التصعيد الأمريكي في الخليج والأهداف الحقيقية!

التصعيد الأمريكي في الخليج والأهداف الحقيقية!

 

بقلم أ. سيف الهاجري

 

تحشد أمريكا أساطيلها وجيوشها في مياه الخليج العربي بحجة مواجهة الخطر الإيرانيعلى مصالح أمريكا وحلفائها في مشهد سريالي حير المتابعين في ماهية وطبيعة هذاالصراع وأحداثه…

فأمريكا نفسها فتحت الطريق للنظام الإيراني ومليشياته الطائفية لدخول العراق لمواجهةالمقاومة العراقية وسوريا لمواجهة ثورة الشعب، وفي لبنان أمريكا وحلفاؤها الخليجيونيرعون الحكومة التي تضم حزب الله الذي له ثلث معطل في هذه الحكومة التي يرأسهاسني حسب الدستور اللبناني، وفي اليمن فتحت أمريكا وحلفاؤها بالمبادرة الخليجيةوالرعاية الدولية الطريق لحركة الحوثي حليفة إيران لدخول صنعاء للسيطرة على المشهدالسياسي بدعم الجيش اليمني ورجال علي صالح في الدولة العميقة، وفي أفغانستانوقفت إيران مع التحالف الشمالي ودعمت الاحتلال الأمريكي وتفاهموا على إسقاط الإمارةالإسلامية (طالبان)…

هذه التفاهم والتعاون الإقليمي بين أمريكا وإيران منذ عقود يجعل من الصعب التصديق بأنإيران تشكل خطرا على النفوذ الأمريكي في المنطقة…

لذا لا بد من قراءة مختلفة لما يجري في الخليج وربطه بما يحدث في المنطقة عموما منالثورة العربية إلى النهضة التركية حينها سنفهم طبيعة هذه الأحداث التي تشهدها المنطقةمن الخليج إلى تركيا…

إن الخليج العربي يأتي في المرتبة الأولى من حيث الأهمية الاستراتيجية للنفوذ الأمريكيفي المنطقة بل وفي العالم ولا نبالغ لو قلنا أنه يتقدم إسرائيل نفسها، ببعده الديني بوجودالحرمين وتأثيرهما في توجيه الرأي العام الإسلامي، وببعده الإقتصادي بما يملك من مصادرالطاقة (النفط والغاز) واعتماد العالم الصناعي عليه، وببعده الجغرافي وموقعه الاستراتيجيفي قلب الشرق الأوسط…

ولهذه الأبعاد كلها تأتي أمريكا بهذا الحشد العسكري والحملة الإعلامية :

•لحماية الخليج العربي من أي تهديدات أو أخطار داخلية تمثلها الثورة العربية وامتدادهاللخليج العربي…

•ولتأكيد حضورها العالمي بعد مشهد تراجعها السياسي في عدة ساحات دولية واستخدامورقة الطاقة في قضايا دولية كالحرب التجارية مع الصين والعلاقات مع أوربا وروسيا…

•وإبعاد أي نفوذ للقوى الكبرى كالصين والتي عقدت اتفاقيات إقتصادية مع بعض دول الخليجكمقدمة لدخولها المنطقة…

•وتحجيم التمدد الإيراني وضبط إيقاعه ليبقى ضمن الدور الوظيفي المرسوم له إقليميا…

•والاستعداد العسكري والسياسي للإعلان عن مشروع صفقة القرن…

فصفقة القرن التي أعلنها الرئيس ترامب لا يمكن أن تنجح وتحقق أهدافها في ظل الثورةالعربية ولا في ظل تحرر تركيا بقرارها السياسي ونهضتها الإقتصادية…

ولهذا فإنهاء الثورة العربية هو هدف إستراتيجي لأمريكا والقوى الكبرى الأخرى ولذا تقاسمتهذه القوى ملفات الثورة العربية فيما بينها لإنهائها وإعادة إنتاج النظام العربي من جديد…

وأما تركيا فهي تواجه ما تواجهه الثورة العربية من تآمر دولي على كل المستويات ومن خلالأدوات وظيفية من جماعات وأحزاب وظيفية داخل تركيا وخارجها وهذا ما كشفه الانقلابالعسكري والانتخابات الأخيرة وخاصة ما جرى في انتخابات بلدية اسطنبول وتباكيالجماعات الوظيفية على الديمقراطية وكأن ما تواجهه تركيا ليس حملة دولية وإقليمية تريدإرجاعها لحظيرة النفوذ الأمريكي والغربي كما كانت من قبل…

إن من أهم ما تسعى إليه أمريكا اليوم هو إعادة ترتيب المنطقة دولها وأنظمتها لحمايةنفوذها وهيمنتها التي اهتزت مع قيام الثورة العربية، ولذا تعمل أمريكا ومعها القوى الغربيةعلى تغيير المنظومة السياسية التي انتجتها الثورة العربية ببعدها الإسلامي ووقف تحررتركيا وتقدمها، وتغيير النظام الإيراني الديني ليأتوا بالقوى الليبرالية والعلمانية واليساريةالتقدمية الوظيفية لتحكم دول المنطقة من جديد برعاية غربية …

فالذي يجري في الخليج اليوم ليس ببعيد عما يجري في تركيا وما يجري في ساحات الثورةالعربية، فهي حلقات بدأت تتصل وتتكامل تسعى القوى الكبرى إلى عزلها من جديد لتعيدهاجزر منفصلة عن بعضها البعض كما كانت لقرن من الزمان منذ سقوط الخلافة العثمانيةوإقامة جدار عازل بين العرب وتركيا تحميه قوى وظيفية من أنظمة وجماعات…

﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

سيف الهاجري

الأربعاء 10 رمضان 1440هـ

15 / 5 / 2019م

 

 

(المصدر: موقع أ. سيف الهاجري)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى