متابعات

داعية صربي: وضعنا حاليا أفضل رغم وجود بعض التمييز ضدنا

“أوضاع مسلمي صربيا حالياً أفضل في ظل نظام يحاول أن يكون ديمقراطياً ويسعى للدخول ضمن الاتحاد الأوروبي؛ إلا أن التمييز ضد المسلمين ما زال واضحاً، ولا يتساوى المسلمون مع الآخرين في الحقوق وخاصة مع الدوائر الرسمية”

بهذه الكلمات، أكد خير الدين باليتش، المدرس بكلية الدراسات الإسلامية، في مدينة نوفي بازار عاصمة إقليم السنجق بجنوب صربيا، على تحسن أوضاع المسلمين في صربيا بالرغم من وجود بعض التمييز “المدني” في حقهم.

وأشار “باليتش”، الذي كان المسئول الإعلامي للمشيخة  الإسلامية في صربيا، إلى أن: المجتمع المسلم وخاصة في إقليم السنجق جنوب البلاد “ينشطون سياسياً وثقافياً ويحاولون بناء علاقة جديدة مع الصرب تقوم على أساس المساواة والاعتراف بحقوقهم التي غيبت لأكثر من مائة عام”.

جاء ذلك في سياق حوار: (الإسلام والمسلمون في صربيا)، وهو الحوار رقم (1) في سلسلة “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والتي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمون حول العالم.

وقد أجري الحوار على الفيسبوك في شهر يوليو 2010م.

وإلى الحوار..

السؤال الأول: هاني صلاح ــ منسق الحوار:

هل يمكن إلقاء الضوء على الخريطة العرقية والجغرافية والاجتماعية لمسلمي صربيا؟ وهل وضعهم التعليمي والثقافي والاجتماعي مؤثر داخل المجتمع والدولة الصربية، أم هناك تهميش لهم؟

لا توجد إحصائية دقيقة لعدد مسلمي صربيا، وتتراوح التقديرات ما بين 500 إلى 700 ألف نسمة، وتصل نسبتهم ما بين 5 إلى 8% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 8 ملايين نسمة.

وينحدر غالبية المسلمين في صربيا من أصول بوسنية وألبانية، كنتيجة لضم الأراضي التي يعيشون فيها إلى صربيا قبيل الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وتتواجد الغالبية العظمى منهم في تجمعين كبيرين بجنوب صربيا.

الأول: بإقليم السنجق جنوبي صربيا، والذي تنحدر غالبية سكانه من أصول بوسنية، ويمثل أكبر تجمع للمسلمين في صربيا، وتبلغ نسبتهم 85% من تعداد سكان الإقليم البالغ نحو 500 ألف نسمة.

والثاني: في وادي بريشيفا، والذي يضم 3 محافظات بجنوب صربيا، ويعيش فيه نحو 100 ألف ألباني مسلم.

بينما يزيد عدد المسلمين في مقاطعة فويفودينا الشمالية عن 8 آلاف نسمة من أصل نحو 2.3 مليون نسمة، وفقا لإحصائيات 2002.

كما توجد نسبة من المسلمين في أوساط الغجر، إلا أنه يصعب معرفة عددهم، أو نسبتهم؛ لكون غالبية هذه العرقية من الفقراء، ولا يدخل أبناؤهم المدارس، كما أن كثيرا منهم يعدون رحل ولا يعيشون في منازل.

وبشكل عام يتعرض مسلمو صربيا لمظاهر متعددة من التمييز ضدهم، ويتهمون السلطات الصربية بأنها تمارس ضدهم أساليب تضييق مدنية “سلمية” للحد من نفوذهم داخل المجتمع.

ومن جهة أخرى تطالب المشيخة الإسلامية السلطات الرسمية بإعطائهم كافة حقوقهم التي نص عليها القانون الجديد للأديان مساواة بغيرهم من الديانات الأخرى، ومن بين هذه الحقوق استعادة جميع الأوقاف الإسلامية التي صودرت في العهد الشيوعي السابق.

السؤال الثاني: إيمان يس ـ صحفية ـ القاهرة

كيف قضى مسلمو صربيا فترة الحرب على البوسنة، وماذا كان دورهم؟ وهل يلتحق مسلمو صربيا بالجيش؟ وما هو موقفهم من الحرب على بلاد إسلامية مثل البوسنة؟
“البوشناق” في إقليم السنجق هم جزء وامتداد لـ”الشعب البوشناقي المسلم” في دولة البوسنة والهرسك المجاورة.

وخلال فترة الحرب ضد المسلمين في البوسنة انضم العديد من أهل السنجق إلى البوسنيين في حربهم، ولم يلتحق المسلمون خلال فترة التسعينيات بالجيش الصربي حتى نهاية الحروب.

أما في إقليم السنجق فقد أحس البوشناق بالتهديد خلال الحرب، وقد كانت ضمن المخطط الصربي أيضاً العدوان على السنجق ولكن بسبب انفصال السنجق عن البوسنة جغرافياً وبعدها عن مجرى المعارك فقد تأجل العدوان عليها إلى مرحلة لاحقة.

وفي أثناء الحرب تم حصار إقليم السنجق ولكن نتائج الحرب في البوسنة والهرسك بالإضافة لإشعالهم الحرب على مسلمي كوسوفا، أدى ذلك إلى تأخير العدوان على السنجق حتى تدخل الحلف الأطلسي في كوسوفا أخيراً وخسر ميلوسوفيتش السلطة في صربيا وبدأ نظام ديمقراطي نوعاً ما.

السؤال الثالث: شادي الأيوبي ـ صحفي لبناني مقيم في اليونان.

هل هناك أي نوع من التنسيق أو التفاهم مع دور الإفتاء أو الأوقاف الإسلامية في دول البلقان المجاورة مثل: بلغاريا واليونان وألبانيا؟ وإن لم يكن موجود.. فهل هناك أي مساع أو جهود لقيامه؟

للأسف الشديد لا يوجد هذا التعاون والتنسيق المنشود. يوجد تنسيق بين المؤسسات الإسلامية البوشناقية في البلقان، تحت الرئاسة الإسلامية في سراييفو، وتضم مؤسسات مسلمي كل من البوسنة والهرسك، وكرواتيا، وسلوفينيا، وصربيا.

لا يوجد تنسيق حالي مع دول البلقان الأخرى، ولكن هناك مساعي لتوحيد المشيخة الإسلامية في كافة أوروبا بمشيخة واحدة تجمعها ويكون هناك دار للإفتاء لكافة دول أوروبا.

أما سبب عدم التنسيق الحالي بين كافة دول البلقان فهو دور الحكومات وأثرها في تمزيق وحدة المسلمين حتى في الدولة الواحدة.

فمثلاً في صربيا أقامت الحكومة رئاسة للعلماء منفصلة عن المشيخة الإسلامية التي تمثل المسلمين، وهذه الرئاسة تتبع الحكومة الصربية بسياساتها مقابل الدعم المالي لها، وعلى رأس تلك الرئاسة شخص اسمه آدم زلكيتش، وشخص يسمي نفسه مفتي بلغراد اسمه محمد يوسف سباهيتش، وهؤلاء يدعون إلى انفصال المشيخة الإسلامية عن مسلمي البوسنة والمؤسسات الإسلامية الأخرى.

أما المشيخة التي تمثل المسلمين فمركزها في عاصمة إقليم السنجق المسلم وعلى رأس هذه المؤسسة المفتي العام معمر زكورليتش. وأعتقد أن نفس المشكلة تنسحب على دول أخرى في البلقان.

السؤال الرابع: سعيد محمد ـ ناشط وسط الجالية المسلمة في ميلانو بإيطاليا.

وما هي جهودكم لتفعيل الاندماج والتعايش مع الآخرين؟

أما عن المشاركة والاندماج، فإن المجتمع المسلم وخاصة في إقليم السنجق ينشطون سياسياً وثقافياً ويحاولون بناء علاقة جديدة مع الصرب تقوم على أساس المساواة والاعتراف بحقوقهم التي غيبت لأكثر من مائة عام، كما يتشارك الطلاب البوشناق مع الصرب في الجامعات والمدارس وكذلك في المصانع والنشاطات الأخرى، بالرغم من وجود التمييز ضدهم في دخولهم الدوائر الرسمية.

السؤال الخامس: د.ماجد البرهومي: مدرس بكلية الحقوق ـ تونس.

هل يرغب مسلمو صربيا في الانفصال عن صربيا و تأسيس دولة مستقلة أسوة بكوسوفا أو على الأقل حكما ذاتيا؟ وفي حال الإجابة بنعم ما هو الدعم الذي يمكن للعالم الإسلامي أن يقدمه في سبيل تحقيق هذه الغاية؟
ماهي أوضاع المسلمين في صربيا في ظل الكره الشديد للإسلام الذي نعرفه لدى الصرب هل يتعرضون إلى مضايقات؟ هل هم متساوون في الحقوق مع بقية المواطنين؟

ليس هناك فكرة للانفصال عن صربيا أو تأسيس دولة لهم، وبصراحة لا يوجد هناك إمكانية لذلك، ولكن المسلمون يطمحون بحكم ذاتي في إقليم السنجق، الذي يشكلون فيه الغالبية العظمى.

والعالم الإسلامي للأسف يلتفت فقط إلى مناطق المسلمين في حال الحروب والأزمات، وبالطبع يستطيع أن يفعل الكثير في مراحل أخرى، ولكنه غائب عن السنجق ومناطق أخرى من البلقان.

أما عن أوضاع المسلمين حالياً فهي أفضل في ظل نظام يحاول أن يكون ديمقراطياً ويسعى للدخول ضمن الاتحاد الأوروبي، إلا أن التمييز ضد المسلمين ما زال واضحاً، ولا يتساوى المسلمون مع الآخرين في الحقوق وخاصة مع الدوائر الرسمية.

السؤال السادس: حسن مكي ـ رئيس قسم الأخبار في موقع “أون إسلام”.

منذ أيام حلت ذكرى مذابح سربرنيتشا الأليمة على قلوب المسلمين.. وهو ما أثار تساؤلا عن موقف مسلمي صربيا من تلك المذابح.. هل يجاهرون بإدانتها؟ هل اتخذوا إجراءات عملية على الأرض لفضح مرتكبيها من الصرب أم أن هناك قيودا يفرضها تواجدهم في المجتمع الصربي تحول دون ذلك؟ باختصار كيف يتعامل مسلمي الصرب مع المذابح التي ارتكبها مواطنون صرب ضد مسلمي البوسنة؟ نرجو إلقاء الضوء على موقف مسلمي صربيا من تلك القضية ..

نعم تحيي المؤسسة الإسلامية في السنجق ذكرى مأساة سربرينيتسا وتشارك بكثافة في المراسم التي تجري في البوسنة والهرسك، كما تصر على تذكير الصرب دائماً بضحايا الحرب العرقية ضد المسلمين والحرب على البوسنة.

وللحق فإن المسلمين في صربيا لهم دور مهم في المنطقة, صحيح إنهم يعيشون في صربيا لكنهم يتمسكون بهويتهم القومية والدينية, يدينون الجرائم و كثير منهم شارك مع إخوتهم البوسنيين في الحرب الأخير في البوسنة, ويدينون الجرائم دائماً ولكن قوتهم في هذا محدودة وليس لهم التأثير الكبير في تلك القضية, هم كما ذكرت جزء من الشعب البوشناقي في البوسنة ويعانون ما عاناه إخوانهم في  البوسنة والهرسك.

مع انه لم يكن هناك قتال بينهم و بين الدولة الصربية لانهم جغرافيا منفصلون عن البوسنة, وهذا كان خيراً لهم لأنه لم يكن لديهم القوة أو السلاح أو التنظيم للقتال ولو حدث القتال  لكانت الإبادة والله اعلم.

والمسلون في صربيا يعتبرون أكثر التزاماً في البلقان بتمسكهم بدينهم, مثلاً في رمضان نادراً ما تجد أناس لا يصومون, وتجد المساجد مليئة بالمصلين وعدد المحجبات في المنطقة كبير جداً بحمد الله, والنسبة أكثر من البوسنة بكثير.

ربما يظن الناس وخاصة في الدول العربية أن المسلمين في صربيا صاغرون، وأنه ليس لهم أي دور في المنطقة وهذا غير صحيح، وعليهم أن يعرفوا أن البوشناق في السنجق في صربيا أكثر اهتماما بالإسلام وأن موقفهم قوي جداً.

المثال الثاني: فقد بذل مسلمو السنجق جهوداً كبيرة خلال العقدين الماضيين لبناء مؤسساتهم التعليمية والتربوية والدعوية، وهى في تطور وتوسع دائم ومستمر، فلديهم على سبيل المثال المدارس الإسلامية وكلية الدارسات الإسلامية والجامعة في تخصصات علمية متعددة, وغيرها من المؤسسات التي تدير أمور المسلمين, مثل الجمعية الخيرية والمجلة الإسلامية وغيرها، وهى مؤسسات على مستوى كبير مرتفع لا يوجد مثلها في المنطقة ومثالها في العالم الإسلامي نادر.

وهم متابعون أيضاً لأخبار وقضايا العالم الإسلامي وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس، وانظر كيف رفعوا صوتهم ضد العدوان على الغزة الأخير حيث تجمع أكثر من 20 الف مسلم واجتمعوا في وسط مدينة نوفي بازار عاصمة السنجق بجنوب صربيا.

السؤال السابع: افتكار البنداري ـ صحفية بموقع “أون إسلام”.. والمتخصصة في الشأن التركي..

ما هو حال التعليم الديني في صربيا؟ وما هي أهم الرموز (الشخصيات) الصربية التي يعتز بها مسلمو الصرب، ويتخذونها مصدر للقدوة والفخر بأنفسهم، سواء في المجال الديني أو الفني أو الأدبي أو الاجتماعي وغيره؟

التعليم الديني في صربيا يتركز في مدينة “نوفي بازار” (عاصمة إقليم السنجق) وقد تطور كثيراً في العقد الأخير فقد أنشأت المشيخة الإسلامية العديد من المؤسسات التعليمية بدءاً من رياض الأطفال حتى الثانويات الدينية إلى كلية الدراسات الإسلامية والتي تتميز بمستوى تعليمي عال، بالإضافة للجامعة العالمية التي تحوي العديد من الكليات والدراسات وتضم ألاف الطلاب، بالإضافة للدراسات العليا.

أما الرموز الدينية التي تحظى بالقبول الشعبي، فعلى رأسهم المفتي العام معمر زكورليتش ورئيس العلماء في البوسنة (المفتي العام) د. مصطفى تسيريتش، ونخبة من العلماء من حولهم، أما الشخصيات الأخرى فتتفاوت بدرجة القبول فيما بينهم.

 السؤال الثامن: افتكار البنداري

بالنسبة لزيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لصربيا وإلغاء التأشيرات معها..

فما هو رد فعل مسلمي صربيا على ذلك، يعني هل موافقون عليها أم مستاؤون، خاصة وأن تركيا كانت من أكبر الداعمين لمسلمي يوغسلافيا في وجه العدوان الصربي؟

مسلمو صربيا رحبوا جداً بزيارة رئيس وزراء تركيا إلى السنجق ومدينة نوفي بازار خصوصاً، وخاصة أنه شخص محبوب جداً من قبل مسلمي صربيا، والسنجق في صربيا كانت تعتبر آخر قلعة للدولة العثمانية في البلقان..

وحكومة أردوغان بدأت بالاهتمام بها بشكل واضح مؤخراً، وزيارة أردوغان مهمة جداً لمسلمي صربيا حيث تؤكد للحكومة الصربية أن هناك من يقف خلف المسلمين في البلقان ويدعمهم وأنهم ليسوا لوحدهم، أما عن إلغاء التأشيرة فهو ليس بالمهم فلم تكن هنالك مشكلة التأشيرة سابقاً حيث كان يستطيع المواطن أن يحصل عليها على الحدود مقابل مبلغ رمزي.

السؤال التاسع: افتكار البنداري.

ما هي ملامح الوجود المصري عندكم.. يعني حجم المساعدات التي تقدمها مصر في التعليم الديني والمنح التعليمية أو مساعدات في أي مجال من المجالات.

ليس هناك تواجد لأي دور مصري أو حتى عربي حتى الآن؛ سوى بعض الدعم المحدود جداً من البنك الإسلامي لبناء المدرسة الثانوية الشرعية منذ عشر سنوات..

وتسعى المشيخة حالياً لبناء علاقات مع المؤسسات الإسلامية في العالم العربي، ولكنها لم تلقى التجاوب المطلوب حتى الآن.

السؤال العاشر: هاني صلاح.

هل هناك من يدخل الإسلام من غير المسلمين في صربيا؟ هل يمكن إلقاء الضوء على المسلمين الجدد الذين يعتنقون الإسلام لأول مرة؟

نعم يوجد من الصرب من يدخل الإسلام سنوياً ولكن ليسوا بأعداد كبيرة، كما هو الحال في البلاد الأوروبية الأخرى. والملاحظ أن دور الدعاة المسلمين كان مهماً في رجوع الغجر إلى الدين الإسلامي، وخاصة في منطقة فويفودينا في شمالي صربيا، وكذلك دور الدعاة في تثبيت وتعليم المسلمين في العاصمة بلغراد ومحيطها حيث يوجد أكثر من مائة ألف مسلم. أما عن أوضاعهم فهم مثل بقية المسلمين في صربيا، وغالباً الذين يدخلون الإسلام من الصرب يهاجرون إلى مناطق المسلمين.

(المصدر: موقع مهارات الدعوة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى