كتب وبحوث

مسلمو أمريكا ومكافحة الإرهاب: إحصاءات وممارسات

مسلمو أمريكا ومكافحة الإرهاب: إحصاءات وممارسات

عرض علاء عادل

 لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تحديد عدد المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة بدقة ليس مهمة سهلة؛ ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن مكتب تعداد السكان في الولايات المتحدة لا يطرح أسئلة حول الدين، ما يعني أنه لا يوجد تعداد رسمي تعتمده الحكومة الأمريكية للسكان المسلمين.هذا ما يجعل مركز بيو للأبحاث يعتمد على دراساته الاستقصائية والديموغرافية الخاصة، ويستعين بمصادر أخرى خارجية؛ لإحصاء عدد المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة. وتشير أحدث تقديرات المركز إلى أن تعداد المسلمين داخل الولايات المتحدة في عام 2017 وصل إلى حوالي 3.45 مليونًا شخص من مختلف الأعمار، ما يمثل 1.1 في المائة من تعداد السكان.[1]

لكن نظرًا لاختلاف المنهجية المستخدمة في هذا النوع من الدراسات، خاصة اللغة المعتمدة في الاستطلاعات والشرائح الخاضعة للفحص؛ فإن النتائج تتباين تبعًا لذلك. وبينما تهبط بعض التقديرات بتعداد المسلمين في الولايات المتحدة إلى ما دون المليونَيْن بقليل، ترتفع أخرى به إلى سقف الملايين السبعة (2-7 مليون)، وبالتالي قد تصل نسبة المسلمين إلى 2 في المائة من إجمالي السكان في الولايات المتحدة وفق أكبر التقديرات، بحسب مجلس العلاقات الخارجية.[2] بل إن كثيرًا من المسلمين الأمريكيين يعتقد أن عددهم يناطح سقف الملايين العشرة، حسبما أشار بيتر سكيري في بروكنجز.[3]

وفي حين تُظهِر دراسة استقصائية أجراها مركز بيو في يناير 2011 أن أقل عدد من المسلمين في العالم يوجد في الأمريكيتين، إلا أن التوقعات السكانية تشير إلى أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة قد يتضاعف خلال العقدين الحالي والقادم، ليرتفع من 2.6 مليون في عام 2010 إلى 6.2 مليون في عام 2030، بفضل موجات الهجرة- التي يحاول ترامب كبحها- وارتفاع معدل الخصوبة.[4]

وفق دراسة بيو، من المتوقع أن ترتفع نسبة المسلمين في تعداد الولايات المتحدة (البالغين والأطفال)، من 0.8في المائة عام 2010 إلى 1.7 في المائة عام 2030، مما يجعل عدد المسلمين يقترب من عدد اليهود أو الأسقفيين في الولايات المتحدة اليوم. ورغم أن العديد من الدول الأوروبية لديها نسب أعلى بكثير من المسلمين، من المتوقع أن يكون لدى الولايات المتحدة عدد أكبر من المسلمين بحلول عام 2030 من أي دول أوروبية أخرى غير روسيا وفرنسا.

10 دول تضم أكبر عدد من المسلمين حول العالم في عام 2010
الدولة تعداد المسلمين التقريبي
إندونيسيا 204.847.000
باكستان 178.097.000
الهند 177.286.000
بنجلاديش 148.607.000
مصر 80.024.000
إيران 74.819.000
تركيا 74.660.000
الجزائر 34.780.000
المغرب 32.381.000
10 دول يتوقع أن تضم أكبر عدد من المسلمين حول العالم بحلول عام 2030
الدولة تعداد المسلمين المتوقع
باكستان 256.117.000
إندونيسيا 238.833.000
الهند 236.182.000
بنجلاديش 187.506.000
نيجيريا 116.832.000
مصر 105.065.000
إيران 89.626.000
تركيا 89.127.000
أفغانستان 50.527.000
العراق 48.350.000

(المصدر: مركز بيو للأبحاث)

التنوع العرقيّ:

أحد نقاط القوة التي يتميز بها المجتمع المسلم في الولايات المتحدة هو التنوع العرقي الذي لا يوجد له مثيل تقريبًا حول العالم، إذ يمثل مسلمو أمريكا قرابة 77 بلدًا، بحسب مركز بيو ومؤسسة جالوب.[5] وبذلك يمكن اعتبار الجالية المسلمة في الولايات المتحدة “صورة مصغرة للعالم الإسلامي“، حسبما كتب منير عزاوي في المعهد الأمريكي للدراسات الألمانية المعاصرة.

يشكل الأمريكيون من أصل إفريقي والعرب والقادمون من جنوب آسيا أكثر من ثلاثة أرباع المسلمين في الولايات المتحدة، فيما يشكل أبناء جنوب آسيا أسرع الشرائح نموًا بين المهاجرين المسلمين. ويمثل الأمريكيون من أصل إفريقي حوالي 60 في المائة من المسلمين الأمريكيين المولودين في الولايات المتحدة.[6]

المنطقة النسبة %
المسلمون المولودون خارج الولايات المتحدة 65
الدول العربية 24
باكستان 8
دول جنوب آسيا الأخرى 10
إيران 8
أوروبا 5
دول إفريقيا الأخرى 4
دول أخرى 6
المسلمون المولودون داخل الولايات المتحدة 35
المسلمون من أصل إفريقي 20
آخرون 15
(المصدر: مركز بيو للأبحاث)

المسلمون في الولايات المتحدة
العنصر/العرق البيض أمريكيون أفارقة من أصل إسباني آسيويون
النسبة 28% 35% 18% 18%

(المصدر: جالوب) [7]

لكن على الجانب الآخر من هذا التنوع، “لا يوجد في الولايات المتحدة ما يمكن أن نطلق عليه “جالية شرق أوسطية”، أو “جالية عربية”، أو “جالية مسلمة”. وبالتأكيد، لا يوجد أي نوع من التكتل السياسي الذي يجمعهم”، كما يلفت بيتر سكيري.[8]

المستوى التعليمي والاقتصادي:

– يحظى المسلمون الذين يعيشون في الولايات المتحدة بـ 14 عاما من التعليم في المتوسط؛ ما يجعلهم ثالث أكثر المجموعات الدينية تعليمًا في البلاد، بعد الهندوس (16) واليهود، وقبل المسيحيين (13).[9]

(المصدر: مركز بيو للأبحاث)

– تبلغ نسبة المسلمين الذين يرجح حصولهم على درجة جامعية 54 في المائة، ما يضعهم في المرتبة الثالثة أيضًا بعد الهندوس (96%) واليهود (75%) وقبل البوذيين (53%) والمسيحيين (36).[10]

(المصدر: مركز بيو للأبحاث)

– يمتلك 27٪ من المسلمين الأمريكيين شركاتهم الخاصة، و23٪ يخلقون وظائف؛ ويوظفون أكثر من 5 أشخاص بدوام كامل. ما يجعلهم “جزء من الحل الاقتصادي لأغنى دولة على وجه الأرض”، على حد وصف الشاعر والمؤلف مايكل وولف.[11]

– يحل المسلمون في المرتبة الـ14من حيث متوسط الدخل السنوي للأسر في الولايات المتحدة، بعد اليهود الذين يحتلون المرتبة الأولى والهندوس الذين يأتون في المرتبة الثانية، لكن المسلمين يتقدمون في القائمة على مجموعات دينية أخرى مثل الكاثوليك والبوذيين.[12]

(المصدر: مركز بيو للأبحاث)

الاندماج والعنف:

رغم أن المسلمين الأمريكيين قد يكونون أكثر اندماجًا من نظرائهم في أوروبا، إلا أن استطلاعات الرأي التي أجراها مركز بيو أظهرت أن معظم المسلمين الأمريكيين يشعرون بالغربة والتفرقة في الحرب على الإرهاب[13]. وبرغم ذلك لم يصبحوا تربة خصبة لبذور العنف ضد المدنيين، وهو ما ستكشف السطور التالية أسبابه وتداعياته.

كيف واجه مسلمو أمريكا تهمة “الإرهاب”؟

(1) الإدانة الشعبية:

منذ هجمات 11 سبتمبر، لم تفتأ أصابع الاتهام تُوَجّه للمسلمين الأمريكيين بأنهم “لا يدينون الإرهاب”؛ وبالتالي فهم مُتواطِئون بالصمت. وتحت ستار الضجيج الشعبويّ، تصاعدت أصواتٌ متشنجة: إن الإسلام يشجع العنف أكثر من الأديان الأخرى. ومن العجيب أن البيان الذي صاغه أندرس بريفيك، قبل أن يقتل أكثر من 70 شخصًا في النرويج،[14] اتهم الإسلام بأنه “عنيف في جوهره” وأن “المسلمين المسالمين يتجاهلون ببساطة أوامر إيمانهم بالقتل”، مستشهدًا بعشرات النقاد الأوروبيين والأمريكيين- مجروحي الشهادة مثله تمامًا- لدعم هذا الزعم[15].

إذا كان هذا الادعاء صحيحًا، فمن المنطقي أن يكون أتباع الإسلام أكثر استعدادًا من غيرهم للتغاضي عن العنف ضد المدنيين. بيد أن الأدلة التي جمعتها دراسة جالوب حول دوافع القبول أو الرفض الشعبي للهجمات ضد المدنيين بعد مرور 10 سنوات على 11 سبتمبر، وتغطي 131 بلدًا، تدحض هذه الحجة؛ إذ تؤكد أن “القبول الشعبي للعنف ضد المدنيين غير المقاتلين لا يرتبط بالانتماء الديني.[16]

وأثبت تقرير جالوب أن المسلمين الأمريكيين تحديدًا يرفضون الهجمات ضد المدنيين أكثر من المجتمعات الدينية الأخرى في الولايات المتحدة[17]. كما أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة زغبي في توقيتٍ مقارِب أن قرابة ثلثي المسلمين الأمريكيين يؤيدون سن قوانين أقوى لمكافحة الإرهاب[18]، على الرغم من أن أكثر من نصف الأمريكيين المسلمين يعانون من تدابير مكافحة الإرهاب التي تُفرِدهم بمزيد من المراقبة والرصد، وبات الإبلاغ عن التهديدات والمضايقات المتكررة من أمن المطارات وضباط إنفاذ القانون وغيرهم شكوى اعتيادية[19].

هذا التوجه الشعبيّ المسلم الرافض للعنف ضد المدنيين ليس حبيس الصدور، بل ذاع صيته على أجنحه المقابلات الإعلامية والمقالات الصحفية والرسائل الشخصية المنثورة عبر الإنترنت[20]، ليس فقط ضد هجمات سبتمبر ولكن أيضًا ضد ممارسات تنظيم الدولة[21]، وما بينهما من العمليات الفردية أو الجماعية التي تورط فيها مسلمون. وقائمة الإدانات هذه طويلةٌ لدرجة أن الطالبة الأمريكية المسلمة حراء هاشمي احتاجت إلى 712 صفحة لتجمع عناوينها فقط[22]، ثم رأي آخرون أن القائمة الثابتةً لا تكفي، فدشنوا موقعًا يُحدّث باستمرار للإلمام بالمستجدات[23]. وهنا تكمن مفارقة: كيف تتواصل الاتهامات بعدم إدانة المسلمين للعنف بينما الإدانات تنهمر كالسيل بلا توقف بلغت حد الإزعاج؟

(2) الفتاوى الشرعية:

ربما السبب في هذه المفارقة (استمرار الاتهامات وما يبطلها على التوازي) هو مجادلة البعض بأن الإدانة وحدها لا تكفي لتبرئة ساحة المسلمين من تهمة الإرهاب، أو تنظيف سمعتهم من دعمه بالصمت أو مساندته أيديولوجيًا بالترويج للتعاليم التي تحض على العنف بزعمهم. والحل من وجهة نظر هؤلاء لا يكون إلا بالرفض الواضح لجذور الرؤية الدينية التي يعتبرون أنها تحض على العنف في الأساس[24].

لكن هنا مغالطتان:

الأولى: صدرت بالفعل عشرات الفتاوى التي تدين الإرهاب والعنف غير المبرر وإراقة الدماء[25]، سواء من قادة الجالية المسلمة داخل الولايات المتحدة أو القيادات الإسلامية السنية والشيعية حول العالم، ورغم ذلك لم يهدأ ضجيج الجدال. هل يعني ذلك أن الأزمة في نظر هؤلاء لا تكمن في أعمال العنف (باعتبارها: الأعراض) بل في الإسلام ذاته (باعتباره من وجهة نظرهم: أصل الداء)، ومن ثَمّ يصبح الحل الوحيد للتطهٌّر من تهمة “الإرهاب” هو: الانسلاخ تماما من الدين، وفي التعلمن مندوحةٌ عن الردة؟ فإذا لم يفهم اللبيب الإجابة بالإشارة تلميحًا، تولى مهمة التوضيح تصريحًا أمثالُ الطبيبة النفسية السورية وفاء سلطان التي ترفع عقيرتها بحسمٍ في كتابها “الله الذي يكره” الذي لا يقل إثارة للجدل عن تصريحاتها المتواترة: “لا يمكن لأحد أن يكون مسلما حقيقيا وأمريكيا حقيقيا في الوقت ذاته”[26].

الثانية: يجادل بعض المنظرين الغربيين بأن المراجعة الشاملة لـ “اللاهوت الإسلامي” هي الطريقة الوحيدة لهزيمة التطرف العنيف، بيد أن الأدلة التجريبية ترسم صورة مناقضة لهذا التصوُّر القادم من أغوار المسيحية المعاصرة، ومنها تحليل جالوب الذي خلُص إلى أن هوية المرء الدينية ومستوى الالتزام لهما تأثير متواضع على آراء الشخص بشأن استهداف المدنيين.

ووفقًا لأكبر دراسة عالمية من نوعها، تغطي 131 بلدًا، فإن التنمية أو الحكم- وليس التقوى أو الثقافة- هما أقوى عاملين يفسران الاختلافات في كيفية تصور الجمهور لهذا النوع من العنف. ولهذه النتائج آثار بعيدة المدى على السياسة العامة، إذ تحتم على القادة التركيز أكثر على التعليم ومساءلة الحكومة، وبدرجة أقل على الأيديولوجية الدينية، إذا رغبوا حقًا في زيادة الرفض العام لاستهداف المدنيين[27].

(3) إبلاغ السلطات:

لا يُتَوَقّع أن تضع الحرب الكلامية أوزارها عند هذا الحد، بل انبري معظمهم متسائلين بلهجة المنتصر كأنهم وضعوا أيديهم على الجرح: هل المسلمون الأمريكيون مستعدون لإبلاغ السلطات المحلية عن أعمال عنف يتورط فيها أشخاص من نفس دينهم؟ هذا السؤال الذي لا يفتأ يتكرر على مسامع رئيس شرطة ديربورن “رون حداد” من الأمريكيين الغاضبين تأتيهم إجابته مفاجئة حين يخبرهم حداد شخصيًا بأن المسلمين ليسوا مستعدين فقط لفعل ذلك، بل هذا ما يفعلونه بالفعل منذ سنوات وحتى اليوم ويصرون على الاستمرار فيه رغم كل العقبات.

وما شبكة الاتصالات العميقة التي تتمتع بها إدارة حداد داخل المجتمع المسلم، والزيارات المنتظمة التي يقوم بها لمدارس المدينة الـ 38 ومساجدها العديدة، والبرنامج الذي يتضمن حفلًا سنويًا لتوزيع الجوائز على السكان الذين يبلغون عن الجريمة، ما هذا سوى غيضٌ من فيض الأدلة التي تشهد بمدى تعاون المجتمعات المسلمة المحلية مع السلطات الأمريكية لمحاربة العنف. وليست ديربورن في ذلك بدعًا من بقية المدن والولايات؛ إذ يؤكد المسؤولون عن إنفاذ القانون المنخرطين فعليًا في جهود مكافحة “الإرهاب” أن المجتمعات المسلمة في الولايات المتحدة أثبتت تعاونًا مدهشًا مع الأجهزة الاستخباراتية بدرجةٍ لا توجد بين نظرائهم في أوروبا[28].

والحال هكذا، يثبت بالدليل القاطع أن المجتمع المسلم في الولايات المتحدة يفعل ما هو أكثر فائدة من الإدانة اللفظية ويسهم بما هو أكثر عمقًا من اللغط “اللاهوتي”، حيث يعمل أعضاؤه بنشاط من أجل منع الهجمات العنيفة مادين يد العون لمكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالات إنفاذ القانون المحلية، حتى وهي تتجسس عليهم وتنصب لهم الفخاخ. لكن ذلك كله لم يكن كافيًا لنقل المجتمع المسلم من مربع “التهديد” إلى “خط الدفاع الأول” كما يصفه الدكتور عزيز بوناولا؛ مستدلا بقائمةٍ جمعها المجلس الإسلامي للشؤون العامة (MPAC).

تضم “المخططات المحلية التي ساعد المُبلغون المسلمون في منعها وملاحقة مخططيها” خلال الفترة ما بين أكتوبر 2001 وحتى يناير 2012:

(1) أكتوبر 2001: بدأت قضية “بورتلاند 7” ببلاغ قدمه مواطن محلي للشرطة حين سمع صوت إطلاق نار، وعلى الفور ذهب ضابط شرطة إلى المنطقة وباشر التحقيق.

(2) سبتمبر 2002: أول معلومات حصل عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي بخصوص أنشطة “لاكاوانا 6” كانت من مسلم محلي في يونيو 2001 ما تُوِّج بالقبض على أعضاء الخلية.

(3) أبريل 2003: كان البلاغ الموجه للشرطة المحلية من مواطنٍ استقبل عن طريق الخطأ طردًا مريبًا أرسله الإرهابي المناهض للحكومة ويليام كرار هو الذي أطلق تحقيقًا فيدراليًا أدى في النهاية إلى توقيف كرار واكتشاف أسلحة صغيرة وكيميائية.

(4) يونيو 2003: حصل مكتب التحقيقات الفيدرالي على معلومتين من أعضاء المجتمع المسلم بخصوص “تدريب على النمط العسكري” يجريه المشتبه به علي التميمي، ما أطلق التحقيق والاعتقالات اللاحقة في قضية “بينت بول 11” في شمال فرجينيا.

(5) أغسطس 2004: كان طرف الخيط الذي أدى إلى اعتقال جيمس الشافعي وشاهوار متين سراج هو إشعار تلقته شرطة نيويورك من مسلم يبلغها عن “خطاب مقلق”.

(6) فبراير 2006: قدم أعضاء الجالية المسلمة في ولاية أوهايو معلومات ساعدت في اعتقال وإدانة 3 مشتبه فيهم بالتخطيط لشن هجمات في العراق.

(7) أغسطس 2006: قبضت السلطات البريطانية على مجموعة من “المتطرفين البريطانيين العنيفين” الذين يشتبه في تآمرهم لتفجير عدة طائرات فوق المحيط الأطلسي. وأصبحت السلطات على علم بالمؤامرة بناء على معلومات من أحد أعضاء المجتمع الإسلامي.

(8) نوفمبر 2006: اعتقل عدنان بابار ميرزا​​، المواطن الباكستاني الذي يدرس في هيوستن بتكساس، بتهمة التدريب وحيازة أسلحة نارية غير قانونية. ولم يدخل عدنان دائرة انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالي إلا بعدما أبلغ أعضاء من مجتمع هيوستن المحلي السلطات عن أنشطة عدنان ونواياه المزعومة.

(9) أكتوبر 2008: قبضت الشرطة المحلية على دانيال كوارت وبول شيسلمان من النازيين الجدد بناء على معلومات وصلتها من صديق للمشتبه فيهما قبل أن يبدآ جولة لإطلاق النار على الأمريكيين من أصل إفريقي.

(10) يوليو 2009: تواصلت قيادات المسجد في مدينة رالي بولاية كارولاينا الشمالية مع سلطات إنفاذ القانون لإخطارهم بـ”أعمال عنف وتهديد … تعتبر خطيرة” مما أدي إلى اعتقال دانيال بويد و 6 أشخاص آخرين.

(11) سبتمبر 2009: قام إمام كوينز أحمد أفضالي، وهو منسق محلي مع شرطة نيويورك، بمساعدة الشرطة المحلية ومكتب التحقيقات الفيدرالي في التحقيق مع المشتبه به نجيب الله زازي واعتقاله. لكن المطاف انتهى بأفضالي في النهاية إلى الترحيل بتهمة الكذب على عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، لكن التقارير الإعلامية اللاحقة تعزز أيضًا ادعاءات أفضالي بأنه كان كبش الفداء للمعركة بين مسؤولي شرطة نيويورك وضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي.

(12) نوفمبر 2009: اعتقل خمسة من مسلمي ولاية فرجينيا في باكستان، بزعم سعيهم للانضمام إلى جماعة إرهابية، بعد أن أبلغ أفراد العائلة السلطات الفيدرالية الأمريكية بأنهم مفقودون.

(13) مارس 2010: رفض مات سافينو الذي اعتنق الإسلام تقديم المساعدة إلى عضو هارب من مليشيا هوتاري بل وساعد سلطات إنفاذ القانون على تعقبه.

(14) أبريل 2010: كان السنغالي المسلم أليون نياس هو أول من انتبه للسيارة المشبوهة المستخدمة كقنبلة لمهاجمة تايمز سكوير في مدينة نيويورك. وقد أدّت الأدلة التي استخلصت من السيارة والعبوات الناسفة التي أبطل مفعولها إلى اعتقال المشتبه به فيصل شهزاد على الفور.

(15) يونيو 2010: اعتقل المشتبه فيهما محمد محمود العيسى وكارلوس إدواردو ألمونتي بعد أن تلقى مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI تقريرًا مجهولًا في عام 2006 من أحد أفراد عائلة المشتبه فيهم.

(16) أكتوبر 2010: اعتُقل عبد الحميد شحادة، الذي كان يسكن سابقًا في هاواي، بسبب محاولته الانضمام إلى حركة طالبان. وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الجمعية الإسلامية في هاواي “ساعدت وكالات إنفاذ القانون في القضية” وأنها “سبق وأن أبلغت في الماضي عن أنشطة مشبوهة”.

(17) أكتوبر 2010: أوقف فاروق أحمد بتهمة محاولة تفجير نظام سكة حديد مترو واشنطن العاصمة. وأحيط مكتب التحقيقات الفيدرالي علمًا أول مرة بنوايا أحمد عن طريق المجتمع المسلم.

(18) أكتوبر 2010: أجهضت السلطات الأمريكية والأوروبية خططا لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب لضرب أهداف غربية باستخدام وسائل النقل الجوي. وكان مصدر المعلومات الاستخباراتية التي منعت المؤامرة هو “التائب” جبر الفيفي، الذي سلم نفسه طواعية إلى السلطات السعودية.

(19) نوفمبر 2010: اعتقل محمد عثمان محمود لمحاولته تفجير مراسم إضاءة شجرة عيد الميلاد في بورتلاند، أوريجون. وذكرت نيويورك تايمز أنه “في قضية أوريجون، تلقى مكتب التحقيقات الفيدرالي معلومات من مسلم في بورتلاند”.

(20) ديسمبر 2010: قبض على أنطونيو مارتينيز لمحاولته تفجير مركز تجنيد عسكري في ولاية ماريلاند. وتشير تصريحات مسؤولي وزارة العدل إلى أن أحد أعضاء الجالية المسلمة قد أبلغ عن مارتينيز إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي أثناء التحقيق.

(21) يونيو 2011: قبض على “مجرمين عنيفين يستلهمان أفكارهما من تنظيم القاعدة” كانا يخططان لمهاجمة منشأة عسكرية في سياتل. وأحيط مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي علمًا أولاً بالهجوم المخطط له بعد أن ذهب أحد المسلمين الذين كانا يحاولان تجنيدهم إلى شرطة سياتل وأبلغهم بالمؤامرة.

(22) يناير 2012: اعتُقل سامي أوسماكاك “المتعاطف العنيف” مع القاعدة؛ بتهمة التخطيط لمهاجمة عدة مواقع في تامبا بفلوريدا باستخدام أسلحة ومتفجرات. وذكر المدعي العام الأمريكي في وسط فلوريدا أن “هذا التحقيق استند جزئيًا على مساعدة المجتمع المسلم”[29].

بترجمة هذه الوقائع إلى لغة الأرقام، تتضح الصورة أكثر:

1- ساعدت المجتمعات المسلمة مسئولي الأمن الأمريكيين على منع اثنين من كل خمس مؤامرات خططها تنظيم القاعدة لاستهدف الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر.

2- ساعدت المجتمعات المسلمة جهات تطبيق القانون على منع نصف المؤامرات التي خططها تنظيم القاعدة لاستهداف الولايات المتحدة منذ واقعة “مفجر الملابس الداخلية” في ديسمبر 2009.

3- هذا التعاون النشط من المجتمع المسلم انعكس على ارتفاع عدد الاعتقالات في صفوف المشتبه فيهم أو المخططين، ما يسلط الضوء على جدوى عقد الشراكات الحكومية مع المجتمع المسلم من خلال مد جسور العلاقات الجيدة[30].

4- على مدار العقد الماضي، اكتشفت السلطات الأمريكية 40٪ من مؤامرات الإرهاب المحلية أو أجهضتها بمساعدة المسلمين الأمريكيين، وفقا لدراسة أجراها مركز ترايانجل لدراسات الإرهاب والأمن الداخلي[31].

ممارسات تمييزية

رغم سيل الإدانات اللفظية وتواتر الفتاوى الشرعية وصدق التعاون المحلي، لا يزال المسلمون موضع شبهة على أقل تقدير، إن لم يُنظَر إليهم كتهديد وليس عاملا مساعدًا في تأمين المجتمع. والممارسات التمييزية أكثر من أن تُحصى لكن بعضها مثير للدهشة، مثل:

1- موسيقى مُنذِرة في الخلفية، وعلى الشاشة يظهر إرهابيون مسلمون يطلقون الرصاص على رؤوس المسيحيين وسيارات مفخخة تنفجر وأطفال ملقون على الأرض يغطيهم الورق بعد إعدامهم وعلم إسلامي يرفرف فوق البيت الأبيض. تظهر هذه المشاهد باعتبارها “جدول الأعمال الحقيقي” للإسلام في أمريكا، ويقول الراوي: “استراتيجية التسلل والسيطرة على أمريكا. … هذه هي الحرب التي لا تعرفها” هذا جزء من فيلم “الجهاد الثالث” الذي عرضته شرطة نيويورك كجزء من تدريب آلاف الضباط[32].

2- عقد عضو الكونجرس الجمهوري بيتر كينج جلسات استماع وصفها المجلس الإسلامي بـ”المشينة” حول “تطرف” الجالية المسلمة، وادعى صراحةً بأنه “لا يوجد (أمريكيون) مسلمون يتعاونون في الحرب على الإرهاب”، وأن “80 – 85 ٪ من المساجد في هذا البلد تخضع لسيطرة الإسلاميين الأصوليين”[33].

3- كشفت وثائق داخلية من شرطة نيويورك عن خطة واسعة النطاق لتطبيق عمليات تجسس على المساجد الشيعية في شمال شرق البلاد. كما شارك مكتب التحقيقات الفيدرالي في مراقبة مماثلة على الصعيد الوطني (وكلاهما غير قانوني) تحت ستار برنامج التواصل مع المساجد، وهي الممارسات التي دعمها دونالد ترامب علنًا[34].

4- تتعرض المساجد في مختلف أنحاء الولايات المتحدة لهجمات تخريبية وإجرامية، توضحالخريطة التفاعلية التالية أماكن انتشارها[35].

(المصدر: الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ACLU)

5- يوضح الرسم البياني التالي كيف أن الحوادث التي تستهدف المساجد في الولايات المتحدة تتزايد بمرور السنوات، وفقا للبيانات التي جمعها مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير).[36]

(المصدر: مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية “كير”)

6- تقدم الخريطة التفاعلية التالية صورة شاملة للممارسات التمييزية: التشريعات المناهضة للشريعة ومعارضة إعادة توطين اللاجئين ومعارضة بناء المساجد والمدافن والمدارس الإسلامية والإجراءات والتصريحات المناهضة للمسلمين الصادرة عن موظفين حكوميين منتخبين أو معينين وحوادث الكراهية ضد المساجد والمراكز الإسلامية والتقارير الإعلامية عن الجرائم وأعمال العنف المرتكبة ضد المسلمين[37].

7- خلال العقد الماضي، ضغطت حركة مناهضة المسلمين في أمريكا من أجل سن قوانين مناهضة للشريعة في حوالي 23 ولاية، وساعدت في تأجيج احتجاجات ضد المساجد في أكثر من 50 مجتمعًا[38].

8- أنفقت المجموعات المشاركة في حملة “أوقفوا أسلمة أمريكا” 43 مليون دولار لإقناع الجمهور بأن العنف والقمع متأصلان في الإسلام الذي تهدف مبادئه إلى تقويض الدستور، وفقًا لدراسة أعدها مركز أميركان بروجرس[39].

9- بشكل عام، ارتفعت حوادث الكراهية ضد المسلمين الأمريكيين في الفترة من 2016 إلى 2017 بنسبة 15%، بحسب باحثين في مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية.

10- أكثر الإحصائيات إثارة للقلق تلك المتعلقة بعدد الحوادث التي حرضت عليها الوكالات الحكومية: ارتفع من 540 حادثا في عام 2016 إلى 919 حادثًا في عام 2017، بما يمثل 35٪ من مجمل حوادث التحيز ضد المسلمين[40].

هل تؤثر هذه الممارسات على موقف المسلمين الأمريكيين من العنف؟

من رحم هذه الممارسات التمييزية وُلِدَت فجوة لكنها مصطنعة بهدف إبقاء جذوة الشبهات المحيطة بالمسلمين مشتعلة في أذهان السياسيين ووكالات إنفاذ القانون، لكنها في المقابل تؤدي ليس فقط إلى عرقلة تعاون المجتمعات المسلمة في إحباط ممارسات العنف ضد المدنيين، ولكن أيضًا إلى خلق مناخ من الريبة والاغتراب الذي يزدهر فيه العنف. لكن اللافت أنه لا توجد دلائل على نمو المشاعر المؤيدة للتطرف بين أبناء الجالية المسلمة، برغم المناخ المتحيِّز[41]. وعلى الرغم من هذه العقبات، تصر المجتمعات المسلمة في الولايات المتحدة على مواصلة تقديم النصائح ولو عبر القنوات غير الرسمية وعقد المزيد من الشراكات والانخراط في برامج التواصل التي ترعاها الوكالات الحكومية[42].

وتؤكد قيادات المجتمع المسلم المحلية أنه ليس لديهم ما يخفونه، إلا أنهم يعربون عن قلقهم حيال ملاحقة مكتب التحقيقات الفيدرالي للشباب الذين قد يكونون غير مستقرين عقليا أو يعانون من مشكلات عاطفية تجعلهم فريسة للتلاعب. وكمحاولة لكسر هذه الأسوار، تنفتح المراكز الإسلامية على التعاون مع الوكالات الاستخباراتية، وتفتح المساجد أبوابها لغير المسلمين، وتستضيف قيادات المجتمع المسلم حفلات إفطار رمضانية تضم ممثلين حكوميين ومنظمات غير حكومية. وكلمات الإمام محمد إلهي، رئيس بيت الحكمة الإسلامي في ديربورن هايتس، خلال احتفال حضره مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي في ديترويت يوضح كيف يشعر قيادات الجالية المسلمة في الولايات المتحدة: “هنا، ليس لدينا أي شيء نخفيه”. “لدينا مسجد مفتوح، وسياسة مفتوحة، ولا يوجد شيء سرى هنا. ونحن لا نخفي أي شيء. وإذا كان مكتب التحقيقات الفيدرالي يرغب في الحضور والمشاركة، فليست لدينا أي مشكلة”. لكن في الوقت ذاته، “استخدام بعض الأفراد كمخبرين لا يساعد على تحسين الثقة بين المجتمع المسلم ومجتمع الاستخبارات”[43].

كيف يختار FBI الفرائس ويجند المخبرين؟

(أ) تحديد الفرائس: الجميع مستهدفون

أبرز الفرائس التي يقع عليها الاختيار إما لتجنيدها أو لإيقاعها في الفخ هم: الشباب الذي يعاني من ضغوط نفسية. حتى بات يُقال: وراء كل مؤامرة إرهابية أُحبِطَت يتربص مخبر أرسلته الحكومة الأمريكية لاصطياد الشباب المسلم التعيس[44].

1- قوائم تمهيدية:

لهذه الغاية؛ ينسق مكتب التحقيقات الفيدرالي مبكرًا مع سلطات الهجرة والحدود الأمريكية لوضع قوائم بالركاب الذين تنطبق عليهم بعض المعايير ويحتمل أن يكونوا مفيدين استخباراتيًا، تمهيدًا لمحاولة تجنيدهم كمخبرين[45].

2- جمع المعلومات:

ثم لا تفوت جهات إنفاذ القانون أي فرصة- مهما كانت عابرة، حتى لو كان اتصالًا بخصوص مسألة بسيطة مثل مخالفة مرورية- حتى تسأل المتصل مثلا عن آرائه السياسية[46] كلما كان ذلك ممكنًا. ولتوسيع رقعة الرصد؛ تعتبر إدارات مكافحة الإرهاب الإنترنت محورًا استراتيجيًا هامًا في استراتيجياتها، بدءًا من جمع المعلومات وصولا إلى الإدانة في أروقة المحاكم.

3- حصان طروادة:

أظهرت وثائق[47] مكتب التحقيقات الفيدرالي، التي حصل عليها اتحاد الحريات المدنية الأمريكي بفضل قانون حرية المعلومات، أن عملاء FBI في سان فرانسيسكو يستغلون برامج التوعية المجتمعية[48] والتواصل مع المساجد[49] لجمع المعلومات الاستخبارية بما يمثل انتهاكا للأنشطة المحمية بموجب التعديل الأول من الدستور.

4- خريطة ديمجرافية:

ترسم السلطات الأمريكية خريطة تفصيلية للأماكن التي يعيش فيها المسلمون ويعملون ويصلون ويأكلون، ويرصد المخبرون كل صغيرة وكبيرة مثل: إحصاء عدد المرات التي يؤدي فيها طلاب الجامعات الصلاة أثناء رحلاتهم أو أنشطتهم التطوعية، وتدوين أرقام لوحات سيارات مرتادي المساجد، والتنصت على ما يدور في المقاهي وصالونات الحلاقة المملوكة للمسلمين[50]، مراقبة سلوك الفتيات الصغيرات اللواتي يذهبن إلى المدرسة، وحتى كتابة ملاحظات حول نوع الملابس التي يرتديها شخص مسلم[51].

(ب) نصب الفخاخ: نقاط ضعفكك سلاحنا

1- التلاعب العاطفي

– حين أحاطت مشاعر الوحدة العاطفية بالمواطن الأمريكي المسلم من أصل فلسطيني خالد أبو ريان (21 عامًا) عقب انفصاله عن المرأة التي كان يريد الزواج بها، رأى مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه فريسة يسهل استدراجه إلى الفخ، وبالفعل لم يكذب الرجل ظنهم السيء فيه. بينما كان خالد يعتقد أنه يتبادل أطراف الحديث مع مسلمةٍ أمريكية عراقية (19 عاما) تدعى جنة، كان في الحقيقة يفضي بمشاعره إلى موظفة سرية في مكتب التحقيقات الفيدرالي، أخبرته بأن الشهادة في سبيل الله أفضل من الانتحار.

سرعان ما اعتقله مكتب FBI بعد 48 ساعة من الاتصال وأصدر في اليوم ذاته لائحة اتهام فيدرالية ضده بناء على نيته “ارتكاب أعمال إرهابية واستشهادية- بما في ذلك تنفيذ أعمال وحشية ضد ضباط الشرطة ورجال الكنيسة وغيرهم- باسم تنظيم الدولة، وقد أعانهم الشاب المنكوب عاطفيًا على نفسه كثيرًا في هذه القضية بكلماته التي كانت شاهد الإثبات الأقوى ضده لاحقًا.

بالعودة إلى الفتاة المتخفية تحت اسم جنة، اتضح أنها لم تكن موظفة FBI السرية الأولى التي دخلت حياة أبو ريان، بل ظهرت بعد أن مهدت لها الطريق عميلة سرية أخرى تظاهرت بأنها باكستانية أمريكية تدعى غادة وتبلغ من العمر 23 عامًا، واقتصر دورها على التلاعب بالشاب عاطفيًا ثم الاختفاء لتركه فريسة لزميلتها التي منحته أذنا مصغية وسارت ببطء على درب إغوائه بتبني العنف بعد أن اختلقت قصة مقتل اثنين من أقاربها في العراق بأيدي جماعة شيعية، وأعربت عن رغبتها في الاستشهاد إذا طلب منها تنظيم الدولة ذلك.

وربما كان هناك عدد آخر من المخبرين السريين الذين شاركوا في نصب هذا الفخ، لأن محامي دفاع أبو ريان، تود شانكر، استنكر ضمنيًا في تصريحاته رفض الحكومة الكشف عن العدد الإجمالي للمخبرين أو الموظفين السريين الذين استخدموا في هذه القضية، مؤكدًا في المقابل أن موكله شاب هش عاطفيًا تلاعب به موظفان متفرغان من مكتب التحقيقات الفيدرالي، مضيفًا: “استغلت الحكومة أبو ريان بوضوح، وحاولت بشكل صارخ توجيهه نحو الإرهاب باعتباره أحد أشكل الانتحار المقبولة عند الله”[52]. وفي نهاية المطاف، حُكِم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة حيازة سلاح ناري[53].

– من ثغرة الأزمة النفسية أيضًا تسلَّل مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى محمد حمدان (24 عامًا) متكئًا على انفصاله عن صديقته بعد علاقة طويلة وشعوره بالضياع إذ لم يكن يحمل شهادة جامعية ويكبله الإحباط من الوظائف الغريبة التي يقوم بها في قطاع البناء. كانت الفريسة جاهزة للقنص، فظهر مخبر يعمل بأجر لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي ونسج صداقته حول حمدان ليقوده في نهاية المطاف إلى محكمة ديترويت متهمًا بالتخطيط للقتال في صفوف حزب الله. اللافت في هذه القضية أن الصياد نفسه كان ضحية، إذ اتضح من الشهادات التي أدلي بها المخبر أمام المحكمة أنه كان يواجه مشكلات تتعلق بالهجرة، ووعدته الوكالة بمساعدته على البقاء في الولايات المتحدة مقابل تعاونه.

في مارس 2014، قُبِضَ على حمدان في مطار ديترويت مترو أثناء محاولته السفر إلى لبنان بزعم محاولته الانضمام إلى حزب الله. وفي أغسطس، أدين بالكذب على عملاء فيدراليين بشأن خطط سفره. بيد أن محاميه، آرثر وايس، يؤكد أن موكله لم يكن مسافرًا إلى لبنان من أجل حزب الله. ومثل أبو ريان لم يُتَّهم حمدان بأي فعل إرهابي، لكن ممثلو الادعاء سعوْا إلى تصويره في المحكمة كمتطرف قد يكون عنيفًا[54]. وفي نهاية المطاف أدين بتهمة الإدلاء ببيانات كاذبة إلى عملاء فيدراليين فيما يتعلق بتحقيق إرهابي وحُكِم عليه بالسجن 63 شهرًا، ثم ترحيله إلى لبنان بعد انقضاء فترة عقوبته[55].

2- استغلال الأزمات المالية:

في قضية “نيوبورج فور”، لم يكن هناك سبب للاعتقاد بأن المتهمين يشكلون خطورة، لكنهم كانوا يائسين بما يكفي لفعل أي شيء مقابل الحصول على المال. على هذا الأساس نصب مخبر FBI المتخفي تحت اسم حسين الفخ، وعرض على أحد المتهمين 250 ألف دولار وشراء سيارة بي إم دبليو جديدة وقضاء عطلة في بورتريكو وصالون حلاقة ليبدأ عمله الخاص، كما تلقى بقية المتهمين عروضا مغرية بآلاف الدولارات. هذه المفاجأة غير المتوقعة كانت كفيلة بأن تطيح بصواب أي رجل في مثل حالتهم، حتى أن محامي الدفاع مارك جومبينر قال للمحكمة “أنا متأكد من أنك قد تجد مئات الأشخاص- لسوء الحظ- الذين يوافقون على ارتكاب جرائم سيئة للغاية مقابل المال”. وبينما كانوا يظنون أنهم يتلاعبون بالمدعو حسين لدخول الجنة الموعودة كان هو من يتلاعب بهم وانتهى بهم المطاف متهمين بالتخطيط لتفجير معابد يهودية ومهاجمة قاعدة عسكرية أمريكية، وحكم عليهم بالسجن لمدة 25 عاما[56].

3- توظيف المشكلات العقلية:

نقاط الضعف التي يتسلل منها مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى فريسته ليست فقط من نوعية الأزمات العاطفية والمالية، بل تشمل أيضًا الإعاقة الفكرية والمشكلات العقلية. أحد الأمثلة على ذلك هو رضوان فردوس الذي حكم عليه بالسجن لمدة 17 سنة لمحاولته تفجير مبنى فيدرالي، بعدما استغل عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي “المشاكل العقلية” التي كان يعاني منها لاستهدافه في عملية مخادعة. أرسلوا له مخبرا إلى المسجد لإغرائه بإعداد مخطط لمهاجمة البنتاجون والكونجرس، ووفروا له أسلحة وهمية وموّلوا سفره، قبل أن تنهار سلامته العقلية والبدنية ويصاب بالاكتئاب وتداهمه نوبات اضطرت والده إلى الانقطاع عن العمل لرعايته[57].

4- تسجيلات جنسية:

لا يجد عملاء FBI غضاضة في منح تصريح لمخبريهم بممارسة الجنس مع النساء المسلمات لإغرائهن وتسجيل تورطهن ضمن العمليات السرية، وهو ما حدث مع كريج مونتيله في عمليته السرية للتسلل إلى مساجد جنوب كاليفورنيا، والتي بدأت بالتظاهر باعتناق الإسلام داخل المركز الإسلامي في أرفين (كاليفورنيا)، وانتهت برفع قضية ضد المكتب لتخليه عنه بعد انتهاء العملية. وحين يصل الأمر لمستوى التفتيش عن التوترات الزوجية والميول الجنسية يصبح من المنطقي “ألا يثق المجتمع المسلم في مكتب التحقيقات الفيدرالي”، كما يعترف مونتيله نفسه[58].

5- توفير المخدرات:

وفر عملاء FBI المخدرات غير القانونية بهدف تجريم بعض المسلمين والضغط عليهم بهدف التعاون ضمن عملية سرية لاختراق مساجد كاليفورنيا وجمع “معلومات شخصية بشكل عشوائي عن المئات وربما الآلاف من المسلمين الأمريكيين الأبرياء “.

(ج) طرق تجنيد المخبرين: عصي وجزر

أكثر التكتيكات الأمريكية شيوعا للتحقيق في الأنشطة الإرهابية خلال العقد الماضي هي: تجنيد المخبرين[59]، وتستهدف السلطات طالبي اللجوء والراغبين في الحصول على الجنسية أو الإقامة الدائمة من أجل تجنيدهم كمخبرين، مع وعود بأن طلباتهم سيُتعامل معها إيجابيًا إذا تعاونوا[60]. وتطور الوكالات الحكومية حزمة متنوعة من العصي والجزر لإقناع الأشخاص المختارين بالتعاون:

1- منح الجنسية:

عندما يتقدم المهاجرون المسلمون بطلبات للحصول على الجنسية الأمريكية، غالبا ما تتأخر الإجراءات لسنوات دون تفسير. فإذا حالف الحظ أوراقهم واجتازت مبررات التأجيل، يجد المختارون أنفسهم أمام عرضٍ صادم: مرحبا بك في بلاد الأحلام؛ هل أنت مستعد للتجسس على مجتمعك وأصدقائك وحتى عائلتك؟ هذا مثلما حدث مع مهاجر باكستاني يعمل مبرمجًا أمضى سبع سنوات في محاولة للحصول على البطاقة الخضراء قبل أن يجد نفسه جالسًا في مكتب وزارة الأمن الداخلي في دالاس وأمامه ورقة يطلب منه العميل ملأها بأسماء من يعرف من الإرهابيين[61].

2- تصريح عمل:

رفع مركز القانون الدستوري دعوى قضائية نيابة عن المهاجر المسلم محمد السراجي الذي طُلب منه التجسس على المسلمين المحليين لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالي، وحين رفض حجبوا عنه تصريح العمل في الولايات المتحدة. كانوا يعلمون أن السراجي في أمس الحاجة إلى هذه الوظيفة (سائق شاحنة) للإنفاق على أسرته التي لم يكن لها عائل غيره بعد وفاة والده.[62]

3- خسارة التأشيرة:

من أقدم الحالات الموثقة لاستخدام مكتب التحقيقات الفيدرالي ملف الهجرة كعامل ضغط لتجنيد المخبرين، هي: حالة ياسين واصف، الذي استجوبه موظفو الحدود في نوفمبر 2005 أثناء عبوره من كندا إلى نيويورك، واحتجزوا بطاقته الخضراء ووضعوه على متن حافلة متجهة إلى سان فرانسيسكو، وطلبوا منه الاتصال بعميل من مكتب التحقيقات الفيدرالي فور وصوله، وهناك وجد نفسه أمام الاختيار التالي: إما أن تصبح مخبرا أو تفقد تأشيرتك[63].

4- ملايين الدولارات:

ينفي موقع FBI الرسمي أن يكون المخبرون موظفون منتظمون في المكتب، ويؤكد أنهم ليسوا سوى مواطنين يقدمون معلومات عبر قنوات سريّة. لكن حتى وإن لم يكونوا “موظفين يتلقون أجرًا أو تدريبًا من المكتب”، فإنهم “قد يحصلون على تعويض في بعض الحالات مقابل المعلومات التي يدلون بها والنفقات التي يتحملونها”[64].

طَوَّر مكتب التحقيقات الفيدرالي طرقًا متنوعة للدفع مقابل المعلومات التي يحصل عليها من المخبرين؛ تشمل تسديد تكاليف السكن أو النقل أو الوجبات أو المعدات أو حتى الفواتير الطبية. وفي المجمل يمكن أن يجني المخبرون عشرات الآلاف بل ملايين الدولارات التي ابتكر مكتب التحقيقات الفيدرالي طرقًا متنوعة لدفعها:

– تلقى لاعب كمال الأجسام كريج مونتيلي 177 ألف دولار من مكتب التحقيقات الفيدرالي مقابل التجسس على مساجد جنوب كاليفورنيا على مدار عام كامل. صُرِف هذا المبلغ تحت ستار “بدل مصروفات” استنادًا إلى فواتير بكل النفقات بدءًا من السكن والسيارات والوقود والفواتير الطبية والطعام وحتى تذاكر السينما والمسرح والمنشطات التي يتناولها؛ لتصل فاتورة نفقاته الشهرية إلى 8200 دولار. [65]

– في غضون 20 عامًا من العمل كمخبر لإدارة مكافحة المخدرات و IRS و FBI ووزارة الأمن الداخلي، جمع أليكس دياز أكثر من 4.9 مليون دولار. كانت البداية حين اعتقلته إدارة مكافحة المخدرات، فاختار التعاون معهم “على الفور” مقابل تخفيف فترة محكوميته من عشر سنوات إلى ثلاث فقط، أطلق سراحه بعدها ليعمل مخبرًا للحكومة.[66]

– حصل شاهد حسين على 96 ألف دولار مقابل عمله كمخبر بأجر مع مكتب التحقيقات الفيدرالي في قضية نيوبورج فور، التي واجه فيها أشخاص “تهمة التخطيط لتفجير معابد يهودية ومهاجمة قاعدة عسكرية أمريكية”. لكن الحقيقة التي أثبتها القاضي أن الحكومة نفسها هي التي “جاءت بالجريمة، ووفرت وسائلها، وألغت جميع العقبات أمامها”، وأثناء المحاكمة حوَّلت رجلا “غباؤه لا يقل عن مستوى مفارقات مسرحيات شكسبير” إلى إرهابي.[67]

كُلِّفَ حسين بالتسلل إلى مسجد نيوبورج باعتباه رجل أعمال ثري، وإجراء نقاشات حول الجهاد مع مرتاديه الذين كانوا عادة من الفقراء، تمهيدًا لاختيار ضحيته وتوريطها كالعادة في الإدلاء بتصريحات عنيفة قبل أن ينتهي بها المطاف في مواجهة حكم بالسجن لمدة 25 عاما.[68]

– حصل نسيم خان على 230 ألف دولار مقابل تجسسه على مسجد لودي، ونجاحه في “اختبار استراتيجية حكومية جديدة مثيرة للجدل حول المقاضاة الاستباقية؛ وهي استراتيجية تركزت على استخدام المخبرين بأجر لدفع المتهمين بالإرهاب إلى الإدلاء بتصريحات حول ما يمكن أن يفعلوه في يوم من الأيام”. وانتهى المطاف بالضحية في مواجهة حكم بالسجن لمدة 24 عامًا.[69]

– يمتلك عميل FBI سلطة لدفع مبلغ يصل إلى 100 ألف دولار لكل متعاون خلال السنة، وقد يحصل المخبرون على 100 ألف دولار إضافية بموافقة مستويات قيادية أعلى داخل المكتب، وربما تضاعف المبلغ ليصل إلى 500 ألف دولار سنويًا إذا حصلت العملية على موافقة نائب مدير المكتب.[70]

5- حظر السفر:

لم يكن لدى الثلاثي محمــد تنفير وجميل الغبشــة ونويــد شــينواري سجلات جنائية ولا كانت الحكومة تشتبه فيهم، لكن السبب الحقيقي وراء إدراجهم على قائمة المحظورين من السفر هو رفضهم العمل كمخبرين لمكتب التحقيقات الفيدرالي والتجسس على مجتمعهم المسلم، ولولا أنهم قرروا رفع مظلمتهم إلى القضاء وتضامنت معهم جهات إعلامية وحقوقية لما رُفِعَت أسماؤهم من القائمة. [71]

– المواطن الأمريكي من أصل يمني أسامة أحمد (24 عاما) يعيش في ديربورن، قال: إنه أوقف واستُجوِب في المطار بعد عودته من اليمن عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، ثم ضغط عليه عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي لاحقا ليصبح مخبرًا مقابل إغرائه برفع اسمه من قائمة حظر السفر.[72]

6- التهديد بالسجن:

يستخدم مكتب التحقيقات الفيدرالي الجرائم الجنائية مهما كانت بسيطة كوسيلة ضغط لتجنيد المسلمين، مثلما حدث في السابق مع رجال المافيا. وسواء كانت المخالفة القانونية تتعلق بسرقة سيارة أو أوراق إقامة، يجد الشخص نفسه أمام الاختيار الصعب: هل تفضل العمل معنا أم دخول السجن؟[73]

7- سيف الترحيل:

حين رفض الإمام فؤاد فرحي محاولة مكتب التحقيقات الفيدرالي تجنيده لنقل معلومات عن أعضاء يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة كانوا يحضرون إلى مسجده في ميامي، وجد نفسه مدعوّا لحضور جلسة استماع بخصوص لجوئه السياسي، ليكتشف أن الحكومة تريد فجأة ترحيله[74]، وكان من الصعب إقناعه بأنها مجرد مصادفة.

8- انتهاء الصلاحية:

حتى بعدما يختار المخبر التعاون فإنه يظل يحظى برعاية مشروطة حتى تصبح المعلومات التي يقدمها غير مفيدة، وحينها قد ينسق مكتب التحقيقات الفيدرالي مع سلطات الهجرة لترحيله بعد عصره لآخر قطرة[75]؛ ما يجعل المتعاون دائمًا تحت الضغط ويدفعه إلى إثبات نفعه.

تقييم استخدام “المخبرين” في مكافحة الإرهاب

1- شرعنة الخداع:

يدافع المسؤولون الأمريكيون عن استخدام المخبرين باعتبارهم “أداة شرعية لمكافحة الإرهاب”، على حد وصف العميل الخاص بمكتب التحقيقات الفيدرالي في ديترويت ديفيد جيليوس، قائلين إنهم يستهدفون فقط الأشخاص الذين عبَّروا عن نواياهم لارتكاب سلوك إجرامي[76].

صحيحٌ أن المحاكم الأمريكية أقرت بأن استخدام الحكومة للمخبرين أمر قانوني وكثيرا ما يكون ضروريًا لفعالية التحقيقات. غير أن مكتب التحقيقات ذاته يعترف بأن “استخدام المخبرين للمساعدة في التحقيق في النشاط الإجرامي قد ينطوي على شكل من أشكال الخداع أو التدخل في خصوصية الأفراد أو التعاون مع الأشخاص الذين قد تكون موثوقيتهم ودوافعهم محل تساؤل”، لذلك يتعهد بـ”تقييم استخدام هذه الأداة عن كثب حتى لا تنتهك حقوق الأفراد الخاضعين للتحقيق”[77].

تقول أندريا براسو، نائب مدير مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن وأحد محرّري التقرير: “قيل للأمريكيين إن حكومتهم توفر لهم الأمن بمنع الإرهاب ومحاكمته في الولايات المتحدة، ولكن إذا دققنا النظر، سنلاحظ أنه ما كان للعديد من الأشخاص أن يرتكبوا جرائم إذا لم يلقوا تشجيعًا ودفعًا، وأحيانا تمويلا، من المكلفين بإنفاذ القانون”[78].

2- انتهاك القانون:

في عام 2006، وضع المدعي العام آنذاك ألبرتو جونزاليس مبادئ توجيهية لاستخدام مكتب التحقيقات الفيدرالي “المصادر البشرية السرية”، المعروفة باسم “المخبرين. تمنع المبادئ التي لا تزال سارية FBI من تجنيد المخبرين مقابل وعود بالمساعدة في مسألة الإقامة أو الهجرة[79].

لكن التحقيق الذي أجراه موقع BuzzFeed استنادًا إلى وثائق حكومية وقضائية وشكاوى رسمية ومقابلات مع المهاجرين والمحامين في مجال الهجرة والحقوق المدنية والعملاء السابقين يثبت أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ينتهك هذه القواعد[80].

3- استهداف انتقائي:

في عام 1975، كان مكتب التحقيقات الفيدرالي يدير 1500 “مصدر بشري سري” أو مخبر مهمتهم التسلل أو تعطيل الأنشطة الإجرامية. اليوم ارتفع هذا العدد إلى 15000 معظمهم مهاجرون. [81]

هذا الجيش من المخبرين مهمته الرئيسية: التسلل إلى قلب المجتمعات المسلمة. وهناك شكاوى من ارتفاع استخدام المخبرين الذين يستهدفون المسلمين الأمريكيين بمعدل كبير، بموازاة تجاهل جهات إنفاذ القانون الفيدرالي للجماعات التي يحتمل أن تكون عنيفة مثل العنصريين البيض. على سبيل المثال، من بين 104 متهم بجرائم مرتبطة بتنظيم الدولة في الولايات المتحدة منذ مارس 2014 وحتى أواخر 2016، لعب المخبرون دورًا في 58٪ من القضايا، بحسب سيموس هيوز ، نائب مدير برنامج التطرف في مركز الأمن والسيبراني بجامعة جورج واشنطن. [82]

4- سلب الحقوق والحريات:

يؤكد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن الشراكات مع المجتمع المسلم ساعدت في “تأمين العائلات من القرصنة الإلكترونية والتجسس الاقتصادي وحماية المدارس وأماكن العمل من الهجمات العنيفة والمخدرات غير المشروعة وتحذير المواطنين من أعمال الإرهاب والتطرف المحتملة”[83].

صحيحٌ أن أحد أهم واجبات أي حكومة هي حماية مواطنيها، وإذا فُقِدَ الأمن أصبحت الحياة الطبيعية ضربًا من الأحلام. صحيحٌ أيضًا أن منع الإرهاب يحمي بعض حقوق الإنسان الأساسية، لكن هذه حقيقة ثقيلة الحضور لا تغيب غالبًا عن النقاش حول الثنائية المتلازمة: منع الإرهاب والحريات المدنية؛ حيث جرت العادة على أن تنزع الحكومات من مواطنيها حقوقًا أصيلة في سبيل حمايتهم من أخطار محتملة؛ حتى صار الاستثناء قاعدة وباتت الشعوب تحيا في حالة طوارئ مستمرة وتعبئة دائمة، وأضحت الأقليات تحديدًا في موقف المتهم ولو ثبتت براءَته. أما ما يغفله كثيرون حقًا فليس فوائد مكافحة الإرهاب ولكن أضرار عدم إيلاء الاهتمام الكافي للمشاكل الحقيقية الأخرى التي تؤثر على مجتمعات الأقليات، مثل: المخدرات والعصابات والبطالة والعنصرية التي يصطلي بنيرانها حتى الأطفال.

5- معلومات خاطئة:

يتهم النقاد مكتب التحقيقات الفيدرالي بالضغط على المسلمين ليصبحوا مخبرين ويتجسسون على مجتمعاتهم المحلية. وفي إبريل 2016، تقدم فرع مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية في ميشيغان بدعوى قضائية ضد مكتب التحقيقات الفدرالي (FBI) والوكالات الفيدرالية الأخرى مفادها أن المسلمين الأمريكيين يتعرضون لضغوط ليصبحوا مخبرين. ولا يخفى على مجتمع إنفاذ القانون الخطر المتمثل في أن المخبرين الذين يعملون بالإكراه تتزايد احتمالية تقديمهم معلومات استخبارية خاطئة حتى لا تنتهي صلاحيتهم[84].

6- شهادات مجروحة:

يستند محامو الدفاع إلى الأموال المدفوعة للمخبرين للتشكيك في مصداقية الشهود أثناء المحاكمة، فما يعتبره عميل FBI “حوافز وتعويضات” يتعامل معه المحامون باعتباره “رشوة مباشرة” قد تدفع المخبر إلى إمداد مكتب التحقيقات الفيدرالي بمعلومات غير دقيقة أو ملفقة ليحصل على المال، ما يجعل شهادته مجروحة وقابلة للطعن[85].

7- تصنيع المؤامرات:

استنادًا إلى هذه العينة من الوسائل التي تتبعها الحكومة الأمريكية لزرع المخبرين، وإعداد المخططات، وإقناع الفرائس بالجريمة بل واستخدام أحط الوسائل لإغواء الضحايا، وأحيانًا دفعهم دفعًا إلى المشاركة وتوفير الموارد للتنفيذ[86]، يمكن القول إن مكتب التحقيقات الفيدرالي في الواقع هو مهندس أكبر عدد من المؤامرات الإرهابية في الولايات المتحدة أكثر من أي منظمة إرهابية أخرى، كما يقول الكاتب والصحفي تريفور آرونسون[87].

في بعض الحالات، ربما تسبب مكتب التحقيقات الفيدرالي في صُنع إرهابيين من بين أشخاص ملتزمين بالقانون من خلال دفعهم إلى القيام بأعمال إرهابية، أو تشجيع الأشخاص المستهدفين على ارتكاب أعمال معينة. وخلصت العديد من الدراسات إلى أن قرابة 50 في المائة من إدانات الإرهاب الصادرة عن محاكم فيدرالية منذ 11 سبتمبر 2001 كانت ناتجة عن قضايا اعتمدت على مخبرين، و30 في المائة منها كانت في إطار عمليات مخادعة لعب فيها مخبرون دورًا هامًا في الكشف عن مخططاتها[88].

8- تعزيز الجماعات المسلحة:

تستطيع تدابير مكافحة الإرهاب إحداث أضرار هائلة أبرزها ما رصده تقرير بحثي نشرته لجنة المساواة وحقوق الإنسان بتاريخ يونيو 2011 في 72 صفحة تحت عنوان “تأثير تدابير مكافحة الإرهاب على المجتمع المسلم”[89]، جاء فيه: “وصم مجتمعات كاملة، وتأجيج الاستياء، وحتى حشد التأييد للحركات الإرهابية”؛ إذ تستغل التنظيمات المسلحة هذه الممارسات التمييزية مثلما استشهد أنور العولقي باضطهاد مسلمي أمريكا في خطبه، وساعد هذا المناخ في إلهام عمليات إطلاق النار في فورت هود ومؤامرة تايم سكوير.

9- إضعاف برامج المكافحة:

“سوء استخدام المخبرين على هذا النحو لا يؤدي فقط إلى الإضرار بالعلاقات مع المجتمعات المسلمة الأمريكية، وإنما يؤدي أيضًا إلى تآكل الثقة الضرورية لتشجيع المواطنين المسلمين على التقدُّم بنصائح حول الأفراد الذين يشكلون بالفعل خطرًا كبيرًا”، على حد قول شانكر. “هذه العمليات الخاطفة تولد الخوف وعدم الثقة دون أن تجعل المجتمع أكثر أمانا”. إذ تأتي تلك الإجراءات بنتائج عكسية؛ حين تجعل “المسلمين العاديين، الذين هم بالطبع متأثرين بالخطر الإرهابي مثل أي شخص آخر في المجتمع، يشعرون بأنهم موضع شك مستمر”، وبالتالي يقوض الثقة اللازمة للتعاون الفعال لإنجاح برامج المكافحة التي تعتمد في جوهرها على مشاركة المجتمعات المحلية. هذه التصرُّفات ليست فردية، بل جزء مما يعتبره المدافعون عن الحقوق المدنية والزعماء المسلمون نمطًا من سوء المعاملة تمارسة الحكومة الأمريكية حين تستخدام المخبرين أو موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي السريين لاستهداف المسلمين الأمريكيين، وهي الممارسة التي تزايدت خلال السنوات الأخيرة. وقد تسببت الكثير من القضايا المتعلقة بالإرهاب، التي أحيلت إلى المحاكم الاتحادية منذ سبتمبر 2001، والتي يفوق عددها 500 قضية، في تنفير مجتمعات محلية قادرة على تقديم المساعدة في منع الإرهاب[90].

10- عرقلة الاندماج:

لهذه التدابير آثار سلبية ملموسة وقابلة للقياس:

– لم تعد إدارات المساجد قادرة على طلب التبرعات من المصلين، ما أثر سلبًا على الدعم المالي المطلوب لتمويل الأنشطة الضرورية.

– بدأت المجموعات التطوعية المسلمة تطمس وجوه أعضائها على صفحة فيسبوك، وكان هذا كافيًا ليهرب المتطوعون.

– وضعت جمعية الطلاب المسلمين في كلية هانتر لافتة تطالب الأعضاء بـ”الامتناع عن المحادثات السياسية”.

– حظر مطعم مملوك للمسلمين بث قناة الجزيرة؛ تحسبًا أن تعتبرها السلطات وسيلة إعلامية مشبوهة.

– يفضل المسلمون عدم الإبلاغ عن سرقة هواتفهم أو حوادث العنف المنزلي؛ خوفًا من محاولات الشرطة تجنيدهم ليصبحوا مخبرين[91].

– بدافع الخوف من تأثير تنظيم الدولة والدعاية عبر الإنترنت، قد يبلغ الآباء المسلمون عن أبناءهم، أو طلاب المدارس المسلمة عن زملائهم، كما حدث أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة.

يتسع الخرق أكثر حين تسهم قوانين مكافحة الإرهاب والسياسات العامة في تأجيج مشاعر العداء ضد المسلمين من خلال معاملتهم باعتبارهم “مجموعة مشبوهة” وخلق مناخ من الخوف والشك تجاههم. كما رصدت الدراسة تصورات راسخة لدى المسلمين عن تأثير تدابير مكافحة الإرهاب على حياتهم، لا سيما عندما اتضح أن تلك التدابير تستهدف الناس على أساس الدين، وليس بناء على أي شكل من أشكال التهديد المباشر أو الاشتباه.

استنتاجات:

– يمثل المجتمع المسلم شريحة لا يمكن تجاهلها في الولايات المتحدة؛ بالنظر إلى التوقعات الديمجرافية خلال العقد القادم، وأيضًا من حيث التنوع العرقي، والمستوى التعليمي والاقتصادي، ومحاولات الاندماج الحثيثة برغم تصاعد الممارسات التمييزية.

– أظهرت المجتمعات المسلمة في الولايات المتحدة “تعاونًا مدهشًا” مع الأجهزة الاستخباراتية، بدرجةٍ تفوق نظرائهم في أوروبا؛ بدءًا من الإدانة الشعبية للعنف ضد المدنيين والرفض الديني المستند إلى تأصيل شرعي وصولا إلى إبلاغ السلطات.

– رغم المحاولات الحثيثة لإثبات حسن النوايا، وتأكيد الرغبة في التعايش، لم يتوقف اتهام المسلمين بدعم الإرهاب، واستهدافهم بممارسات تمييزية على مختلف المستويات.

– الطريقة التي تنتهجها الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية لجمع المعلومات وتجنيد المخبرين تضع المجتمع المسلم بأكمله في بؤرة الاستهداف، وتحاول باستماتة إثبات تورطه في مؤامرات مصطنعة تمهيدًا لإدانته بتهم مختلقة.

– ترسخ هذه الممارسات قناعة أن “كل الطرق تؤدي إلى الإدانة”، وأنه لا توجد طريقة مؤكدة للنجاة من شظايا هذه الحرب، ولا ما يمكن فعله لإزالة وصمة “الإرهاب”، حتى الانبطاح الكامل بالمشاركة في نصب الفخاخ لتوريط المسلمين لا يكفل حصانة أبدية، إذ أن للمخبر- مثل كل شيء يُشتَرَى بالمال- صلاحية، إذا انقضت فإنه قد يُحاكَم أو يُرَحَّل.

– النهج الذي تتبعه وكالات مكافحة الإرهاب مع المسلمين في الولايات المتحدة لا يؤدي فقط إلى انتهاك القانون وسلب الحريات- عبر شرعنة الخداع وتصنيع المؤامرات- ولكن أيضًا إلى إضعاف برامج مكافحة الإرهاب؛ ما يُحَتِّم إيجاد نهج مختلف للتعامل مع هذا المجتمع شديد الثراء[92].


الهامش

[1] MOHAMED, BESHEER (JANUARY 3, 2018) New estimates show U.S. Muslim population continues to grow, Pew Research Center.[2]Johnson, Toni (September 19, 2011) Muslims in the United States, Council on Foreign Relations.

[3] Skerry, Peter (September 7, 2011) The Muslim-American Muddle, Brookings.

[4] Pew Research Center (JANUARY 27, 2011) The Future of the Global Muslim Population, DEMOGRAPHIC STUDY.

[5] Pew Research Center (AUGUST 30, 2011) Section 1: A Demographic Portrait of Muslim Americans,

[6] Pew Research Center (MARCH 6, 2009) Why Surveys of Muslim Americans Differ.

[7] YOUNIS, MOHAMED (MARCH 2, 2009) Muslim Americans Exemplify Diversity, Potential, Gallup.

[8] بيتر سكيري (11 يناير 2003) متى يشكل مسلمو أميركا كيانا واحدا؟، الشرق الأوسط- خدمة واشنطن بوست.

[9] Pew Research Center (DECEMBER 13, 2016) Religion and Education Around the World, DEMOGRAPHIC STUDY.

[10] Religion and Education, Pew (2016).

[11] Wolfe, Michael (March 28, 2016) Muslim Business Entrepreneurs and the American Economy, HuffPost.

[12] MASCI, DAVID (OCTOBER 11, 2016) How income varies among U.S. religious groups, Pew Research Center.

[13] Pew Research Center (AUGUST 30, 2011) Muslim Americans: No Signs of Growth in Alienation or Support for Extremism.

[14] شن المتطرف النرويجي المعادي للمهاجرين والمسلمين أندرس بيهرينج بريفيك هجومين على مبنى حكومي ومعسكر شبابي للحزب الحاكم في النرويج يوم 22 يوليو 2011 ما أسفر عن مقتل نحو 77، فيما وصفته وسائل إعلام حينئذ بأنه “أكبر كارثة يشهدها البلد منذ الحرب العالمية الثانية”.

[15] Milne, Seumas (July 28,2011) In his rage against Muslims, Norway’s killer was no loner, The Gurdian.

[16] Gallup (2011) Views of Violence.

[17] NAURATH, NICOLE (AUGUST 2, 2011), Most Muslim Americans See No Justification for Violence, Gallup.

[18] American Muslims Have Mainstream Values (Aug 26, 2010) Forbes.

[19] YEN, HOPE (Aug. 30, 2011) Poll: Muslim-Americans feel targeted by terror policies – NBC News.

[20] ISLAMIC CENTER OF EAST LANSING, Muslims Condemn Terrorist Attacks.

[21] Islamic Networks Group (ING), Global Condemnations of ISIS/ISIL.

[22] Mahdawi, Arwa (March 26, 2017) The 712-page Google doc that proves Muslims do condemn terrorism, The Guardian.

[23] https://muslimscondemn.com

[24] Hobson, Theo (June 5, 2017) It is not enough for Muslims to say ‘we condemn terrorism’, The Spectator.

[25] Fatwas, rulings and authoritative statements against terrorism in Islam, The University of Melbourne.

[26] Malik, Nesrine (Jun 7, 2018) Islam’s New ‘Native Informants’, The New York review of books.

[27] Gallup (2011) Views of Violence.

[28] MICHAEL, HIRSH (March 24, 2016) Inside the FBI’s Secret Muslim Network, Politico Magazine.

[29] Poonawalla, Aziz, Muslim Informants Preventing Domestic Terror Attacks, Beliefnet.

[30] The Muslim Public Affairs Council (MPAC) (April 23, 2013) Post-9/11 Terrorism Database.

[31] C. Haynes, Charles (October 19, 2012) WHAT IS THE TRUTH ABOUT AMERICAN MUSLIMS?, FREEDOM FORUM INSTITUTE.

[32] POWELL, MICHAEL (JAN. 23, 2012) In Police Training, a Dark Film on U.S. Muslims, The New York Times.

[33]A. Fahrenthold, David and Boorstein, Michelle (March 10, 2011) Peter King’s Muslim hearing: Plenty of drama, less substance, Washington Post.

[34] Stephenson, Emily and Becker, Amanda (JUNE 15, 2016) Trump backs surveillance of mosques despite criticism of rhetoric, Reuters.

[35] The American Civil Liberties Union (May 2018) NATIONWIDE ANTI-MOSQUE ACTIVITY.

[36] Ingraham, Christopher (August 8, 2017) American mosques — and American Muslims — are being targeted for hate like never before, The Washington Post.

[37] Anti-Muslim Activities in the United States, New America.

[38] C. Haynes, Charles (2012) TRUTH ABOUT AMERICAN MUSLIMS.

[39] Ali, Wajahat- Clifton, Eli- Duss, Matthew- Fang, Lee – Keyes, Scott and Shakir, Faiz (August 26, 2011) Fear, Inc. Center for American Progress.

[40] HACKETT, ASHLEY (APR 24, 2018) NEW EVIDENCE SHOWS INCREASING ANTI-MUSLIM BIAS IN GOVERNMENT AGENCIES,

[41] Pew (2011) Muslim Americans.

[42] MPAC (2013) Terrorism Database.

[43] Warikoo, Niraj (Oct 18, 2016) Use of informants in Muslim-American communities sparks concern, Detroit Free Press.

[44] Bartosiewicz, Petra (JUNE 14, 2012) Deploying Informants, the FBI Stings Muslims, Tha Nation.

[45] Aaronson, Trevor (January 31 2017) WHEN INFORMANTS ARE NO LONGER USEFUL, THE FBI CAN HELP DEPORT THEM, The Intercept.

[46] Katz, Matt (Jul 12, 2017) Muslim New Yorkers Now Have Someone Watching the Cops Who Watch Them, NEW YORK PUBLIC RADIO.

[47] community outreach – American Civil Liberties Union.

[48] FBICommunityRelations.

[49] Choudhury, Nusrat (MARCH 27, 2012) FBI FOIA Docs Show Use of “Mosque Outreach” for Illegal Intel Gathering, the American Civil Liberties Union.

[50] Katz, Matt (Jul 12, 2017) Muslim New Yorkers Now Have Someone Watching the Cops Who Watch Them, NEW YORK PUBLIC RADIO.

[51] Pilkington, Ed (April 5, 2018) NYPD settles lawsuit after illegally spying on Muslims, The Guardian.

[52] Warikoo, Niraj (2016).

[53] Counter Extremism Project, Khalil Abu-Rayyan.

[54] Warikoo, Niraj (2016).

[55]U.S. DEPARTMENT OF JUSTICE (Dec. 9, 2016) Dearborn Resident Sentenced for Making False Statements to Federal Agents in Relation to a Terrorist Investigation.

[56] Harris, Paul (Dec. 12, 2011) Newburgh Four: poor, black, and jailed under FBI ‘entrapment’ tactics, The Guardian.

[57] Warikoo, Niraj (2016).

[58] Harris, Paul (2012).

[59] Arabs in America, Use of Informants by the FBI.

[60] Choudhury and Helen (2011) Research report 72.

[61] Ansari, Talal and Datoo, Siraj (January 28, 2016) Welcome To America — Now Spy On Your Friends, BuzzFeed.

[62] Constitutional Law Center for Muslims in America (September 19, 2016) Muslim Man Says Government Retaliated When He Refused to Become FBI Informant.

[63] Aaronson (2017) WHEN INFORMANTS ARE NO LONGER USEFUL.

[64] Are informants regular employees of the FBI?

[65] Aaronson, Trevor (January 31 2017) HOW THE FBI CONCEALS ITS PAYMENTS TO CONFIDENTIAL SOURCES, The Intercept.

[66] Aaronson,Trevor and Hussain, Murtaza (November 30 2016) MERCHANT OF DOUBT, The Intercept.

[67] هيومن رايتس ووتش (21 يوليو 2014) الولايات المتحدة ـ محاكمات الإرهاب ليست إلا وهم في أحيان كثيرة.

[68] AARONSON, TREVOR (SEPTEMBER/OCTOBER 2011) The Informants, Mother Jones.

[69] VanSickle, Abbie (November 19 2016) SMALL-TOWN “TERRORISTS”, The Intercept.

[70] Aaronson, Trevor (January 31 2017) HOW THE FBI CONCEALS ITS PAYMENTS TO CONFIDENTIAL SOURCES, The Intercept.

[71]The Center for Constitutional Rights (July 29, 2016) American Muslims Who Refused to Become FBI Informants File Appeal Over No-Fly List.

[72] Warikoo, Niraj (2016).

[72] What is the FBI’s policy on the use of informants?[73] Aaronson (2017).

[74] Aaronson (2017).

[75] Aaronson (2017).

[76] Warikoo, Niraj (2016).
[77] FBI, What is the FBI’s policy on the use of informants?
[78] Human Rights Watch (July 21, 2014) Illusion of Justice.
[79] FBI,Guidelines for the FBI’s use of “confidential human sources.
[80] Ansari and Siraj (2016).
[81] CONFIDENTIAL HUMAN SOURCE POLICY GUIDE, The Intercept.
[82] Warikoo, Niraj (2016).
[83] FBI, Community Outreach.
[84] Aaronson (2017).
[85] Warikoo, Niraj (2016).
[86] HRW (2014).
[87] Warikoo, Niraj (2016).
[88] HRW (2014).
[89] Choudhury and Helen (2011) Research report 72.
[90] HRW (2014).
[91] Katz, Matt (Jul 12, 2017) Muslim New Yorkers Now Have Someone Watching the Cops Who Watch Them, NEW YORK PUBLIC RADIO.
[92] الآراء الواردة تعبر عن كتابها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المعهد المصري للدراسات

 لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

(المصدر: المعهد المصري للدراسات)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى