وجهة نظر.. هل أصبح حل الجماعة ضرورة؟؟

وجهة نظر.. هل أصبح حل الجماعة ضرورة؟؟

بقلم مصطفى صقر

بعد انتكاسة الربيع العربي والمتمثلة ابتداء في تحالف قوى الثورة المضادة ضد الأنظمة المدنية التي نشأت على أنقاضها (كما حصل في تونس)، والمشاركة في مجازر ومذابح للأحرار والانقلاب على مدنيتهم أو حلمهم على الأقل (كما حصل في مصر وسوريا)، ووأد أي تطلع للحرية السياسية بأشكالها في سوريا واليمن وليبيا، بدأت تنتشر دعوات ضخمة بأن تحل جماعة الإخوان المسلمين (وهي من أكبر القوى الاجتماعية والشعبية في المنطقة العربية) نفسها، وأن تتحمل المسؤولية الكاملة عما جرى في هذه الانتكاسة، ناسين بذلك (أو متناسين عمدا) ما فعلته قوى الفساد المحلية والدولارات النفطية والخطط الأمريكوصهيونية لقتل ووأد أي حلم بالاستقلال من أي تبعية.

فيا ترى… لماذا يحرص البعض على نقاش فكرة حل ما هو قائم (بغض النظر عن حاله كما يصفون)، ويجعلون ذلك شغلهم الشاغل، من خلال مؤتمرات وندوات وتجمعات، ودراسات ومقالات وحوارات حادة، ولا يناقشون -بنفس سخونة ذاك الجهد- ضرورة إيجاد بديل أفضل (كما يدّعون)؟؟؟

هل غدت مشكلتهم أنهم لا يملكون الشجاعة -مثلا- في إنشاء عمل دعوي آخر (لا يكررون فيه أخطاء القائم) دون أن يمروا على جثمان القائم محلولا ويدفنوه بأيديهم؟؟

لماذا يلزمون أنفسهم عناء نقد القائم والدعوة لحله، أكثر من مرة وبأكثر من طريقة وأسلوب، ولا يقومون بإفراز عمل جديد لا يحمل جملة السلبيات التي بموجبها أطلقوا رصاصات (الرحمة!!!) من مدفعهم (الناصح الأمين!!!)؟؟

نقطة نظام: انا هنا لا أقف ضد النقد البناء، بل أقف ضد النقد الهدام لكل ما بني دون أن يضع بين أيدينا أي حل عملي جديد.

ألا يعكس هذا الأمر ضعفهم وخورهم الذي يتعاظم أمام مشروع الجماعة القائم (على علّاته)، وعدم قدرتهم على تجاوزها أو حتى اللحاق بها -مثلا-، فيضطرون -آسفين- للدعوة لحلها فقط دون الحديث عن بديل عملي؟؟

أما أن أمرهم كأهل التصوف مثلا (تخلية ثم تحلية)؟؟ أي لا بد من تخلية للساحة الإسلامية من تواجد الجماعة(!!!) ليتصدروا هم (أفراد أو تكتلات) المشهد، من باب (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم، وتكونوا من بعده قوما صالحين)؟؟

وإذا سمحنا لأعنة التفكير أن تنطلق أكثر، فنقول : أم لهم بذلك مآرب أخرى؟؟

أي بمعنى آخر : هل يمكن وضع مطالبتهم هذه في إطار (مشاركة أبناء الجلدة أعداء الأمة) سعيهم الحثيث نحو حل أي هيكل تنظيمي لأي عمل دعوي قائم (مهما كان هشا) بشكل أو بآخر دون طرح بديل عملي يحل مكانه؟؟

دعوتي المتواضعة لهم في هذه المسألة (من باب حسن النية طبعا) أن يغلّبوا (إن كانوا صادقين) مصلحة الأمة (المدعاة من قبلهم) برفع راية خير ودعوة جديدة، بوسائل جديدة، واستراتيجيات جديدة، وعلاقات وتحالفات جديدة، وليبدأوا بإقناع المسلمين بالعموم -والعاملين للإسلام بالخصوص- بها ليناصروهم، وأخذ هذا الكم الهائل من التحليلات التي حللوها لواقع الجماعة القائمة (المطالبين بحلها) لكي يحصنوا نموذجهم الجديد مما وصموا به القائم، وليدعوا القائم لمن آمن به من (البسطاء) ليكملوا ما بدأوه من مشاريع، ولينطلقوا هم متجاوزين عقدة (ضرورة حل الجماعة لنفسها)، ولهم بتجربة حزب العدالة والتنمية التركي أسوة حسنة، فقد تجاوز ما كان يطرحه نجم الدين اربكان أواخر تسعينيات القرن الماضي وأسسوا تجربته النهضوية دون أن يدخلوا معركة كسر عظم مع البنية القائمة، بغض النظر عن التقييم التفصيلي لهذه التجربة.

أو فليسمحوا لنا أن نتهمهم بسوء النية، والتحالف غير المعلن مع أنظمة الاستبداد والاحتلال، والتي أعلنت عشرات المرات ضرورة قتل هذه الجماعة ومنع تعاظم قوتها وقدرتها على الإقناع والانتشار والتمدد بأي شكل من الأشكال، وبهذا نفهم دورهم النقدي – غير البناء -.

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى