرص أكبر في القبول؛ إذ إنهم لن يحتاجوا للتدريب على تمثيل دور الأوروبي غير الإسرائيلي.
وبعد كل هذا يكون الاختبار الأخير، يجب أن يذهب المجند لقريته أو حارته في إسرائيل فيمر عليها ويدخلها ويخرج منها دون أن يعرفه أحد، فإذا عرفه أحد أقاربه أو أصدقائه فهذا فشل في الامتحان الأخير، هذا الامتحان الأخير بالذات انضوى على إجراء آخر، كان الموساد يعطي معلومات للشين بيت عن المتدرب فيذهب ضباط الشين بيت للقبض على العميل أثناء وجوده بقريته ثم يأخذونه إلى غرف تحقيق مغلقة متهمينه بأنه عميل فلسطيني، فيستجوبونه ويعذبونه، فإذا ضعف المجند وأخبرهم بأنه متدرب في الموساد فهذا كفيل بفشله كذلك.
مع كل هذه الإجراءات، تقلصت نسب القبول في فرق الاغتيالات حسب تصريحات بعض مسؤوليها إلى 0.01%. وبالطبع لم يفُت هراري أن يسمي الفرقة الوليدة باسم خاص، فسماها كيدون Kidon، وصارت رسميًا فرع الاغتيال لجناح Caesarea المختص بالمعلومات.

“الكفاح المسلح هو الحل الوحيد لتحرير فلسطين”
مع أول انتصار لليهود في حروبهم في 1948، هُجّر ما بين 600,000 إلى 750,000 ألف فلسطيني من أرضهم، بعضهم هُجّر من مسكنه إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة – اللذين سيطرت عليهما إسرائيل بعد حرب 1967 – وبعضهم هُجر من فلسطين كلها. مع إعلان الدولة اليهودية بدأت موجة عمليات ضد المدنيين والعسكريين الإسرائيليين كان يقوم بها الفدائيون الذين كانوا يرسَلون بعلم وتحكم المخابرات المصرية غالبًا. بعد حرب 1956 واجتياح الجيش الإسرائيلي لغزة والسيطرة عليها بالكامل، توقفت مصر عن دعم أي نوع من المقاومة، لخوفها على أمنها القومي وسلامة حدودها، ولكن لم تنعم إسرائيل بالهدوء إذ إن الهجمات لم تتوقف على الإطلاق.
في عام 1959 أعلن الفلسطينيان ياسر عرفات وخليل الوزير “أبو جهاد” عن تأسيس حركة التحرير الفلسطينية. لم يكن الإعلان عن تأسيس الحركة عفويًا بل كان نتيجة جهود عرفات وأبو جهاد لسنين؛ إذ إنهما كانا في بداياتهما من عملاء المخابرات المصرية، وشعرا بأن عبد الناصر خانهما بعد رفع يده عن فلسطين عام 1956. وبناء على خبرتهما السابقة في عمليات التخريب وحرب العصابات أسسا حركة خططا لتكون الممثلة الشرعية والوحيدة للشعب الفلسطيني. ولم تشعر أجهزة الأمن الإسرائيلية بخطر هذه الحركة في البداية إذ كان جمال عبدالناصر هو الخطر الأول على إسرائيل الذي تتوجه إلى محاربته الجهود، خاصة مع برنامج العلماء الألمان.
كان أول تقرير رفعه عميل في الموساد إلى رئيسه في 1964 حيث أحس الموساد بأن الحركة تتحرك شعبيًا بين الطلبة والمثقفين الفلسطينيين في جامعات أوروبا وأن هذا التحرك سيشكل خطرًا في المستقبل، لكن الحركة قامت بتنفيذ أول عملية لها مطلع عام 1965 وتزايدت هجماتها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ ذلك الحين، أما الموساد فقد حاول عدة مرات أن يغتال ياسر عرفات وغيره من قيادات الحركة الذين تنقلوا بين الأردن ولبنان وسوريا، بناء على معلومات وصلتهم من عملاء لهم داخل الحركة، كادوا يغتالون عرفات مرتين ولكنه هرب في كلتا المرتين من مسرح الأحداث لابسًا حجاب النساء. أظهرت التجارب أن نوعية الهجمات وجودتها ودقتها كانت تتحسن كلما ازدادت العمليات ضد الإسرائيليين.

مير داغان وخبرته
مع نهاية حرب 1967 واتساع نطاق سيطرة إسرائيل وتوسعها في طرد الفلسطينيين من البيوت وبنائها المستوطنات، حدث ردات فعل عنيفة من قبل الفدائيين الفلسطينيين وعمليات سُميت بالدموية، وبفعل هذه الأحداث فُتح باب النقاش داخل القيادة الإسرائيلية في كيفية التعامل الأمثل مع مثل هذه الأوضاع، فقد رأى بعضهم أنه يجب التعامل مع الأمر برفق وإيقاف مشاريع الاستيطان لمدة، بينما رأى آخرون أنه يجب الضرب بيد من حديد.
كان من ضمن الفريق الأخير آرييل شارون والذي سيُعين كقائد للجيش الإسرائيلي في 1969 في المناطق الجنوبية التي من ضمنها غزة معقل المقاومة والعمليات الجهادية آنذاك. أسس شارون فرقة في الجيش ترفع التقارير إليه مباشرة على رأسها مير داغان – أحد جنود حرب الأيام الستة الذين التقاهم وأعجب شارون بشجاعته وفطنته – وكلفه باختيار وجمع 150 جنديًا أكفاء للمهمة التي سيكلفون بها، ثم إعطائهم تدريبات إضافية شاقة.
هنا استفاد شارون من حاجة الشاباك (الشين بيت) إلى قوة استخباراتية للمساعدة في تحديد ومراقبة واغتيال الفلسطينيين المشكوك في أمرهم، أو الذين ثبت تورطهم في عمليات ضد الجيش الإسرائيلي؛ فقد تسلم داغان من الشين بيت قائمة بأسماء رجال مطلوبين في غزة يصل عددهم إلى 400 اسم.
قسمت هذه الأسماء إلى القائمة السوداء والقائمة الحمراء. أما القائمة السوداء فتحوي أسماء الأكثرية التي لا تعلم بأنها مطاردة أو مراقبة وبالتالي يسهل اختطافها، كانوا يُختطفون هؤلاء ثم يعذبونهم حتى يستسلموا ويضطروا للكشف عن أسماء من يعرفونهم، ثم يوضع هؤلاء في سيارة أجرة بين رجلين ضخمين ويجبرون على الإشارة لبيوت الأعضاء الذين يعرفونهم تحت تهديد السلاح.
أما “الحمراء” فقد كانت قائمة الأسماء الخطرة التي تتربع على قمة هرم حركة فتح، وقد أسست لهم فرقة خاصة “الكوميليون” وأعطيت لهم تدريبات خاصة على المراقبة عن قرب والاختطاف أو الاغتيال، نظرًا لأن هؤلاء يعلمون أنهم مطاردون وبالتالي هم حذرون ومسلحون.

من بعد 1970 بدأت هذا الفرقة بيد شارون عملها، فقلصت في خلال عامين المطلوبين في قطاع غزة إلى 8 فقط بعامل التصفية الجسدية. استفاد الإسرائيليون من طريقة التقسيم الفلسطينية إذ إن منظمة التحرير الفلسطينية كانت يسارية وعلى خطى غيرها من اليساريين تؤمن بعقيدة “الحد الأدنى من المعلومات” بالنسبة للأعضاء؛ إذ العضو لا يجب أن يعرف إلا الذين هم في خليته وبمجرد أن يحمل غريب السلاح ويتكلم العربية يستغفل الأعضاء ولا يدركون أن هذا عميل للاحتلال إلى بعد فوات الأوان.
أحد الأسباب التي سرعت وتيرة هذا الاغتيالات هي حادثة قتل مستوطن وبعض أفراد عائلته في 1971، إذ إن هذه الحادثة بالذات وحدت الرأي الاستخباراتي الإسرائيلي المنقسم حول طريقة التعامل مع الفلسطينيين بين القسوة المفرطة أو مبدأ الشدة واللين، وتعاون بعض الفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي؛ فمثلًا كان بعض العملاء يبيعون أعضاء المنظمة قنابل تتفجر بعد ثانية من سحب الزناد، على خلاف العادة ولأن القضاء الإسرائيلي يلزم بالكشف عن أسماء جميع المشاركين في العمليات فإنهم كانوا ينفذون الاغتيالات سرًّا، وحتى من استسلم فإنه يُغتال.
كان الإسرائيليون لا يتورعون عن قتل من يتهمونه بأنه إرهابي، فكان من طرقهم أن يتركون الباب مفتوحًا للسجين فيهرب، أو يتركون رصاصة في الزنزانة أو الغرفة التي يعتقل فيها ثم يقتلونه بتهمة الهرب أو حيازة سلاح، أو أن يخبرونهم بأن لديهم دقيقتين للهرب ثم عندما يهرب السجين يطلقون النار على “الهارب”.
كانت هذه الاغتيالات محل ثناء من المؤسسات المدنية الإسرائيلية لأنه “حفاظ على حياة المواطن الإسرائيلي”، وسهلت بناء مستوطنات جديدة في أراضي 67 التي كان اليهود المتدينون يرون أنه لا يجوز التفريط في شبر منها؛ لأن عدم توسيع أرض إسرائيل سيؤخر خروج المخلص “المشياخ” وخسارة هذه الأراضي ستعد خسارة إستراتيجية أيضًا.

منظمة التحرير تصبح منظمة عالمية
في ظل هذه الأوضاع تأسست في عام 1967 الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (PLFP) على يد مجموعة من الفلسطينيين الماركسيين على رأسهم جورج حباش ووديع الحداد، تحت غطاء منظمة التحرير الفلسطينية، فصارت ثاني أكبر فصيل بعد فتح.
قامت هذه الجبهة بعد تأسيسها بعدة عمليات لاختطاف طائرات تحمل ركابًا إسرائيليين، من أبرزها عملية في 1968 حدث بموجبها تبادل الأسرى الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين، وأخرى في سبتمبر 1970 بادلوا فيها الرهائن الإسرائيليين بجنود سوريين.
في ذروة نشاطها، اختطفت الجبهة في نفس الشهر – سبتمبر من عام 1970 – أربعة طائرات أقلت ركابًا إسرائيليين، وأنزلوها كلها في الأردن واحتجزوا 55 إسرائيليًا، بينما لم يهتموا بغير الإسرائيليين من الركاب وأطلقوا سراحهم. وطالبوا بمبادلة الإسرائيليين بأسرى فلسطينيين من بينهم ليلى خالد – عضوة في الجبهة ومشاركة في عمليات اختطاف سابقة – مما أغضب ملك الأردن الذي رأى أن الأوضاع في مملكته تخرج عن يده فأطلق يد أجهزته الأمنية لقتل آلاف الفلسطينيين المهاجرين إلى الأردن، وبعد هذه الأحداث أجبرت فتح على الانتقال للبنان وسُمي هذا الشهر سبتمبر الأسود.

“ليس لدي مشكلة في أي شخص قتلته”
في نفس عام 1970، صار مايك هراري على رأس فرقة Caesarea بعد أن استمر في تدريبه للفرقة لخمس سنين، كان قد اقتنع خلالها أنه يجب على الموساد أن ينفذ عمليات اغتيال في أوروبا، كون القيادات الفلسطينية في العواصم العربية محصنة. ولكن جولدا مائير رئيسة الوزراء الجديدة رفضت الأمر رفضًا باتًّا معللة موقفها بأن الدول الأوروبية لن تسمح باغتيالات على أراضيها، وستسوء العلاقة بين هذه الدول وبين إسرائيل.
تغير موقف جولدا مائير تغيرًا كليًا بعد ما يًسمى بمذبحة ميونخ، وهي حادثة اختطاف وقتل لاعبين إسرائيليين أثناء حضورهم فعاليات الألعاب الأولومبية في ألمانيا، وقُتل بعض من شرطة ألمانيا الغربية كذلك، قام بالعملية حركة ست نفسها “سبتمبر الأسود”، اتضح فيما بعد أنها إحدى أذرع منظمة التحرير الفلسطينية لا أكثر. اعتقدت إسرائيل أن ألمانيا الغربية لم تقدم المساعدة الكافية لإنقاذ الرهائن الإسرائيليين، واتُخذ قرار داخلي إسرائيلي بأن يُفتح الباب لتنفيذ عمليات الاغتيال في أوروبا.
تلقى الموساد معلومات قيمة من عميل مسيحي لبناني مخلص لهم – أعطوه الاسم الحركي “الحزن” – مصورًا لهم مساكن ثلاثة من قيادات منظمة التحرير في بيروت بالعنوان في أكتوبر 1972، بعد مدة وجيزة قرر الموساد القيام بعملية جنونية بإرسال فرقة الاغتيالات للبنان واغتيال هؤلاء الثلاثة المقيمين في بيروت.
أولى المشاكل التي واجهتهم كانت أن أعضاء كيدون – فرقة الاغتيالات في جناح Caeserea – لم يملكوا غطاء مقنعًا لدخولهم للبنان والبقاء فيها لمدة، ولأن غالب أعضاء فرقة جمع المعلومات Caesarea في لبنان غير متدربين بما يكفي تقرر الاشتراك مع استخبارات الجيش آمان في تنفيذ هذه المهمة. استغل الجنود المرسلون للاغتيال سكن الأهداف في الساحل، فقد نزل الـ Sayaret Maktal – وحدة الاغتيالات في استخبارات الجيش – في الساحل في ليلة 10 أبريل 1973 وبتعاون مع عناصر الـCaesarea الموجودين داخل لبنان وصلوا لغرف المستهدفين ونفذوا العملية بنجاح، فحدثت الاغتيالات وفجروا مبنى الجبهة الشعبية بتحرير فلسطين في بيروت بمن فيه، وخرج الإسرائيليون من لبنان في نفس الليلة سالمين.
إثر هذه العملية التي سميت فردان “ربيع الشباب” استقالت الحكومة اللبنانية، أما على الصعيد الفلسطيني فقد تمت تصفية أعضاء المنظمة داخل فلسطين الذين عرفوا أو افتضح أمرهم جراء حيازة الإسرائيليين وثائق كمال عدوان – أحد الثلاثة الذين اغتيلوا – من غرفته وبدأت أسطورة الموساد الذي يصل لأي مكان في العالم العربي.

“التعريف الخاطئ للهدف ليس فشلا، إنه خطأ”
استمرت في هذه الأثناء اغتيالات الموساد للفلسطينيين المنتمين لفتح أو جبهة التحرير الشعبية في أوروبا الغربية بالعشرات. كانوا يطاردون في بداية السبعينات أحد أعضاء منظمة سبتمبر الأسود وهو علي حسن سلامة، ابن المقاتل حسن سلامة ثاني قادة الجيش الفلسطيني في حرب 48.
كان علي سلامة على رأس قائمة المشكوكين بضلوعهم في عمليات ضد إسرائيل، كان كلما اقتربوا من الوصول إليه وجدوه قد فر لدولة أوروبية أخرى. في 1973، كان هنالك مخطط لاغتياله في النرويج ولكن بسبب خطأ في تعريف الهدف اغتالوا مغربيًا عاش في النرويج وشابه لحد كبير علي سلامة، ووقعت الواقعة بخطئ فظيع لعميل الموساد السائق إذ لم يتخلص من السيارة التي ركبوها بعد إطلاق الرصاص، وكتبت رقم السيارة إحدى المارات وسلمتها للشرطة فقبضت عليه الشرطة النرويجية في المطار – واكتشفوا أنه مصاب برهاب الاحتجاز – وانتزعت منه كل معلومة عرفها عن الموساد حتى رقم هاتف مقر الموساد في تل أبيب.
بهذه المعلومات ألقي القبض على خمسة عملاء آخرين شاركوا في عملية الاغتيال وساعدت هذه المعلومات على القبض على أعضاء موساد في دول أوروبية أخرى كفرنسا وإيطاليا، وصارت القضية فضيحة دولية إذ إنها كانت أول مرة يُلقى القبض فيها على المنفذين ويعترفون ويحاكمون، هذا الحدث جعل الموساد يتوخى الحذر في عملياته القادمة ويفضل التعاون مع الشرطات المحلية الأوروبية في بعض الأحيان، أما العملاء المقبوض عليهم فقد حُكم عليهم بأحكام كان أقساها خمس سنوات، ولكن أعيدوا كلهم إلى إسرائيل في 1975 وعرفت هذه القضية بقضية ليلهامر.

ـــــــــــ

حمّل العدد الجديد bit.ly/2XlGy35
هدية العدد bit.ly/2QGsPSe
الأعداد السابقة bit.ly/2vvtufk

(المصدر: مجلة “كلمة حق”)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى