إصدارات دينية وشرعية

صدر حديثاً: كتاب (العلاقات بين الدول الإسلامية في غياب الدولة الجامعة)

صدر حديثاً عن دار النفائس للتوزيع والنشر كتاب (العلاقات بين الدول الإسلامية في غياب الدولة الجامعة)، لمؤلفه الدكتور صلاح أنور عبد فرحان.

والكتاب هو من إصدارات المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والإفتاء

ويتحدث المؤلف عن دراسته هذه فيقول:

تعرض هذه الدراسة علاقة المسلمين مع بعضهم البعض ليس على أساس انهم أفراد يعيشون في ظل دولة الإسلام الجامعة بل على اساس علاقة دولة بدولة أو مجموعة دول قائمة في ديار المسلمين بدراسة تأصيلية مقارنة من حيث الأصول والضوابط والمبادئ العامة التي تقوم عليها في حالتي السلم والحرب، لا سيما أن حالة تعدد الدول في البلاد الإسلامية ليست وليدة اليوم، وانما ظهرت في وقت مبكر من عمر هذه الأمة، منذ أن انفصلت الأندلس عن الخلافة العباسية علي يد الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل في عهد ابي جعفر المنصور عام 139ه.

وعلى الرغم من اتساع حركة الانفصال بعد ذلك حتى وصل الأمر الى وجود ثلاثة خلفاء في ديار المسلمين، خليفة في بغداد باسم الخلافة العباسية، وخليفة في القاهرة باسم الخلافة الفاطمية، وخليفة في الأندلس باسم الخلافة الأموية إلا أن علماء الشريعة الإسلامية لم يتناولوا هذه العلاقة بالشكل الذي تناسب مع حجم هذه المشكلة التي طرأت على حياة الأمة الإسلامية، بل أكتفوا ببعض الإشارات هنا وهناك في مؤلفاتهم مع عِظم هذه الأمر وخطورته، فكان الواجب على فقهاء الأمة أن يتناولونه بحثاً وتنظيراً وتأصيلاً  بشكل يتناسب مع حجمه وخطورته، وأن يفردوا له باباً خاصاً من ابواب الفقه الإسلامي، حتى يصبح علماً خاصاً لا يقل شأناً عن علم السير، ليعالجوا به كل المستجدات التي تطرأ على هذه العلاقة، حتى لا تترك الأمور بهذا الشكل الفوضوي كالذي وثقته لنا كتب التأريخ، أو ما نشاهد اليوم في واقعنا المعاصر من حالة الفوضى والاضطراب الذي تعصف بالعلاقة بين دول البلاد الإسلامية.

ومن هنا تأتي أهمية هذا الموضوع لأنه من المواضيع الحية المتجددة والتي تتعلق بالشأن العام للأمة الإسلامية، ويسلط الضوء على أحد ابواب الفقه المنسية، ولعلها تكون بداية لسلسلة من الدراسات والأبحاث في هذه المجال، ومحاولة لتقديم صورة واضحة للعلاقة بين دول البلاد الإسلامية وفق أساس شرعي تأصيلي، لإعادة رسم هذه العلاقة وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، وليس على اساس الأهواء والمصالح الضيقة أو القوانين الدخيلة علينا. وكذلك تبرز أهمية هذه الأطروحة من خلال علاقتها المباشرة بجميع علوم الشريعة الإسلامية من كتب العقيدة، والتفسير، وشروح الحديث، والتأريخ، وعلم الأخلاق والزهد، والتربية فضلاً عن علم الفقه الإسلامي بكافة مذاهبه، وعلم السياسية الشرعية والقضاء، ناهيك عن العلوم العامة من القانون والعلوم السياسة والعسكرية والاقتصاد والإعلام والثقافة والجغرافية والتنمية المجتمعية.

ويرجع سبب اختياري لهذا الموضوع بعد توفيق الله U بأن هذا الموضوع لم ينل ما يستحق من الدراسة المؤصلة، والعناية الخاصة، حتى في الدراسات الجامعية؛ ومن تناوله، تناوله بشكل موجز، أو عرضاً ضمن بحوث عامة، ثم جاءت رغبتي في الاستمرار بنفس المسار الذي بدأت فيها في دراستي في الماجستير ألا وهو التخصص في مجال السياسة الشرعية، لأنه علم مهم، والحاجة فيه الى الدراسات المؤصلة تأصيلاً شرعياً ــــ ولاسيما في هذا العصر ـــــ أصبحت ملحة جداً.

ومع كثرة المطالعة والبحث حتى على الشبكة العنكبوتية لم اقف على دراسة شرعية تأصيلية أفردت لهذا الموضوع في بحث مستقل يجمع شتات مسائله، وبين مآخذها، ويعالج مستجداتها بمنهجية تأصيلة شرعية إلا أني وجدت دراسة سياسية تحليلية يتيمة، وهي عبارة عن محاضرات كان يلقيها د.محمد السيد سليم لطلبة الدراسات العليا في العلوم السياسية في جامعة الملك سعود ثم نشرها في كتاب تحت عنوان ” العلاقات بين الدول الإسلامية”، ولم استطع الحصول على نسخة منه ألا انني وجدت دراستين تحليليتين عن هذه الكتاب نُشرتا على بعض المواقع الإلكترونية، مع بعض المقالات التي استلها الكاتب من كتابه، ونشرها على بعض المواقع الإلكترونية، وقد استفدت منها في وضع بعض الملامح العامة لهذه الأطروحة.

وقد اعتمدت في هذه الأطروحة منهجا علميا رصينا يمزج بين الأصالة والمعاصرة، بين ما كتبه فقهاء الأمة المتقدمين وما كتبه فقهاء الامة المعاصرين، وبأسلوب سهل في الفهم، سلسل في العبارة، بعيداً عن التعقيدات وغرائب اللغة. فعملت على جمع المادة المعنية بهذا الأطروحة فيما أمكن الاطلاع عليه من كتب الفقه والتفاسير والحديث وشروحها، والمغازي والسير، والسياسة الشرعية، وفتاوى علماء الأمة المعتبرين. لم اقتصر في هذه الاطروحة على كتب الشريعة الإسلامية وما يدور في فلكها بل استعنت بكثير من كتب العلوم الأخرى كالقانون والعلوم السياسية والعسكرية والجغرافية والتنمية والاقتصاد والإعلام وغيرها بما يثري الأطروحة ويعزز رصيدها العلمي. وحرصت على ترتيب المسائل وتنسيقها وتبويبها ووضع العناوين لها بما يناسب خطة البحث. والتركيز على المسائل ذات الصلة بالموضوع دون الغوص في تفصيلاتها، لان ذلك يخرجنا عن صلب الموضوع. وتفصيل المسائل والآراء، وذكر اختلاف الفقهاء فيها ومناقشتها ومبيناً الراجح منها ما أمكنني مع مراعاة الأمانة العلمية والموضوعية في الطرح. وذكرت ــــ على قدر الاستطاعة ــــ جميع آراء الفرق والمذاهب الإسلامية في كل المسائل المختلف فيها دون التعمد الى اهمال أي رأي من الآراء مهما كان مصدره أو غرابته لتكون الأطروحة شاملة لكل الآراء الواردة في الساحة الإسلامية. ثم توثيق المسائل والآراء والأدلة من مصادرها المعتمدة ان أمكن ذلك. وان اعزو الآيات الى مواضعها في كتاب الله المجيد، ملتزماً بالرسم القرآني في تمييزها من غيرها. وتخريج الأحاديث والآثار وأعزوها الى مصادرها، وبيان درجة صحتها من خلال ما حكم عليها علماء الحديث من الاقدمين والمعاصرين، والاكتفاء بتخريج الحديث من الصحيحين أو في أحدهما، متى ما وجد فيهما أو في أحدهما، وكذلك التعريف ببعض المصطلحات والألفاظ المبهمة أو المجملة بالرجوع الى كتب اللغة المعتبرة فيها، وترجمة بعض الأعلام التي يرد ذكرها في طيات الأطروحة مما لها مناسبة للتعريف بها.

وقد سرت في هذه الأطروحة بخطة مكونة من مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، فبينت في المقدمة أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، ومنهج الدراسة فيه، وخطته. وجعلت الفصل الاول مفاهيم وتعاريف عامة من حيث تعرف العلاقات الدولية لغة واصطلاحاً، ومنهج فقهاء الشريعة الإسلامية في استخدام هذه المصطلح، والفرق بينه وبين علم السير، وصله علم العلاقات الدولية بموضوع بحثنا هذا. ثم عرضت لمفهوم الامة والعالم الإسلامي والبلاد الإسلامية وأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية والجغرافية، والخارطة السياسية لها، ثم عرضت لمفهوم الدولة الجامعة في منظور الفقه الإسلامية من حيث أركانها وملامحها ومفهوم غيابها.

واما الفصل الثاني فوضعت فيه المعايير الفقهية والقانونية في عد الدول إسلامية، وبيان ظاهرة التعدد الدول في الإسلام وحكمها والتكييف الشرعي لها، والوحدة الإسلامية وأهميتها وعوائقها وسبل تحقيقها ونظرياتها.

وذكرت في الفصل الثالث المبادئ العامة لهذه العلاقة وهي تشمل (العدل، الصدق، الأمانة، حسن الظن، النصح، الوفاء بالعهود والعقود)، وأما أسسها فهي تشمل (العقيدة الاسلامية، الاخوة الاسلامية)، واما ركائزها فهي تشمل (الولاء والبراء ،النصرة ،التعاون ، التشاور، عصمة الدماء والأموال والأعراض)، وأما ضوابطها فهي تشمل (تكافؤ المسلمين، التثبت في الامور، لا ضرر ولا ضرار، المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة)، وأما أهدافها فهي تشمل اهداف عامة تتعلق بجميع دول  البلاد الإسلامية واهداف خاصة بين دول البلاد الإسلامية.

وأما الفصل الرابع فهو يتضمن عرضاً للعلاقات السلمية بين دول البلاد الإسلامية والتي تشمل العلاقات السياسية والاقتصادية والاعلامية والثقافية والأطر التنظيمية للعلاقات بين البلاد الإسلامية في الوقت الحاضر. وحكم الأحلاف والمعاهدات بين دول البلاد الإسلامية وطرق حل الخلافات بالطرق السلمية وتشمل (إصلاح ذات البين، الحوار، الصلح، التحكيم، القضاء، وسائل الإكراه)، وحكم التدخل في شؤون دول البلاد الإسلامية وأنواعه والذي يشمل (التدخل السياسي، التدخل الامني، التدخل الاقتصادي، التدخل الاجتماعي).

واما الفصل الخامس فهو يتضمن حكام الإقتتال بين دول البلاد الإسلامية، وانواعه وأولوية العفو بين المسلمين، وموقف المسلمين منه، ثم قواعد القتال في حال وقوعه.

ومن خلال معايشة النصوص الشرعية وأقوال الفقهاء الشريعة وغيرهم في مجال العلاقة بين البلاد الإسلامية، فقد خرجت بجملة من النتائج والتوصيات من  اهمها ما يأتي:

  1. أن دراسة العلاقة بين دول البلاد الإسلامية من المسائل الفقهية التي تؤخذ من مصادر الشريعة الإسلامية التي يرجع إليها في بحث بقية الأحكام الشرعية، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وما تفرع منهم؛ وعليه فلا يؤخذ في تأصيل هذه المسائل من الأحداث التأريخية التي مرت بها عصور الدولة الإسلامية إلا في عرض تجارب الأمم، وبيان الفائدة منها، فالتأريخ مصدر عظة واعتبار، لا مصدر للتشريع.
  2. أن دراسة العلاقات بين دول البلاد الإسلامية لا تندرج تحت أبواب علم السير (العلاقات الدولية) عند فقهاء الشريعة الإسلامية، وإنما مشتتة في بعض أبواب الفقه وكتب العقيدة والأخلاق وغيرها، وباتت الحاجة ملحة الى جمع هذا الشتات في باب فقهي واحد باسم (العلاقات البينية)، لتمييزها عن علاقة المسلمين بغيرهم (علم السير).
  3. ان العلاقة بين دول البلاد الإسلامية من المسائل الفقهية التي لم تنل حظها قديما وحديثاً من البحث والتأصيل والتفصيل، مع أن حالة تعدد الدول  ظهرت في البلاد الإسلامية من وقت مبكر، وان الغريب في الأمر تجاهل الفقهاء لها وعدم ذكرها إلا بشكل مجمل أو بعض الإشارات هنا وهناك في طيات مؤلفاتهم.
  4. أن الاصل الذي جاءت به الشريعة الإسلامية أن يعيش المسلمون أخوة متحابين تحت مظلة دولة واحدة، تقوم على حراسة الدين وسياسة الدنيا، وأن التعدد الدول في البلاد الإسلامية حالة استثنائية، بل مؤشرة على ضعف الأمة.
  5. الدولة الجامعة التي سعت الشريعة الإسلامية الى ايجادها في حياة  المسلمين ليعيشوا في ظلالها، قد عرفها رسول الله e بأنها خلافة على مناهج النبوة، وبشر بعودتها، تقوم على مجموعة من المبادئ  والقيم والأسس تتمايز بها عن غيرها من الدول التي أوجدها الإنسان عبر العصور الى يومنا هذا.
  6. الدولة الجامعة هي التي يتسع سلطانها جميع البلاد الإسلامية، كما كان في عهد الخلافة الراشدة.
  7. الحد الفاصل بين الخلافة الكاملة (خلافة نبوة)، والخلافة الناقصة (خلافة ملك) يقوم على معيارين: الاول: طريقة تولي الحكم، والثاني الحكم بالعدل، وأي خلل فيها يخرجها من الكاملة الى الناقصة.
  8. لا يكفي لقيام الدولة في الإسلام توافر الأركان الأساسية للدولة في الفقه الدستوري المعاصر من شعب وإقليم وسلطة سياسية والتي بوجودها يتحقق الركن المادي، وإنما يتطلب وجود ركناً رابعاً “تحكيم الشريعة”، لكي تعتبر الدولة “إسلامية” ليتوافر لها الى جانب ذلك الكيان المادي، كيان روحي يكون له الهيمنة التامة والمطلقة على الكيان المادي، ويؤثر تأثيراً مباشراً في كل عنصر من عناصره، وفي كل موضع من أوضاعه ويتمثل هذا الكيان في القواعد والمبادئ التي أوجبها الإسلام.
  9. اذا ترك الحاكم العمل بالشريعة الإسلامية مستحلا لذلك ام غير مستحل وسواء كفر بذلك أم لم يكفر، فانه بهذا الترك يُفقد الدولة صفتها الإسلامية لان تحكيم الشريعة ركن أصيل من أركان الدولة في الإسلام، فأي مساس به يفقدها صفتها المعتبرة والملازمة لها والمميزة عن غيرها.
  10. لا نذهب الى ما ذهب إليه دعاة التكفير والغلو من الحكم على جميع الحكام بالكفر، وأن ديار المسلمين قد تحولت الى دار كفر بشكل مطلق، لأن كون الفعل كفراً لا يلزم تكفير فاعله، فاغلب حكام المسلمين والطبقة السياسية تعاني من الجهل المفرط في أحكام الإسلام وواجباته، حتى ساد الجهل ـــ بالكثير من ضرورات الإسلام ـــ في ديار المسلمين، مع ما تركته حملات التشويه من أثر كبير في نفوس وعقول المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ويُزاد على ذلك تقصير علماء المسلمين، وانتشار الجهل والأهواء بين عوامهم، مما يشكل مانعاً مركباً من الحكم عليهم بالكفر، فلا يُحكم على أحد بالكفر في هذا الأمر إلا بعد إقامة الحجة عليه وإصراره على العناد بعد ذلك إصراراً يعلم منه عناده لأحكام الشرع.
  11. كما يحكم بدخول الفرد الى الإسلام ولو بالشك احتياطاً، ولا يحكم بخروجه بعد ذلك إلا بيقين، فكذلك الحال في حكم على الديار فإنها تدخل دائرة الإسلام بمجرد إذعانها لسيادة أحكام الشرع، ولا نحكم بتحولها الى دار الكفر إلا بعد التيقن من إستقرار سيادة أحكام الكفر عليها، وأما إذا كانت سيادة أحكام الكفر غير مستقرة لضعف سيطرة الكفار على الدار فإن ذلك يقدح في التيقن من خروج الدار عن سلطان المسلمين، مما يجعلنا نتريث في الحكم بتحول الدار.
  12. الصورة السادسة التي جاء ذكرها في المعايير الفقهية تنطبق على حال ووصف الدول القائمة اليوم في بلادنا الإسلامية من أنها دول مركبة يعامل المسلم فيها بما يستحقه ويعامل الخارج عن الشريعة بما يستحقه، وقد أطلق عليها بعض الباحثين المعاصرين تجوزاً دار إسلام حكماً لا حقيقة.
  13. ان الحكم على الدول القائمة اليوم في ديار المسلمين بشكل دقيق يحتاج الى دراسات مستفيضة وتفصيلية في هذا المجال ولكل دولة من هذه الدول حتى نقف على الحكم الخاص فيها، والذي أراه ان هناك دولاً تستحق ان نصفها بانها إسلامية وأخرى ليس بينها وبين هذا الوصف الا النزر القليل، بينما نجد في الطرف الآخر دولاً ليس بينها وبين تحولها الى دار كفر إلا النزر القليل.
  14. تحكم العلاقة بين المسلمين أفرادا ومجتمعا وكيانات ودولاً، مجموعة من المبادئ والأسس والضوابط، فأما المبادئ فتشمل: العدل، والصدق، والامانة، والنصح، والوفاء، وحسن الظن، وأما أسسها فتشمل العقيدة الإسلامية، والأخوة الإسلامية. وأما ركائزها فتشمل: الولاء والبراء، والنصرة، والتعاون، والتشاور، وعصمة الدماء والأموال والاعراض. وأما ضوابطها فتقوم على تكافؤ المسلمين، والتثبت في الأمور، ولا ضرر ولا ضرار، والمصالحة العامة مقدمة على المصالحة الخاصة.
  15. إن الاهداف التي من أجلها تحرص دول البلاد الإسلامية على إقامة علاقة فيما بينها تنقسم الى قسمين: أهداف عامة وهي تشمل: تبليغ الرسالة الإسلامية ونشرها، حماية البلاد الإسلامية، حماية الأقليات المسلمة، فك اسرى المسلمين، رعاية المصالح البلاد الإسلامية. وأما الأهداف الخاصة وتشمل على: التواصل بينهم، تبادل المنافع والمصالح المشتركة.
  16. التحالف بين المسلمين أنفسهم سواء كان المسلمون كيانات أو دولاً ، على الخير دون الشر جائز شرعا، بل إن الأولى من هذا كله هو الاتحاد التام بين المسلمين، فإن لم تتحقق الوحدة التامة بين المسلمين فلا أقل من التحالف والتآلف بين دول المسلمين والمنظمات الإسلامية لتنسق جهودهم ومواقفهم السياسية حول قضايا الأمة العادلة, ليكونوا أكثر وزنا في المجال السياسي العام. أما المعاهدات التي تبرم بين المسلمين أنفسهم سواء كان المسلمون كيانات أو دولاً الأصل فيها أنه لا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله، ويقاس على الشروط الصحيحة كل عقد لا يصادم أصول الشريعة، ويحقق مصالح الناس.
  17. جعل الإسلام الطرق السلمية الأساس والأصل في حل جميع الخلافات التي تقع بين السلمين، ولا تستخدم أي وسيلة من وسائل الإكراه إلا إذا تعنت أحد أطراف النزاع وأصر على موقفها الرافض لكل الخيارات السلمية التي منحتها اياه الشريعة الإسلامية.
  18. حافظت الشريعة الإسلامية على خصوصيات المسلمين فيما بينهم، ولم تسمح للمسلم أن يتدخل في شؤون اخيه المسلم إلا عبر بوابتين اثنين لا ثالث لهما، وهما: النصرة والتعاضد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والذي يشمل النصح، ورد الباغي، ودفع الصائل، ومنع الظالم، وغيرها، وأما التدخل المنهي عنه وهو التدخل القائم على الإفساد والشر أو بقصد الفضول واللهو والعبث، وهذا ما يجعل مفهوم التدخل بين دول البلاد الإسلامية يختلف عن مفهوم التدخل مع غيرها من الدول الأجنبية.
  19.  ثبت في الكتاب والسنة تحريم الاقتتال بين المسلمين سواء كانوا افراداً أو جماعات أو دولاً وأجمع عليه علماء الأمة من السلف والخلف، وأنه من كبائر الذنوب وعظامها، لما فيه من سفك للدماء المعصومة، واهدر للأموال، وتدمير للبلاد، وضياع لمقدرات الأمة، وذهاب لشوكتها، ونزع لمهابتها من صدور عدوها، وتجسيد لأعلى صور التدابر والتقاطع والتناحر والتباغض التي نهى عنها الإسلام، وبعيد كل البعد عن معاني الأخوة التي أمرت بها الشريعة الإسلامية.
  20. اذا وقعت الحرب بين المسلمين سواء كان ذلك بسبب البغي والعدوان من أحد الطرفين أو كلاهما، أو فتنة حلت بالمسلمين بنزغ من شياطين الأنس والجن، فهناك قواعد تحكم هذه العلاقة الاستثنائية والطارئة، وقد استند فقهاء الشريعة الإسلامية في ذلك على التجربة العملية التي وقعت في زمن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، سواء كان في معركة الجمل أو صفين أو قتال الخوارج، وهي تختلف عن قواعد القتال مع غير المسلمين.

وعلى ما تقدم أدعو الى أنشاء مراكز بحثية مُتخصصة قائمة على أسس علمية رصينة تأخذ على عاتقها دراسات كل جزئيات العلاقات بين المسلمين بشكل تفصيلي، لتضع الخطط وتقدم الحلول تزيل العقبات أمام صانع القرار في البلاد الإسلامية، وتسعى أكاديمياً الى جعل هذه الباب أحد ابواب الفقه الإسلامي باسم “العلاقات البينة” لاسيما أنه لا يقل شأناً عن علم السير، وحاجة المسلمين إليه، فضلاً عن السعي الى إضافته ضمن حقول علم العلاقات الدولية المعاصر.

(المصدر: المنتدى العالمي للوسطية / تويتر ياسر الثميري)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى