علو الحرية

علو الحرية

بقلم د. أحمد عجاج

المؤرخ اليوناني هيرودتس يرى ان عظمة اليونانيين مصدرها حبهم للحرية؛ ويقول ان اليونانيين في مقاومتهم للفرس كانوا يعرفون ان الفرس اقوى واكثر عظمة لكن كانوا يعتقدون انهم اعلى شأنا من الفرس لأنهم احرار بينما الفرس عبيد عند ملكهم؛ لهذا نصب اليونانيون تماثيل للحرية Demokratia وقدسوها كما يقدسون الهتهم!

هذا مثال هام على ان الشعب الذي يؤمن بالحرية يشعر بأنه متميز لأن الحرية هبة الله وبها تكتمل انسانية الانسان، والمسلمون من بين شعوب الارض احرى بهم ان يفهموا هذا المصطلح لأنه في صلب عقيدتهم التي تجعل من كل البشر متساويين ولا يوجد احد اعلى منهم سوى الله؛ ومفهوم الله عندهم يختلف عن كل مفاهيم الرب لأنه عادل ومانح الحرية للانسان، ولأنه يحب الانسان العادل؛ والعدالة هي مدماك المجتمع الصالح؛ ولا تتحقق سعادة للبشر الا بالحرية والعدالة!

في بلاد المسلمين نرى تشوهات كثيرة مصدرها سوء فهم الحرية، وتشويش مبدأ العدالة؛ ونرى دونية تعشعش في عقولهم، وهلع في قلوبهم لأنهم يرون الغرب اكثر عظمة وقوة وعدالة واوسع حرية!
لو انهم فهموا دينهم حق الفهم، وتمثلوه، لعرفوا ان ما لديهم يتفوق على ما لدى الاخرين، ولغيروا ليس مجتمعاتهم بل العالم!

المشكلة ان مفهومي الحرية والعدالة ليسا واضحين، ونخبة المسلمين لا تفهمهما فهما واعيا بل تدركهما ادراكا يتساوى مع ادراك العامة، ولا عجب ان تُفتن تلك النخبة بمفاهيم اخرى تحسبها لُبَّاً وهي قشور.

(المصدر: موقع المنهل)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى