كتب وبحوث

الصُّكُوكُ السِّيادِيَّةُ بَيْنَ بَيْع الْعَيْنِ وَبَيْعِ حَقّ الِانْتِفَاع.. دراسة فقهية تحليلية

اسم البحث: الصُّكُوكُ السِّيادِيَّةُ بَيْنَ بَيْع الْعَيْنِ وَبَيْعِ حَقّ الِانْتِفَاع – دراسة فقهية تحليلية –

الكاتب: د . علي محيى الدين القره داغي

——————————-

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيّبين وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان الي يوم الدين …. وبعد

فبناءا على الدعوة الكريمة من الأكاديمية العالمية للبحوث الشرعية في المالية الإسلامية ” إسرا” للمشاركة في المؤتمر العالمي الحادي عشر لعلماء الشريعة بكوالالمبور، أقدم بحثي هذا حول مسألة ( الصكوك السيادية بين بيع العين ، وبيع حق الانتفاع) ضمن المحور الأساسي لمؤتمر هذه السنة – كما حددته أكاديمية إسرا- حول : ( سوق رأس المال الإسلامي والمصرفية :  تقويم القضايا العالقة) .

ومن أهم أدوات السوق الإسلامية اليوم (الصكوك) والتي لها دور كبير في مجال التنمية، وتمويل البنية التحتية، وتعتبر بدائل شرعية ناجحة جداً للدول، والشركات، والمؤسسات في تمويل المشروعات الضخمة ، والمتوسطة ، وحتى الصغيرة، حيث تستطيع الدولة تمويل مشروعاتها الضخمة من المصانع ، والشوارع ، والمطارات ، والموانئ ، والناقلات ، وغيرها من خلال الصكوك المتنوعة.

وسأبدأ بحثي بالتعريف بعنوان البحث ومصطلحاته ومفرداته الأساسية، ثم التأصيل الشرعي للتصكيك (صياغة الصكوك)، مع بيان الحاجة الاقتصادية والمالية إلى إصدار الصكوك الإسلامية، ثم الحديث عن الفيصل بين الصكوك المشروعة والسندات المحرمة، ثم سنتطرق إلى مسألة حكم بيع الصكوك (بيع عين الأصول / الأعيان)، وذكر أهم المسائل المتعلقة في بيع الصكوك، وحكم بيع حق الانتفاع وقبوله في كل جنس من الأصول. خاتماً بحثي بخلاصة لما توصلت إليه .

والله نسأل أن يكتب لنا التوفيق والسداد وأن يكسو أعمالنا كلها ثوب الإخلاص ولباس التقوى وأن يعصمنا من الخطأ والزلل في القول والعمل ويتقبّلها منّى قبولاً حسناً إنه مولاي فنعم المولى و نعم النصير و المجيب.

كتبه الفقير الى ربه على محيى الدين القره داغى

في الدوحة 06 ذو الحجة 1437ه = 07 سبتمبر2016

—————————–

التعريف بعنوان البحث :

 1- الصكوك :

الصك لغة :هي جمع صك وهو معرب يُعنى به : وثيقة بمال ، او نحوه[1]، وفي اللغة العربية يقال صكّه صكّاً أي دفعه بقوة وفي التنزيل العزيز ( فصكّت وجهها )[2] أي لطمته تعجباً ، وصكت الباب أي أغلقته ، والصك لفظ معرب يقصد به وثيقة بمال ، أو نحوه ، ويطلق على الشيك الذي تصّدره المصارف[3] ، وعلى صك الوقف ، أو صك المحكمة ، او صك الإثبات ، او نحو ذلك .

والصكوك الاسلامية : هي أوراق مالية متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو في موجودات مشروع معين أو نشاط استثماري خاص يدر دخلاً ، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب وبدء استخدامها فيماأصدرت من أجله.وتعرف بالصكوك الاستثمارية تمييزاً لها عن الأسهم وسندات القرض .

والمقصود بالصكوك السيادية : هي الصكوك التي تصدرها الدولة، وتحمل نفس معنى الصكوك من التداول ، وعدم قبولها للتجزئة، حيث تقوم الدولة بموجبها ببيع بعض الأعيان / الأصول المحددة المملوكة للدولة، أو بيع منافعها، ويتم توظيف قيمتها في الغرض الذي أصدرت من أجله الصكوك سواء في مجال المشاريع التنموية ، أو البنية التحتية ، أو الاستعانة بها في معالجة عجوزات الميزانية بدل الالتجاء إلى الاقتراض الخارجي الذي له تأثيرات سلبية تضر بسيادة الدولة .4

2- بيع العين :

البيع لغة : مبادلة مال بمال ، وعرفه البعض بأنه دفع عوض ، وأخذ ما عوض عنه ، ويطلق البيع في لغة قريش على من أخرج الشيء من ملكه ، والمشتري على من أدخل في ملكه ، ولكن الراجح هو : استعمال كل واحد منهما مكان الآخر ، وذلك لأن كل واحد منهما يخرج شيئاً من ملكه إلى الآخر ، ويدخل شيئاً أيضاً في ملكه سواء كان الثمن والمثمن[4].

والبيع في الاصطلاح الفقهي لا يخرج عن معناه اللغوي إلاّ في بعض التعريفات التي أضافت لفظ ( عن تراض ) وبعضها خصص البيع بمبادلة الأعيان دون المنافع[5]، في ضوء أركان وشروط وضوابط فصلها الفقهاء ولا تتسع طبيعة البحث بالخوض فيها [6].

العين :

لها معان كثيرة ، وفي الفقه الإسلامي تستعمل في مقابل المنفعة فيراد بها الرقبة ، والأصل ، وتستعمل إجارة الأعيان في مقابل إجارة الأشخاص فيراد بها تأجير غير الإنسان من الأصول العينية[7].

3- حق الانتفاع :

الحق لغة الثبوت والاختصاص ، وضد الباطل[8]، وفي اصطلاح الفقهاء : ( اختصاص أقره الشرع نصاً أو استنباطاً )[9] .

الانتفاع لغة من النفع ضد الضرر[10] ، وفي الاصطلاح الفقهي هو : ( حق المنتفع في استعمال العين ، واستغلالها دون تأجيرها أو إعارتها للغير ، فهو حق شخصي لا يتجاوز غيره ، في حين أن حق المنفعة إذا ثبت لشخص يكون له الحق في الاستعمال بنفسه وبغيره[11] .

حق الانتفاع ( باعتباره مصطلحاً) :

إن حق الانتفاع في القانون الفرنسي والقوانين المشتقة منه ، والقوانين العربية التي اطلعنا عليها – سوى القانون الاماراتي والسوداني – هو : حق عيني يُخوّل المنتفع سلطة استعمال واستغلال شيء غير قابل للاستهلاك ، أو حق للغير ، وينتهي حتماً بموت المنتفع .

وهذا التعريف هو تعريف مشروع القانون المدني المصري لعام 1980م ، وهو تعريف لا يختلف في مضمونه عن معظم القوانين القائلة بهذا الحق ما عدا القانون الاماراتي ، فقد عرفه القانون المدني المصري القديم في مادته (13/49) بأنه : ( حق المنتفع في استعمال ملك غيره واستغلاله ) ، ولكن العلامة السنهوري قد انتقده بأنه تعريف غير مانع من دخول حق المستأجر ، وهو حق شخصي ، ثم اختار تعريف الفقه الفرنسي ، وهو : ( الحق العيني في الانتفاع بشيء مملوك للغير بشرط الاحتفاظ بذات الشيء لرده إلى صاحبه عند نهاية حق الانتفاع الذي يجب أن ينتهي حتماً بموت المنتفع )[12] .

وعرفه قانون الموجبات والعقود اللبناني في مادته (32) بأنه : ( حق عيني باستعمال شيء يخص الغير ، وبالتمتع به ” أي الاستغلال ” ويسقط هذا الحق حتماً بموت المنتفع ) ، وقريباً منه جميع القوانين المدنية المنبثقة عن القانون المدني الفرنسي ، أو القانون المصري ، أو المتأثرة به ، ولكن القانون المدني الجزائري يفصل في ذلك تفصيلاً جيداً ، حيث يذكر في المادة (852) تعريفه بأنه : (حق يخول المنتفع 1- استعمال شيء مملوك لغيره ، واستغلاله 2- ويثبت للمنتفع عنصرين من عناصر الملكية هماالاستعمال والاستغلال ، أما التصرف في الشيء فيبقى للمالك ( مالك الرقبة ) 3- وينتهي بهلاك الشيء المنتفع به 4- وبعدماستعماله الحق لمدة 15 عاماً ( التقادم المسقط م854) 5- وهو حق مؤقت على خلاف حق الملكية (م849) 6- ويزول بانقضاء المدة المحددة له إذا كانت قد حددتوبوفاة المنتفع 7- وبتركه لحقه) .

التأصيل الشرعي للتصكيك (صياغة الصكوك):

التصكيك في حقيقته عبارة عن تقسيم ما يمثله الصك من أعيان ومنافع وحقوق وأنشطة إلى حصص متساوية ، ثم إصدار صكوك بقيمتها ، فهذا التقسيم والتجزأة لا يتعارضان مع مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها ، بل يتفقان مع مبدأ الحصص الشائعة وجواز المشاركة فيها ، بل إن الشركة ـ عقداً أو ملكاً ـ تعني هذه البيوع ، وأن كل شريك مشترك مع شريكه الآخر أو شركائه في الملك أو في المشروع بنسبة شائعة ، فما الأسهم ، أو صكوك الاستثمار إلاّ تعبير عن هذه النسبة الشائعة من موجودات الشركة ، أو من العين المملوكة على سبيل شركة الملك.

ولذلك صدر قرار المجمع ، رقم (5/4/08/88) بجواز صكوك المقارضة .

وصكوك الاستثمار تبع للعقد  الأساس بنظمه والموجودات التي يتمثل بها ، لذلك تطبق على الصك أحكام موجوداته فإذا كانت موجوداته مما يجوز تداولها جاز تصكيك الصكوك لها ، وإن لم تكن كذلك مثل الديون فلا يجوز تصكيكها لأجل التداول ، ولكن تصكيكها من حيث هو لا مانع منه شرعاً وحينئذٍ تطبق عليها أحكام التصرف في الديون .

الحاجة الاقتصادية والمالية إلى إصدار الصكوك الإسلامية :

بشكل عام ومما لا يخفى أن السوق المالية الإسلامية تحتاج حاجة ملحة لإصدار صكوك الاستثمار الإسلامية لما يأتي:

أولاً : أن هذه الصكوك تساعد على النهوض بالاقتصاد الإسلامي نظرياً وعملياً .

أما نظرياً فهذه الصكوك الإسلامية استكمال لبقية الآليات والأدوات الاقتصادية التي يتطلبها الاقتصاد الإسلامي ، إذ أن الاقتصاد الإسلامي لا ينحصر دوره في الوسائل التي تخلو من الربا ، ولا في البنوك الإسلامية أو شركات التأمين الإسلامي ، أو الشركات الاستثمارية أو التمويلية الإسلامية ، وإنما يشمل كل جوانب الاقتصاد الذي تعتبر الأدوات الاستثمارية جزءاً مهماً فيه وركناً وركيناً من أركانه ، إضافة إلى أن وجودها يدل على عظمة النظام الإسلامي وشموليته وقدرته على التطوير والازدهار مع الحفاظ على ثوابته.

وأما عملياً فإن الجمهور الإسلامي الملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية يحتاجون للاستثمار عن طريق هذه الأدوات الاستثمارية المعاصرة ، كما أن المؤسسات المالية الإسلامية أحوج ما تكون إلى هذه الأدوات لتحقيق مقاصدها الشرعية المتنوعة لما يأتي :

أ – إنها تحتاج إلى مزيد من الأدوات وطرح المنتجات لكسب المستثمرين وتوزيع قاعدة الاستثمار الإسلامي ، وذلك لأن لكل أداة استثمارية أصحابها والراغبين فيها ، وبالتالي تتضخم مجموعة طيبة من هؤلاء إلى الاستثمار الإسلامي.

ب – إن البنوك المركزية تشترط على البنوك الإسلامية أن تدع نسبة من ودائعها ، او من الحساب الجاري في حساب البنك المركزي في كل بلد ضماناً للسيولة ونحوها ، وحينئذٍ تجمد هذه النسبة دون فائدة ، لأن البنوك الإسلامية لا تأخذ الفوائد في حين أن البنوك الربوية إما أن تأخذ عليها فوائد ، او تضع في البنك المركزي سندات الخزينة ، لذلك فوجود صكوك الاستثمار الإسلامي يساعد البنوك الإسلامية للاستفادة من كافة ما لديها من نقود وسيولة بطاقة قصوى من خلال ايداع مثل هذه الصكوك بالقدر المطلوب لدى البنك المركزي .

ج – إن وجود هذه الأدوات الاستثمارية الإسلامية يرفع الحرج عن شريحة كبيرة من المستثمرين الذين يحتاجون إلى مثلها لأسباب اقتصادية معقولة .

ثانياً : إن هذه الأدوات الاستثمارية تساعد الدولة في تغطية عجز ميزانيتها ، وخلال طرحها تلبي احتياجاتها في تمويل مشاريعها التنموية ، والبنيوية (البنية التحتية) بدلاً من سندات الخزينة والدين ، بل يعتبرها الاقتصاديون أدوات تمويلية مميزة للسياسات النقدية في عصرنا الحاضر ، وبالأخص صكوك الإجارة التي تمتاز باستقرار نسبي من حيث الأصول المؤجرة ، والأجرة المتحققة ، فإذا أصدرتها الدولة تتمتع بالإضافة إلى ما سبق بثقة عالية لدى المتعاملين معها ، لذلك تصلح أن تكون بديلاً جيداً لسندات الخزينة في السياسة النقدية للبنك المركزي من خلال ما يسمى بعمليات السوق المفتوحة التقليدية[13].

ثالثاً : إن وجود هذه الصكوك الاستثمارية يثرى بها السوق المالية الإسلامية (البورصة) لأنها الطرف المكمل للأسهم ، والجناح الثاني للبورصة والجزء الآخر من رئة البورصة التي فيها تتحرك الأموال بحرية وسهولة .

رابعاً : إن هذه الصكوك تعتبر من أهم الوسائل لتنويع مصادر الموارد الذاتية وتوفير السيولة للأفراد والمؤسسات والشركات والحكومات .

خامساً : إن هذه الصكوك تساعد الأفراد على توفير مدخراتهم الصغيرة وتجميعها ، وتثمينها .

سادساً : إن وجود هذه الصكوك يغطي حاجة ملحة للشركات التي تحتاج إلى سيولة لأمد معقول (حسب الحاجة إما طويل ، أو قصير أو متوسط) وتكون أمام هذه الحاجة إما أن تزيد من رأسمالها من خلال طرح أسهم جديدة ، وهذا قد يؤثر في أرباح المساهمين وإما طرح سندات ، فوجود هذه الصكوك يحقق مصالح كبيرة لهذه الشركات ، ويدرأ عنها مفاسد أيضاً .

والخلاصة أن هذه الصكوك الإسلامية تحتاج إليها الحكومات لتمويل مشاريعها الكبيرة والصغيرة والمتوسطة سواء كانت مشاريع صناعية أم زراعية أم خدمية ، وتحتاج إليها المؤسسات المالية الإسلامية ـ لما ذكرناـ كما أن هذه الشركات الأخرى لا تستغني عنها ، وكذلك الأفراد وبالأخص الملتزمون حيث ترفع هذه الصكوك عنهم الحرج الشرعي في التعامل معها والاستثمار فيها .

وكذلك يعتبر من الأحكام والضوابط الشرعية العامة أيضاً ما يأتي :

1- صكوك الاستثمار لا بد أن تصدر على اساس عقد من عقود الاستثمار الشرعية ، من بيع،وإجارة ،ومشاركة…الخ،وحينئذ تخضع لأحكام هذا العقد وشروطه العامة .

2- إذا أريد للصكوك التداول المطلق فيجب أن تكون ممثلة للأعيان ، أو المنافع ، أو الخدمات ، أو الحقوق المستقرة ، أو نحوها ، أو كلها مجتمعة .

أما الديون في الذمم فلا تجوز صياغة الصكوك منها لأجل التداول المطلق ، لنه يطبق عليها أحكام التصرف في الديون .

3- الصكوك معتبرة بما يمثله من موجودات أو ديون أو نقود ، فيطبق عليها حسب قاعدة الكثرة والغلبة ، أو حسب قاعدة الأصالة والتبعية .

4- تنظم عقود إصدار الصكوك العلاقة بين طرفيها ، أي المصدر ، والمكتتب ، وترتب آثار هذه العقود من حقوق والتزامات بين طرفيها بمجرد انعقاد العقد[14] .

5- يتم العقد بالايجاب المتمثل في الاكتتاب ، وبالقبول الذي يتم بموافقة الجهة المصدرة[15] ، من خلال الاعلان عنها ، أو تخصيص الصكوك ، أو نحو ذلك مما يدل على رضاه ، ولا تعتبر نشرة إصدار الصكوك إيجاباً إلاّ إذا تضمنت أنها إيجاب ، وحينئذٍ يكون الاكتتاب قبولاً ، ولكن النشرة هي بيان للشروط التي يلتزم بها المكتتب بمجرد اكتتابه في الصكوك .

الفروق الأساسية بين الصكوك والسندات :

فالفروق الجوهرية بين السندات والصكوك الاستثمارية تكمن فيما يأتي :

1ـ السندات بجميع أنواعها تمثل ديناً في ذمة المدين مصدر الصك لصالح دائنه (حامل الصك) فالعلاقة بينهما علاقة المداينة .

وأما الصكوك الاستثمارية فهي تمثل حصة شائعة من جميع موجودات المشروع ، وبالتالي فالعلاقة بين صاحب الصك ، والمصدر هو علاقة المشاركة وليست علاقة المداينة .

2ـ السندات تحدد لها فائدة ثابتة ، أو متغيرة من زمن إلى آخر ، ولذلك صدرت قرارات المجامع الفقهية بحرمة السندات لأن تلك الفائدة هي الربا المحرم .

وأما صكوك الاستثمار فليست لها فائدة ثابتة أو متغيرة ، وإنما الأمر فيها إذا تحقق لها الربح فهي تأخذ نصيبها منه ، وإذا خسرت الشركة فإن الموجودات التي يمثلها الصك الاستثماري قد قلت ، أي ان الصك الاستثماري خاسر بنسبة نصيبه من الخسارة .

والخلاصة أن الصك الاستثماري يتأثر بموجودات المشروع سلباً وإيجاباً ، ربحاً وخسارة ، في حين أن السند لا يتأثر بأي شيء ، وإنما يأخذ صاحبه أصل الدين مع الفائدة المقررة المتفق عليها .

ولكن الصكوك اليوم من خلال مجموعة من العقود والإجراءات ، ولا سيما الصكوك القائمة على الإجارة المنتهية بالتمليك استطاعت أن تعطي مؤشراً لأرباح مناسبة .

توافر الملكية الحقيقية هو الفيصل بين الصكوك المشروعة والسندات المحرمة :

في ظل المنتجات المالية الإسلامية ظهرت الصكوك محققة مجموعة من المقاصد والأهداف، من أهمها : إيجاد البدائل المشروعة عن السندات المحرمة ، والمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة والبنية التحتية ، والمشروعات الضخمة، وتوفير السيولة ونحو ذلك.

وأن مما لا شك فيه أن هناك فروقاً جوهرية بين الصكوك المشروعة والسندات المحرمة ، ولكن الفيصل بينهما هو أن الصكوك تمثل الملكية سواء كانت ملكية الأعيان أم المنافع ، في حين أن السندات تمثل الديون مع فائدتها، ولذلك يجب علينا في هذا المقام السعي لتحقيق أمرين :

الأمر الأول : التوسع في دائرة الملكية من خلال اجتهادات جديدة ، حيث إن ما ذكره الفقهاء في القرون السابقة حول الملكية لم يضف إليه أي اضافة جوهرية .

الأمر الثاني : هو ضرورة بذل العناية القصوى من قبل مُصدر الصكوك بتحقيق الملكية فيها، بحيث تكون ممثلة لها ، ومراعاة مجموعة من الضوابط المهمة .

وقد وضع مجمع الفقه الإسلامي الدولي في قراره رقم 30(5/4) مجموعة من الضوابط لإجازة الصكوك ، نوجزها فيما يأتي :

1- أن يمثل الصك ملكية شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه أو تمويله ، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته .

2- أن تتوافر الأركان والشروط المطلوبة في العقود التي قام الصك عليها ، وأن تنتفى الموانع لصحتها ، وأن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في تلك العقود.

3- أن لا يتم تداول الصكوك إلاّ بعد أن تتحقق الغلبة للأعيان والمنافع .

وبالتالي فلا يجوز تداول صكوك المرابحة ، أو التي كان محلها الذهب ، أو الفضة مطلقاً إلاّ بشروط عقود الصرف وبيع الديون.

4- أن يد المضارب ، والشريك ، والوكيل يد أمانة ، ولا يضمن إلاّ بسبب من أسباب الضمان المشروعة.

5-  لا يجوز أن تشمل الصكوك على نص بضمان المضارب لرأس المال (وكذلك الشريك والوكيل) ، ويجوز لطرف ثالث أن يقدم ضمانات لرأس المال على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة.

6- لا يجوز أن تتضمن على نص يلزم بالبيع ولو كان معلقاً أو مضافاً للمستقبل ، ولكن يجوز أن تتضمن وعداً ملزماً بالبيع بالقيمة المقدرة من الخبراء ويرضى بها الطرفان.

7- ولا يجوز أن تتضمن نصاً يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح ، وإلاّ كان العقد باطلاً[16].

وقد فصّل هذه المعاني بصورة واضحة المعيار الشرعي الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ، المعيار رقم 17 الخاص بصكوك الاستثمار كما أكده قرار المجلس الشرعي لـ AAOIFI ، نذكره لأهميته :

( أولاً: يجب أن تمثل الصكوك القابلة للتداول ملكية حملة الصكوك بجميع حقوقها والتزاماتها، في موجودات حقيقية من شأنها أن تتملك وتباع شرعاً وقانوناً، سواء أكانت أعياناً أم منافع أم خدمات، وفقاً لما جاء في المعيار الشرعي رقم (17) بشأن صكوك الاستثمار، بند (2) وبند 5\1\2. ويجب على مدير الصكوك إثبات نقل ملكية الموجودات في سجلاته وألا يبقيها في موجوداته.

ثانياً: لايجوز أن تمثل الصكوك القابلة للتداول الإيرادات أو الديون ، إلا إذا باعت جهة تجارية أو مالية جميع موجوداتها، أو محفظة لها ذمة مالية قائمة لديها ودخلت الديون تابعة للأعيان والمنافع غير مقصودة في الأصل وفق الضوابط المذكورة في المعيار الشرعي رقم (21) بشأن الأوراق المالية.

ثالثاً: لا يجوز لمدير الصكوك، سواء أكان مضارباً أم شريكاً أم وكيلاً بالاستثمار أن يلتزم بأن يقدم إلى حملة الصكوك قرضاً عند نقص الربح الفعلي عن الربح المتوقع، ويجوز أن يكون احتياطي لتغطية حالة النقص بقدر الإمكان، بشرط أن يكون ذلك منصوصاً عليه في نشرة الاكتتاب. ولا مانع من توزيع الربح المتوقع تحت الحساب وفقاً للمعيار الشرعي رقم (13) بشأن المضاربة، بند 8\8. أو الحصول على تمويل مشروع على حساب حملة الصكوك

رابعاً: لا يجوز للمضارب أو الشريك أو وكيل الاستثمار أن يتعهد بشراء الأصول من حملة الصكوك أو ممن يمثلهم بقيمتها الاسمية عند إطفاء الصكوك في نهاية مدتها ويجوز أن يكون التعهد بالشراء على أساس صافي قيمة الأصول أو القيمة السوقية أو القيمة العادلة أو بثمن يتفق عليه عند الشراء، وفقاً لما جاء في المعيار الشرعي رقم (12) بشأن الشركة (المشاركة) والشركات الحديثة، بند 3\1\6\2.، وفي المعيار الشرعي رقم (5) بشأن الضمانات، بند 2\2\1  و  2\2\2.  علماً بأن مدير الصكوك ضامن لرأس المال بالقيمة الاسمية في حالات التعدي أو التقصير ومخالفة الشروط، سواء كان مضارباً أم شريكاً أم وكيلاً بالاستثمار.

أما إذا كانت موجودات صكوك المشاركة أو المضاربة أو الوكالة بالاستثمار تقتصر على أصول مؤجرة إجارة منتهية بالتمليك، فيجوز لمدير الصكوك التعهد بشراء تلك الأصول _عند إطفاء الصكوك_ بباقي أقساط الأجرة لجميع الأصول، باعتبارها تمثل صافي قيمتها.

خامساً: يجوز للمستأجر في التعهد في صكوك الإجارة شراء الأصول المؤجرة عند إطفاء الصكوك بقيمتها الاسمية على ألا يكون شريكاً أو مضارباً أو وكيلاً بالاستثمار.

سادساً: يتعين على الهيئات الشرعية أن لا تكتفي بإصدار فتوى لجواز هيكلة الصكوك، بل يجب أن تدقق العقود والوثائق ذات الصلة وتراقب طريقة تطبيقها، وتتأكد من أن العملية تلتزم في جميع مراحلها بالمتطلبات والضوابط الشرعية وفقاً للمعايير الشرعية، وأن يتم استثمار حصيلة الصكوك وماتتحول تلك الحصيلة إليه من موجودات بإحدى صيغ الاستثمار الشرعية وفقاً للمعيار الشرعي رقم (17) بشأن صكوك الاستثمار، بند 5\8\1\5.

هذا ويوصي المجلس الشرعي المؤسسات المالية الإسلامية أن تقلل في عملياتها من المداينات، وتكثر من المشاركة الحقيقية المبنية على قسمة الأرباح والخسائر ، وذلك لتحقيق مقاصد الشريعة .وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين) .

الصكوك الفاسدة:

وبناءً على ذلك فإن أي صك لا يحقق شرط تمثيل الصك للملكية ، أو نحوها من الشروط الأساسية فإن ذلك الصك باطل ، وأن أي وسيلة تؤدي إلى الالتفاف حول هذه الشروط والأركان فهي وسيلة محرمة يجب سدّها.

 ونذكر هنا مجموعة من صور الصكوك التي لا تحقق هذه الأركان والشروط التي ذكرناها سابقاً:

(أ) الصكوك التي في جوهرها وحقيقتها لا تمثل الأعيان ، أو المنافع ، أو الحقوق المالية على سبيل الحقيقية ، وإنما تمثل التزامات وديوناً ، وبالتالي فهي في جوهرها سندات محرمة ، لأنها تترتب عليها الزيادة التي هي الفائدة المحرمة ، كما أنها يتم تداولها مع أنها تمثل الديون.

(ب) الصكوك التي تقوم على المضاربة ، أو المشاركة أو الوكالة ، والتي يشترط فيها استرداد القيمة الاسمية ، وقد لا يعبر عن هذا الشرط ، ولكن تذكر مادة ترتب استرداد القيمة الاسمية بعملية حسابية ، أو أن يكون الاتفاق بسعر يحدده أحد الطرفين من خلال وعد ملزم ، فهذا الشرط سواء كان منصوصاً عليه ، أو مدلولاً عليه بأي لفظ هو شرط باطل يجعل العقد باطلاً او فاسداً ؛ لأن هذا الشرط يترتب عليه ضمان رأس المال في العقود المذكورة ، وهذا مخالف للنصوص الشرعية والاجماع المنعقد على ذلك ، كما أن ذلك يقطع المشاركة في باب الشركة والمضاربة ، وهو أيضاً ممنوع ، ولكن إذا كان الوعد بضمان القيمة الاسمية ، أو أي قيمة محددة من طرف ثالث ، فهذا جائز حسب القرار السابق لمجمع الفقه الإسلامي الدولي .

(ج) الصكوك القائمة على موجودات غير قابلة للبيع حسب قانون البلد ، حيث صدرت صكوك على أساس المطار في دولة لا يجيز قانونها بيع المطار.

(د) عدم إخراج موجودات الصكوك من ملكية المصدر في ظل القوانين التي لا تعترف بملكية المنفعة ، حيث إن القوانين الفرنسية ، ومعظم القوانين العربية المنبثقة منها لا تعترف بالملكية النفعية ، فإذا أصدرت الصكوك بناء على قانون لا يعترف بملكية المنفعة مثل القوانين الفرنسية والتي انبثقت منها فإن الذي سجل باسمه الأصل وهو المالك الحقيقي في القانون (على تفصيل ليس هذا محله)[17].

(ه) الصكوك التي يلتزم فيها مصدر الصكوك ، أو مديرها بالإقراض لحملتها عند نقصان رأس المال ، أو الربح الفعلي عن المتوقع ثم يسترده فيما بعد من الأرباح التالية ، أو عند شراء الصكوك عند اطفائها بقيمتها الاسمية ، وحينئذ يحسب القرض منها.

وهذا النوع يجمع بين عقد قرض وعقد معاوضة ، وهذا الجمع غير جائز لورود أحاديث صحيحة في النهي عن الجمع بين سلف وبيع[18] كما أن هذا الشرط يقرب الصك عن السند تماماً من حيث ضمان رأس المال والفائدة[19].

فهذه الأنواع الخمسة ونحوها ممنوعة شرعاً ، وبالتالي فأي وسيلة (من خلال العقود والوعود والشركات ذات الغرض الخاص) تؤدي إلى واحد منها فهي ممنوعة يجب سدّها ، بل إن تلك الوسيلة داخلة في الحيل غير المشروعة.

الصُّكوك السِّيادية بين بيع العين وبيع حَقّ الانتفاع :

تمهيد

يخضع بيع الصكوك في الفقه الإسلامي لمجموعة من الضوابط والاجراءات وفقاً للمرحلة التي هي فيها :

المرحلة الأولى : مرحلة الاكتتاب .

 حيث تُجمع الأموال من المستثمرين للمشاركة في الصكوك ، أو بعبارة أخرى : قيامهم بشراء الصكوك حيث تجمع قيمتها في حساب خاص بالمستثمرين مباشرة ، أو عن طريق شركة ذات غرض خاص (S.P.V) تمثلهم ، ففي هذه الحالة لا يجوز لحامل الصك بيعه إلاّ مع مراعاة قواعد الصرف .

المرحلة الثانية : مرحلة ما بعد تجميع النقود وقبل أن تتحول إلى أعيان ومنافع

ففي هذه المرحلة لا يجوز للمشاركين أن يبيعوا صكوكهم الاستثمارية إلاّ مع تطبيق قواعد الصرف[20] حسب قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 30(5/4) ، من ضرورة التماثل والتقابض في المجلس إن كان البيع بنفس النقد ( مثل الريال القطري بالريال القطري ) ومن ضرورة التقابض في المجلس إن كان بنقد آخر ( مثل بيع الريال بالدولار ) ولكن يجوز بيعها بالعروض .

أما إذا كانت الحصص المقدمة ، أو أكثرها كانت أعياناً ومنافع وحقوقاً معنوية ( حيث تجوز المشاركة بغير النقود أيضاً في القانون ، وكذلك في الفقه الإسلامي على الرأي الراجح)[21] ، وحينئذ لا يمنع التداول بطريق البيع العادي .

وليس في تطبيق قواعد الصرف في حالة كونها نقوداً حرج كبير ، إذ أنها مرحلة قصيرة متحملة .

المرحلة الثالثة : تحول النقود كلها أو معظمها إلى أعيان ومنافع وحقوق معنوية وظلت هذه النسبة باقية ، أي لم تزد نسبة النقود أو الديون منفردة ، أو مجتمعة على 50% . ففي هذه الحالة يجوز تداولها ، لأنها في حكم الأعيان والمنافع والحقوق التي يجوز بيعها والتصرف فيها ، كما صدر بذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 30(5/4).

المرحلة الرابعة : تحول السلع والأعيان والمنافع كلها أو معظمها إلى أثمان عاجلة ( نقود ) وآجلة (ديون) من خلال المرابحات والبيع الآجل ، وبالتقسيط ، حيث تتحول الأموال إلى نقود أو ديون للبنوك أو الجهة المصدرة لها .

تقوم ببيعها بالآجل عن طريق المرابحات أو البيوع الآجلة ، وحتى الاستصناع يتحول ثمنه في الغالب بعد إتمام العقد إلى ديون ، وما يؤخذ منها كمقدمة ، أو يسترد فهو نقود ، وحينئذ قد تكون نسبة الأعيان الموجودة والمنافع والقيمة المعنوية أقل بكثير من 50% .

ففي هذه الحالة لو نظرنا إلى موجودات الصكوك لوجدنا أنها مختلطة من كل هذه الأشياء التي ذكرناها ، وقد تكون نقودها ، أو ديونها منفردة أو مجتمعة أكثر من الأعيان والمنافع والحقوق المعنوية ، فأين الحل[22]؟

المرحلة الخامسة : مرحلة التصفية عند توقف نشاط الصكوك ، وحينئذ تكون معظم حقوقها ديوناً آجلة ، أو نقوداً ، وما بقي من الأعيان تباع لأجل التصفية ، ففي هذه المرحلة الأخيرة لا بدّ أن تطبق عليها قواعد الصرف ، وقواعد بيع الديون وهذه المرحلة (مرحلة التصفية) لا تدخل في نطاق البحث ، إذ للتصفية أحكامها الخاصة لا يتسع البحث للخوض فيها .

الحل الناجع لهذه المرحلة :

هناك حلول منها الاعتماد على قاعدة الأكثرية ، وهذا ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي في قراره (30 (3/4) ) في الاعتماد على أن تزيد نسبة الأعيان والمنافع عن 50% ، في حين اعتمد المعيار الشرعي الخاص بالأسهم ( المعيار رقم 2 ) على أن لا تقل نسبة الأعيان والمنافع عن 30% .

تداول الصكوك واستردادها :

فصل المعيار الشرعي الخاص بصكوك الاستثمار ( رقم 17 ) تداول الصكوك واستردادها ، حيث جاء فيه :  ( يجوز تداول الصكوك واستردادها إذا كانت تمثل حصة شائعة في ملكية موجودات من أعيان أو منافع أو خدمات، بعد قفل باب الاكتتاب وتخصيص الصكوك وبدء النشاط، أما قبل بدء النشاط فتراعى الضوابط الشرعية لعقد الصرف، كما تراعى أحكام الديون إذا تمت التصفية وكانت الموجودات ديونًا، أو تمّ بيع ما تمثله الصكوك بثمن مؤجل. )

والحل الناجح في نظري هو رعاية قاعدة الأصالة والتبعية ، حيث قدمنا هذا الحل مع مناقشة حلول أخرى إلى عدة مؤتمرات ، ونال إعجاب الكثيرين ، وخلاصته :

رعاية مبدأ الأكثرية أو الأغلبية.

وهـذا المبـدأ يحتمـل أمريــن :-

أ/ رعاية مبدأ الأكثرية والغلبة المطلقة، أي أنه إذا كانت الديون والنقود أكثر من 50% فلا يجوز تداول أسهمها أو حصصها إلا مع مراعاة قواعد بيع الديون إذا كان الغالب الديون، وقواعد الصرف إذا كان الغالب هو النقود، وكذلك إذا كانت الأعيان والمنافع والحقوق أكثر من 50% فإنه يجوز تداول أسهمها .

ب / الاعتبار بالكثرة العرفيـة، أي ما يعد في العرف كثيراً مثل الثلث، حيث ” الثلث كثير ” وهنا اختلفت الأنظار هل تعتبر الديون والنقود التي بلغت الثلث تعد كثيرة ؟ أو تعتـبر الأعيان والمنافع والحقوق التي بلغت الثلث كثيرة..؟

ونستبعد الاحتمال الثاني (ب) لأن فيه تحكماً، وليس فيه معيار منضبط، فما دمنا نحتكم إلى قاعدة الأكثرية والغالبية فإن ما زاد على 50 هو المعيار المنضبط.

وقد توصل البحث إلى أن قاعدة الأكثرية مع أنها قاعدة معتبرة في الفقه لكنها لا تحل هذه المشكلة في المؤسسات المالية التي تتعامل  بالعقود الآجلة كالمرابحات والاستصناع ، لأن ميزانيات أكثرها تتضمن من النقود والديون الناتجة عن العقود الآجلة أكثر من 90%.

رعاية قاعدة الأصالة والتبعية 

وهي قاعدة فقهية معتبرة في الفقه الإسلامي، وانبثقت منها عدة قواعد وتفرعت منها فروع كثيرة متناثرة في مختلف أبواب الفقه وبناء على ذلك أنه إذا كان المقصود الأساسي من الموجودات هو الأعيان والمنافع والحقوق المعنوية فإن تداول أسهمها أو صكوكها أو وحداتها الاستثمارية جائز.

وقد رأينا أن جميع الندوات التي شاركنا فيها قد توصلت إلى  اعتبار قاعدة الأصالة والتبعية، وأن الحل الناجع يكمن فيها، وحينئذ يكون التداول جائزاً ما دامت المنافع والأعيان والحقوق هي المقصودة أصلاً ، ولا ينظر حينئذ إلى مقدار الديون والنقود ولا إلى نسبتها – قلة أو كثرة –

غير أنه يثير التساؤل حول الأصل المتبوع ؟ هل هو السلع والمنافع ؟ أو هو القيمة المعنوية ؟ أو هو منفعة الأجير أو المضارب ؟ أو هو مجموعة أمور ؟ كل ذلك يحتاج إلى تحرير وتأصيل.

ولتأصيل ذلك توصل البحث إلى أن الأصل المتبوع هو نشاط الشركة وعملها وأغراضها المصرح بها في النظام الأساسي فإن كان غرض الشركة ونشاطها هو العمل في تجارة الأعيان والمنافع والحقوق عن طريق العقود الشرعية كالمرابحة والاستصناع والإجارة ونحوها ، فإن الديون أو النقود الناتجة منها مهما كثرت لا تؤثر في تداول أسهمها إلا في حالات البداية قبل العمل، أو النهاية عند التصفية، وذلك لأن العمل التجاري هو الأصل المتبوع المقصود وأن الديون أو النقود نتجت تبعاً لذلك العمل.

أما إذا كانت أغراض الشركة هي التجارة في العملات أو الصرافة أو بيع الديون وشرائها فقط فإن تداول أسهمها يحتاج إلى تطبيق قواعد الصرف، أو أحكام بيع الديون، وبناءً على ذلك فإن الأصل المتبوع في الشركات (التي تحدد أغراضها في التجارة من خلال عقود البيع والشراء والمرابحة والسَلَمْ  والاستصناع والإجارة ونحوها الواقعة على السلع أو المنافع أو الحقوق ) هو ذلك النشاط المتمثل في بيع موجودات الشركة ، أو بقية العقود الأخرى ، وما نتج من ذلك من تحقيق الأرباح . وأن الديون أو النقود ليست هي المقصودة أصالة من تلك الشركات لا من حيث أغراض الشركة ولا من حيث النشاط الفعلي للشركة ولا من حيث القصد العام للمساهمين أو المتعاملين مع الشركة فهم يقصدون حقيقة أنشطة الشركة وإنتاجها ، ومن ثم الحصول على أرباحها.

وحتى من الجانب العملي فإن هذه الشركات  إذا تحققت لها نقود أو حصلت الديون أعادت استثمارها في البيع والشراء والعقود الواردة على السلع والمنافع والحقوق، في حين أن الأصل المتبوع في الشركات التي تحدد أغراضها في بيع الديون، أو العملات أو الصيرفة هو ذلك النشاط المتمثل في تحقيق تلك الأغراض التي تتجه الشركة لتحقيقها ، ونجعلها محور نشاطها .

ويدل على ذلك الجمع بين الأحاديث الواردة في هذا الشأن فحديث فضالة بن عبيد الأنصاري (الذي رواه مسلم والذي نهى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع القلادة التي فيها خرز إلا بنـزع الخرز، ثم بيع الذهب وحده ) يدل على أن الرسول أوجب النـزع، لأن البيع كان وارداً على الذهب أصالة، وجاء الخرز تبعاً، ولم يعتد الرسول بكلام السائل : أنه يريد الحجر ، لأن القصد الظاهـر في القلادة متجه نحو الذهب فهو الأصل المقصود، مما يعطي للقصد العام الأهمية القصوى، وأما الحديث الصحيح المتفق عليه ” من باع عبداً   و له مال، فمالـه للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع ” ففيه أن البيع قد وقع على أصل العبد، وجاء ماله ولو كان ذهباً أو فضه  (كثيراً أو قليلاً تبعاً) ،حيث يدل الحديث بظاهره على جواز ذلك دون النظر إلى جنس الثمن لأن لفظ ” مال ” في الحديث يشمل جميع أمواله نقداً كان أو ديناً ، أو عرضاً قليلاً أو كثيراً كما يدل على أن مال العبد المباع مهما كان مقداره أو نوعه فهو تابع له .

وكذلك الحال في الحديث الصحيح المتفق عليه بلفظ ” من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر، فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع ” حيث يدل على جواز بيع الثمر قبل بدو صلاحها تبعاً للنخل، مع أنه لا يجوز بيعها وحدها لثبوت النهي عن ذلك .

ومن تطبيقات ذلك ما ذهب إليه الحنابلة من أن ” صلاح بعض ثمرة شجرة في بستان صلاح لها – أي للشجرة – وصلاح لسائر النوع الذي في البستان الواحد ” وإنما صح مع ما بدا صلاحه تبعاً له ( كشاف القناع 3/387 ويراجع المغني 6/156 ) وعلى ضوء ذلك يجوز تداول الأسهم أو الصكوك أو الوحدات الاستثمارية مهما كانت نسبة الديون أو النقود بالشروط التالية :-

أن تحدد أغراض الشركة بأعمال التجارة والاستثمار أو الصناعة أو الزراعة من خلال العقود الواردة على السلع أو المنافع أو الحقوق ، أي أن لا تحدد أغراضها في الصيرفة ، أو بيع الديون .

أن لا تقتصر موجودات الشركة أو الصندوق أو الصكوك على النقود والديون فيكون فيها موجودات مادية أو معنوية من أعيان ومنافع دون النظر إلى النسبة.

أن تكون أعمال البيع والشراء والاستصناع ونحوها هي المقصودة أصالة ، وتكون الديون أو النقود قد أتت تابعة غير مقصودة وإنما اقتضتها طبيعة أنشطة المؤسسة بأن كانت تابعة للأعيان والمنافع ، أي أن هناك قصداً تبعياً لها ضمناً.

والمراد بالقصد المعتبر هو أن يكون محل التداول حصة في الوعاء الاستثماري للنشاط المشروع القائم أصالة على المتاجرة في السلع والخدمات غير المقتصر على التعامل في النقود المحضة والديون المحضة أما إذا كان محل التداول الديون – كما في سندات الديون – أو النقود فقط فلا يجوز تداولها إلا على ضوء ضوابط بيع الديون والنقود.

أن تبدأ المؤسسة ممارسة أنشطتها في الأعيان والمنافع أما قبل ذلك فيكون التداول نقداً بالقيمة المدفوعة.

وأن يتوقف التداول عند إعلان التصفية القانونية للمؤسسة .

لا يجوز أن يتخذ القول بالجواز ذريعة أو حيلة لتصكيك الديون وتداولها كأن يتحول نشاط الصندوق إلى المتاجرة بالديون التي نشأت عن السلع ، ويجعل شيء من السلع في الصندوق حيلة للتداول.

بيع الصكوك (بيع عين الأصول / الأعيان) :

سنتطرق إلى هذا الموضوع من خلال ذكر أهم المسائل المتعلقة في بيع الصكوك، والتي كنت قد ناقشتها في مؤتمرات وندوات سابقة.

المسألة الأولى : تقييد تصرف مالك الصك في بيعها لغير مصدرها ، رغم أن شروط وأحكام الصكوك لا تتضمن أي نص صريح من حرية المشتري في التصرف بالمبيع تصرف المالك في ملكه ، لكن حقيقة الحال أن مالك الصك لا يستطيع بيعها إلى غير المصدر ، كما لا يستطيع حضور الجمعية العمومية للشركة إذا كانت الأصول أسهماً … الخ .

للجواب عن ذلك نقول :

الفقرة تضمنت حالة ما إذا كان العرف أو الواقع هو أن مالك الصك لا يستطيع بيعه إلى غير المصدر دون وجود شرط ، ففي هذه الحالة يثار هذا السؤال : هل العبرة بالعقد أم بالواقع؟

الذي عليه الفقهاء هو أن العبرة بما في العقد ، وبنوده ، وبما اتفق عليه العاقدان ، وليس بالواقع الذي يتم فيما بعد ، وبالتالي فالعقد صحيح ما دامت أركانه وشروطه متوافرة ولم يوجد مانع معتبر شرعاً .

ويمكن أن يثار حول هذه المسألة ما يأتي :

أ – هل يدخل هذا من باب الخلاف الدائر حول العناية في العقد الباطن أولاً ، أم الاعتماد في العقود على الظاهر! .

وهذه المسألة يعبر عنها الفقهاء من خلال القاعدة الفقهية القاضية بأن الأمور بمقاصدها ، وهي مأخوذة من الحديث الصحيح ( إنما الأعمال بالنيات )[23] .

وقد اتفق الشافعي ، وأحمد ، وابن مهدي ، وابن المديني ، وأبو داود ، والدارقطني ، وغيرهم ، على أنه ثلث العلم ، ووجه البيهقي ذلك بأن كسب العبد يقع بقلبه ، ولسانه ، وجوارحه ، فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها ، لأنها قد تكون عبادة مستقلة ، وغيرها يحتاج إليها ، ومن ثم ورد : ( نية المرأ خير من عمله)[24].

ولكن هذه القاعدة المبنية على النيات تدور حول دور النيات في قبول العبادات ، أو عدمه ، وفي باب الثواب والعقاب[25] ، وفي تعيين الألفاظ غير الصريحة ( أي الكنايات ) حيث تحدد النية المراد بها ، وأما الصريحة فلا ينظر فيها ـ من حيث القضاء ـ إلى القصد بمعنى النية بل يحمل على ظاهر لفظه ، فقد اتفق الفقهاء على أن الصريح لا يحتاج إلى النية ـ أي إلى إرادة استعماله ـ يقول ابن نجيم : ( وأما المعاملات فأنواع : فالبيع لا يتوقف عليها ، وكذا الاقالة ، والإجارة لكن قالوا : إن عقد بمضارع لم يصدر بسوف ، أو السين توقف على النية ، فإن نوى به الإيجاب للحال كان بيعاً وإلاّ فلا ، ، بخلاف صيغة الماضي ، فإن البيع بها لا يتوقف على النية… وأما الهبة فلا تتوقف على النية ، وأما الطلاق فصريح وكناية ، فالأول يحتاج في وقوعه إليها … ـ أي قضاءً ـ …. وما كان كناية اشترطت ـ أي النية ـ  له..)[26].

ومن هنا يتبين لنا أن ما يجري عليه العمل يعدّ أمراً لن يؤثر في صحة العقد ، وإنما يطبق عليه الحكم التكليفي من حيث الحل والحرمة إذا كانت النية حسنة ، أو سيئة ، كما أن للقصد (النية) غير المشروع أثراً في العقود إذا أريد بظاهر العقد الوصول إلى الربا ، كما في بيع العينة حيث لا يصح عند جمهور الفقهاء[27]، أو إلى محرم آخر مثل تحليل المرأة المطلقة ثلاثاً لزوجها الأول ، حيث لا يصح عند جماعة من الفقهاء[28] .

ومن هنا يتبين لنا أن الموضوع الذي أثير في السؤال لا يدخل في هذه المسائل ، لأن العقد هنا أريد به الوصول إلى الربا ، أو تحليل المطلقة ثلاثاً لزوجها الأول ، وبذلك عارض العقد مقصد الشارع فلذلك ألغى في نظر هؤلاء الفقهاء ، أما في موضوعنا المبحوث عنه فلم يجعل العقد وسيلة لتحقيق شيء محرم ، وإنما جاء التنفيذ مفصولاً غير مرتبط بالعقد .

ب – وهل يدخل في باب ( المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً ) وهي قاعدة فقهية معروفة فسّرت بأن (المعروف المعتاد بين الناس ـ وإن لم يذكر صريحاً ـ فهو بمنزلة التصريح ، لدلالة العرف عليه ، فقد ذكر في البدائع من كتاب الإجارة : ( أن توابع العقود التي لا ذكر لها في العقود تحمل على عادة كل بلد ….)[29] .

ومن مسائلها : أن تعجيل الثمن لا يحتاج إلى شرط … أما التأجيل والتقسيط فإنهما لا يثبتان إلاّ بشرط أو عرف ؛ لأن ا لمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً [30].

ولكن الفقهاء صرحوا بأن دخول العرف في العقد من قبيل الدلالة ، ولذلك جاز اشتراط خلافه بالشرط الصريح .

وهذه القاعدة ـ كما رأينا ـ تقضي بدخول ما هو معروف بين الناس في العقد كأنه قد شرط لفظاً ، ومن هنا فيمكن اعتبار ما ذكر في السؤال داخلاً في العقد وبمثابة الشرط ، ولكن بشرط أن يكون ذلك معروفاً لدى الناس ومعتاداً ، وبالتالي فيكون من حق صاحب الصك مطالبة المصدر بشراء الصكوك إذا قلنا بما ذكر على الرغم من أن هذا الدخول محل نظر[31] .

وهنا وفي ضوء هذه الفرضية بالدخول فهل يكون ذلك الشرط مقبولاً في البيع ؟

وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة ، حيث ذهب الجمهور إلى أن هذا الشرط باطل ؛ لأنه ينافي مقتضى عقد البيع القاضي بحق المشتري في التصرف المطلق ، وهل يفسد به البيع ؟ فيه رأيان :

الرأي الأول : أن البيع صحيح وهذا هو رأي بعض الفقهاء ، وهو المنصوص عليه عند أحمد مستنداً على حديث بربرة المعروف الذي أبطل فيه النبي صلى الله عليه وسلم الشرط وصحح البيع[32] .

والرأي الثاني : أن البيع أيضاً باطل ، وهذا رأي جمهور الفقهاء[33] .

وفي نظري أن ما ذكر هنا خاص بإدخال الشرط في العقد ، أما ما تعارف عليه المشتري فلا يدخل فيه من حيث الحكم ، بالاضافة فإن ما ذكرته هنا في البيع ، في حين أن ما ذكر في الصكوك هو في عقد المشاركة ، أو المضاربة ، أو نحوهما ، وبالتالي فلا يأخذ الحكم نفسه .

وإنما المسألة تدخل ضمن الضمان الضمني ، وهذا هو محل بحث ونقاش.

والخلاصة أن إدخال ما ذكر في السؤال المطروح في قاعدة ( أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً ) محل نظر ؛ وذلك لأن هذه واقعة عملية ، حيث كماجاء في السؤال : ( لكن حقيقة الحال أن مالك الصك لا يستطيع بيعها إلى غير المصدر) .

ج- أما ما أثير في السؤال (أ) أيضاً من : ( …أن مالك الصك لا يستطيع حضور الجمعية العمومية للشركة إذا كانت الأصول أسهماً …) فلا يؤثر من الناحية الفقهية في جواز ، أو صحة العملية ما دامت الأركان والشروط والضوابط متوافرة ، وذلك لأنه داخل في التنازل عن الأمور الإدارية التي يجوز للشريك المساهم أن يتنازل عنها في شركة العنان التي أجيزت وبنيت على أصولها فكرة الشركات المساهمة ، ولذلك أجاز مجمع الفقه الإسلامي امتياز الأسهم بالجوانب الإدارية دون الامتياز المالي ، حيث نص قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، قرار رقم (63(1/7) على أنه : ( لا يجوز إصدار أسهم ممتازة لها خصائص مالية تؤدي إلى ضمان رأس المال أو ضمان قدر من الربح ، أو تقديمها عند التصفية ، أو عند توزيع الأرباح .

ويجوز إعطاء بعض الأسهم خصائص تتعلق بالأمور الإجرائية ، أو الإدارية )[34] .

المسألة الثانية : النص على التزام البائع بإعادة الشراء بثمن الشراء الأول ( القيمة الاسمية ) في أي وقت يعجز فيه عن دفع التوزيع الدوري لحملة الصكوك .

للإجابة على هذا نحتاج إلى تفصيل في المحتوى :

1- يحتمل لفظ ( الالتزام ) الوارد في السؤال ما يأتي :

(أ) إذا تم الالتزام عن طريق عقد على المستقبل فلا يجوز إلاّ إذا توافرت فيه شروط البيع إذا كان المبيع معيناً ، وشروط السلم وضوابطه إذا كان المبيع موصوفاً في الذمة .

(ب) إذا تم عن طريق المواعدة فإنها غير ملزمة بالاتفاق ، كما صدر بذلك قرار من مجمع الفقه الإسلامي ، قرار قم (40-41 (2/5 و3/5) حيث نص على : ( المواعدة : وهي التي تصدر من الطرفين – تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز، لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكاً للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده)[35].

كما نص قرار رقم (107 (1/12) من قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي على أن الالتزام إذا كان مبنياً على المواعدة الملزمة للطرفين فإنها غير جائزة لأنه تشبه العقد نفسه ، فيكون البيع هنا من بيع الكالئبالكالئ)[36] .

(ج) أما إذا كان عن طريق الوعد الملزم بالقيمة الاسمية فإنما يجوز ذلك إذا كان العقد في غير دائرة الاستثمارات ، حيث لا يجوز الوعد الملزم من المضارب ، أو الشريك ، أو الوكيل المدير ، لأن ذلك يؤدي إلى ضمانهم وهم أمناء وإلى ضمان رأس المال وهذا غير جائز ـ كما سبق ذكر ذلك في القرارات والمعيار الشرعي الخاص بالصكوك ، وملحقه ـ ولكن يجوز الوعد الملزم من طرف ثالث في الحالات السابقة أيضاً.

وكذلك يجوز الوعد الملزم بأي ثمن محدد في الشراء الأخير في الإجارة المنتهية بالتمليك وفي شركة الملك ، ونحوهما .

2- إن إعادة الشراء يشترط فيها أن لا تؤدي إلى بيع العينة ، وذلك بأن يكون الشراء في المرة الثانية لشخص ثالث ، أو أن يكون بعد فترة يقطع فيها الأمر بعدم الربط بين العقدين ، أي لا يكون المراد به التحايل للوصول إلى الربا أو العينة .

3- قلنا إن الالتزام بالقيمة الاسمية في عقود المشاركات والأمانة غير جائز إلاّ من خلال الوعد الملزم من طرف ثالث …. – كما سبق – أما الالتزام من خلال وعد ملزم بشراء الصكوك بالقيمة المتفق عليها في وقت الشراء أو بالقيمة السوقية فهذا جائز ، لأنه لا يؤدي إلى ضمان رأس المال .

4- أما ما اشتهر في ماليزيا وغيرها من النص على الوعد الملزم بشراء الصكوك من خلال معادلة تؤدي إلى القيمة الاسمية بالضبط فتطبق عليه أحكام الوعد بالقيمة الاسمية ، حسبما ذكرناه ، ؛ لأن الأحكام الشرعية لا تتغير بتغيير الاسم المجرد ، فالعبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني[37].

وقد نص البند (5/1/8/7) من المعيار الشرعي ذي الرقم (17) على : (أن لا تشتمل النشرة على أي نص يضمن به مصدر الصك لمالكه قيمة الصك الاسمية في غير حالات التعدي أو التقصير، ولا قدراً معيناً من الربح، لكن يجوز أن يتبرع بالضمان طرف ثالث مستقل، مع مراعاة ما جاء في المعيار الشرعي رقم (5) بشأن الضمانات البند 7/6 . كما يجوز أن يقدم مصدر الصك لمالكه بعض الضمانات العينية أو الشخصية لضمان مسؤوليته في حالات تعديه أو تقصيره، مع مراعاة البند 3/1/4/3 من المعيار الشرعي رقم (12) بشأن الشركة (المشاركة) والشركات الحديثة والعقود الواردة فيه ) .

المسألة الثالثة : النص على التزام حملة الصكوك بأن يبيعوا الأصول لبائعها الأول فقط بثمن محدد مسبقاً يساوي ثمن الشراء الأول .

وما ذكر في هذه المسألة لا يختلف حكمها عما ذكرناه آنفاً في المسألة الثانية ، حيث يطبق عليه القواعد السابقة من أن يتم الشراء بشكل بعيد عن بيع العينة ، ومن تطبيق قواعد الوعد ، والمواعدة التي ذكرناها في فقرة (ب) .

المسألة الرابعة : اشتراط مصدر الصكوك بقاء الأصول مسجلة باسمه ومدرجة في ميزانيته         (Balance Sheet) على اعتبار أنها سترجع إليه بعد عدد من السنوات ، وهل يختلف الحكم باختلاف الأصول ( عقارات ، معدات ، أسهم ) .

هذه المسألة أيضاً تحتاج إلى تفصيل :

1- إن هذا الاشتراط يتنافى مع مقتضى عقد البيع القاضي بنقل الملكية ، وبالتالي فيكون شرطاً باطلاً [38]، وقد نص البند (5/1/8/3) من المعيار الشرعي ذي الرقم (17) ضمن الشروط العامة لصحة الصكوك : ( …… أن لا يتضمن العقد شرطاً يتنافى مع مقتضاه ، أو يخالف أحكامه ).

وهل يبطل العقد نفسه ببطلان هذا الشرط ؟

جمهور الفقهاء على بطلان عقود المعاوضات المالية بالشرط المنافي لمقتضى العقد ، حيث يقول ابن عابدين : ( ضابط فساد البيع بشرط أنه كل شرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ، وفيه منفعة لأحد العاقدين ، أو للمعقود عليه وهو من أهل الاستحقاق ولم يجر به عرف ، ولم يرد الشرع بجوازه ……… )[39] .

والمالكية في أحد القولين لا يختلفون في هذه المسألة عن الحنفية حتى في تكرار بعض الأمثلة ، حيث ضربوا للشرط المخالف لمقتضى العقد أن يشترط البائع على المشتري أن لا يبيع العين المبيعة ، أو أن يشترط ما يؤدي إلى التحجير على المشتري .

ولكنهم في القول الثاني : إنه يفسخ البيع ما دام البائع متمسكاً بشرطه ، فإن ترك الشرط صح البيع[40] .

والشافعية على المشهور الراجح قالوا بإبطال البيع بالشرط المخالف لمقتضاه ، وذكر إمام الحرمين ، والرافعي قولاً ( وصفه النووي بأنه ضعيف )[41] حكاه أبو ثور عن الشافعي مؤداه : عدم فساد البيع بالشروط الفاسدة مطلقاً ، بل يلغو الشرط ويصح البيع[42]لقصة بريرة رضي الله عنها حيث اشترط المشتري أن يكون الولاء لغير معتقها[43] وهذا هو رأي الحنابلة في رواية صحيحة في المذهب ، حيث قال القاضي : (  المنصوص عن الإمام أحمد : أن البيع صحيح ) والرواية الثانية : أن البيع باطل أيضاً ، وقد اختارها القاضي وأصحابه ، وصححه في الخلاصة )[44] .

والذي يظهر لي رجحانه هو رأي الجمهور القاضي ببطلان البيع أيضاً ، وبخاصة في عصرنا الحاضر الذي لا يمكن إبطال الشرط دون العقد حسب القوانين الحاكمة في معظم البلاد الإسلامية ، وبالتالي فإن الشرط تلزم به القوانين  العاقد ، فلا يكون له مفرّ من تنفيذه ، بالإضافة إلى أن في قبول هذا الشرط إثماً على العاقدين حتى عند القائلين ببطلان الشرط وحده دون البيع[45].

2- إن تنفيذ هذا الشرط تترتب عليه آثار خطيرة منها :

أ – مخاطر قانونية تكمن في أن القوانين السائدة لا تعترف بملكية أحد لبعض الأصول إلاّ إذا سجلت رسمياً له وذلك مثل العقارات ، والأسهم ، ونحوهما ، وقد اشترط البيان المعتمد من المجلس الشرعي حول الصكوك أن تكون ملكية موجودات الصكوك باسم حملة الصكوك وأن يكون انتقالها إليهم ممكناً من الناحية القانونية أيضاً .

ولذلك اشترط المعيار المحاسبي الخاص بالاستثمارات ذو الرقم (17) في البند 3/10 ، على : ضرورة الفصل بين ما يخص أصحاب حقوق الملكية ، وما يخص أصحاب حسابات الاستثمار المطلقة .

ب – إن هذه العملية تجعل عملية نقل الملكية عملية صورية وشكلية ، قد ظهرت فيها النية المبيتة على جعل هذه العقود مجرد شكل للوصول إلى الاقراض بفائدة .

ج- إن ذلك لو تم فلا تبقى فروق جوهرية بين السندات والصكوك ، وذلك لأن الفرق الجوهري البارز هو أن الصكوك تمثل موجودات من الأعيان والمنافع في حين أن السندات تمثل الديون والالتزام ، فلو تم ذلك الاشتراط لم يعد هناك فرق جوهري بينهما ولا سيما من الناحية القانونية التي هي الحاكم والمرجع في عصرنا الحاضر .

د- إن هذا الاشتراط من قبل مصدر الصكوك يجعل العقد في نظري قريباً من بيع الوفاء الذي قال ببطلانه جماهير الفقهاء ، وصدر بذلك قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، قرار قم (66 (4/7) حيث نص على أن المجلس : (إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة  1412 الموافق 9 – 14 أيار (مايو) 1992م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصـوص موضوع بيع الوفاء، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول بيع الوفاء، وحقيقته: “بيع المال بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع” ، قرر ما يلي:

أولاً: إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعاً)، فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء.

ثانياً: إن هذا العقد غير جائز شرعاً )[46].

وحول مدى اختلاف الحكم السابق باختلاف الأصول ( عقار ، معدات ، أسهم ) :

 فمما لاشك فيه أن الأصول إذا اشترط فيها القانون لنقل الملكية التسجيل فإن العملية تكون أخطر ـ كما سبق ـ وتكون متعارضة مع بيان المجلس الشرعي ، ولكن يبقى الأصل العام هو أن تسجل الأصول كلها باسم حملة الصكوك ، أو من يمثلهم ـ كما سبق ـ .

حكم بيع حق الانتفاع ( الملكية النفعية Beneficial Ownership) وهل هي مقبولة في كل جنس من الأصول حتى الأسهم .

فللإجابة عن ذلك نقول :

إن الملكية النفعية ( أو الحكمية ) هي ملكية التحكم والتصرف والانتفاع ، وهي تقابل الملكية القانونية التي يراد بها الملكية الحقيقية من خلال الوثائق القانونية[47] .

ولا يكتفي نقل الملكية النفعية مع بقاء الملكية الحقيقية مع البائع ، كأن يبقي المصدر ( البائع ) ملكيته للأسهم  ، وينقل إلى حملة الصكوك أرباحها الدورية (dividends) أو يبقى المصدر ملكية أصل مؤجر ، وينقل لحملة الصكوك حق الحصول على الأجرة[48]؛ وذلك لأن الملكية المعتبرة في باب البيع هو نقل الرقبة والمنفعة به إلى المشتري ، وإلاّ فلم يكن ذلك بيعاً[49]، وبالتالي فيشترط في الصكوك الشرعية أن يتم هذا النقل بصورة شرعية وقانونية .

الملكية القانونية ومدى توافرها في الصكوك :

الملكية القانونية هي الملكية التي توافرت فيها شروطها الموضوعية ، والشروط الشكلية إن كانت مطلوبة مثل التسجيل في الدوائر الرسمية الخاصة بالنسبة للعقارات ونحوها ، حتى يتم الاعتراف بها في القانون .

وتثار هذه المسألة بسبب أن بعض المؤسسات المالية الإسلامية تتعامل عند تنفيذ المرابحات ولا سيما في العقارات إلى عدم تسجيلها أولاً باسم المؤسسة ، ثم بيعها وتسجيلها باسم العميل ، وإنما يكتفى بالتوقيع على العقود الشرعية المنظمة للعملية ، والتي تتوافر فيها الأركان الشرعية من الايجاب والقبول ونحوهما ، وذلك بسبب التكاليف والرسوم الباهضة للتسجيل الرسمي مرتين ، وعدم قبول الدوائر الرسمية بدفع الرسوم مرة واحدة بدل مرتين ، مع أن بعض الدول بدأت تدرك أهمية الفرق بين المؤسسات المالية والإسلامية ، والبنوك التقليدية فأجازت دفع الرسوم في المرابحات مرة واحدة وهي المرة الأخيرة.

غير أن هذه المسألة مقبولة في دائرة المرابحات لأن المعقود عليه ينتقل إلى العميل خلال ساعات أو أقل ، وتبقى الاشكالية بالنسبة لمسائل الملكية في الصكوك من جانبين :

الجانب الأول : أن يكون محل الصكوك المعقود عليه قابلاً لعقد البيع ، أو الإجارة حسب قانون البلد الذي يقع فيه المعقود عليه.

والجانب الثاني : أن يسجل محل الصك تسجيلاً قانونياً .

وقد صدر في إطار الجانب الأول قرار المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOIFI الخاص بضوابط الصكوك نذكره مرة أخرى بنصه لأهميته : ( الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد،

فإن المجلس الشرعي بهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) نظراً لاتساع تطبيق الصكوك عالمياً والإقبال العام عليها ومايثار حولها من ملاحظات وتساؤلات، بحث  موضوع إصدار الصكوك في ثلاثة اجتماعات (أولاً) بالمدينة المنورة بتاريخ 12 جمادى الآخرة 1428هـ الموافق 27 يونيو 2007 (وثانيا)ً بمكة المكرمة بتاريخ 26 شعبان 1428هـ الموافق 8 سبتمبر 2007، (وثالثاً) بمملكة البحرين بتاريخ 7 و 8 صفر 1429هـ الموافق 13 و 14 فبراير 2008، بعد ما اجتمعت اللجنة المنبثقة منه بتاريخ 6 محرم 1429هـ الموافق 15 يناير 2008 بمملكة البحرين بحضور عدد كبير من ممثلي مختلف البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية وقدمت تقريرها إلى المجلس الشرعي.

وبعد النظر فيما دار في هذه الاجتماعات، والأوراق والبحوث التي قدمت فيها، فإن المجلس الشرعي_ إذ يؤكد على ما ورد بشأن الصكوك في المعايير الشرعية _ يوصي المؤسسات المالية الإسلامية وهيئات الرقابة الشرعية أن تلتزم عند إصدار الصكوك بما يأتي:

أولاً: يجب أن تمثل الصكوك القابلة للتداول ملكية حملة الصكوك بجميع حقوقها والتزاماتها، في موجودات حقيقية من شأنها أن تتملك وتباع شرعاً وقانوناً، سواء أكانت أعياناً أم منافع أم خدمات، وفقاً لما جاء في المعيار الشرعي رقم (17) بشأن صكوك الاستثمار، بند (2) وبند 5\1\2. ويجب على مدير الصكوك إثبات نقل ملكية الموجودات في سجلاته وألا يبقيها في موجوداته.

ثانياً: لايجوز أن تمثل الصكوك القابلة للتداول الإيرادات أو الديون ، إلا إذا باعت جهة تجارية أو مالية جميع موجوداتها، أو محفظة لها ذمة مالية قائمة لديها ودخلت الديون تابعة للأعيان والمنافع غير مقصودة في الأصل وفق الضوابط المذكورة في المعيار الشرعي رقم (21) بشأن الأوراق المالية.

ثالثاً: لا يجوز لمدير الصكوك، سواء أكان مضارباً أم شريكاً أم وكيلاً بالاستثمار أن يلتزم بأن يقدم إلى حملة الصكوك قرضاً عند نقص الربح الفعلي عن الربح المتوقع، ويجوز أن يكون احتياطي لتغطية حالة النقص بقدر الإمكان، بشرط أن يكون ذلك منصوصاً عليه في نشرة الاكتتاب. ولا مانع من توزيع الربح المتوقع تحت الحساب وفقاً للمعيار الشرعي رقم (13) بشأن المضاربة، بند 8\8. أو الحصول على تمويل مشروع على حساب حملة الصكوك

رابعاً: لا يجوز للمضارب أو الشريك أو وكيل الاستثمار أن يتعهد بشراء الأصول من حملة الصكوك أو ممن يمثلهم بقيمتها الاسمية عند إطفاء الصكوك في نهاية مدتها ويجوز أن يكون التعهد بالشراء على أساس صافي قيمة الأصول أو القيمة السوقية أو القيمة العادلة أو بثمن يتفق عليه عند الشراء، وفقاً لما جاء في المعيار الشرعي رقم (12) بشأن الشركة (المشاركة) والشركات الحديثة، بند 3\1\6\2.، وفي المعيار الشرعي رقم (5) بشأن الضمانات، بند 2\2\1  و  2\2\2.  علماً بأن مدير الصكوك ضامن لرأس المال بالقيمة الاسمية في حالات التعدي أو التقصير ومخالفة الشروط، سواء كان مضارباً أم شريكاً أم وكيلاً بالاستثمار.

أما إذا كانت موجودات صكوك المشاركة أو المضاربة أو الوكالة بالاستثمار تقتصر على أصول مؤجرة إجارة منتهية بالتمليك، فيجوز لمدير الصكوك التعهد بشراء تلك الأصول _عند إطفاء الصكوك_ بباقي أقساط الأجرة لجميع الأصول، بإعتبارها تمثل صافي قيمتها.

خامساً: يجوز للمستأجر في التعهد في صكوك الإجارة شراء الأصول المؤجرة عند إطفاء الصكوك بقيمتها الاسمية على ألا يكون شريكاً أو مضارباً أو وكيلاً بالاستثمار.

سادساً: يتعين على الهيئات الشرعية أن لا تكتفي بإصدار فتوى لجواز هيكلة الصكوك، بل يجب أن تدقق العقود والوثائق ذات الصلة وتراقب طريقة تطبيقها، وتتأكد من أن العملية تلتزم في جميع مراحلها بالمتطلبات والضوابط الشرعية وفقاً للمعايير الشرعية، وأن يتم استثمار حصيلة الصكوك وماتتحول تلك الحصيلة إليه من موجودات بإحدى صيغ الاستثمار الشرعية وفقاً للمعيار الشرعي رقم (17) بشأن صكوك الاستثمار، بند 5\8\1\5.

هذا ويوصي المجلس الشرعي المؤسسات المالية الإسلامية أن تقلل في عملياتها من المداينات، وتكثر من المشاركة الحقيقية المبنية على قسمة الأرباح والخسائر ، وذلك لتحقيق مقاصد الشريعة  ، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين ) انتهى القرار  .

وأما بالنسبة للجانب الثاني ، فقد نوقشت هذه المسألة في عدة ندوات ، نذكر التوصيات التي صدرت عن ندوة الصكوك الإسلامية – خصائص الصكوك المميزة لها عن السندات، والتي نظمتها شركة دراسات للبحوث المصرفية والدراسات الشرعية في الدوحة بتأريخ 13 يناير 2013 ، حيث جاءت التوصيات على النحو الآتي :

( أولاً: نقل أصول الصكوك:

– الأصل أن تٌخرَج أصول الصكوك من ميزانية المنشئ وملكيته القانونية، وتصبح في تصرف وملك حملة الصكوك أو من يمثلهم .

– إذا دعت الحاجة – لأسباب قانونية أو ضرائبية أو إجرائية – إلى عدم إخراج الأصول من القوائم المالية للمنشئ، فإنها تبقى مسجلة قانونيًا باسمه وفي ميزانيته، ولكن يؤشر على ذلك في الإيضاحات بما يدل على أنها مملوكة لحملة الصكوك.

– إذا نُصَّ في نشرة الإصدار على أن الملكية لا تنتقل قانونًا إلى حملة الصكوك، بسبب عدم التسجيل أو أنه من غير المعروف إن كانت ستنتقل أو لا، فيلزم النص على أنها تنتقل شرعًا بالعقد، وإن لم ينص على ذلك فالانتقال شرعًا قائم.

– إذا كان عدم التسجيل لا ينافي صحة العقد قانونًا، لكنه لا يُمَكِّن من الاحتجاج به في مواجهة الغير، فيصرح بذلك ويفصح عنه في نشرة الإصدار.

ثانيًا: بيع الأصول المشتملة على الأعيان والديون:

– إذا بيعت المحفظة (المنشأة) الشركة وموجوداتها عبارة عن خلطة من الديون والأعيان والخدمات بما لها وما عليها، فذلك جائز شرعًا.

– إذا لم تكن الموجودات عبارة عن خلطة في وضعها القائم، وإنما كانت الأعيان والديون معزولاً بعضها عن بعض، فالإجراء هو أن يتم إصدار الصكوك من الـ (SPV) ثم تقوم الشركة بشراء الأعيان بما يُتَّفق عليه والديون بمثلها حوالة لا بأكثر ولا بأقل. وعند تداول الصكوك فإنها تكون حصة شائعة في خلطة، ويكون ذلك بعد نشوء الخلطة.

– تكوين وعاء داخلي دفتري يشتمل على الأعيان والديون، ولا تُنْقل إلى محفظة الصكوك إلا دفعة واحدة في صفقة واحدة، فيكون الاختلاط حقيقيًا قبل نقل هذه المحفظة الدفترية.

– ألا تقل الأعيان والحقوق والمنافع عن الثلث.

ثالثًا: نوع ملكية حملة الصكوك والشركة ذات الغرض الخاص :

– الأصل أن يملك حملة الصكوك موجوداتها ملكية قانونية ونفعية.

– يجوز أن يملك حملة الصكوك موجوداتها ملكية نفعية BENEFICIARY OWNERSHIP أو ملكية عقدية في البلاد التي لا يوجد في قانونها ملكية نفعية، مع بقاء الملكية القانونية (الرسمية) للمنشئ ، لأن الملكية النفعية أو العقدية يترتب عليها جميع المقتضيات الشرعية للملك عدا التسجيل الرسمي.

– إذا كان التصرف أو الالتزام غير جائز لشخص طبيعي أو اعتباري في علاقة تعاقدية فلا يتغير الحكم بصدوره من شركة ذات غرض خاص يؤسسها الممنوع من ذلك التصرف لتمرير الأمر.

رابعًا: الفرق بين الوكيل بالاستثمار ووكيل الخدمات في التعهد بالشراء:

– لا يجوز لوكيل الاستثمار- وهو الذي يدير الأموال بيعًا وشراء واستثمارًا- التعهد بشراء أصول الصكوك بالقيمة الاسمية أو بقيمة محددة ابتداء، لأن ذلك يؤول إلى الضمان الممنوع شرعًا.

أما وكيل الخدمات – وهو الذي يقدم خدمات ويفوض ببعض التصرفات كالقبض والدفع والتأمين والصيانة دون أن يفوض بالاستثمار وإدارة المال- فيجوز له التعهد بالشراء بالقيمة الاسمية أو المحددة ابتداء أو ما يتفقان عليه في حينه . انتهى) .

والخلاصة أنه في الحالة التي لم يتمكن من التسجيل فيجب توافر الشروط والضوابط الآتية :

1- أن تتحقق الملكية حسب نوعية الصك والعقد الذي بني عليه شرط ضرورية ، بل هو ركن من أركان الصكوك المشروعة ، حتى يتحقق ميزان العدل في توزيع الحقوق والواجبات ، وحتى تكون هذه الصكوك قيمة حقيقية غير صورية تكون وسيلة لتحريك الاقتصاد ، وتسريع الدورات الاقتصادية النافعة والمنتجة ، ولذلك مهما كانت نوعية الصك فإن المعيار المميز هو الملكية ، ولذلك فأي صك لا يتملك صاحبه جزءاً شائعاً من الموجود (موضوع الصك) ولا يتحمل جميع الحقوق والالتزامات المترتبة على ملكية ذلك الجزء الشائع لا يدخل في الصكوك الشرعية .

2- يترتب على الملكية ما يأتي :

أ- تحمل الخسائر وتملك الأرباح (الغرم بالغنم) والخراج بالضمان .

ب- يجب استخدام الأموال لأغراض الصكوك.

ج- يجب ربط الدخل الناتج عن الصكوك بالأغراض التي تم استخدام التمويل من أجلها.

د- لا بدأ أن تثبت هذه الملكية بالطرق الشرعية والقانونية وأن يتم نقل ملكية الموجودات إلى جهة تمثل مالكي الصكوك.

هـ- ليس لمالكي الصكوك الحق بالمطالبة بغير موجوداتهم إلاّ في حالة التعدي والتقصير.

و- في حالة ما إذا لم يسمح القانون بالتسجيل ، فلا بد من مراعاة أن تبقى حقوق الملكية حسب نوعية الصك قائمة ، مثل التصرف ، وأداء الواجبات والالتزامات ، وقد اشترط مجلس الخدمات المالية الإسلامية في معياره الخاص بمتطلبات كفاية رأس المالك لتصكيك الصكوك في مادته رقم (30) أربعة شروط أساسية لكي يتم اعتبار صفقة ما (بيعاً حقيقياً) يؤدي إلى نقل الملكية ، وهي :

(1) يجب أن يكون النقل بشكل لا يمكن ان تعتبره محكمة او هيئة أخرى على أنه قرض مضمون ، أو أن تستبعده في إجراءات إفلاس ، أو إعسار تشمل منشئ الموجودات على سبيل المثال نتيجة نقل احتيالي عند توقع إفلاس أو سداد دفعة أو قلبة.

(2) يجب أن لا يؤثر إفلاس ، أو إعسار المنشئ على الموجودات التي تم نقلها إلى الكيان المصدر ، وهذا يعني بدوره أن المصدر سوف يكون قادراً على تنفيذ التحصيل والحقوق الأخرى مقابل مصادر الدخل -الدافع- دون أي معوقات ناتجة عن إفلاس أو إعسار المنشئ.

(3) يجب أن تكون عملية النقل قابلة للإتمام بشكل كامل بناء على اختيار المصدر.

(4) يجب أن يتم البيع بشكل كامل وخال عن جميع الرهونات السابقة المانعة من النقل .

ومن المعلوم أن الصكوك يجوز أن يكون محلها المنافع من الإجارة ، أو حق الانتفاع ، أو نحوهما ، وحينئذ تبقى الأصول المؤجرة نفسها بأيدي ملاكها ولكن المنافع الحاصلة منها هي التي تكون ملكاً لحملة الصكوك ، كما يجوز أن يكون محلها الحقوق المالية ، وذلك بأن يقوم بإنشاء شركة ذات غرض تقوم بشراء تلك الحقوق ، أو تخول إليها مع تحديد قيمتها حتى تعرف القيمة الاسمية لكل صك .

ثم تقوم الشركة بإصدار الصكوك ، واستخدام حصيلتها في دفع الثمن إلى أصحاب الحقوق .

ويتولد عن هذه الحقوق إيراد دوري يوزع على حملة الصكوك ، وهذه الصكوك قابلة للتداول كما هو الحال في صكوك المنافع[50] .

الخلاصة فيما توصلت إليه الدراسة :

أولاً –  الصكوك الإسلامية تحتاج إليها الحكومات لتمويل مشاريعها الكبيرة والصغيرة والمتوسطة سواء كانت مشاريع صناعية أم زراعية أم خدمية ، وتحتاج إليها المؤسسات المالية الإسلامية ولايمكن الاستغناء، وكذلك الأفراد وبالأخص الملتزمون حيث ترفع هذه الصكوك عنهم الحرج الشرعي في التعامل معها والاستثمار فيها .

ثانياً – التصكيك في حقيقته عبارة عن تقسيم ما يمثله الصك من أعيان ومنافع وحقوق وأنشطة مشروعة إلى حصص متساوية ، ثم إصدار صكوك بقيمتها ، فهذا التقسيم والتجزأة لا يتعارضان مع مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها، بل يتفقان مع مبدأ الحصص الشائعة وجواز المشاركة فيها ، بل إن الشركة – عقداً أو ملكاً – تعني هذه البيوع ، وأن كل شريك مشترك مع شريكه الآخر أو شركائه في الملك أو في المشروع بنسبة شائعة ، فما الأسهم ، أو صكوك الاستثمار إلاّ تعبير عن هذه النسبة الشائعة من موجودات الشركة ، أو من العين المملوكة على سبيل شركة الملك.

ثالثاً – مما لا شك فيه أن هناك فروقاً جوهرية بين الصكوك المشروعة والسندات المحرمة ، ولكن الفيصل الأساسي بينهما هو أن الصكوك يجب أن تمثل ملكية حقيقية سواء كانت ملكية الأعيان أم المنافع،ولا بد أن تثبت هذه الملكية بالطرق الشرعية والقانونية وأن يتم نقل ملكية الموجودات إلى جهة تمثل مالكي الصكوك.

 وبناءً على ذلك فإن أي صك لا يحقق شرط تمثيل الصك للملكية الحقيقية ، أو نحوها من الشروط الأساسية فإن ذلك الصك باطل، وأن أي وسيلة تؤدي إلى الالتفاففهي وسيلة محرمة يجب سدّها.

رابعاً – لا بد أن تصدر الصكوك الإسلامية على أساس عقد من عقود الاستثمار الشرعية ، من بيع، وإجارة ، ومشاركة…الخ، وحينئذ تخضع لأحكام هذا العقد وشروطه العامة، وتطبيقها كل حالة بحالتها.

خامساً-صكوكالتداول يجب أن تكون ممثلة في أعيان أو منافع ، أو خدمات أو حقوق مستقرة أو كلها مجتمعة، وهي معتبرة بما تمثله من موجودات أو ديون أو نقود ، فتطبق عليها التطبيقات حسب قاعدة الكثرة والغلبة ، أو حسب قاعدة الأصالة والتبعية.

سادساً- لا يجوز صياغة الصكوك من الديون في الذمم لأجل التداول المطلق ، لأنه يطبق عليها أحكام التصرف في الديون .

سابعاً- يجوز بيع العين محل الصكوك إذا كان المعقود عليه قابلاً لعقد البيع، أو الإجارة حسب قانون البلد الذي يقع فيه المعقود عليه بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة، و أن لا يراد بالعقد الوصول إلى الربا، وأن يكون التنفيذ مفصولاً غير مرتبط بالعقد.

ثامناً-إن الملكية النفعية (أو الحكمية) هي ملكية التحكم والتصرف والانتفاع ، وهي تقابل الملكية القانونية التي يراد بها الملكية الحقيقية من خلال الوثائق القانونية[51] .

ولا يكتفي بنقل الملكية النفعية مع بقاء الملكية الحقيقية مع البائع ، كأن يبقي المصدر ( البائع ) ملكيته للأسهم، وينقل إلى حملة الصكوك أرباحها الدورية (dividends) أو يبقى المصدر ملكية أصل مؤجر ، وينقل لحملة الصكوك حق الحصول على الأجرة[52]؛ وذلك لأن الملكية المعتبرة في باب البيع هو نقل الرقبة والمنفعة به إلى المشتري ، وإلاّ فلم يكن ذلك بيعاً[53]، وبالتالي فيشترط في الصكوك الشرعية أن يتم هذا النقل بصورة شرعية وقانونية .

هذا ما توصلت إليه شاكراً وحامداً لله تعالى على نعمائه،

 ومصلياً على الحبيب المصطفى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

———————————————

[1] انظر : المعجم الوسيط ، ط.قطر (1/519)

[2] سورة الذاريات / الآية 51

[3]يراجع : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، مادة (صك)

4-المعايير الشرعية معيار رقم 17

[4]  يراجع : القاموس المحيط , ولسان العرب والمعجم الوسيط مادة ( باع )

[5]  يراجع : فتح القدير (5/455) والحطاب ( 4/255) ومغني المحتاج (2/177) والمغني ( 2/152)

[6] المراجع السابقة

[7]يراجع : لسان العرب ، والمعجم الوسيط مادة (عين ) ويراجع : التعريفات لابن عرفة مادة (عين) ، والموسوعة الفقهية الكويتية

[8] يراجع : لسان العرب ، والقاموس المحيط ، والمعجم الوسيط مادة ( حق )

[9]هذا التعريف هو الذي اخترناه في كتابنا : المقدمة في المال والملكية ط. دار البشائر الإسلامية بيروت ص 223 ، ويراجع للمزيد : الحق والذمة للشيخ علي الخفيف ط. وهبة 1945 ص 36 ، والحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ، للدكتور فتحي الدريني ، ط. دمشق ص 193 ، ومصادر الحق : الدكتور السنهوري (1/14 )

[10] يراجع : لسان العرب ، والقاموس المحيط ، والمعجم الوسيط مادة ( نفع )

[11] يراجع للمزيد من الفروق بين المنفعة والانتفاع : الفروق للقرافي (1/187) ويراجع الموسوعة (6/298) ، ومرشد الحيران مادة 13 ، وأ.د. علي محيى الدين القره داغي : المرجع السابق ص219

[12] د. السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني ط. دار النهضة العربية عام 1968 ج9ص1200 ، ويراجع د. حسين حامد : بحثه في حق الانتفاع العقاري المقدم إلى مؤتمر شورى الخامس بالكويت 2013 ، وبحث د. انيس الزرقا ، وبحث د. يوسف الشبيلي في الموضوع نفسه والمؤتمر نفسه .

[13] د. منذر قحف : الإجارة المنتهية بالتمليك ، وصكوك الأعيان المؤجرة ، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي ع12  ج 1 ص 103

[14] المعيار رقم 18 البند 5/1/6

[15] قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي (30(3/4) ويراجع مجلته  ع 4  ج 3 ص 1809

[16]يراجع مجلة مجمع الفقه الاسلامي الدولي ع4ج2 قرار رقم 30(5/4)

[17]يراجع لمزيد من التفصيل : كتابنا : إجارة الأعيان وتطبيقاتها المعاصرة ط. دار البشائر الإسلامية بيروت 2015م

[18] يراجع للمزيد حول هذه المسألة ، بحثنا : أحاديث النهي عن صفقتين في صفقة واحدة ، سندها ، ومتنها ، وفقهها ، منشور ضمن الحقيبة الاقتصادية ج6ص241-288

[19] قرار المجلس الشرعي للأيوفي (السابق ذكره)

[20] فقد ورد في ذلك أحاديث صحيحة منها ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما بسندهم عن أبي صالح قال : (سمعت أبا سعيد الخدري يقول : (الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم مثلاً بمثل ، من زاد أو ازداد فقد أربى ) وورد بلفظ (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلاً مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلاّ مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا غائباً بحاضر) انظر : صحيح البخاري (2/31)ومسلم (5/42) وسنن النسائي (2/222) والترمذي (1/234) وأحمد (3/4 ، 51, 61) وإرواء الغليل (5/189)

[21] وهذا رأي المالكية ، وأحمد في رواية ، والأوزاعي ، وابن أبي ليلى ، يراجع : المدونة  (5/66،65) والمغني لابن قادمة (5/17)

[22] يراجع كتابنا : أثر ديون ونقود الشركة أو المحفظة على حكم تداول الأسهم والصكوك والوحدات الاستثمارية ( المشكلة والحلول ) دراسة فقهية اقتنصادية ، ط. المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب – بنك التنمية

[23] رواه البخاري بعدة روايات ـ مع الفتح ـ ( 1/7 ) ومسلم الحديث 1907 ورواه غيرهما

[24] يراجع : الأشباه والنظائر للسيوطي ط. دار الكتاب العربي / بيروت ص 40 والحديث في مسند الشهاب (1/119) وأبو نعيم في الحلية (3/255) والخطيب في تأريخ بغداد (9/237) والطبراني في الكبير ، ويراجع مجمع الزوائد ( 1/ 61 )

[25] قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر ص 20 : ( والاجماع على أنه لا ثواب ولا عقاب إلاّ بالنية )

[26] الاشباه والنظائر لابن نجيم ص 20-26

[27] يراجع : فتح القدير (5/207) وبداية المجتهد (2/140) والشرح الكبير مع الدسوقي (3876-88) والروضة (3/416) والمغني لابن قدامة (4/193) ومجموع الفتاوى (29/430-431)

[28] حيث ذهب المالكية ، والحنابلة ، والزيدية إلى أنه عقد باطل لا يترتب عليه التحليل ، وخالفهم الحنفية ، والشافعية والظاهرية إلى أن العقد صحيح ما دام قد توافرت فيه الشروط والأركان . يراجع : الشرح الكبير ( 2/ 258 ) والمغني لابن قدامة (7/275) والروض النضير (4/389) وفتح القدير (3/177) والأم (5/71) والروضة (7/126) والمحلى لابن حزم (11/484)

[29] شرح الأتاسي على المحلية ( 1/ 100 )

[30] الأستاذ الزرقا : عقد البيع ص 65

[31] الأستاذ الزرقا : المدخل الفقهي العام ( 1/ 478 – 479 ) والدكتور علي أحمد الندوي : موسوعة القواعد والضوابط الفقهية ، نشر الراجحي ، والمستثمر الدولي (1/192)

[32] حديث بربرة رواه البخاري في صحيحه ـ مع الفتح ـ ( 4/376) ومسلم (3/1145)

[33] يراجع : المغني لابن قدمة ( 4/287) والشرح بهامش المغني (4/54) وكشاف القناع ( 3/194) ويراجع لمزيد من التفصيل : الموسوعة الفقهية الكويتية (9/258) مصطلح ” بيع “

[34] يراجع : مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي : ع7 ج1 ص 73 ، و ع6 ج2 ص 1273 ، و ع9 ج2 ص 5

[35] يراجع : مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي : ع5 ج2  ص 754 و 965

[36]يراجع : مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي : ع12  ج2  ص 391

[37] الاشباه والنظائر لابن نجيم ص 45

[38] يراجع لمزيد من التفصيل والتأصيل : مبدأ الرضا في العقود ( 2/ 1164 – 1216) ومصادره ومراجعه المعتمدة

[39] نشر العرف ( 2/ 141 ) ويراجع : الهداية مع فتح القدير (5/215) والبحر الرائق (6/93)

[40]فتح العلي المالك (1/338)

[41] المجموع (9/364 – 369 )

[42] فتح العزيز (8/211)

[43]وهي قصة صحيحة رواها البخاري في صحيحه مع الفتح ( 5/187 ) ومسلم (2/1241) وغيرهما

[44] الانصاف (4/356-327) وزاد المستقنع مع حاشية الروض المربع (4/392)

[45] يراجع : المصادر السابقة

[46] يراجع مجلة المجمع ع7 ج3 ص9

[47] المعجم القانوني للأستاذ حارث الفاروقي (1/79) مصطلح ( ملكية نفعية ) ويراجع الموقع الرسمي للدكتور حسين حامد ، والدكتور أحمد حجيالكردي : فتواه على شبكة الفتاوى الشرعية .

[48]الموقع الرسمي للدكتور حسين حامد

[49] يراجع لتفصيل ذلك :  الحقيبة الاقتصادية للأستاذ الدكتور علي محيى الدين القره داغي ط. دار البشائر الإسلامية – بيروت ، الجزء الرابع الخاص بالملكية وأنواعها .

([50]) يراجع للمزيد : المعيار الشرعي الخاص بالصكوك رقم 17  AAOIFI ، ويراجع : د. محمد علي القري : الصكوك الإسلامية وتطبيقاتها المعاصرة ، بحث مقدم إلى الدورة 19 لمجمع الفقه الإسلامي الدولي

[51] المعجم القانوني للأستاذ حارث الفاروقي (1/79) مصطلح ( ملكية نفعية ) ويراجع الموقع الرسمي للدكتور حسين حامد ، والدكتور أحمد حجيالكردي : فتواه على شبكة الفتاوى الشرعية .

[52]الموقع الرسمي للدكتور حسين حامد

[53] يراجع لتفصيل ذلك :  الحقيبة الاقتصادية للأستاذ الدكتور علي محيى الدين القره داغي ط. دار البشائر الإسلامية – بيروت ، الجزء الرابع الخاص بالملكية وأنواعها .

المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى