كتب وبحوث

منهج الاستنباط عند المدرسة المالكية المغربية

اسم الكتاب: منهج الاستنباط عند المدرسة المالكية المغربية.

المؤلف: د. نور الدين الخادمي.

 

عرض الكتاب:

تتميز المدرسة المالكية المغربي بخصائص ومؤهلات هائلة رشحتها لتلك المكانة المرموقة ضمن المدارس الأخرى، ومنحتها ذلك النفس المتجدد الذي ظلت تنافح به قرونا طويلة من الزمن، ولم يصبها ما أصاب غيرها من المدارس من أنواع الانحسار والتلاشي الذي انتهى في أغلب الأحيان بالانقراض والانتهاء، فقد كانت هذه المدرسة تحمل بين طياتها بذور بقائها واستمرارها، ولم تزدها الضربات التي أصابتها إلاّ صلابة وقوة، ويرجع ذلك إلى جملة من الخصائص التي يعسر حصرها ويصعب تحديدها ولكن حسبي أن ألوح على أهمها وأشير إلى أقربها.

أول هذه الخصائص: مراعاة الخلاف العالي.. والذي يعرف بأنه “علم يعرف به كيفية إيراد الحجج الشرعية ودفع الشبه وقوادح الأدلة الخلافية بإيراد البراهين القطعية، وهو الجدل الذي هو قسم من المنطق إلاّ أنه خصّ بالمقاصد الدينية.

وقد ألف مالكية الغرب الإسلامي في هذا النوع من العلوم ما يعد كثرة، إلا أن تآليفهم لم تصل إلى الشهرة والكثرة التي تميز بها مالكية العراق الذين كانوا يعيشون في جو كثرت فيه المذاهب الفقهية، فقد كانوا يعاصرون الحنفية والشافعية، وكان بينهم من المد والجزر ما كان، بالإضافة إلى أن البيئة العراقية كانت تزخر بنشاط عارم لكل التيارات العلمية بكل أطيافها السياسية والعقدية والفقهية والحديثية واللغوية والصوفية وغيرها، فكان من الطبيعي أن يكون ذلك الزخم الهائل من التصانيف في هذا الميدان، أما المدرسة المالكية المغربية فكانت أقل احتضانا للصراعات الفقهية والعقدية لسلطان المذهب المالكي واستيعابه تقريبا لكل المنطقة اللهم إلا ما نذر ممن كان لا يصدع بانتسابه لغير المذهب المالكي لاسيما بلاد الأندلس التي هدد أميرها كل خارج عن المذهب بالعقاب والنكال .

ثانيها: الموسوعية وسعة الاطلاع.. فلقد كان رجال هذه المدرسة موسوعيين بما تحمله هذه اللفظة من معاني، فلم يقتصروا على فن بعينه بل طارت هممهم أبعد من ذلك فعالجوا كلّ الفنون وطرقوا كلّ العلوم، وقد لا يكون غريبا أن يتخصص كل عالم في فن، بل الغريب أن يحوز عالم واحد فنونا متعددة ويحيط بعلوم مختلفة يعسر الواحد منها لتحصيلها على الواحد منا، وربما تطلب العلم الواحد من الزمن عمرا بأكمله ،فقد أحاطوا بعلوم القرآن وتفسيره والحديث وعلومه ومصطلحاته وقواعده، والفقه ومذاهبه وأصوله، وعلم الكلام والفلسفة والسير والتاريخ، واللغة وقواعدها من نحو وصرف وبلاغة أدب وشعر، ومنطق وحساب وطب ،كما كانوا يتقنون القراءات والتجويد وغيرها…وبالجملة فقد كانت كتبهم عبارة عن دائرة المعارف الإسلامية الكبرى.

ثالثها: الطول والإطناب في المصنفات.. لقد تميزت معظم مصنفات هذه المدرسة بالطول والأطناب سواء تلك التي عالجت علما واحدا أو علوما كثيرة، فقد غطّت دراساتهم مساحات واسعة من الورق اتسمت في معظمها بالدقة والإحاطة، وتميزت بالجدية والشمول، ولعلّ السبب من وراء هذا الأطناب هو بسط قضايا الدين وشرح أحكامه وتفريغ مسائله بما يروي غليل السائل ويزيل عنه اللّبس والإبهام ويكشف له أسرار العلوم ويفتح له مغلقاته.

رابعها: الفقه المقارن المذهبي.. لم يكن علماء المالكية في الغرب الإسلامي نسيجا واحدا ولا كانت آراؤهم قالبا متحدا بل تعددت آراؤهم واختلفت في كبرى المسائل وصغارها حتى إنّك لتجد في المسألة الواحدة عشرات الأقوال كلّ يدلي فيها بدلوه ويعلل رأيه واختياره حتى لكأنّ كلّ واحد منهم يمثل مدرسة قائمة واتجاها منفردا.

وفي هذا الكتاب المعنون بـ ”  ” يستعرض الباحث الدكتور نور الدين مختار الخادمي مؤلف لكتاب، أبرز ملامح المدرسة المالكية المغربية بوصفها إحدى مدارس مذهب الإمام مالك ابن أنس إمام دار الهجرة ومؤسس فقه المدينة وموجه حركة التفقيه والاجتهاد والتجديد، وهو كتاب ركز على مجمل المنهج واستأنس بشيء من المعرفة.

وقد قسم الباحث مؤلفه إلى ست مباحث: نبذة موجزة عن المدرسة المالكية المغربية، تفرع المدرسة المالكية المغربية عن المدرسة المالكية الكبرى وعن المدرسة الإسلامية الأكبر، أصول الاستنباط عند عموم المالكية، أصول الاستنباط عند مالكية المغرب، المقولة الجامعة للمنهج الاستنباطي في المدرسة المغربية، المدرسة المالكية المغربية والمعاصرة والمسايرة.

 

(المصدر: الملتقى الفقهي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى