كتب وبحوث

عرض كتاب (شريعة الملك: أحكام العلاقات بين اليهود والأغيار)

عرض كتاب (شريعة الملك: أحكام العلاقات بين اليهود والأغيار)

معلومات النشر:

اسم الكتاب: شريعة الملك: أحكام العلاقات بين اليهود والأغيار

تأليف: الحاخام يتسحاق شابيرا والحاخام يوسيف اليتسيور

ترجمة وإعداد: منصور مندور وخالد سعيد

الناشر: مكتبة الشروق الدولية

سنة الإصدار: 2011

عدد الصفحات: 230

عرض: د. فهمي شراب

يضم هذا الكتاب بين دفتيه المنطلقات والقواعد الفكرية والأيديولوجية التي تدعو لاستباحة وسفك دماء الأغيار (الغوييم) (الغوغاء والدهماء) على أيدي اليهود في أوقات السلم والحرب، تمت كتابته بلغة عبرية قديمة مشابهة للكتابات في العصور القديمة، وهو مزيج من أحكام منتقاة بشكل عنصري لمجموعة نصوص من التوراة والمنشا، معتمداً على أقوال وأراء فلاسفة وعلماء يهود متطرفين من عدة عصور، وتجاهل الكتاب نصوصاً أخرى إيجابية تنادي بالتعايش بين اليهود وغيرهم، وهو ما يجعل هذا الكتاب يمثل عقيدة جديدة، ومرجعية دينية وسياسية لجنود الاحتلال ولقطعان وسوائب المستوطنين لقتل الفلسطينيين؛ حيث يعتبر مؤلفو الكتاب أن الله خلق هذا الكون من أجل اليهود فقط، وخلق باقي العالم الذي له منزلة البهائم لخدمة اليهود، وقد ألف الكتاب المتطرف الحاخام يتسحاق شابيرا رئيس مجلس مدرسة عليا يهودية تسمى “لا يزال يوسف حياً” من مستوطنة “يتسهار” المجاورة لمدينة نابلس، واشترك معه الحاخام يوسيف اليتسيور الذي يعمل أستاذاً في المدرسة نفسها، وكل هذه المدارس تمثل حاضنة وراعية للفكر والسلوك اليهودي المتطرف. ودعا الكتاب بوضوح إلى قتل وإبادة الشعب العربي الفلسطيني وحرض على ذلك بشكل سافر.

أهمية الكتاب:

تظهر أهمية هذا الكتاب من خلال أحداث الحروب الإسرائيلية الأخيرة على غزة وحجم الدمار وأنماطه التي لحقت بالشعب الفلسطيني، وتزداد أهميته وضرورة تسليط الضوء على مضمونه مع ما شهدته أحداث ما تسمى “انتفاضة القدس” أو الانتفاضة الثالثة التي اندلعت أوائل شهر أكتوبر 2015، حيث جاءت سلوكيات وممارسات جنود الاحتلال الصهيوني من قتل وحرق وتنفيذ لحالات إعدامات مباشره تجاه الأطفال والنساء والشباب والشيوخ الفلسطينيين؛ وكأنها ترجمة حرفية للنصائح والفتاوى التي احتواها هذا الكتاب.

ونظراً لأن الكتاب يمثل خطراً على الإنسانية وإهانة كبيرة للعالم الحر، وما أثاره من ضجة إعلامية كبيرة فقد ألقت القوات الإسرائيلية القبض على الحاخام شابيرا في شهر سبتمبر عام 2010 بتهمة إصداره كتاباً يبيح قتل “الأغيار”، لكنه ما لبث أن خرج بعد ثلاثة أيام! كما منعت سلطات الأمن البريطانية الحاخام اليتسيور من دخول المملكة لعدة سنوات لأن الكتاب يدعم آراء تبرر الإرهاب والعنصرية والكراهية ويساهم في تشجيع العمليات الإرهابية.

مكونات وفصول الكتاب:

يتكون الكتاب من مقدمة وستة فصول وخلاصة، ففي الفصلين الأول والثاني اللذين تضمنا عناوين (لا تقتل، وقتل غير اليهودي الذي يخالف الفرائض السبع)، يؤكد المؤلفان على تحريم قتل اليهودي لليهودي، بينما مباح قتل غير اليهود، بل أحيانا يكون القتل تقرباً لله. ويعتبر المؤلفان أن الله طلب من جميع البشر اتباع التوراة، وفقط “أبناء إسرائيل” هم الذين استجابوا، وباقي البشر في مرتبة أقل من الناحية الإنسانية، ويحق لليهودي قتل من يخالف واحدة من الفرائض السبع المفروضة على “أبناء نوح”. وأكد المؤلفان أن قيام اليهودي بتنفيذ هذا القتْل لا يحتاج إلى محكمة وشهود إثبات، بل يكفي أن يرى أيُّ شخص يهودي أو يعرف أنّ غير اليهودي يخالف واحدة من الفرائض السّبع، فيحقّ له قتله.

أما الفصل الثالث فيتناول بشكل مفصل الحالات التي يتم فيها التضحية بالنفس عن ارتكاب أي ذنب، ويقارن الفصلان الثالث والرّابع بين اليهود و”الأغيار” ومدى تمسّك كل منهما بمعتقداته، وموقف اليهود و “الأغيار” من القتل، ويستخلص المؤلّفان أنّ اليهود يُسمح لهم بقتل الآخرين أكثر مما يسمح للأغيار بقتل أناس من الأغيار الآخرين. ويتم التركيز في الفصل الرابع على استباحة دماء الأغيار.

تتضح الأفكار اليهودية المتطرفة والعنصرية الخطيرة بشكل جلي في الفصلين الخامس والسادس لما انطوى عليه ذلكما الفصلان من تحريض سافر على القتل واستباحة لدماء الأطفال وحرقهم وتدمير بيوتهم، فتحتَ عنوان “قتل الأغيار في الحرب” يؤكد المؤلفان أنه لا ينبغي قتل المقاتلين الذين يشاركون في الحرب ضد إسرائيل وحدَهم؛ بل يجب قتل أيِّ مواطن في المنطقة أو الدولة المعادية يشجع المقاتلين أو يعبر عن رضاه عن أعمالهم. أما أولئك المواطنون في الدولة أو المنطقة المعادية، الذين لا يشجعون دولتهم في أعمال الحرب بأيّ شكل من الأشكال “فيسمح” بقتلهم أيضاً. ويقولان إن الشريعة اليهودية تشك في أنهم يرغبون – في أوقات السلم – في سفك دماء اليهود. ويتعاظم هذا الشك في أنّهم يرغبون في سفك دماء اليهود في حالة الحرب، وهو ما يسمح بقتل هؤلاء الأغيار المدنيّين الأبرياء الذين لا يشاركون إطلاقاً في مجريات الحرب.

ولذلك “قرر حكماؤنا العظماء أنّ أفضل الأغيار في فترة الحرب “هو الميّت”؛ إذ لا يوجد مجالٌ لإصلاحهم لأن خطرهم وخبثهم عظيمان. أما في شأن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين يوم واحد وسن الرشد، والذين بطبيعة الحال لا يخالفون الفرائض السبع لعدم إدراكهم لها أو سماعهم عنها، فبالإمكان قتلهم “بسبب الخطر المستقبلي الذي يشكلونه إذا سُمح لهم بالعيش ليكبروا فيصبحوا أشراراً مثل أهلهم”. ويضيف المؤلفان: “بطبيعة الحال يُسمح بقتل الأطفال، والمدنيّين الآخرين كذلك، الذين يحتمي بهم “الأشرار”، فيجب قتل “الأشرار”، حتّى وإن أدى ذلك إلى قتل الأطفال والمدنيّين”.

ويشرح المؤلفان ضمن الفصل السادس أن أي مملكة لا يمكنها البقاء بغير الجنود المقاتلين وصمودهم، وأن “الدولة الصالحة” كانت في القِدم ترغم رجالها الأبرياء على الخروج إلى الحرب، وكانت تكلف حراساً ليقفوا خلف الجنود المقاتلين يقتلون كلَّ من يهرب منهم، وكان لا بد أن يُلحِق الملك الأذى بجنوده من أجل إرغامهم على خوض المعارك والصمود فيها حتى لا تكتب النهاية بانتصار الأشرار، وإذا كان للملك الحق في قتل رجاله وجنوده، فإنه من حقه استهداف الأبرياء التابعين لمملكة الأشرار وقتلهم بدم بارد.

يؤكّد المؤلّفان حق إسرائيل في استهداف مواطني الدولة المعادية وقتلهم مهما بلغت أعمارهم ومهما بلغ عددهم، حتى لو كانوا قد وُلدوا لتوِّهم، أو كانوا من كبار السن وعلى حافة الموت؛ أَكانوا ذكوراً أم إناثاً، أَشاركوا في القتال والجهد الحربيّ أم لم يشاركوا إطلاقاً، فيحق لإسرائيل استهدافهم وقتلهم جميعاً.

ويعود المؤلفان ويؤكدان أنه ينبغي قتل الفلسطينيّين لأنهم يخالفون الفرائض السبع، ويستطردان أنه ينبغي استهداف المدنيّين الفلسطينيّين الذين يساعدون “القتلة” وقتلهم، حتى إذا كان هؤلاء الأبرياء مرغمين على القيام بذلك. ويقول المؤلّفان: “حتى إذا كانوا مربوطين أو مسجونين ولا يوجد لديهم أيّ إمكانيّة للفرار ولا يوجد لهم أيّ خيار آخر إلاّ البقاء في المكان ذاته، وكانوا كالرّهائن فإنّه يُسمح باستهدافهم وسحْقهم وقتْلهم إذا كانت هذه هي الوسيلة للتّخلّص من الأشرار، فإنّ من يساعد على القتل رغماً عن إرادته يُسمح باستهدافه وقتله أيضاً، وفي كثير من الأحيان يجد الأطفال أنفسهم في مثل هذه الحال: إنّهم يسدّون بوجودهم في المكان طريق الإنقاذ، وهم يقومون بذلك بالإكراه و دون قصد، ومع ذلك يُسمح باستهدافهم وقتلهم لأنّ وجودهم يساعد القتل”. وبناءً على ذلك، يمكن الاستنتاج أنّ “توراة الملك” يبرّر إذا وُجد أحد “المطاردين” الفلسطينيّين المطلوبين لإسرائيل في عمارة كبيرة تزدحم بمئات المواطنين المدنيّين الفلسطينيّين الأبرياء، أكان هؤلاء موجودين بإرادتهم أو خلافاً لإرادتهم، فيحقّ لإسرائيل استهدافهم وقتلهم. (الشيخ صلاح شحادة والشيخ نزار ريان مثلاً).

فتاوى وإرشادات مقدسة:

يحتوي الكتاب على إرشادات أو مبادئ عامة هي عبارة عن تنبيهات وتوصيات مقدسة، يكون الملتزم بها من المؤمنين حسب هذه العقيدة التي صاغها الكتاب ومنها:

– لا يجب تصديق الأغيار في شيء.

– إنقاذ يهودي أهم من استقرار العالم.

– حياة الأغيار لا تساوي شيئاً.

– الأجنبي مباح لإسرائيل.

– كل من لا يقبل الالتزام بالوصايا السبع، يجوز السيطرة عليه واستغلاله لمصلحة اليهود.

– لا داعي للتدقيق؛ فمن ساعد على أذى إسرائيل ومن لم يساعد… فالقتل أولاً.

– من يسرق أرض إسرائيل يستحق القتل (وحسب المؤلفين يعتبر الفلسطيني هو الذي سرق أرض إسرائيل).

– قتل الرضع لئلا يكبروا ويصبحوا أشراراً.

– قتل المدينة أو الدولة التي ساهم أفرادها في إلحاق الأذى بإسرائيل.

– جواز قتل كل الشهود على قتل إسرائيل للأغيار.

مكانة اليهودي وسموه على القانون الدولي:

يعتبر المؤلفان أن كل من يضيع نفساً من إسرائيل فكأنه أضاع العالم، ومن حافظ على حياة نفس من إسرائيل فكأنما حافظ على وجود العالم كله. ويستطردا بأنه يُسمح بقتل من يسلِّم مالاً للأغيار في كل مكان، وحتى في هذا الزمان الذي لا يؤخذ فيه بأحكام القانون الجنائي (حصار غزة الدائم التزام بالنصوص التوراتية).

متى يمكن إنقاذ الأغيار؟

ويشرح الكتاب أن الحالة التي يجب فيها إنقاذ الأغيار أو أحدهم هي:

“إذا كان ثمة فِناء يقطن به أغيار ويهود، حتى لو كان يهودي واحد وألف من الأغيار، واتفق أن انهارت فوقهم كتلة صخرية، يجب محاولة إنقاذ الجميع، لأن بينهم يهودي، وعندما تفرق الجميع ذهب أحدهم إلى فناء آخر فسقطت عليه نفس الكتلة الصخرية، يجب إنقاذه خشية أن يكون يهودياً والبقية من الأغيار”.

خطرٌ يتمدد:

وتكمن خطورة هذا الكتاب في أن غالبية يهودية تدافع عما جاء فيه ويعتبرونه مقدساً، ويعتبر محفزاً لقطاعات كبيرة من سكان المستوطنات في الضفة الغربية والقدس لارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين وقتل الأطفال وحرقهم (محمد خضير والدوابشة)، ويسهم في تنشئة جيل يؤمن بإبادة الفلسطينيين، حيث أصبح طلاب المدارس الدينية (اليشيفوت) يتعاملون مع هذا الكتاب وكأنه توراتهم الأصلية الحقيقية، وهو أيضاً معادٍ للإنسانية جمعاء، وينضح بالعنصرية المقيتة تجاه حتى الحضارة الغربية والحضارات الأخرى غير الإسلامية، ولا تعترف نصوص هذا الكتاب بالقانون الدولي والقانون الإنساني والمبادئ التي قامت عليها منظمة الأمم المتحدة والحضارات الأخرى.

(المصدر: مركز البيان للبحوث والدراسات)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى