عندما فرحت القاهرة بفتح القسطنطنية

عندما فرحت القاهرة بفتح القسطنطنية

بقلم ممدوح إسماعيل

في ٢٩ مايو ٢٠١٩ تمر الذكرى ٥٦٦ على فتح القسطنطينية وهو من أهم أحداث التاريخ ومازال وعندما نرجع بالتاريخ تلك القرون نجد أن علاقة الدولة العثمانية بمصر دولة المماليك علاقة ممتازة بعكس اليوم فعندما تولى السلطان مراد الثاني الحكم أرسل اليه السلطان المملوكي برسباي هدايا محملة بالسفن تعبيرا عن فرحه ولكن في طريقها استولى عليها ملك قبرص مما أغضب السلطان برسباي وأرسل ثلاث حملات متوالية تضرب في قبرص آخرها عام ١٤٢٦ م هزمت القبارصة هزيمة منكرة ودخلت قصر الملك جانوس واعتقلته وأسرت ٣٧٥٠ أسير عادت بالجميع إلى القاهرة وقد أرسل السلطان العثماني وفدا للتهنئة بالنصر وقد حضر الوفد مجلس السلطان برسباي وشاهد مثول ملك قبرص تحت قدمي برسباي يطلب العفو والرحمة فعفا عنه برسباي مقابل فدية ٢٠٠ الف دينار وخضوع قبرص لحكم دولة المماليك

واليوم مصر السيسي تتفق مع قبرص ضد تركيا في البحر المتوسط ومن قبل مصر عبد الناصر كانت مع قبرص اليونانية والاسقف مكاريوس ضد تركيا وقبرص التركية لكن أعظم حدث كان عندما فرحت القاهرة بفتح القسطنطينية في ٢٩ مايو ١٤٥٣ م فقد أذيعت أنباء الانتصار من فوق منابر المساجد وأقيمت صلوات الشكر ولك أن تتخيل أيضا أنه قد زُيّنت المنازل والحوانيت وعُلّقت على الجدران والحوائط الأعلام والأقمشة المزركشة بألوانها المختلفة.

ذكر المؤرخ ابن إياس في كتابه بدائع الزهور هذه الواقعة أنه مع وصول خبر الفتح ووصول وفد الفاتح دقت البشائر بالقلعة التي هي مقر الحكم ونودي في القاهرة بالزينة ثم إن السلطان عين برسباي أمير آخور ثاني رسولاً إلى ابن عثمان يهنئه بهذا الفتح أما المؤرخ ابن تغري بردي فيذكر أن السلطان محمد الفاتح أرسل أعجب هدية أسيران من قادة الروم هدية للسلطان المملوكي الاشرف اينال، تخيلوا الهدية أسيران من قادة الروم للدلالة على عظمة الانتصار وذلة الروم.

وقد سرد المؤرخ ابن تغري بردي وقائع ذلك اليوم في القاهرة وفرحة الناس ومرور الأسيران بشوارع القاهرة فقال ولله الحمد والمنة وجاء القاصد المذكور ومعه أسيران من عظماء إسطنبول، وطلع بهما إلى السلطان وهما من أهل القسطنطينية وهي الكنيسة العظيمة بإسطنبول فسُر السلطان والناس قاطبة بهذا الفتح العظيم ودقت البشائر لذلك وزينت القاهرة بسبب ذلك أيامًا ثم طلع القاصد المذكور وبين يديه الأسيران إلى القلعة في يوم الاثنين خامس وعشرين شوال بعد أن اجتاز القاصد المذكور ورفقته بشوارع القاهرة وقد احتفلت الناس بزينة الحوانيت والأماكن وأمعنوا في ذلك إلى الغاية وعمل السلطان الخدمة بالحوش السلطاني من قلعة الجبل والخدمة أي الولائم.

كان الوفد يحمل رسالة من السلطان محمد الفاتح إلى سلطان مصر الأشرف إينال وكانت الرسالة من إنشاء الشيخ أحمد الكورانى شيخ السلطان محمد الفاتح والرسالة تبدأ بحمد الله وتستعرض فتح القسطنطينية جاء فيها الآتي “وجَهّزنا عساكر الغزاة والمجاهدين من البر والبحر لفتح مدينة مُلئت فجورًا وكفرًا التي بقيت وسط الممالك الإسلامية تباهي بكفرها فخرًا هذه المدينة الواقع جانبٌ منها في البحر وجانب منها في البر فأعددنا لها كما أمرنا الله بقوله: وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ الأنفال كل أهبة يُعتَدّ بها وجميع أسلحة يُعتمد عليها من البرق والرعد والمنجنيق والنقب والحجور وغيرها من جانب البر والفلك المشحون والجوار المنشآت في البحر كالأعلام من جانب البحر ونزلنا عليها في السادس والعشرين من ربيع الأول من شهور سنة سبع وخمسين وثمانمائة.

فكلما دُعوا إلى الحق أصروا واستكبروا وكانوا من الكافرين فأحطنا بها محاصرة وحاربناهم وحاربونا وقاتلناهم وقاتلونا وجرى بيننا وبينهم القتال أربعة وخمسين يومًا وليلة. فمتى طلع الصبح الصادق من يوم الثلاثاء يوم العشرين من جمادى الأولى هجمنا مثل النجوم رجومًا لجنود الشياطين سخّرها الحُكم الصدّيقي ببركة العدل الفاروقي بالضرب الحيدري لآل عثمان قد مَنَّ الله بالفتح قبل أن تظهر الشمس من مشرقها.

المتأمل في العلاقة ذلك الوقت بين مصر دولة المماليك وتركيا الدولة العثمانية يجد تناغم وحب وفرح للانتصارات سببه الأول أن الإسلام كان هو الرابط الأساسي والأصلي للعلاقة والسبب الثاني أن الدولتين كانتا أقوياء مستقلين لا يتبعون قوة أخرى ولا عملاء لدولة أخرى السبب الثالث كان عدوهما واحد وهى الاطماع الصليبية وما حدث من تدخل السلطان يافوز سليم بعد ٦٠عام وفتح مصر كان نتيجة ضعف دولة المماليك وتعاون الحاكم الغورى وقتها مع الدولة الصفوية التي كانت في حرب مع الدولة العثمانية وذلك على تفصيل له موضع آخر ولا يفوتنا أن العلاقة بين العثمانيين والمماليك ظهرت وقويت مع بداية دولة كل منهما القوية مع حكم عثمان الأول والظاهر بيبرس في مصر.

ويبقى أن مصر منذ حكم العسكر في ٢٣ يوليو ١٩٥٢ تغيرت علاقتها مع تركيا ودائما هي علاقة متوترة بسبب تبعية حكم العسكر في مصر لدول أخرى رغم أن رابط الإسلام يجمع بينهما الا ان مصر كانت مع اليونان ضد تركيا من عبد الناصر إلى السيسي الآن الذى يشعل حرب الغاز ضد تركيا في البحر المتوسط بالاتفاق مع اليونان وقبرص وإسرائيل رغم ان اتحاد مصر وتركيا يمثل قوة كبيرة جدا لكن يوجد قوى كثيرة عملت على عدم قيام هذا الاتحاد ورغم ما فعله حكم العسكر والحرب الإعلامية لتشويه تركيا إلا أن الحب بين الشعبين قوى في القلوب ومازال الأتراك يحملون الحب للشعب المصري.

(المصدر: مدونات الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى