تقارير وإضاءات

تعرف على العالم الذي وصفه محمد الفاتح بـ”أبو حنيفة زمانه”

هو محمد بن قراموز بن علي بن محيي الدين خسرو، لُقّب بـ”مُلّا خسرو” وبُني على اسمه جامع في منطقة الفاتح وسط إسطنبول، وكان والده من أمراء التراكمة.

اختلف المؤرخون حول أصله،فقال البعض إنه تركماني أو فرنسي أو من أصل يوناني أو رومي ثم أسلم، وقيل كردي اﻷصل.

كان الملا خسرو عالما بالفقه الحنفي واﻷصول، وقد تبحر في علم المنقول والمعقول، ووصف بأنّه “كان حبرا فاخرا جامعا للفروع واﻷصول”.

قال أحمد بن مصطفى في كتاب “الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية”: “إن السلطان محمد خان (الفاتح) لما جلس على سرير السلطنة أولًا جعل المولى خسرو قاضيا بالعسكر المنصور، فلما عزل عن السلطنة، تركه أركان السلطنة بأجمعهم ولم يتركه المولى خسرو، فقال له السلطان محمد خان اذهب أنت أيضا معهم، فقال لا أذهب، إن من المروءة أن يشارك الرجل صاحبه في الدولة والعزل، فأحبه السلطان محمد خان لهذا الكلام محبة عظيمة،حتى أكرمه في أيام سلطنته الثانية إكراما عظيما وعين له مناصب عالية”.

وفي سنة 1428، صار قاضيا للعساكر المنصورة، ثم قاضيا للقسطنطينية بعد فتحها، ومُدرّسًا في أيا صوفيا. وتولى منصب شيخ اﻹسلام عقب وفاة الملا فخر العجمي عام 1460، واستمر فيه حتى وفاته في عام 1481.

ويَقُصّ خاله “طاشكبري زاده” بعض أحواله فيقول عنه: “كان يذهب طلبته بأجمعهم إلى بيته وقت الضحوة ويتغدون عنده، ثم يركب المولى المذكور بغلته ويمشي الطلبة قدامه إلى المدرسة ثم ينزل المولى فيدرس، ثم يمشون قدامه إلى بيته”.

ويتابع طاشكبري زاده قائلًا: “كان مربوع القامة عظيم اللحية، وكان يلبس ثيابًا متواضعة وعلى رأسه تاج عليه عمامة صغيرة. وكان إذا دخل يوم الجمعة جامع أيا صوفيا يقوم له من في الجامع كلهم ويطرقون له المحراب و يصلي عند المحراب، والسلطان محمد خان ينظر من مكانه ويفتخر به ويقول لوزرائه “انظروا… هذا أبو حنيفة زمانه”.

ويروى عنه أنه “كان متواضعًا صاحب أخلاق حميدة، وصاحب سكون ووقار، وكان يخدم في بيته بنفسه، مع ما له من العبيد والجواري بحيث لا يحصون كثرة. وكان يكنس بنفسه بيت مطالعته ويوقد فيه نارًا وسراجا، وكان مع ما له من أشغال القضاء والتدريس يكتب كل يوم ورقتين من كتب السلف، وكان له خط حسن. وخلف بعد موته كتبًا كثيرةً بخطه، ووجد فيها نسختين بخطه من شرح المواقف للسيد الشريف، واشتراهما بعض من علماء هذه الديار بستة آلاف درهم”.

ترك الملا خسرو العديد من الكتب والمصنفات في الفقه واﻷصول والمنطق والبلاغة والتفسير والسيرة، كما ترجم كتابا في المنطق عن الفارسية. وعَمّر الملا خسرو عدة مساجد ومدارس في بورصة وإسطنبول، منها مسجده الذي ما زال يحمل اسمه حتى اليوم في إسطنبول.

وقد قامت الجهات المسؤولة مؤخرًا بترميم مسجد الملا خسرو الذي يقع في حي الفاتح وسط إسطنبول ويتميز بطرازه المعماري الخاص، وإعادة افتتاحه أمام المصلين.

 

 

(المصدر: ترك برس)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى