تقارير وإضاءات

باحثون: “تجديد الخطاب الديني” مؤامرة لتمييع الشريعة

تعد قضية تجديد الخطاب الديني من القضايا القديمة الحديثة المتجددة التي طالما يعزف على أوتارها الباحثون عن التساهل والتيسير تارة، والمشككون في أصول الدين تارة أخرى، والمتآمرون على الدول السنية تارة ثالثة، وقد لاقت هذه الدعوات صدى كبيرًا في بعض المجتمعات، ما دفع البعض إلى التحذير منها، وضرورة وضعها في إطارها الصحيح، لذا  كانت هذه الجولة لـ”الملتقى الفقهي” لإلقاء الضوء على آراء البعض حيال هذه المسألة خاصة بعد تصاعد وتيرتها في الآونة الأخيرة.

في مقال لفضيلة الدكتور محمد موسى الشريف حول مسألة التجديد استهله بقوله: تجديد الخطاب الديني مسألة تعلق بها أصناف من غير الإسلاميين طويلاً، ودندنوا حولها كثيراً، وهي في رأيي –بالنسبة لهؤلاء- كلمة حق أريد بها باطل، إذ يريدون من تجديد الخطاب الديني مضمون الخطاب ومحتواه لا هيكله,

الشريف حذر من لجوء البعض إلى هذا المفهوم من باب التيسير والتساهل في التكاليف والعبادات، وذلك من خلال الاستعانة بآراء الشواذ من أهل العلم، ساعدهم على ذلك انخراط بعض الصالحين في السير نحو هذا الاتجاه، حيث قاموا بترديد هذا المفهوم بصورة أوهمت قطاع عريض من المسلمين بشرعيته وأنه بات ضرورة مجتمعية.

من جانبه أشار الدكتور إبراهيم عثمان، الباحث في القضايا الفقهية، إلى أن ظهور هذا المصطلح في بعض المجتمعات خاصة المجتمع المصري جاء بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين، وأنه حق يراد به باطل، إذ أن التجديد في الخطاب مفهوم مطاط، يندرج تحته قطاعات عريضة من المجالات والفروع، وهو ما أثر بنتيجة عكسية.

عثمان لـ”الملتقى الفقهي” لفت إلى أن البعض استغل رواج هذا المفهوم وتبني بعض الحكومات له في الكشف عن نواياه الخبيثة، ما دفع البعض لتشويه التراث الإسلامي، والتطاول على رموز الأمة من العلماء والدعاة، فضلا عن التجريح المتعمد في شيوخ الإسلام الثقات، إلى الحد الذي دفع بعضهم إلى اتهام البخاري ومسلم بالكذب، ومذاهب الأمة الأربعة بالتطرف والإرهاب.

الباحث في القضايا الفقهية نوَه إلى أن الخبث وصل إلى حد رفع دعوات قضائية للمطالبة بإلغاء فقه ابن تيمية، وإعادة النظر في المذاهب الفقهية الأربعة المعتمدة، فضلا عما طالب به البعض بضرورة مواجهة المناهج الفقهية الحالية بموجات من الفكر الجديد كما هو الحال حين تم الاستعانة بدعاة صوفيين أقرب إلى الشيعة لإلقاء ندوات وخطب رسمية.

الدكتور محمد عبدالودود، أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الازهر، أوضح أن التجديد في الخطاب مطلوب، لكنه لم يكن بالشكل المعروض والمقدم من قبل البعض، فالتجديد هنا لابد وأن يكون في الشكل، من خلال الاستفادة بالتطورات والمستجدات التكنولوجية المعاصرة في تفعيل الخطاب الديني لتحقيق الهدف منه بصورة كاملة في وقت قصير، كذلك فإن جزء كبير من فقه الواقع مبني على مراعاة المستجدات العصرية وما آلت إليه حياة المسلم في الداخل والخارج من تغيرات.

عبد الودود لـ”الملتقى الفقهي” حذر من التوظيف السلبي لمفهوم تجديد الخطاب الديني، ملفتًا أن التغول في الهيكل والثوابت والأصول باسم التجديد خط أحمر، وأن علماء الأمة الثقات لن يقبلوا بمثل هذه المحاولات التي تسعى للالتفات على أحكام الدين الصحيحة، أو التي تسعى إلى تمييع الدين باسم المدنية والتجديد وعدم التطرف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى