كتاباتكتابات مختارة

فضيلة الشيخ أفيخاي أدرعي؟!

بقلم أ. د. حلمي محمد القاعود

مفارقات الواقع العربي الإسلامي لا تنتهي. ومنها ما ظهر في السنوات الأخيرة، مثل اتفاق بعض التصرفات العربية مع مقولات شخص نازي يهودي اسمه أفيخاي أدرعي المتحدث العربي باسم الغزاة النازيين اليهود.

والمذكور يملك قدرا غير مسبوق من الصفاقة والوقاحة والادّعاء، وقد أعده الغزاة اليهود بصورة تجعله موضع اهتمام في أوساط النخب العربية التي تتابعه على وسائل الاتصال الاجتماعي بعد فشل سلف له، فله موقع على الشبكة الضوئية وقناة على اليوتيوب، ومع أنه مازال في طور الشباب الأول( من مواليد1982)، فهو يملك وعيا كبيرا بطبيعة الشخصية العربية، ولذا يستطيع إقحام نفسه في القضايا العربية ويقوم بدور المفتي في القضايا الشرعية الإسلامية، ويهنئ بالأعياد والمولد النبوي، وتمنحه صفاقته القدرة على تحمل كثير من الهجوم الضاري الذي يشنه المتابعون العرب لدرجة أنه صار أمرأ طبيعيا لديهم أن يتقبلوا وجوده في الواقع الافتراضي، وكذا نجح فضيلة الرقيب ( الشاويش) أدرعي أن يرقى إلى درجة رائد في كتيبة 8200 بالمخابرات الحربية النازية اليهود التابعة لجيش الدفاع..

نجاح أدرعي الأكبر كان في التأثير، أو بمعنى اصح التشجيع على أن يعلن بعض موتى الضمير من المنسوبين إلى الإسلام والعرب؛ عما يعتمل في نفسه تجاه الإسلام والقدس، وأن يتجرأ بعضهم فيقلد دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم– بعد عودته من الطائف حزينا فيقول- وأستغفر الله- موجها حديثه إلى السفاح قائد الكيان الصهيوني: لك العتبى يا نتنياهو حتى ترضى!

بالطبع لم يتم اعتقال المذكور مثلما اعتقل آخرون غردوا طلبا للهداية والتوفيق والإصلاح بين أخوة العرب والإسلام وعواصمه. ووجد طالب العتبى لنتينياهو دعما واستحسانا؛ لأن علاقات الود والغزل مع القتلة اليهود، أهم من علاقات التسامح والتصافي مع الأشقاء والأهل.

وقبل طالب العتبى البائس كان هناك من يغرد:

“قضية فلسطين ليست قضيتنا.. وإذا أتاكم متأسلم متمكيج يدعو للجهاد فابصقوا في وجهه”.

“لم تعد القدس هي القضية.. أصبحت شرعية مزيفة لتحركات البعض”.

“إذا عقد السلام مع إسرائيل فستصبح المحطة الأولى للسياحة السعودية”.

“لست محاميا عن اليهود، لكن أعطوني يهودي واحد قتل سعودي(كذا!) وأعطيكم ألف سعودي قتل أبناء جلدته بالحزام الناسف”.

“حان الوقت لإعادة النظر في كل مفهوم المعاملات مع فلسطين وإسرائيل”

“60 عاما أشغلتنا الحكومات العربية بالقومية المزيفة وعداء إسرائيل، آن الأوان لنجرب السلام والتعايش”

“اليهود يكنون لنا الاحترام ولم يعتدوا علينا أو يفجروا في بلدنا، وأدعوا الملك إلى فتح سفارة وتمثيل دبلوماسي عالي(كذا!)”.

“أنا سعودي عسيري صحفي.. أدعو للتطبيع مع إسرائيل”.

نجح أفيخاي أدرعي، فيما فشل فيه المفتي الأكبر الذي وصف حماس بالإرهابية، ووصف الغزاة اليهود بأهل الكتاب المسالمين الذين يحرم قتالهم ولو اغتصبوا القدس والأرض المباركة!

ذهبت النخوة والمروءة والشهامة عن قوم يفترض أن الأرض المقدسة جزء من كيانهم وشرفهم وعزتهم، فيمضون على طريق أفيخاي درعي ويصدقون أكاذيبه وتضليله، ويصل عدد متابعيه إلى أكثر من نصف مليون متابع عربي.

في الوقت ذاته تتحرك دولة ليست عربية ولا مسلمة، ولا تعيش في الفضاء الإقليمي، اسمها جنوب إفريقية وتتخذ موقفا لم تتخذه دولة عربية ممن تقيم مع الكيان النازي اليهودي علاقات دبلوماسية، ولا دولة ممن تتسلق الأسوار أو تدخل من سلم الخدم إلى الكيان النازي اليهودي لتقدم قرابين الولاء والطاعة، حيث وافق الحزب الحاكم في جنوب أفريقيا، 21/12/2017، على تخفيض عاجل وغير مشروط لسفارة البلاد في دولة الاحتلال اليهودي، قبل ساعات من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة،  على قرار يحث الولايات المتحدة على إلغاء قرارها باعتبار القدس المحتلة عاصمة للعدو. وقد أقر المندوبون في اجتماع الحزب المقترح الذي تقدمت به الحكومة لتخفيض سفارة البلاد في تل أبيب إلى مكتب اتصال تضامنا مع الفلسطينيين.

بعد احتلال فلسطين من قبل الغزاة النازيين اليهود، كانت الإذاعة العربية للعدو، تقدم برنامجا باسم العم حمدان، يتحدث فيه يهودي مصري خائن التحق بالكيان الصهيوني من خلال لهجة مصرية لتغيير الرأي العام المصري بتحليل بعض الأخبار ونشر بعض الأفكار، ولكنه ما استطاع أن يغير شيئا في الطبيعة الصلبة لجمهور الشعب المصري، وما جرؤ أحد على الجهر بموالاة اليهود الغزاة مثلما رأينا بعد نجاح أفيخاي أدرعي، الذي يقلب الحقائق، ويحول قتل الأطفال والشباب الفلسطيني على الهواء إلى بطولة لجيش الدفاع، وينشر صورة الطفلة الفلسطينية عهد التميمي التي واجهت إجرام الجنود القتلة بالتحدي، واختطفوها من أحضان أسرتها ليضعوها في السجن، متسائلا:” تخيلوا ماذا كان يحدث لهذه المستفزة لو تصرفت بهذا الشكل مع ضباط أو جنود عندكم؟ “. بالطبع تجاهل فضيلة المفتي أفيخاي درعي ما قامت به عصابات الغزو من اقتحام منزل الطفلة واعتقال والدتها  ووالدها، ونسي الفاجر عشرات الشهداء ومئات المصابين الذين سقطوا ضحية الرصاص الحي للعدو في أيام قليلة عقب إعلان بطرس الحافي الثاني عن نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة.

بغير شك تملك أغلبية شعوبنا الساحقة روحا وطنية قومية إسلامية نبيلة، تؤمن بالحق العربي الإسلامي في فلسطين والقدس الشريف، أما تلك الإفرازات الشائهة التي ظهرت على صفحة الواقع وتغذيها خيانة بعض الجهات، فمصيرها إلى زوال. الشعب الفلسطيني يقوم بدور الطليعة في التضحية والفداء، ويقدم أرواح أبنائه لتبقى القدس وتبقى فلسطين مهما امتلك العدو من سلاح ووحشية، ومهما خذله الخونة واللصوص وخدام الغرب واليهود.

لن يضير شعوبنا العربية المسلمة دعاء شخص ناشز عن طاعة الله أن يقول لنتنياهو : لك العتبى حتى ترضى، وأن يمضي على خطى أفيخاي أدرعي، ويتجاهل أن السفاح نتينياهو تقطر يداه دما فلسطينيا طاهرا، فقد سبقه إلى ذلك حكام ومسئولون عرب ومسلمون باركوا سفك هذا الدم الطاهر، وقالوا: إن قضية فلسطين لا تهمنا، لأنها قضية هامشية، ونسوا أن رئيس أكبر دولة في العالم من أجل هذه القضية الهامشية يرسل تهديده ووعيده لمن يوافق على قرارات الأمم المتحدة. لم يكتف القوم بهذا بل أرسلوا وفودا قالوا إنها شعبية لا علاقة له بالسلطة كي تزور القدس من أجل التطبيع، وطلب الرضا اليهودي السامي، بينما تباع القدس في سوق النخاسة الصليبي.

الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين. اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!

(المصدر: رابطة علماء أهل السنة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى