كتاباتكتابات مختارة

من كلام السلف عن عاقبة الظلم

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم .
وقال سفيان بن عيينة رحمه الله: أول ما كُتِب بالزبور: ويلٌ للظَّلَمَة .

وقال شريح القاضي رحمه الله: سيعلم الظالمون حق مَن انتقصوا، إن الظالم ينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النصر والثواب .

قال بعض الحكماء: اذكر عند الظلم عدل الله فيك، وعند القدرة قدرة الله عليك

كتب بعض الولاة لـعمر بن عبد العزيز كتاباً إليه فقال: أما بعد: فإن مدينتنا قد خربت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يقطع لنا مالاً نرمِّمها به.
فوقَّع في كتابه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وقال: أما بعد: فحصِّنها بالعدل -الله أكبر!- ونقِّ طرقها من الظلم، فإن ذلك مَرَمَّتها، والسلام.

روي أن الحجاج حبـس رجلاً في حبـسه أياماً، فكتب ذلك الرجل إلى الظالم الحجاج وقال : يا حجاج! قد مضى من بؤسنا أيام -ومن نعيمك أيام، والموعد القيامة، والسجن جهنم، والحاكم لا يحتاج إلى بينة. ثم كتب في آخرها:

ستعلم يا ظلوم إذا التقينا      غداً عند الإله مَن الملومُ

أما والله إن الظلم لؤمٌ     وما زال الظلوم هو الملومُ

سينقطع التلذذ عن     أناسٍ أداموه وينقطع النعيمُ

إلى الديان يوم الدين نمضـي      وعند الله تجتمع الخصومُ

ويروى عن الصاحب بن عباد أنه كان ملكاً من ملوك الأندلس متغطرساً جباراً صاحب مُلك عظيم، لدرجة أن زوجته يوماً من الأيام عندما فتحت النافذة نظرت وطالعت فنظرت إلى نساء وهن يزرعن، فيخُضْن في الماء والطين، فقالت: يا ليتني أخوض معهن في الماء والطين.

فأراد الملك أن يعطيها ما يعجبها، فجاء بماء الورد وخلطه بتراب المسك -اسمع إلى القوة والمال- ثم جاء بها وبناتها وجواريها حتى يسرِنَ في هذا الماء فرحاً وسروراً.

وما إن مرت الأيام والليالي حتى أصيب بدعوة مظلوم، وإذا به يصبح سجيناً في جزيرة من الجزر البعيدة في البحر، وإذا ببناته أصبحن يتكففن الناس على الأبواب يطلبن اللقمة واللقمتين، وإذا بزوجته تلك التي خاضت في ماء الورد وتراب المسك أصبحت تخيط الملابس للناس من الجوع، ومن ضيق ذات اليد، فقال الملك لوالده ذات ليلة وهو مسجون معه في البحر: يا أبتي! أما ترى ما حلَّ بنا؟ بأي سببٍ هذا الذي حلَّ بنا؟!

فقال الوالد: يا بُنَيَّ! دعوة مظلوم سرت في الليل ونحن نيام.. (وعزتي وجلالي لأنصرك ولو بعد حين) .

وكتب أحد الولاة للخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يطلب مالاً كثيراً ليبني سوراً حول عاصمة الولاية.
فأجابه عمر: وبماذا تنفع الأسوار؟؟ حصنها بالعدل ونقي طرقها من الظلم.
 
وأرسل أحد الولاة إليه رسالةً قال فيها: يا أمير المؤمنين إنَّ أُناساً قد اغتصبوا مالاً ليس لهم، لستُ أقدر على استخراجه منهم، إلا أن أمسَّهم بالعذاب، فإن أذنت لي فعلته.
فقال هذا الخليفة الراشد: يا سبحان الله.. أتستأذنني في تعذيب بشر ؟ وهل أنا لك حصنٌ من عذاب الله ؟ وهل رضائي عنك يُنجيك من سخط الله ؟ أقم عليهم البيِّنة، فإن قامت فخذهم بالبيِّنة، فإن لم تقُم فادعهم إلى الإقرار، فإن أقرّوا فخذهم بإقرارهم، فإن لم يُقرّوا فادعهم لحلف اليمين، فإن حلفوا فأطلق سراحهم، وايمُ الله لأن يلقوا الله بخيانتهم، أهون من أن ألقى الله بدمائهم .

كتب رجل إلى الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: أن اكتب إلي بالعلم كله.
فكتب إليه ابن عمر :«إن العلم كثير، ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كافاً لسانك عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم؛ فافعل.. والسلام ».سير أعلام النبلاء (٣/٢٢٢) .

(المصدر: موقع الراشدون)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى