تقارير وإضاءات

من عمّان للأقصى.. رحلة شهرية لتدريس القرآن

من عمّان للأقصى.. رحلة شهرية لتدريس القرآن

إعداد جمان أبو عرفة

“عندما تلقيتُ كتاب تكليفي بالتدريس في المسجد الأقصى، تأملته كثيرا، وقرأت كلمة الأقصى ألف مرة”، هكذا تذكر زهرية إبراهيم صافي “أم بلال” اليوم الذي غيّر حياتها عام 2011، فهي اليوم تدرس القرآن الكريم في المسجد الأقصى منذ ثماني سنوات، وتسافر من عمّان إلى القدس شهريا لأجل ذلك.

ولدت زهرية عام 1961 في قرية دير عمّار بقضاء مدينة رام الله في فلسطين، وانتقلت بعد زواجها إلى الجزائر، لتغادرها بعد خمس سنوات إلى مدينة العقبة في الأردن، وتمكث فيها عشر سنوات قبل أن يتوفى زوجها وتستقر بعده في منطقة شفا بدران شمال غرب عمّان.

كرّست صافي (58 عاما) نفسها بعد وفاة زوجها عام 1991 لتربية أبنائها الستة وحفظ القرآن وتعلّم تلاوته؛ فالتحقت بالمركز الثقافي الإسلامي بالجامعة الأردنية وحفظت القرآن وتلقت علوم تجويده على يد الشيخ الراحل إبراهيم رمانة، ونالت الإجازة من المعلمتين نجوى قراقيش وإكرام عريبات.

زهرية صافي أجازت مئات النسوة من القدس والداخل الفلسطيني (الجزيرة)

ثلاث قراءات
بدأت صافي تعليم القرآن عام 1997، وخلال ذلك أتقنت ثلاث قراءات للقرآن بثماني روايات، كما درست العلوم الشرعية في مركز أُحُد، ونالت دورة تأهيل معلم.

أدارت صافي مركز الفردوس لتحفيظ القرآن في منطقة شفا بدران، لكنها فضّلت التعليم على الإدارة، فعادت للتدريس في مساجد شفا بدران ودار القرآن النموذجية في اللويبدة، وكانت من أعضاء لجنتي امتحانات المملكة الأردنية والمسابقة الهاشمية الدولية للقرآن حتى عام 2011.

تسافر زهرية صافي شهريا من عمان إلى القدس لتدريس القرآن الكريم في الأقصى (الجزيرة)

الحلم يتحقق
تقول صافي للجزيرة نت “كنتُ أحلم بزيارة المسجد الأقصى، لكني لم أتوقع أن أنال شرف تدريس القرآن فيه”.

فعندما علمت بنقص معلمي القرآن في الأقصى، وخصوصا معلمي الدورة المتقدمة ومنهاج المستوى الثالث في التلاوة، طلبت من مديرتها في دار القرآن بالأردن اعتدال العبادي نقلها إلى المسجد الأقصى، حيث رُفع طلبها إلى وزارة الأوقاف الإسلامية في الأردن ووافق عليه الوزير آنذاك عبد الرحيم العكور.

أول درس
جاءت زهرية بعدها إلى القدس بتصريح مقدم من وزارة الأوقاف فيها -التابعة للأردن- وبدأت أول درس لها في دار الحديث بالمسجد الأقصى.

ومنذ ذلك الحين تسافر من عمّان إلى القدس في آخر عشرة أيام من كل شهر، حيث تقيم في بيت ابنتها بمدينة رام الله، وتستغل زيارتها أيضا بالتدريس في مسجد البيرة الكبيرة الملاصق للمدينة.

في قبة  موسى ذات النوافذ المطلة على كل الزوايا غرب الأقصى تتركز حصصها، حيث تشغل القبة اليوم دار القرآن الكريم داخل المسجد، أو تتنقل في بقية الحصص بين مصليات الأقصى القديم والمصلى المرواني، بعد أن صبرت في البداية على التدريس في ساحات المسجد في البرد والحر.

تدرّس زهرية علم التلاوة والقراءات وتؤهل المعلمات لتدريس القرآن (الجزيرة)

مشقة السفر
لا تخلو مهمتها من المتاعب، حيث ينهكها حاجز قلنديا العسكري الفاصل بين الضفة والقدس المحتلة عند توجهها من بيت ابنتها في رام الله يوميا إلى الأقصى، وتقول إنه يضنيها أكثر من جسر الملك حسين الفاصل بين الأردن وفلسطين الذي تسافر عبره شهريا.

أجازت زهرية صافي في الأقصى مئات النسوة من القدس والداخل الفلسطيني، وعند سؤالها عن سر تحمّل مشقة السفر والتنقل أجابت: “القرآن والأقصى، أعتبر نفسي مُقلّة ومقصرة، ودائما ما أتخيّل الرسول عليه السلام والدماء تسيل من ركبتيه في الطائف”، ثم غيّب البكاء صوتها!

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى