كتابات

تفاسير الشيعة والعقائد الفاسدة (الإمامة نموذجاً)

بقلم : رمضان الغنام

الشيعة فرقة تدعي مشايعة علي -رضي الله عنه، على وجه الخصوص؛ وتدعي أحقيته بالخلافة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، نصاً ووصية؛ وأن الإمامة لا تخرج عن أولاده، وإن خرجت.. فإما أن يكون هذا الخروج بظلم من غيرهم، أو بتقية من عندهم. وبمراجعة تفاسيرهم يتبين أن عقيدتهم في الإمامة كان لها أكبر الأثر في وضع أصولهم العقدية والتشريعية، وفي تناولهم لكتاب الله تعالى. ولعل بيان هذا الأثر كاف شاف في مجال التفسير المقارن بين السنة والشيعة. فحيث لا يوجد أثر لعقيدتهم في الإمامة يصبح تفسيرهم كتفسير غيرهم، وبقدر وجود هذا الأثر بقدر افتراقهم عمن سواهم.

وللشيعة عقائد أخرى جعلت من مذهبهم مرتعاً للأكاذيب والخرافات والأساطير، لكنها تفرعت عن العقيدة الأم وموقفهم من الإمامة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم. ومن هذه العقائد الفاسدة التي يكتظ بها دين الشيعة: عدم ترضيهم على الصحابة -رضوان الله عليهم، إلا القليل منهم؛ ورميهم إياهم بالكفر والفسق؛ ومن ذلك أيضاً قولهم بعصمة الأئمة، والرجعة لهم؛ وإيجابهم للتقية، واستباحتهم لأموال ودماء أهل السنة، إلى غير ذلك من المفاسد والأباطيل التي تشيع في المعتقد الشيعي.[1]

وقد ظهرت هذه العقائد في كتب الشيعة، وانتشرت بشكل كبير سيما في كتب الحديث عندهم. كما كانت تفاسير الشيعة مرتعاً آخر لهذه العقائد الفاسدة، بل زادت بسبب ما تم إضافته على النص القرآني والحديثي من تفاسير وتأويلات خاصة بمراجعهم العلمية.

والقرآن عند الشيعة الاثنى عشرية “هو المصدر الأول الذي تؤخذ منه الأحكام من أصول وفروع، إلا أنهم يختلفون في فهم معانيه عن سائر الفرق. ويرجعون ذلك إلى الأئمة من آل البيت. ويوردون عنهم من الأخبار ما يتمسكون به في فهم المراد من القرآن؛ وذلك لأنهم يعتقدون أن القرآن قرين العترة من آل البيت، فالقرآن إمام صامت والإمام من آل البيت إمام ناطق…”[2].

ومن المعتقدات الباطلة والكفريات التي يشتهر بها الشيعة قولهم بتحريف القرآن الكريم، حيث يزعم جمهور المفسرين من الشيعة الاثنى عشرية أن القرآن الكريم الذي بين أيدينا ليس هو القرآن الذي أنزل على النبي -صلى الله عليه وسلم؛ وأن القرآن الذي بين أيدي المسلمين –اليوم- قد أصابه التحريف والتبديل على أيدي صحابة النبي-رضي الله عنهم؛ وأن القرآن الكامل السالم من كل تبديل وتحريف هو المملى من النبي -صلى الله عليه وسلم- على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه، وهو موجود بتمامه مع إمامهم محمد بن الحسن العسكري الغائب في السرداب!!

فيورد أئمة التفسير من الشيعة نماذج كثيرة على تحريف أهل السنة -في زعمهم للقرآن الكريم، وهي نماذج ترتبط بالأساس بقضية الإمامة وآل البيت، تلك الذريعة التي يستند إليها الشيعة لشرعنه كل باطل في مذهبهم، ولو أدى ذلك إلى العبث بكتاب الله -عز وجل.

ومن أمثلة ذلك ما جاء في تفسير القمي في مواضع كثير، منها قوله: “وأما ما هو محرف فقوله: ((لكن الله يشهد بما أنزل إليك -في علي- أنزله بعلمه والملائكة يشهدون))[3]”، فإضافة (في علي) تحريف صريح لا شك فيها، صنعه مفسرو الشيعة لتأييد بدعتهم.

ومن أمثلة هذا التحريف أيضاً، قول القمي عند قوله تعالى: ((وكذلك جعلناكم أمة وسطا)): إنما نزلت “أئمة وسطا”. والأمثلة على ذلك في تفسير القمي وفي غيره من تفاسير الشيعة كثيرة جداً.

والقول بتحريف القرآن قول ثابت لدى غالب الشيعة، ولعل كتاب حسين الطبرسي، يكون من أوضح الكتب الدالة على هذا المنحى، والذي جاء تحت عنوان: (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب)؛ حيث شحنه بالراويات الدالة -بحسب معتقد الشيعة- على تحريف القرآن الكريم. وصدر كتابه بقوله: “هذا كتاب لطيف وسفر شريف، عملته في إثبات تحريف القرآن، وفضائح أهل الحور والعدوان”[4].

وكما أسلفنا قد كان للقول بالإمامة أثر ظاهر في تفاسير الشيعة، وقد كان لهذا الأثر صورتان، أما الصورة الأولى فقد سبق الإشارة إليها في مزاعم الشيعة بتحريف القرآن الكريم، حيث أضاف الشيعة إلى القرآن الكريم نصوصاً وكلمات لإثبات هذه العقيدة، وأما الصورة الثانية فتمثلت في تحريفهم للمعنى بتأويلهم الفج لكثير من النصوص القرآنية، لإثبات باطلهم وتقرير صحة مذهبهم.

ومن أمثلة تحريف المعنى في مسألة الإمامة، ما ذكره مفسري الشيعة عند قوله تعالى: ((إِنَّا أَرسَلنَاكَ بِالحَقِّ بَشِيرًا ونَذِيرًا وَإِن مِن أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ))، فطر: 24. يقول أحد مفسري الشيعة -من المعاصرين، وهو عبدالله شبر -في تفسيره: “وصي ينذرها، ويفيد عدم خلو الزمان من حجة”[5]. وهذا خلاف لمراد الله تعالى حيث أن المراد بالنذير هو النبي المرسل من قبل الله إلى عبادة.

ومن ذلك أيضاً تفسيرهم لقوله تعالى: ((إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ولِكُلِّ قَومٍ هَادٍ))، الرعد: 7. فالمنذر هو النبي -صلى الله عليه وسلم، وهو الهادي أيضاَ. وقيل إن الهادي هو من يدعو الناس إلى عبادة الله على الإطلاق؛ أما الشيعة فقد كان لهم رأي آخر، حيث نص جمهور مفسريهم على أن الهادي هو علي -رضي الله عنه، أو الإمام الذي ينصبه الله لكل قرن. يقول القمي في تفسيره: “حدثني أبي، عن حماد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع)، قال: المنذر رسول الله- صلى الله عليه وآله- والهادي أمير المؤمنين (ع)، وبعده الأئمة- عليهم السلام- وهو قوله: ولكل قوم هاد. أي: في كل زمان إمام هاد مبين، وهو رد على من ينكر أن في كل عصر وزمان إماماً، وأنه لا تخلو الأرض من حجة، كما قال أمير المؤمنين- عليه السلام: لا تخلو الأرض من إمام قائم بحجة الله، إما ظاهر مشهور، وإما خائف مقهور؛ لئلا يبطل حجج الله وبيناته”[6].

ومن تأويلات الشيعة الفاسدة المرتبطة بالإمامة تفسيرهم الدابة على أنها علي -رضي الله عنه؛ يقول شبر في تفسيره: “تضافرت الأخبار أن الدابة أمير المؤمنين، ومعه عصا موسى، وخاتم سليمان؛ يسم المؤمن والكافر”[7].

وقد استند شبر في قوله هذا إلى ما جاء في كتب التفسير الشيعية من روايات تفسيرية لِكُنهِ الدابةِ، ومن ذلك ما رواه القمي في تفسيره عن أبي عبد الله -عليه السلام، قال: انتهى رسول الله -صلى الله عليه وآله- إلى أمير المؤمنين -عليه السلام- وهو نائم في المسجد، قد جمع رملاً، ووضع رأسه عليه، فحركه برجله، ثم قال له: قم يا دابة الله؛ فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله.. أيسمى بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هو إلا له خاصة، وهو الدابة التي ذكر الله في كتابه: ((وإذَا وَقَعَ القَولُ عَلَيهِم أَخرَجنا لَهُم دَابَّةً مِن الأَرضِ تُكَلِّمُهُم أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ))، ثم قال: يا علي.. إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة، ومعك ميسم تسم به أعداءك”[8].

ففي هذه الرواية بيان صريح بأن علي -رضي الله عنه- هو الدابة -كما يزعم الشيعة؛ وهو تصريح من صاحب الوحي النبي -صلى الله عليه وسلم. ثم إن هناك روايات أخرى يصرح فيها علي -رضي الله عنه- بأنه الدابة، إلى جانب أمور أخرى لا تنبغي لبشر؛ ومن ذلك ما أورده الفيض الكاشاني في تفسيره، عن الباقر -عليه السلام- قال: “قال أمير المؤمنين -عليه السلام: ولقد أعطيت الست: علم المنايا والبلايا والوصايا، وفصل الخطاب، وإني لصاحب الكرات، ودولة الدول، وإني لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس”[9].

ومن المعتقدات المرتبطة بتفسير أئمة الشيعة للقرآن الكريم زعمهم أن الأئمة من آل البيت هم المختصون بعلم كتاب الله كله، وأنهم هم المصدر الوحيد في تفسير كتاب الله –تعالى- بعد النبي -صلى الله عليه وسلم، دون غيرهم، سواء من الصحابة أو من التابعين أو من أئمة الإسلام على مدى العصور، وذلك لأن الإمام هو قيم القرآن، وأنَّ القرآن قرين العترة من آل البيت، فالقرآن إمام صامت والإمام من آل البيت إمام ناطق.[10]

يقول الخوئي، صاحب (البيان في تفسير القرآن): “فالعترة هم الأدلاء على القرآن الكريم، والعاملون بفضله، فمن الواجب أن نقتصر على أقوالهم ونستضيء بإشاراتهم”[11].

وتفاسير الشيعة مشحونة بالتأويلات الفاسدة التي يسعى الشيعة من خلالها إلى إثبات صحة ما نسجوه من أساطير حول عقيدة الإمامة، بل نستطيع القول أن غالب ما صنعه الشيعة من تحريفات وتأويلات باطلة أساسها إيمانهم بعقيدة الإمامة، ومخالفتهم لأهل السنة في هذا الأمر.

 —————————————————–

[1] ينظر: مع الاثنى عشرية في الأصول والفروع، السالوس: ج2/131.

[2] الشيعة الاثنى عشرية ومنهجهم في تفسير القرآن الكريم، د. محمد العسال: ص98.

[3] ينظر: تفسير القمي: ص11.

[4] فصل الخطاب: الورقة 1من مخطوطة الكتاب.

[5] تفسير شبر: ص413.

[6] تفسير القمي: ج1/359.

[7] تفسير شبر: ص369.

[8] تفسير القمي: ج2/130.

[9] التفسير الصافي، الفيض الكاشاني: ج4/75.

[10] انظر: الشيعة الاثنى عشرية ومنهجهم في تفسير القرآن الكريم: ص98، وأثر عقيدة الإمامة على مصادر العقيدة عند الشيعة الإمامية، رأفت الأشقر: ص67.

[11] البيان في تفسير القرآن: ص18.

*المصدر : مركز التأصيل

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى