تقارير وإضاءات

كيف تواجه ماليزيا تحدي إصلاح المؤسسات الدينية؟

كيف تواجه ماليزيا تحدي إصلاح المؤسسات الدينية؟

إعداد سامر علاوي

يجمل وزير الشؤون الدينية الماليزي الجديد مجاهد يوسف راوا التحديات التي يواجهها بقضيتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بمكافحة الفساد في المؤسسات التابعة لوزارته، والثانية في مواجهة الأفكار المتطرفة في المجتمع، ويعني بذلك كل ما هو ضد الانسجام الثقافي والعرقي والديني في مجتمع معروف بتنوعه.

ويقلل راوا في حديثه للجزيرة نت من شأن القلق الذي عبرت عنه قطاعات مسلمة تجاه التمثيل الكبير لغير المسلمين في التشكيلة الحكومية الجديدة، لا سيما تقلدهم مناصب سيادية، ويؤكد أنه لا يشكل خطرا على الإسلام، نظرا لكفالة الدستور باعتبار دين الدولة الإسلام والنظام السياسي بما يمثله الملك وسلاطين الولايات من رمزية للأمة وهويتها الإسلامية.

ويعتبر الوزير أن من أبرز الهيئات التي تحتاج إلى إصلاح قد يصل إلى إعادة هيكلة، هي مؤسسة الحج المعنية باستثمار أموال الحجاج، وتحمل اسم صندوق الحج ( تابونغ حاجي)، وهي واحدة من 14 هيئة اقتصادية واجتماعية وتعليمية تنضوي تحت وزارة الشؤون الدينية.

ويرى أن صندوق الحج يحتل أولوية في الإصلاح بين هذه المؤسسات، لا سيما أن ممتلكاته واستثماراته تقدر بمليارات الدولارات، وقد شملته فضيحة الفساد الكبرى المرتبطة بالصندوق السيادي “شركة ماليزيا واحدة للتنمية” 1MDB، وينتاب الماليزيين شعور واسع بإساءة استعمال الأموال التي تقسط على من ينوون الحج وتستثمر بهدف تقليص مدة استحقاقهم للحج.

لكن الوزير شدد على ضرورة الحفاظ على سمعة صندوق الحج، وأعرب عن اعتزازه بإنجازاته على مدى نحو ستين عاما من تأسيسه، حيث شكل البذرة الأولى للاقتصاد الإسلامي في البلاد، وقد بدأت الفكرة بإقامة مؤسسة اقتصادية مستقلة لخدمة الحجاج لا تعتمد على النظام الربوي في البنوك التقليدية.

وفضل راوا عدم التسرع في إصلاح هذه المؤسسة والمؤسسات الأخرى، وقال إنه أمر بتشكيل لجان لدراسة وضع كل هيئة، وتقديم توصيات لأفضل سبل الإصلاح، مشيرا إلى أن رئيس صندوق الحج السابق عزل بعد أيام من تسلم الحكومة الجديدة مهامها.

صندوق الحج مفخرة ماليزيا منذ عقود أنهكه الفساد وإصلاحه قد يستدعي إعادة هيكلته (الجزيرة)

 

التسامح والتعايش
تحتل هيئة تطوير الشؤون الإسلامية (جاكيم) أهمية كبيرة في ماليزيا، حتى أن وزارة الشؤون الدينية تعرف بها، ويضم مقرها في العاصمة الإدارية بوترا جايا مكتب الوزير، الذي أكد للجزيرة نت أن الإصلاح في هذه الدائرة لا يتوقف عند الشؤون الإدارية وإنما يتجاوزها إلى الفكر.

ويقسم الوزير راوا الإصلاح الفكري قسمين، الأول يتعلق بالمسلمين أنفسهم، والثاني بعلاقة المسلمين مع غيرهم، ويقول إن التشدد الديني الذي يصل إلى درجة التكفير يتطلب حوارا واسعا مع حملة هذا الفكر وإعادة تأهيل من لا يصلح معهم الحوار، والحوار برأيه يجب أن يكون موضوعيا وفكريا بعيدا عن تهديد أمني واتهامات مسبقة.

أما ما يتعلق بغير المسلمين فهو معالجة الانطباع بوجود تمييز على أسس عرقية أو دينية، فرغم أن الغالبية في ماليزيا مسلمة فإن البلاد تتشكل من مجموعة من الأعراق والديانات، والدستور يكلف لغير المسلمين ممارسة شعائرهم وطقوسهم.

لكن الوزير أشار إلى أن بعضا من خريجي الدول العربية يتمسكون بأحادية الديانة والعرق في البلاد، “ونحن نقول لهم إن الفقه هنا يختلف عما هو في الدول العربية التي يشكل العرب المسلمون غالبيتها الساحقة، وعلينا التعايش مع مواطني هذه الدولة على أسس المساواة في الحقوق والواجبات” وهذا خاضع برأيه إلى فقه السياسة الشرعية.

وقال الوزير مجاهد راوا الذي ينتمي إلى حزب “الأمانة الوطنية” إن استعمال الدين والعرق لأغراض سياسية يجب أن ينتهي، مشيرا بذلك إلى حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة (أمنو) الحاكم سابقا والحزب الإسلامي (باس) اللذين يقفان اليوم في صف المعارضة.

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى