تقارير وإضاءات

وثيقة حماس .. وتحرير فلسطين

في سِياقِ المؤَامَراتِ الجَارِيةِ للقضَاءِ على القَضِيَّةِ الفِلسطِينيَّةِ ونَوايَا التَّطبِيعِ مع الكِيانِ الإسرَائِيلي في صِيغَةِ قَبُولٍ “تَامٍ” بإسرَائِيلَ كدَولَةِ يَهُوديَّةٍ جُزءٍ مِن المنطِقَةِ، تَرتَبِطُ معها برِبَاطِ الجغرَافيَا والتَّارِيخِ والدَّمِ والدِّينِ(!!).. تأتي ضَرُورَةُ الوُقُوفِ إلى جَانِبِ الشَّعبِ الفِلسطِيني المسلِمِ وقوَاه الخَيِّرَةِ المقَاوِمَةِ كأَولَويَّةٍ في أَجنِدَاتِ الأُمَّةِ الإسلاميَّةِ. فمُقدَّسَات المسلِمين والمسجِدُ الأَقصَى –قِبلَةُ المسلمين الأُولى- في خَطَرٍ مُحقَّقٍ، ولن تكون في مَأمَنٍ مهما جَرَى التَّطبِيعُ مع الكيَانِ الصَّهيوني المحتَلِّ. ونَظرًا لأنَّ كَثِيرًا مِن التَّنظيمَاتِ القَوميَّةِ والعِلمَانيةِ الفِلسطِينيةِ تَنَكَّبَت طَرِيقَ الحقِّ وسَبيلَ المقَاوَمَةِ لتَحرِيرِ فِلسطِين، وبَاتَت تتَاجِرُ بالقَضيَّةِ، فإنَّ القُوى الإسلامِيَّةَ الفِلسطِينيَّةَ –ومِن بينِها حَركةُ المقَاوَمةِ الإسلاميةِ “حمَاس”- رَغمَ أيِّ مُلاحَظَةٍ عليها جَمِيعًا، تُعتَبَرُ الخَطَّ الدِّفَاعي الأَولَ للأُمَّةِ. وقد شَاهدَت الأُمَّةُ كيف عَمِلَ الغَربُ والشَّرقُ على التَّحالُفِ ضِدَّ الأُمَّةِ وتجرِيدِها مِن قُوَّتِها، وتهديدِها في عَقرِ دَارِها، بتَأييدِ الفَوضَى الطَّائِفيةِ والمسَاهمَةِ في تَمدُّدها؛ في حين عَمِلُوا على محَارَبةِ الإسلامِ السُّنِّيِّ منذُ عامِ 2001م، تحت لافِتةِ “الإرهَابِ”؛ مُتَّخِذينَ مِن ذاتِ الشِّعارِ مِطرَقَةً على رُؤُوسِ الأَنظِمةِ العَرَبيةِ لتَقدِيمِ التَّنازُلاتِ تِلو التَّنازُلاتِ مِن سيَادَتها واستقلالها وهوِّيتِها وثَرَواتِها.

ومُؤخرًا ونَتِيجَةَ التَّآمُرِ الدُّولي الكَبِيرِ، والذي تَقِفُ ورَاءَه دُولٌ عُظمَى، لتَصنِيفِ حَركَات المقَاوَمَةِ الفِلسطِينيةِ كجمَاعَات “إرهابيةٍ”، ومع سيَاسَات التَّضييقِ والغَلقِ والتَّخذِيلِ التي تَتَّخِذُها كَثِيرٌ مِن الأَنظِمَةِ العَربيةِ ضِدَّ المقَاوَمةِ الفِلسطِينيةِ وكوَادِرِها وحَركَتِها ونشَاطِها، ومع الضُّغُوطِ الدَّاخِليةِ والخَارِجيةِ، أعلَنَت “حمَاسُ” عن وَثِيقَةٍ جَدِيدَةٍ تُراعي فيها ثوَابِتَها الإسلامِيَّةَ والفِلسطِينيَّةَ، وإمكانِيَّاتِها في ظِلِّ الظُّروفِ التي تَمرُّ بها، وتُجدِّدُ فيها رُؤاها للقضايا السِّيَاسيَّةِ في ظِلِّ المصَالحِ والمفَاسِدِ الشَّرعيَّةِ التي تحيطُ بالقَضيَّةِ والشَّعبِ الفِلسطِيني.

مكانة حماس:

“حماسٌ” حَركَةُ مقَاوَمةٍ فِلسطِينيةٍ ذاتُ مَرجِعيةٍ إسلامِيةٍ -سُنِّيةٍ، تُؤمِنُ بتَحريرِ كَامِلِ الأرَاضي الفِلسطِينيةِ، وتتَمتَّعُ بفِكرٍ وسَطيٍّ مُعتَدِلٍ، وتَحصُرُ عمَليَّاتها المسلحَةَ ومُقَاوَمتَها ضِدَّ الاحتلالِ الإسرائيلي، ولم تتَورَّط في أيِّ مَعركَةٍ مع أيِّ طَرفٍ عَربيٍّ أو إسلاميٍّ أو دُوليٍّ. وهو أَمرٌ يُحسَبُ لها.

وتُعودُ نشأتُها إلى عام 1987م، بإعلانِ شيخِ المجاهدين أحمد ياسين، مع سَبعَةٍ مِن كوَادِرِها، عن تَأسِيسِها. وقد سَاهمَت في انطلاقِ الانتِّفَاضَةِ الفِلسطِينيةِ الأُولى عام 1987م وحتى 1994م، كما شَاركَت في انتِّفَاضَةِ الأَقصَى عام 2000م، وقدَّمت خِلالَ مَسِيرَتها العَدِيدَ مِن الشُّهدَاءِ. ووَاجهَت ثَلاثَةَ حُروبٍ إسرَائِيليةٍ على غَزةَ باقتِدارٍ، خِلالَ الأعوامِ: 2008م، و2012م، و2014م.

وبحسب دِرَاسةٍ أَجرَاها مركز “بيو” للدراسات فإنَّ “حماسَ” تحظَى بشَعبيةٍ كَبيرَةٍ في الدَّاخِلِ الفَلسطِيني ولَدَى الكَثِيرِ مِن الشُّعوبِ العَربيَّةِ والإسلامِيَّةِ. وقد فَازَت بانتخَابَاتِ يناير 2006م التشريعيةِ بالأَغلَبيةِ، فقد حصَلَت “حماسُ” على 76 مقعدًا مِن أَصلِ 132 مقعدًا. وفي استِطلاعٍ للرَأيِّ أجرَاه المركزُ الفِلسطِيني للبُحوثِ السِّياسيَّةِ والمسحِيةِ -نشَرَت نتَائِجَه في 9 يونيو 2008م- سَجَّلَت شَعبِيةُ “حماسٍ” تَزايدًا نِسبيًّا في كُلٍّ مِن الضِّفةِ الغَربيةِ وقِطاعِ غَزَّةَ.

وتتَمتَعُ “حماس” بعَلاقَةٍ جَيدَةٍ بالمملكةِ العَربيةِ السُّعوديةِ -حُكومَةً وشَعبًا، باعتبَارِهما مِن أكبرِ المنَاصِرِين لقضَايَا فِلسطِين. حيث قَدَّمت المملكة للشَّعبِ الفِلسطِيني دَعمًا مَاديًّا ومَعنَويًّا مُستَمِرًا خِلالِ عُقُودِ مِحنَتِه وسنَواتِ نِضَالِه. وعَقِبَ فَوزِ “حماس” في الانتخابَاتِ التَّشريعيَّةِ عام 2006م تعَهَّدَت المملكةُ بأن تَبقَى أَكبَرَ دَاعِمٍ للشَّعبِ الفِلسطِيني -رَغمَ تهدِيدَاتِ الاتِّحادِ الأُورُوبي. وفي مارس 2007م استضَافَت السُّعوديةُ اتِّفاقَ المصَالحةِ الفِلسطِينيةِ الذي عُرفَ بـ”اتفَاقِ مكَّة” بين حركتي “حمِاسٍ” و”فَتحٍ”. وفي يوليو 2015م زارَ وفدٌ مِن “حمَاسٍ”، برِئاسَةِ رئيسِ المكتَبِ السِّياسي خالِد مِشعَل، المملكَةَ، والتَقَى القِيادَةَ السُّعوديةَ. وعَقِبَ إقرارِ قَانُونِ “جاستا” الأمريكي، والذي كان مُوجَّهًا ضِدَّ السعودِيةِ بشَكلٍ وَاضِحٍ، أَعرَبت حركةُ “حماسٍ” عن وقُوفُها إلى جانِبِ المملكة، ودَعَت إلى تَشكِيلِ تحَالُفٍ عَربيٍّ إسلاميٍّ وَاسِعٍ في مُواجَهةِ المؤَامرَةِ التي تتَعرَّضُ لها المنطِقَةُ.

وثيقة جديدة:

صَدرَ مِيثَاقُ حماس الأسَاسيُّ في أغسطس مِن عام 1988م، وقَدَّمَت برنَامجَها السِّياسيُّ في الانتِخابَاتِ التَّشرِيعيَّةِ عام 2006م. وأضَافَت “حمَاسُ” -في 1 مايو 2017م- وَثِيقَةً سيَاسيَّةً جَدِيدَةً لأَدَبيَّاتها.

وتَسعَى “حمَاسُ” مِن خِلالِ الوَثِيقَةِ الجَدِيدَةِ إلى:

إيجَادِ ثوَابِتَ فِلسطِينيةٍ مُشتَركَةٍ في القَضيَّةِ الفِلسطِينيةِ مع كَافَةِ الفصَائِلِ الفِلسطِينيةِ؛

وتَفوِيتِ الفُرصَةِ على الرَّاغِبين في ضَمِّ الحركَةِ إلى أَيِّ تَصنِيفٍ -محلِّيٍّ أو إقلِيميٍّ- يُستَغَلُّ لضَربِها والقَضَاءِ عليها؛

والتَّأكِيدِ على انتِّزاعِ ما يمكِنُ انتِزَاعه مِن فِلسطِين، مِن يدِّ العَدوِّ الإسرَائِيلي، لإيجَادِ أَرضٍ يَنطَلِقُ مِنها الشَّعبُ الفِلسطِيني في مُواجَهةِ حَالةِ الخِنَاقِ المفرُوضَةِ عليه؛ وعَدَمِ إضفَاءِ أيِّ شَرعيَّةٍ على الكِيانِ الصُّهيوني، وسَحبِ الذَّرائِعِ مِن تحته في عُدوَانِه وإجرَامِه؛

والانفِتاحِ نحو الفَضَاءِ العَالمي لبَيَانِ حَقِيقَةِ الصِّراعِ القَائِمِ في فِلسطِين؛ وتحييدِ اليَهودِ الرَّافِضِين لقِيامِ دَولَةِ إسرَائيلَ مِن الصِّراعِ؛

والاقتِرابِ مِن الأَبعَادِ الإنسَانيَّةِ والحُقُوقيَّةِ للصِّراعِ مع إسَرائِيل.

والوَثِيقَةُ رُؤيَةٌ تَتَّسِمُ بالوَاقِعيَّةِ السِياسيَّةِ، وتَنسَجِمُ مع القَانُونِ الدُّولي والشَّرائِعِ السَّماويَّةِ في التَّأطِيرِ والتَّقرِيرِ. وتحاوِلُ “حماس” كَسرَ الحِصَارِ الدُّوليِّ المفرُوضِ عليها منذُ فَوزِها في الانتخابات التَّشرِيعيَّةِ عام 2006م، وعَقِبَ انقِلابِ مِصرَ عام 2013م، والذي طَالَ الشَّعبَ الفِلسطِيني في قِطاعِ غَزَّة. وهي تَأمَلُ أن تُحدِثَ الوَثِيقَةُ الجدِيدَةُ تَغِييرًا إيجَابيًّا في الموَاقِفِ الإقلِيميَّةِ والدُّوليَّةِ مِنها؛ لكنها قد تَصطَدِمُ بضُغُوطٍ دُوليَّةٍ تهدِفُ للاعتِرافِ بإسرَائيلَ ونَزعِ سِلاحِ المقَاوَمةِ.

أهم بنود الوثيقة:

وقد حدَّدَت “حماسُ” قَضِيَّتَها -في الوَثِيقَةِ الجَدِيدَةِ- في مُقَابِلِ المشرُوعِ الصُّهيوني الذي عَرَّفته بكونه: “مَشرُوعًا صُهيونِيًّا احتِلاليًّا عُنصُريًّا مُعَاديًّا للإنسَانيةِ”، “قِائِمًا على اغتِصَابِ حُقُوقِ الآخَرِين، ومُعَادٍ للشَّعبِ الفِلسطِيني وتَطَلُّعَاتِه في الحُريَّةِ والتَّحرِيرِ والعُودَةِ وتَقرِيرِ المصِيرِ”؛ ومُعَادٍ “للأمَّةِ العَرَبيةِ والإسلامِيةِ؛ ويُشكِّلُ خَطَراً حَقِيقِيًا عليها، وتَهدِيدًا بَالِغًا لأَمنِها ومصَالِحها، كما أنَّه مُعَادٍ لتَطلُّعَاتِها في الوِحدَةِ والنَّهضَةِ والتَّحرُّرِ، وهو سَبَبٌ رَئيسٌ لما تُعَانِيه الأُمَّةُ اليوم”، جَاعِلَةً مِن “الكيَانِ الإسرائيلي… أدَاةً للمَشرُوعِ الصُّهيوني وقَاعِدَتَه العُدوَانيةِ”.

هذا في الحين الذي بَاتَتَ كَثِيرٌ مِن القُوى في المنطِقَةِ تتَجَاهَلُ هذا العَدُو وتُصوِّبُ سِاهمَها لدَاخِلِ الأُمَّةِ.

وعَرَّفَت “حمَاسُ” عن ذَاتِها كـ”حركَةِ تَحرُّرٍ ومُقَاوَمَةٍ وَطَنِيةٍ فِلِسطِينِيَّةٍ إسلَامِيَةٍ، هدَفُها تَحرِيرُ فِلسِطِينَ ومُواجَهَةُ المشرُوعِ الصُّهيُوني. مَرجِعِيَّتُها الإسلامُ في مُنطَلقَاتها وأَهدَافِها ووَسائِلِها”. مُؤكِّدَةً أنَّها تَفهَمُ الإسلام: “بشُمُولِه جوَانِبَ الحيَاةِ كَافَّةً، وصَلاحِيَّتِه لكُلِّ زَمَانٍ ومكَانٍ، ورُوحِه الوَسطِيَّةِ المعتَدِلَةِ؛ وتُؤمِن أنَّه دِينُ السَّلامِ والتَّسامُحِ”.

وأكَّدَت “حمَاسُ” “أنَّ الصِّراعَ مع المشرُوعِ الصُّهيُوني ليس صِراعًا مع اليَهودِ بسَببِ ديَانَتِهم”؛ وأنَّها “لا تخوضُ صِراعًا ضدَّ اليَهودِ لكُونهم يَهودًا، وإنَّما تخوضُ صِراعًا ضِدَّ الصَّهاينَةِ المحتَلِّين المعتَدِين؛ بينما قادَةُ الاحتِلالِ هم مَن يَقُومُون باستخدَامِ شعَارَاتِ اليَهودِ واليَهودِيةِ في الصِّراعِ، ووَصفِ كيَانِهم الغَاصِبِ بها”؛ “وأنَّ الحركَةَ الصُّهيُونيةَ -التي تمكَّنَت مِن احتِلالِ فِلسطِين برِعَايةِ القُوى الغَربيةِ- هي النَّموذَجُ الأَخطَرُ للاحتِلالِ الاستِيطَاني، الذي زَالَ عن مُعظَمِ أرجَاءِ العَالمِ، والذي يَجِبُ أن يَزُولَ عن فِلسطِين”.

ولا تعترفُ “حماسٌ” في وثِيقَتِها بشَرعِيةِ الكِيانِ الصُّهيُوني؛ و”أنَّ كُلَّ ما طَرأَ على أَرضِ فِلسطِين مِن احتِلالٍ أو استِيطَانٍ أو تَهوِيدٍ أو تَغيِيرٍ للمعَالمِ أو تَزوِيرٍ للحقَائِقِ باطِلٌ؛ فالحقُوقُ لا تَسقُطُ بالتَّقادُمِ”. وأنَّه “لا تنَازُلَ عن أَيِّ جُزءٍ مِن أَرضِ فِلسطِين، مهما كانت الأسبَابُ والظُّروفُ والضُّغوطُ، ومهما طَالَ الاحتِلالُ”؛ رَافِضةً “أيَّ بَدِيلٍ عن تحرِيرِ فِلسطِين تحرِيرًا كَامِلًا، مِن نَهرِها إلى بَحرِها”. وتَرفُضُ “حماسُ” في وثيقتها “جميعَ الاتفاقات والمبادرَات ومَشرُوعَات التَّسويةِ الرَّاميةِ إلى تَصفِيةِ القَضِيةِ الفِلسطِينيةِ أو الانتِقَاصِ مِن حُقُوقِ شَعبِنا الفِلسطِيني، وإنَّ أيَّ مَوقِفٍ أو مُبادَرةٍ أو برنَامَجٍ سِياسيّ يجِبُ أن لا يمسَّ هذه الحقُوق، ولا يجُوزُ أن يخَالِفها أو يتنَاقَضَ معها”. وهي ترى أنَّ “الدولة الفلسطينية الحقيقية.. ثمرَةُ التَّحريرَ، ولا بَدِيلَ عن إقامَةِ الدُّولَةِ الفِلسطِينيةِ كامِلةَ السِّيادَةِ على كُلِّ التُّرابِ الوَطني الفِلسطِيني، وعاصِمَتُها القُدسُ”.

حماسٌ والأُمَّة:

إنَّ مَنطِقَ الوَعي والضَّميرِ الذي صَاغَت به “حمَاسُ” وَثِيقَتها أَحرَجَ العِلمَانِيين الذين عَمِلُوا على “شَيطَنَةِ” حمَاسٍ وتَصنِيفِها ضِمنَ قوَائِمِ “الإرهَابِ” دُوليًّا. ففي الوَقتِ الذي قَدَّمت حمَاسُ رُؤيَةً واقِعيةً سيَاسيةً مُتَّزِنةً حَافَظَت على الثَّوابِتِ والخطُوطِ الحمرَاءِ التي لا يمكن تجَاوُزُها، والتي يتَمنَّى العِلمَانيون التنَازُلَ عنها ابتدَاءً؛ كالمرجِعيةِ الإسلامِيةِ، وتَحرِيرِ أَرضِ فِلسطِين، واعتبَارِ القُدسِ عَاصِمةً لها، وعَدمِ الاعتِرافِ بإسرَائِيل، ورَفضِ السَّلامِ المذِلِّ والمهِينِ الهَادِفِ لتَجرِيدِ شَعبِ فِلسطِين مِن أَرضِه وحُقُوقِه.

وقد أكَّدَت وَثِيقَةُ حمَاسٍ “أنَّ تحريرَ فِلسطِين وَاجِبُ الشَّعبِ الفِلسطِيني بصِفةٍ خَاصَّةٍ، ووَاجِبُ الأُمَّةِ العَربيةِ والإسلامِيةِ بصِفَةٍ عَامَّةٍ”، و”أنَّ مُقَاوَمةَ الاحتِلالِ بالوسَائلِ والأسَاليبِ كافَّةً، حَقٌّ مَشرُوعٌ كَفِلَته الشَّرائِعُ السَّماوِيةُ والأَعرَافُ والقَوانين الدُّوليةُ، وفي القَلبِ مِنها المقَاومَةِ المسَلحَةِ التي تُعدُّ الخيَارَ الاستِراتِيجي لحمَايةِ الثَّوابِتِ واستِردَادِ حُقُوقِ الشَّعبِ الفِلسطِيني”.

إنَّ تخَاذُلَ الدُّولِ العَرَبيةِ عن نُصرَةِ القَضِيةِ الفِلسطِينيةِ والوُقُوفِ إلى جَانِبِ حقِّه الشَّرعي في مقَاوَمةِ الاحتِلالِ، رَغمَ كُلِّ بيَانَاتِ التَّأييدِ الرَّسميةِ، الفَرديةِ والجمَاعِيةِ، وتَراجُعِ الدَّعمِ المادِي والمعنَوي عن ذلك، وخاصَّة بعد 2011م، وجَعلَ حَركَاتِ المقَاوَمةِ –وحمَاسُ في القَلبِ مِنها- مَكشُوفَةً أمَامَ عَدُوِّ الأُمَّةِ جمعَاء، رَغمَ جُهودِ “حماس” للمصَالحَةِ الفِلسطِينية ومُشاركَتِها في كُلِّ المسَاعِي الرَّاميةِ لذلك، مُشَاركَةٌ في هَزِيمةِ فِلسطِين وشَعبِها ومُقَاوَمتِها. وسوف يكون له ارتِدادَاتُه المستَقبَليةِ على الأَمنِ والسَّلامِ في المنطِقةِ دُولًا وشُعوبًا، خاصَّةً وأنَّ إسرَائِيلَ لا تُخفِي نوايَاها التَّوسُعيَّةِ.

إنَّ حالةَ التَّوسُّعِ الاستِيطَاني اليَهودِي في الضِّفةِ الغَربيةِ والقُدسِ، واستِمرارِ العُدوَانِ على المسجِدِ الأَقصَى وتهدِيدِ أسَاسَاته وقوَاعِدِه، ومَسعَى الصَّهاينةِ لإعلانِ إسرائيلَ دَولَةً يَهوُديةً، وتدَّخُلِ حكَومَةِ الكِيانِ الإسرائيلي في شُئونِ المنطِقةِ، لا يمكن أن تُؤخَذ على أنَّها نوَايَا حَسنَةً.

وفي الحقيقة فإنَّ رَفضَ إسرائيلَ الوَثيقَةَ، وإبداءَ المتَحدِّثِ باسم رَئيسِ الوزرَاءِ الإسرائيلي “دافيد كيز” تَبرُّمَه مِنها، واتِّهامَه الحركَةَ بمحَاوَلةِ “خِداعِ العَالمِ”، عبر الإعلانِ عن وَثيقَتِها الجديدة، ليس إلا تأكيدًا على رَفضِ إسرائيلَ لأيِّ تَسويةٍ وحُلولٍ سياسيةٍ مهما تنَازَلت الأطرافُ الفِلسطِينية وأَبدَت مُرونَتها.. لذلك يظل أصبعُ المقَاومَةِ القَابِضُ على الزِّنادِ هو ضمَانُ تحريرِ فِلسطِين.

(المصدر: مركز تأصيل للدراسات والبحوث)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى