تقارير وإضاءات

علماء مسلمون: الزكاة تجفيف للتطرف وعون للاجئين‎‎

صهيب قلالوة -الأناضول.

دعا كل من الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، دكتور علي قرة داغي، ورئيس الأكاديمية الأوربية للتمويل والاقتصاد الإسلامي الدكتور أشرف دوابة، ورئيس المركز العالمي للاقتصاد والتمويل الاسلامي في لندنالدكتور شهاب العزعزي، إلى تجفيف منابع التطرف والإرهاب ومساعدة اللاجئين والنازحين، عبر إخراج وتنظيم زكاة المسلمين بشكل منظم.

وشددوا، في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول، على أن الزكاة كفيلة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمسلمين، وإنهاء الفقر والأمية والجهل، وكلها عوامل توفر بيئة حاضنة للتطرف والإرهاب.

والزكاة هي الركن الثالث بين أركان الإسلام الخمسة، وهي “عبادة مالية” يقوم بها المسلم عبر اقتطاع 2.5% من صافي مدخراته سنويا، بعد تحقيق شروط إخراجها، وأهمها أن تبلغ المدخرات النصاب الشرعي لها، وهو 85 جراما من ذهب (نحو 3145 دولار).

وقال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، دكتور علي قرة داغي، إن “أحد أهم أسباب الإرهاب هو الفقر والمشاكل الاقتصادية المختلفة، ولو أن المشكلة الاقتصادية ليست موجودة، لكانت القضايا المتعلقة بالإرهاب قليلة”.

ومضى قائلا، في تصريحات لوكالة الأناضول: “خلال دراسة قمت بها عام 2008 وجدت أن قيمة الزكاة في العالم الإسلامي تبلغ 300 مليار دولار على أقل تقدير، ولو أن الزكاة تُجمع وتُنفق بشكل جيد، لما كانت هناك مشاكل اقتصادية متنوعة بهذه الصورة المؤلمة، كالتي نراها في بلاد العالم الإسلامي”.

قرة داغي لفت إلى أن “الله ربط قضية الأمن والحالة الاقتصادية ببعضهما، كما في قوله تعالي: الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ(آية 4 – سورة قريش).. فالإطعام من الجوع هو إشارة إلى المشاكل الاقتصادية المختلفة، كالفقر والبطالة، وآمنهم من خوف إشارة إلى الوضع السياسي والاجتماعي”.

وشدد على أن “الله قدم الأمن الاقتصادي على الأمن السياسي.. والزكاة أهم عنصر من عناصر حلّ المشكلة الاقتصادية إيجابيا؛ لأنها ضمن أسباب حل المشاكل السياسية والاجتماعية والعسكرية من خلال التخفيف الكبير من حالات الفقر”.

ومتطرقا إلى الأوضاع السياسية والأمنية المتردية في سوريا والعراق واليمن، حيث تدور حروب ويكثر اللاجئون والنازحون، قال قرة داغي: “من لا يستطع المساهمة في الجانب السياسي، فليساهم في الجانب المالي، وأدنى الواجبات هو إخراج الزكاة”.

ودعا علماء المسلمين في أرجاء العالم إلى “أن يسعوا جاهدين لجمع أموال الزكاة وتوظيفها في خدمة إخواننا في مناطق الصراع، ليصبح إخواننا العراقيون والسوريون واليمنيون، وعلى أقل تقدير، في مأمن من الجانب الاقتصادي، وحتى لا يموتوا من جوعا”.

مفرقا بين دور استهلاكي وآخر استثماري للزكاة، قال رئيس الأكاديمية الأوربية للتمويل والاقتصاد الإسلامي، دكتور أشرف دوابة، إن “الزكاة لها دور استهلاكي، وهو أن تخرجها في صورة أموال، بينما الدور الاستثماري هو أن تعطي شخصا آلات ومعدات ليتحول إلى عنصر منتج وفعال في المجتمع.. والزكاة قادرة على زيادة الإنفاق على السلع والخدمات، ما يزيد الطلب الفعال، ويسير النشاط الاقتصادي بشكل جيد”.

دوابة شدد على أن “ظاهرة التطرف والإرهاب لها أبعاد سياسية وأخرى اقتصادية، ومن الممكن أن يكون للزكاة دور فعال في تحسين معيشة الناس وتوفير فرص تعليم وعمل لهم، وتأهيل المجتمع لإيجاد الفرص الإستثمارية المناسبة، فتبدأ حينها معالجة الفقر عبر المؤسسات الزكوية نفسها”.

وبشأن دور الزكاة في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، قال إن “الزكاة لها دور مهم؛ فهي قادرة على إعادة توزيع الدخول بين أبناء المجتمع كله، كونها تؤخذ من الغني إلى الفقير، خاصة أن مصارف الزكاة متعددة، ولا يوجد أي دين حارب الفقر، مثل دين الإسلام.. ويجب على المسلمين معالجة القضايا الاقتصادية للنازحين واللاجئين عبر إخراج زكاة أموالهم”.

ومن الناحية الاقتصادية، أضاف دوابة، فإن “اقتطاع مبلغ مالي قدره 2.5% سنويا من مدخرات الفرد من شأنه زيادة الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي زيادة العرض، ثم رفع درجة الإستثمار في البلد، ومن ثم إيجاد حلول لمشاكل اقتصادية، مثل البطالة وتدني الأجور والأمية والجهل، لاسيما وأن الزكاة لها دور استهلاكي وإنتاجي مهم في المعادلة الاقتصادية”.

من جهته اكد “شهاب العزعزي”، رئيس المركز العالمي للاقتصاد والتمويل الاسلامي في لندن، أن” الزكاة تقضي على كل حالات التطرف والإرهاب المنتشرة، سواء كان من العالم الثالث أو غيرها، لأنها أساساً تقوم بتلبية احتياجات المجتمع، بمختلف المتطلبات وبحسب الامكانيات المتاحة، ولو تم وضع برامج تنموية للقضاء على الإرهاب من خلال أموال الزكاة فمن الممكن القضاء عليه”.

وأضاف العزعزي في تصريح للأناضول أنه” حينما تستقطب الشباب في برامج تنموية وتعليمية وتوعوية، بالإضافة إلى المهن الحرة واستيعاب الطاقات وعمل مشاريع البنية التحتية التي تستوعب طاقات الشباب المختلفة والهوايات، فإن كل هذا يمكن تنفيذه من أموال الزكاة، وبالتأكيد حينها لن يكون هنالك تطرف أو إرهاب، لأنه حينها سنستطيع تحقيق العديد من الأهداف التي تقوم بتلك الأهداف”.

وأشار إلى أن” الزكاة تحقق دور مهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، لأن لها دور كبير في تحقيق الموازنة ما بين الاقتصاد والاجتماع”.

وأوضح قائلا: “الزكاة تأخذ من الأغنياء بإرادة وبإجبار، لأنها فريضة شرعية، والناس تعلم بأن هذه الأموال سوف تستقطع لصالحهم وصالح المجتمع، وكل غني حينما يعرف أن جزءاً من أمواله ستذهب زكاة، ويعرف أنها ستحقق مكاسب تنموية فسيدفعها طواعية، بل ومن الممكن أن يدفع أكثر مما يجب عليه، وكذلك المجتمع حينما يعرف أن هنالك زكاة من الأموال مرصودة لكثير من المسائل الإجتماعية، فحينها ستحل الكثير من القضايا الإجتماعية، وكذلك الجانب الاقتصادي سينهض وستتوقف السرقات ويتوقف الاحتكار والغش وستنمو الكثير من القضايا التي تخدم الجانب الاقتصادي”.

وحول دور أموال الزكاة في مساعدة النازحين اعتبر العزعزي أن” الأموال المرصودة للزكاة لها دور مهم في إغاثة اللاجئين والمنكوبين، لأنهم يعتبروا من أبناء السبيل، ومن الممكن أن تضع مشاريع لهؤلاء الناس وإيجاد الحلول المادية لهم بهذه الطريقة، والزكاة قادرة على تخلص العالم الإسلامي من الأزمات الاقتصادية، لأنها تقوم بإحداث توازن كبير في المجتمع، وإذا حسبت بدقة في كل المعايير فتستطيع أن تلبي الكثير من الحاجيات الموجودة في المجتمع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى