كتاباتكتابات مختارة

مظاهر القدرة الإلهية في تبديل الأحوال

بقلم ربيع الزواوي

طلب بعض الأفاضل أن أتعرض للكلام عن خواتيم سورة سبأ…

ولعل هذا الإنسان الفاضل يقصد الآيات الأربعة الأخيرة بالتحديد من السورة الكريمة؛ والتي تصور مشهد فزع الكفار يوم القيامة، وهو لا شك مشهد عظيم…

مشهد فزع الكفار يوم القيامة تصوره الآيات الكريمة ابتداء من قول الله تعالى: (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت…) إلى آخر السورة الكريمة…

ومع هذا الإنسان الفاضل وغيره الحق في أن يطلب هذا الطلب؛ ففي الآيات الأخيرة من سورة سبأ ألفاظ تحتاج للتوضيح فعلا بأسلوب عصري يناسب بني زماننا على غرار ما أتعرض له في مقالاتنا تلك…

بيد أني وجدت أنه من المفيد أن أتعرض للكلام عن السورة الكريمة كلها ومن جملة الكلام يأتي الكلام عن خواتيم السورة الكريمة…

فسورة سبأ تتمحور حول محور واضح هو بيان مظاهر القدرة الإلهية على تبديل الحال؛ وقصة أهل سبأ الواردة فيها والتي تسمت السورة باسم مدينتهم خير مثال على ذلك..

وقد تعرضت سورة سبأ لعدة قضايا مهمة؛ ومن هذه القضايا التي تعرضت لها السورة الكريمة ما يلي:

– سعة علم الله سبحانه وتعالى وإحاطته بكل شيء… (يعلم يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها…)

– فضيلة أهل العلم… (ويرى الذين أوتوا العلم…)

– الكفار ينكرون بعث الأجساد في الآخرة لجهلهم بقدرة الله سبحانه (وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد)

– إكرام الله لنبيه داود عليه السلام؛ بالنبوة، والملك، وتسخير الجبال والطير، وإلانة الحديد…

– إكرام الله لنبيه سليمان بن داود عليه السلام بالنبوة والملك أيضا…

– وجوب شكر النعم… والتخويف من كفرانها… والشكر يحفظ النعم والحجود يسلبها…

– الغيب يعلمه الله وحده، والجن لا يعلمون الغيب…

– نعمة الأمن نعمة عظيمة من أفضل النعم…

– الإيمان الصحيح عصمة من إغواء الشيطان..

– الملك كله لله والأصنام بكل صورها المختلفة لا يملكون شيئا…

– وجوب التلطف بالمدعو حتى لا يكابر أو يعاند (… وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين… قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نُسأل عما تعملون)

– الإسلام دعوة عامة للإنس والجن…

– يوم القيامة يختصم الأتباع والمتبوعين ويتبرأ كل طرف من الآخر… وهذا لا يعفي كلا من مسؤوليته..

– الترف سبب في البعد عن اتباع الحق والانقياد له..

– المؤمنون ينفعهم أموالهم وأولادهم والكفار لا ينتفعون بهما…

– الإنفاق في سبيل الله يكون سببا إلى الإخلاف في المال في الدنيا والمثوبة في الآخرة…

– الملائكة يتبرؤون يوم القيامة ممن أشركوهم مع الله…

– الشياطين يمكرون بالمشركين ليعبدوهم من دون الله…

– تقليد الآباء يصرف عن الهداية…

– التجرد من الهوى يقود لاتخاذ القرار الصحيح..

– فزع الكفار يوم القيامة مشهد فظيع مخيف فعلا…

– الإيمان محل نفعه في الدنيا فهي دار العمل وليس الآخرة…

كما اشتملت السورة الكريمة على مجموعة مهمة من التوجيهات؛ من هذه التوجيهات:

– أن نكثر من الحمد…

– أن ندعو لدين الله وندافع عنه…

– أن نتبع العلم الصحيح المبني على كتاب الله وسنة نبيه…

– أن ننيب إلى الله لننتفع بسنن الله الكونية…

– أن تكون لنا صنعة أو أي مهارة نتقنها لنستعف بها عن الناس…

– أن نوقن أن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه…

– أن نحذر من الكفر بالنعم…

– أن ندعوا بما ينفعنا وأن نتجنب الدعاء بما يضرنا…

– أن نحذر وساوس الشيطان ونزغاته..

– أن نوقن أن الرزاق هو الله وحده…

– أن نستخدم التبشير والأسلوب اللين في الدعوة وفي الحوار…

– أن نتجنب طاعة الكبراء في الباطل…

– أن نحذر من مصادقة أهل النفاق والمكر…

– أن نحيي في قلوبنا عبادة التفكّر…

– أن لا نجعل الدين سُلما لأعراض الدنيا…

– أن نستشعر القرب من الله وإجابته لدعائنا…

– إن نستقيم على طاعة الله وعبادته في الدنيا قبل أن نشتهي ذلك فيحال بيننا وبينه والعياذ بالله!…

ويتبقى معنا أن نجيب هذا الإنسان الفاضل إلى طلبه؛ بالكلام عن خواتيم السورة الكريمة الآيات ( 51 و 52 و 53 و 54) من قول الله تعالى: (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت…) إلى آخر السورة الكريمة فنقول:

– ولو ترى أيها النبي عندما يفزع المكذّبون لمّا رأوا العذاب بأعينهم يوم القيامة، (فلا فوت) أي فلا مفر لهم منه، ولا ملجأ يلتجئون إليه، وقد أُخذوا من مكان قريب سهل التناول من أول وهلة، لو ترى ذلك لرأيت عجبا…

– هؤلا المكذبون يقولون حين يرون مصيرهم: آمنا بيوم القيامة، ولكن كيف لهم (التناوش) وهو تعاطي الإيمان وتناوله وقد بَعُد عنهم مكان قبول الإيمان بخروجهم من الدنيا إلى الآخرة التي هي دار جزاء لا عمل…

– وكيف يُقبل منهم هذا الإيمان وقد كفروا به في الدنيا؟ وكانوا يرمون بالظن من جهة بعيدة عن إصابة الحق؟ كيف؟!!…

– وقد قضي الأمر فحِيلَ بين هؤلاء المكذبين وبين ما يشتهونه من ملذات الحياة، ومن التوبة من الكفر، والنجاة من النار، والعودة إلى الحياة الدنيا، كما فُعل بـ (أشياعهم) أي أمثالهم من الأمم التي كذبت، فإنهم كانوا في شك مما جاء به الرسل من توحيد الله ومن الإيمان بالبعث، وهذا شكّ باعث على الكفر والتكذيب والعياذ بالله…

فلا فوت : يعني فلا مفر

التناوش : تعاطي الشيء وتناوله

بأشياعهم : بأمثالهم من الأمم السابقة

(المصدر: موقع الأمة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى