متابعات

في بوركينا فاسو.. المسلمون الفلان ضحية مجازر مروعة

في بوركينا فاسو.. المسلمون الفلان ضحية مجازر مروعة

تعرضت قرى تقطنها قبائل الفلان المسلمة في بوركينا فاسو خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي إلى مجازر مروعة راح ضحيتها العشرات من القرويين المسلمين على يد جماعة من قبيلة الموسي غير المسلمة، وذلك ردا على عملية نفذها بعض من يوصفون بالجهاديين.

وطالت الهجمات 18 قرية يقطنها الفلان حول مدينة يرغو (شمال وسط البلاد) وأدت لمقتل 49 شخصا على الأقل، وفقا للتصريحات الرسمية، كما أضرمت النار في بيوت ومساكن القرويين.
وحسب صحيفة لوموند الفرنسية، فإن الاتهامات بالمسؤولية عن هذه الأعمال وجهت لمجموعة دفاع ذاتي يطلق عليها كولغويغو وتعني “حراس الريف”، وهي جماعة شبه عسكرية أعيد تنشيطها في العام 2016 لمواجهة سارقي المواشي وقطاع الطرق.
وتنقل مراسلة لوموند الخاصة في المنطقة صوفي دوس عن موسى ديكو (اسم مستعار) وصفه لما حلّ بقريته قائلا “جمعوا كل الرجال في مكان واحد، أمرونا بالانبطاح أرضا ثم أطلقوا النار علينا واحدا تلو الآخر، أبي، أخي الكبير، عمي، كنا ستة”.
ويضيف ديكو، الذي نجا من المجزرة، “بقيت منبطحا.. إلى أن تمكنت من الفرار إلى الغابة حيث اختفيت عن طلقات نارهم، قبل أن أقطع 80 كيلومترا صحبة زوجتي وأطفالي لمدة ثلاثة أيام دون أكل أو شرب، ونقلتنا بعد ذلك إحدى السيارات التي كانت تمر بهذه المنطقة إلى مخيم لإيواء الهاربين المشردين عن قراهم”.
وفند الأمين العام لمربي المواشي الفلان بوباكاري ديالو المعلومات الرسمية، وأكد أن ما لا يقل عن 110 من عرقيته قتلوا بدم بارد في تلك الهجمات.
الشرارة الأولى
ووفق لوموند بدأ كل شيء في أول يناير/كانون الثاني الماضي في بلدة يرغو، حيث تتعايش عرقية الموسي، التي تمثل الأغلبية في البلاد، مع الفلان منذ الأزل، لكن في ذلك اليوم هاجمت مجموعة من “الجهاديين” كانوا يستقلون دراجات نارية عددا من الموسي، وقتلوا ستة منهم.
ويقول عمدة برسلوجو عاصمة المقاطعة عبد الله بافادنام إن شائعات ترددت بعيد الهجوم تفيد بأن الفلان متواطئون مع المهاجمين، ملفتا إلى أن ذلك دفع السكان المحليين الغاضبين للغاية والمتعطشين للثأر إلى مهاجمة قرى الفلان.
وهنا بدأت دوامة الانتقام، حسب بوباكاري ديالو الذي جاء من العاصمة واغادوغو لمساعدة النازحين، إذ ذكر أنه تم إطلاق شعار “الإبادة لجميع رجال الفلان” المتهمين بمساعدة “الإرهابيين”، وهو ما تبعته مجزرة مروعة في حق القرويين الفلان، ولم يعثر حتى الآن على الكثير من جثث أصحابها حيث تم دفنها في حفر عشوائية أو ألقيت في الآبار.
ولم يحدث قط أن شهدت بوركينا فاسو، وهو بلد يبلغ عدد سكانه نحو 20 مليون نسمة ومكون مع حوالي 60 مجموعة عرقية، مثل هذا العنف الدامي بين الطوائف، وهو ما دفع بافادنام إلى التعبير عن استغرابه لما وقع قائلا “ما حدث لم يكن أحد ليتصوره قط، إذ كيف يمكن أن يصل الوضع بين إخوة ترعرعوا معا إلى هذا الحد؟”.

إحراج للسلطات

ومثلت هذه الهجمات إحراجا لسلطات بوركينا فاسو، إذ حاول رئيسها مارك كريستيان كابوري استرضاء المتضررين قائلا “لا شيء، لا شيء على الإطلاق، يمكن أن يبرر هذا العنف المميت، فبوركينا فاسو شعب واحد، نحن متحدون وعدونا هو الإرهاب”.
غير أن مراسلة لوموند لاحظت أنه منذ فتح تحقيق قضائي من قبل المدعي العام في محكمة كايا في يناير/كانون الثاني الماضي لم يتم إجراء أي تحقيق.
وفي مخيم باسالوغو، يشكك النازحون في أن العدالة ستنصفهم، إذ تقول أميناتا دياندي، وهي امرأة في الستين من عمرها فقدت زوجها واثنين من أبنائها، “لا أعرف إن كانت العدالة ستتحقق في يوم ما، وأشك في قدرة الدولة على معاقبة مثل هؤلاء المجرمين”.
(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى