كتابات

سلمان العودة: ظاهرة التطرف والعنف ناتجة عن الانقلاب على خيارات الشعوب

أكد الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور سلمان العودة أن المنطقة العربية تعيش حاليا حالة تغييب للمنطق والعقل، وأن ظاهرة التطرف والمغالاة وبروز حركات عنف لم تكن موجودة ما هي إلا نتائج للانقلاب على خيارات الشعوب ووأد مطالبها التي رفعت في الربيع العربي.

وفي حوار أجراه مع “الجزيرة نت”، دعا العودة، الإسلاميين إلى ضرورة الاستفادة من أخطائهم وأخطاء غيرهم للخروج من الوضع الراهن إلى مستقبل أرحب يعزز الحوار والتلاقي بين مختلف أطياف المجتمع.

التنظيمات المتطرفة

وفي بداية الحوار، تحدث الشيخ سلمان العودة عن التنظيمات المتطرفة وأسباب نشوءها حيث قال: “منطقتنا العربية اليوم تعيش حالة فراغ، وهذا الفراغ سببه عدم وجود مشروع يجمع شباب الأمة، لذلك يبحث الناس عن خيارات بديلة، فمنهم من يختار الهجرة رغم المخاطر، وبعضهم يختار عملية التغيير السلمي، كما رأينا في الربيع العربي، وبعضهم يجرفه تيار التغيير بالعنف والتطرف”.

وأضاف: “اليوم وبعد أن استحوذت قوى الثورة المضادة على نتائج الربيع العربي، وصودرت إرادة الشعب في مصر وفي بلاد أخرى بصور مختلفة، كانت هذه نقطة محفزة للعنف، ورسالة واضحة من الغرب والحكومات العربية تقول إن التغيير السلمي وهم زائفٌ دونه الموت والقتل، وهذا كان تحريضا لاستخدام القوة والتطرف”.

وأشار العودة أنه لا مناص من الحوار طال الزمن أو قصر، لا مناص من الإصلاح السياسي وإشراك الناس في الحكم، ومحاربة الفساد، وإطلاق مشروع وطني في كل بلد، ومشروع إسلامي جامع منفتح على الآخر.

تأثير الدعاة وعلماء الدين

وحول تأثير الدعاة وعلماء الدين على الوضع الراهن، قال العودة: “اليوم ليس لدينا خيار، يجب أن يكون لنا دور مؤثر كدعاة، وألا نقتصر على ردود الفعل، والمواقف العاطفية، فالظروف الحالية تستدعي من كل أحد أن يقدم ما لديه وما بوسعه، بالطريقة المناسبة، فالشباب يستمعون للدعاة في حالات كثيرة، مع الأخذ في الاعتبار أن المجموعات التي سلكت منهج العنف لا تلقي بالا لما يقولونه، بل تصنفهم في خانة الأنظمة، وتعتبرهم غير صادقين، ولكن هذا جزء من التناقض الذي تعيشه المنطقة ونراه بين الحكام وشعوبهم، وبين السني والشيعي، وبين دعاة العنف ودعاة السلمية، إلا أن هذا الحراك لا بد له من مستقر”.

وأضاف: “ويمكننا أن نقول إن هذا يأتي ضمن عملية “الطبخة” التي تشاركت فيها أياد كثيرة، ربما يراها الغرب فوضى خلاقة، وقد ترى طوائف أخرى فيها فرصة للتوسع والتمكين، كإيران مثلا التي باتت ترى أنها الممثل المتاح للإسلام، وبالتالي نعود لموضوع المشاريع الإقليمية، فإن لم يكن لدينا مشروع عربي أو إسلامي، أو لنقل سني سنكون أمام مشروع إيراني أو غربي أو صهيوني إزاء “اللامشروع العربي”، وهذا يعني أن المعاناة قد تطول، في ظل وجود أنظمة سياسية مهيمنة لم تعط مجالا واسعا للآخرين، لذا فالحكومات هي المسؤول الأول عن إطلاق مشروع شامل يستوعب الجميع دون تمييز أو وضع قوالب مسبقة”.

مسؤولية الاسلاميين

وعند سؤاله ان كان الاسلاميون يتحملون مسؤولية الأحداث الجارية أم لا؟، أجاب العودة: “أنا هنا لا أبرئ أحدا من الخطأ، فالإسلاميون جزء من المشهد، وليسوا برآء من الخطأ، نعم لا يملكون سلطة، لذا لا نستطيع أن نقول إن أخطاءهم جسيمة، فما يقوم به غيرهم من قتل وسجن وتنكيل يفوق الوصف، وإن كان هناك من ينتسب إلى الإسلام ممن يمارسون عمليات تفجير وعنف، فهؤلاء نمط آخر، لكن أنا هنا أقصد من يؤمنون بالمشاركة والتعقل ولديهم توازن وقبول للخيارات المتعددة”.

وأضاف: “وفي كتابي “زنزانة” مقال بعنوان “إسلاميون من المريخ” كانت فيه إشارة إلى أن الإسلاميين لديهم عادات في التعامل مع الآخرين أو تصور لمآلات الأمور بحاجة لمراجعة، كطريقة نظرتهم للغرب وتصرفاته، حتى نظرتهم للحكم، فمثلا دخول الإخوان المسلمين في السباق نحو السلطة في مصر -بعد أن كانوا لا يرون ذلك- تبين أنه كان خطأ قاتلا، الإخوان اليوم أمام خيار الاستمرار على نهج السلمية مهما كلفهم ذلك، وهي سلمية أغلقت حتى الآن أمامها الأبواب، أو خيار اللجوء إلى العنف، كما يرد في بعض التغريدات لشباب يرون أنه لا مجال متاحا للسلمية، هنا أقول إن على الإسلاميين في مصر وغيرها أن يستفيدوا من تجاربهم أولا، ومن تجارب الآخرين ثانيا، ولدي مقولة أرددها دائما: أن تكون شريكا أفضل من أن تستقل بشيء وحدك، حتى في مشاريعك مهما كانت طبيعتها، فالشراكة تقلل الخسائر”.

صورة الاسلام في الغرب

الى ذلك، بين الشيخ سلمان العودة أن صورة الاسلام في الغرب مشوهة بشكل واضح وذلك بسبب الجرائم التي تحدث، وحرص التنظيمات المتطرفة على توثيق هذه الجرائم البشعة وكأنها مدعاة للفخر والاعتزاز، وأوضح العودة أنه “من المؤسف أن نجد الشعوب الإسلامية وحدها هي التي تتقاتل بهذه الطريقة الوحشية التي تأنفها حتى الحيوانات المفترسة، لا شك أن صورة الإسلام تضررت، والإعلام الغربي عزف على هذا الوتر، وهذا أحد الدروس التي يجب أن نستوعبها، يجب أن يكون لدينا إعلام هادف وقوي يعبر عن حقيقة الإسلام، يخاطب الآخرين بلغتهم وأساليبهم، فمثلا يجب أن نطالب بأن يكون للغرب موقف واضح مما يجري، والدول الغربية مارس بعضها أساليب قمعية لا تقل عنفا وإجراما عما نراه اليوم، فقد ارتكبت فرنسا مذابح في الجزائر وكذلك فعلت إيطاليا في ليبيا وغيرهما”.

 المصدر: الجزيرة نت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى