تقارير وإضاءات

السياحة الإسلامية.. صناعة جديدة مربحة في أفريقيا

بقلم أ. عبد الحكيم نجم الدين

يحلُو للبعض أن يسموها “السياحة الحلال”, والبعض الآخر يطلقون عليها “السياحة الإسلامية”, ويراد بهما فئة فرعية من السياحة المتوافقة مع قواعد وتعاليم الإسلام والموجهة نحو العائلات المسلمة ؛ فالفنادق في هذه الوجهات السياحية لا تقدم الكحول ويوجد بها حمامات سباحة ومرافق منتجعات منفصلة للرجال والنساء. وكان لكل من ماليزيا, تركيا, الإمارات العربية المتحدة، الأردن والعديد من الدول نجاح نسبي في هذا المجال, وذلك بعد محاولات بذلوها لجذب السياح المسلمين من جميع أنحاء العالم بتقديم خدمات السفر والسياحة وفقا للدين الإسلامي.

في 25 مايو 2013 أشارت مقالة لمجلة الإيكونوميست حول الأعمال الحلال إلى أن ما يشهد تزايدا في النمو “ليس مجرد منتجات حلال مصنعة، بل أن خدمات مثل العطلات الحلال تزدهر أيضا، حيث تقوم كريسنت تورز، وهي شركة متخصصة في السفر عبر الإنترنت مقرها لندن، بإرسال زبائن إلى فنادق في تركيا لديها حمامات سباحة منفصلة للرجال والنساء، وسياسات لاكحول، ومطاعم حلال، وتأجير فيلات عطلة خاصة مع جدران عالية”.

ويساعد هذا النوع من السياحة أيضا على خلق المزيد من الفرص كالعمالة, زيادة وتكثيف الرحلات الجوية إلى الوجهة, النمو الاقتصادي والعلاقات الاجتماعية والثنائية بين مختلف الناس والبلدان. يضاف إلى أن هذا لا يعني بالضرورة أن السياحة الإسلامية للمسلمين فقط، وبالتالي فهي فرصة للآخرين من خلفية عقدية مختلفة للمشاركة والتعلّم ومعرفة ما يترتب على هذه السياحة.

إن الاهتمام بـ “السياحة الحلال” ما زال يزداد يوما بعد يوم, وخصوصا بعد انتشار الوعي عما تفقده شركات السفر التقليدية من استهداف مختلف الفرص الاستثمارية المتاحة – وذلك لتجاهلها هذا النمط السياحي المميز لتزايد سكان الطبقة الوسطى المسلمين مع دخل متاح وإمكانية الوصول إلى معلومات السفر. وكما يقدّر معيار التصنيف العالمي الإسلامي للسفر الإسلامي لعام 2016, فإن 117 مليون مسلم سافروا دوليا في عام 2015. ومن المتوقع أن ينمو هذا العدد إلى 168 مليون بحلول عام 2020، مع تجاوز نفقات السفر 200 ملايين دولار.

السياحة الإسلامية في أفريقيا:

كان المسافرون المسلمون دائما ما يستكشفون وجهات أكثر ترحيبا لهم، ومن هنا يأتي دور أفريقيا للاستفادة, إذ يفضل المسلمون أساسا زيارة بلدان في شمال أفريقيا مثل المغرب ومصر، حيث توجد تقاليد إسلامية ومؤسسات وتحف ثقافية, والدولتان أيضا عضوان فى “منظمة التعاون الإسلامى” – وهى مجموعة حكومية دولية تضم 57 دولة مسلمة فى أربع قارات. ومع ذلك, تتمتع الدول ذوات الأقلية المسلمة مثل كينيا وغانا وتنزانيا بالمعايير والقدرات لتقديم نفسها كأماكن للسياحة الحلال.

ففي كينيا، تلعب السياحة دورا مهما في توليد فرص العمل والحصول على النقد الأجنبي، مما جعل مسؤولو السياحة يخططون لوضع معايير بحلول عام 2018 للتصديق على الفنادق والمطاعم التي تلبي معايير الحلال لتلبية احتياجات السياح المسلمين. ووفقا لتقارير, فقد اقترح سكرتير مجلس الوزراء للسياحة “نجيب بلال”, تعيينَ سفراء للعلامات التجارية للسياحة الإسلامية، وأن تنضمّ كينيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي كدولة “مراقب” لتسويق نفسها بشكل أفضل للمسلمين.

ووضعت جنوب أفريقيا نفسها كمركز إقليمي للاستثمار الإسلامي والسفر، على الرغم من أن أقل من 2٪ من سكانها مسلمون. وتعد البلاد واحدة من أكبر خمس دول غير أعضاء في “منظمة المؤتمر الإسلامي” يزورها المسافرون المسلمون. وتوفر العديد من المنصات المحلية أماكن إقامة للمسافرين وأنشطة مشاهدة المعالم وخيارات الطعام. فضلا عن كون منافذ محلية من الامتيازات الدولية الكبرى مثل “ماكدونالدز” و “برغر كينغ” تملك في كثير من الحالات اعتماد الحلال. ويعمل فرع جمعية الضيافة الجنوب أفريقية في كيب تاون مع مؤسسة “كريسنت راتينغ”، لتدقيق مرافق المدينة وتنظيم ورش عمل لمساعدة الشركات على جذب المسافرين المسلمين.

أما في البلدان الأفريقية الأخرى, فإن قطاع السياحة ليس متطورا إلى حد ما. وللاستجابة للحاجة المتزايدة، يبحث المستثمرون في الأسواق القادرة على تطوير فنادق صديقة للحلال. ويشغل “كريس نادر” منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة شذا للفنادق، وهي شركة مستقلة لإدارة الفنادق من فئة الخمس نجوم ومقرها دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذه الشركة تساعد على إدارة العقارات الصديقة للحلال نيابة عن المستثمرين وأصحابها. وبعد تطوير الفنادق في جميع أنحاء الشرق الأوسط، يقول نادر بأن الشركة تُحوّل تركيزها نحو توسيع علامتها التجارية في جنوب شرق آسيا وأوروبا وأفريقيا.

“نحن نعلم أن هناك مستثمرين في هذه الأسواق الذين يحرصون على امتلاك فندق”، يقول نادر. وهناك فرصة لتطوير النُّزل المتوافقة مع الحلال في وجهات سفاري الشعبية في جميع أنحاء أفريقيا، بحسب قوله.

تحديات:

هناك تحديات يجب لقطاع السياحة الحلال في أفريقيا التغلب عليها ليصبح أكثر ربحية. فقد تكون تكلفة الحصول على شهادة اعتماد، وإعادة هيكلة المرافق، وتدريب الموظفين والطهاة على كيفية استضافة المسلمين باهظة الثمن لمشغلي الفنادق ومقدمي الخدمات. كما أن قطاعات الضيافة المحلية تواجه “خسارة” في إيرادات مبيعات الكحول.

“إن شهادة الحلال لا تتعلق بالمنتج فحسب، بل عن العملية أيضا,” تقول “آنا ماريا عائشة تيوزو”، رئيسة المركز العالمي لإصدار شهادات الحلال في إيطاليا, لـ”كوارتز”. على سبيل المثال، يجب على الفنادق أن تكون حذرة ليس فقط في كيفية إعداد الطعام كما هو منصوص عليه في الشريعة الإسلامية, ولكن أيضا في مصدر اللحوم أو غير ذلك من المكونات، تقول تيوزو. وبدون معايير موحدة، سيكون من الصعب على الجهات التنظيمية المختلفة في مختلف الدول اتباع معايير التصديق، ناهيك عن الإشراف على كيفية قيام الشركات بعملياتها في مدنها وبلدانها.

ومن التحديات الرئيسية الأخرى, “التهديد الإرهابي” الذي يلوح في الأفق، والذي تسبب في تراجع أسواق السياحة في كل من تونس ومصر وكينيا.

غير أن العائق الأكبر أمام مقدمي خدمات السياحة الحلال في أفريقيا جنوب الصحراء هو الحصول على التمويل وإقناع المستثمرين بأن أسواقهم جاهزة.

وكما يقول “كريس نادر”, إن معظم المستثمرين المهتمين بتمويل السياحة الحلال يريدون “وضع أموالهم في الأسواق المشبعة بالفعل” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهذا يخلق “صعوبات في سد الفجوة بين الإحصاءات, الطلب، والمستثمرين الذين يملكون المال”.

(المصدر: قراءات إفريقية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى