كتب وبحوث

ما بعد السلفية.. قراءة نقدية للخطاب السلفي المعاصر

ما بعد السلفية.. قراءة نقدية للخطاب السلفي المعاصر

اسم الكتاب: ما بعدَ السَّلفية – قِراءة نقديَّة للخِطاب السَّلفي المعاصِر.

اسم المؤلف: أحمد سالم – عمرو بسيوني.

عدد الصفحات: 696 صفحة.

الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات.

نبذة عن الكتاب:

بقلم أحمد فتحي سليمان – ساسة بوست

عندما سمعت بهذا الكتاب (ما بعد السلفية) قبل صدوره استبشرت به خيرًا وترقبته وكلي ثقة بأن المؤلفين أحمد سالم وعمرو بسيوني لن يأتيا ببضاعة مزجاة، وأن هذا العنوان الصدامي عندما يأتي من باحثين ليسا فقط من أبناء التيار السلفي بل من أعلامه (عند الكثير من طلبة العلم والباحثين وإن لم يكونا نجمين شعبيين كالوعاظ) الذين يسبق أسماءهم لقب شيخ فلن يكون محتواه تكرارًا لسخيف الاتهامات بالرجعية والتخلف، والتي لا تعني أكثر من سطحية قائلها وعدم سبره لأغوار المسائل التي ينتقدها، وإنما سيعالج برؤية أهل مكة الأدرى بشعابها، ما يصعب على البعيدين رؤيته أصلًا لا فهمه.

وقد صدر الكتاب بكلمة لعلي عزت بيجوفيتش (يحول الناس صدق الفكرة ونورها إلى زيف الأيديولوجية وظلامها).

وربما تلك الكلمة الموجزة تحوي الرؤية وراء الإشكالية وهي الفصل بين السلفية كمنهج للتعامل مع الدين والسلفية كظاهرة اجتماعية والتي تعامل معها الكتاب ضمن غيرها.. وذلك الخطأ الذي يقع فيه كثير من الناس فيخلطون بين الفكر الإنساني الخاضع لسنن التطور والتغير والنص الإلهي بغاية سحب القداسة إلى آرائهم كمن يسوق اختياراته الفقهية باعتبارها “الشريعة الإسلامية” وحتى إن كانت اختياراته مرجوحة.

ويبدأ الكتاب بتعريف المصطلح (السلفية) محاولًا استخلاصه وتنقيته من الشوائب التي ارتبطت به وأغمضت معناه، ثم بيان غرض الكتاب في تقديم دراسة تحليلية نقدية للخطاب السلفي المعاصر.

وينقسم الكتاب إلى خمسة فصول:

الفصل الأول: السلفية المصطلح والمفهوم

ويبدأ بتفكيك تصور السلفية وإبراز الخلل في هذا التصور سواء من خارجها أو من المنتمين إليها، ثم محاولة الوقوف على تعريف واضح للمصطلح يعبر عن الهوية السلفية بتوسع ليصل إلى التفرقة بين السلفية المنهج والسلفية التاريخية التي يقسمها بدورها إلى أربع طبقات تبدأ من أهل الحديث الأوزاعي ومالك وتنتهي بدعوة محمد بن عبد الوهاب إلى قيام الدولة السعودية الثالثة، ولا تخرج عنها السلفية الحديثة التي بزغت في بدايات القرن العشرين إلى أن بلغت قمتها مع الصحوة في السبعينيات.

ويفرد قسم لإشكالية الفرقة الناجية ويتعرض فيه لحديث تفرق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة ظلت على ما كان صلى الله عليه وأصحابه عليه، الذي ترى السلفية أنها تلك الفرقة بالتزامها العقائدي بما كان عليه النبي وصحبه وإن مخالفيهم في أصول الاعتقاد من هذه الفرق المتوعدة بالنار وإن كان ينال أفرادهم الرحمة والمغفرة.

ويضعف الباحثان كل الزيادات الواردة في الحديث بعد الأخبار بالافتراق! ثم يناقشان فهم الحديث الشائع بافتراض ثبوت هذه الزيادة بوعيد المخالفين بالنار ويؤكدا على وقوع الخلل في فهم الحديث ويصلا إلى أن استحضار هذا الحديث في مجال العقائد لا يجب أن يزيد عن استحضاره في المعاملات والأخلاق وأن الوعيد نسبي كما أن الموافقة لما كان عليه النبي وصحبه نسبية فمن وافقهم في باب فهو ناجٍ فيه سواء كان من أهل الحديث أو الأشاعرة أو المعتزلة… إلخ.

ثم ينتقل إلى تصنيف التيارات الإسلامية المعاصرة ليصلا لنتيجة خطيرة (أننا نظن أن لا سبيل لتجويد فهم التيارات الإسلامية إلا حين نفكر فيها وفق نموذج الدولة.. هي مجموعة من الدول تعيش على أرض واحدة وتتنافس كل دولة منها على السيطرة على سلطة الدولة الرسمية المعترف بها دوليًّا).

ويقسمان التيار السلفي إلى تقسيمات أربع سلفية علمية دعوية, حركية سياسية, سلفية مدخلية، وأخرى جهادية، لكل سماته المميزة.

الفصل الثاني: تطور السلفية

وهذا فصل ذو قيمة معرفية كبيرة يبدأ ببيان القرون الثلاثة الفاضلة وما يتعلق بهذا المفهوم من إشكالات، ثم ينتقل للجيل الرابع حيث اكتمال بنيان ومناهج الفرق المختلفة، ويناقش المطاعن التي وجهت في صحة تمثيل الجيل الرابع للسلف، ثم المرحلة بين الجيل الرابع إلى ابن تيمية حيث حدث الأفول الأول للسلفية مع غلبة الأشعرية والماتريدية من ناحية وغلو الحنابلة السلفيين الشديد من أخرى، ذلك الذي أوقعهم في الفتن والاقتتال مع غيرهم.

ثم يعرض لابن تيمية الذي أنشأ البنية التامة للمعمار السلفي على حد قولهما، ويدعم هذا الرأي بحجج قوية تشمل رؤية شاملة لمشروع ابن تيمية وعصره وأثره.

ثم لمحمد بن عبد الوهاب مفصلًا فكرة وظروف عصره التي أدت بالدعوة الوهابية إلى تأسيس الدولة السعودية الأولى مفصلًا الاعتراضات على الوهابية ودقائق الخلاف بين آراء محمد بن عبد الوهاب وابن تيمية والسلفيين المعاصرين.
ثم تلك المرحلة بين انهيار الدولة السعودية الأولى على يد جيوش محمد علي إلى قيام الدولة السعودية الثالثة وتأسيس جمعية أنصار السنة المحمدية بمصر.

الفصل الثالث: السلفية المعاصرة عوامل وظروف النشأة والازدهار

وكيف استطاعت السلفية أن تشق لها طريقًا بين تيارين إسلاميين متنازعين المؤسسات الرسمية البازغة تدعمها الدول، والتيار الإصلاحي النهضوي، وكذلك عرض لتطور السلفية العالمي.

ثم يتعرض للدولة السعودية الثالثة (منصة إطلاق السلفية المعاصرة على حد تعبيره) التي شكل المكون العقدي هويتهم في صراعها مع خصومها، ولكن يوضح حقائق رفع السعودية الدعم عن التيارات السلفية في أشد أوقات ازدهارها في الثمانينيات والتسعينيات وأن القطب السلفي الألباني طرد من السعودية ورفض استقباله بها وكذلك مقبل الوادعي، ويفصل أسباب انتشار السلفية المعاصرة وازدهارها في مصر وغيرها من حيث جاذبية الأفكار وتوافر الرموز والدعم المالي ودعم أو حياد السلطات الحاكمة.

الرابع: قراءة في الاشتغال المعرفي للسلفية

وعرض فيه للاشتغال المعرفي للمنتسبين للسلفية في مجالات خمسة (علم الحديث, أصول الفقه, الفقه, العربية, العلوم الإنسانية) بتفصيل كبير وواضح يرسم خريطة لرجال وإنتاج المدرسة السلفية في هذه المجالات عارضًا لقضايا ومسائل متعددة وبه من الفوائد الكثير.

الخامس: السلفية ومعضلة الإصلاح

ويعرض به أربعة نماذج سلفية للتعاطي مع إشكالية الإصلاح العملية الدعوية, الجامية, الحركية, الجهادية في مجالات الإصلاح المختلفة السياسية والثقافية وحتى العمل الثوري والمسلح بعمق وتأصيل نادر للأفكار الرئيسية والتغيرات “الكبيرة ” التي طرأت عليها بمرور الزمن في عرض ونقد غاية في الثراء محملًا بحقائق ومواقف بذل من الجهد الكثير لإخفائها وهذا الفصل كسابقة يصلح لأن يكون كتابًا منفصلًا ذا قيمة عالية.

السادس: السلفية المعاصرة عوامل الأفول

ويتنبأ هنا بانحصار شديد للمد السلفي لتعود السلفية كما كانت يومًا على الهامش وليس في المركز، موضحًا أسباب هذا التوقع بترتيبها داء التفرق, فقدان الأجوبة لصلاحيتها أو جاذبيتها (فلا تقدم السلفية إجابات شافية للحائرين كما كانت), الفقر الرمزي (فيفقد التيار السلفي قيادته ورموزه الذين يلتف حولهم الناس للعلم أو الكاريزما) , ضعف الدعم المادي, تحولات السلطة الجذرية.

السابع: ما بعد السلفية

ويطرح السؤال الهام من يحل محل السلفية في المركز؟ الأشاعرة في ثوب جديد أم تستطيع التيارات الإسلامية التنويرية أن تحقق نموذجًا شعبويًّا، وكذلك ماذا سيحدث للسلفية التي انقسمت لجهادية ومدخلية وعلمية هل ستستمر في التشظي وكيف؟
وهكذا ينتهى الكتاب الذي يبقى سواء اتفقنا أم اختلفنا مع أطروحته من أفضل ما صدر مؤخرًا شديد الثراء على الصعيدين الفكري والمعرفي ليقابل بعاصفة من النقد وكيل الاتهامات لمؤلفيه ودار نشره من ناحية وتجاهل جاحد لما بذل فيه من جهد من ناحية أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى