كتابات مختارة

سيرة عمرو بن العاص رضي الله عنه

 بقلم د. علي بن محمد الصلابي

هو عمرو بن العاص بن وائل السهمي، يكنى أبا محمد وأبا عبد الله، ويتفق ابن إسحاق[1] والزبير بن بكار[2] أن إسلامه كان عند النجاشي في الحبشة، وهاجر إلى المدينة في صفر سنة ثمان للهجرة، وذكر ابن حجر أنه أسلم سنة ثمان قبل الفتح، وقيل: بين الحديبية وخيبر[3].

1- إسلامه: نترك عمرو بن العاص، رضي الله عنه، يحدثنا عن إسلامه، فقد قال: لما انصرفنا مع الأحزاب من الخندق جمعت رجالاً من قريش، كانوا يرون رأيي ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوًا منكرًا، وإني رأيت أمرًا، فما ترون فيه؟ قالوا: وماذا رأيت؟ قال: رأيت أن نلحق بالنجاشي، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا، فلن يأتينا منهم إلا خيرًا، قالوا: إن هذا الرأي، قلت: فاجمعوا لنا ما نهديه له، وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم[4]، فجمعنا له أدمًا كثيرًا ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فوالله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، قال: فدخل عليه، ثم خرج من عنده، قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية الضمري، لو دخلت على النجاشي، وسألته إياه فأعطانيه، فضربت عنقه، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني أجزأت عنها[5]، حيث قتلت رسول محمد، قال: فدخلت عليه، فسجدت له كما كنت أصنع، فقال: مرحبًا صديقي، أهديت إلي من بلادك شيئًا؟ قال: نعم، أيها الملك، قد أهديت إليك أدمًا كثيرًا، قال: ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه، ثم قلت له: أيها الملك إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا، فأعطنيه لأقتله، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا، قال: فغضب، ثم مد يده، فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقًا منه، ثم قلت له: أيها الملك، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه، قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لقتله؟ قال: قلت: أيها الملك، أكذلك هو؟ قال: ويحك يا عمرو أطعني واتبعه، فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قال: قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم، فبسط يده فبايعته على الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابي، وقد حال رأيي عما كان عليه، وكتمت على أصحابي إسلامي، ثم خرجت عامدًا إلى رسول الله لأسلم، فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟ قال: والله لقد استقام المنسم[6]، وإن الرجل لنبي، أذهب والله فأسلم، فحتى متى؟ قال: قلت: والله ما جئت إلا لأسلم. قال: فقدمنا المدينة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت، فقلت: يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، إني أبايعك على أن يُغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر، قال: فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «يا عمرو بايع، فإن الإسلام يجُبُّ ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها»، قال: فبايعته ثم انصرفت[7]. وفي رواية قال:… فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال: «ما لك يا عمرو؟» قال: قلت: أردت أن أشترط. قال: «تشترط بماذا؟» قلت: أن يغفر لي. قال: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟»[8].

2- عمرو بن العاص يقود سرية في ذات السلاسل 7هـ:

جهز النبي – صلى الله عليه وسلم – جيشًا بقيادة عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل، وذلك لتأديب قضاعة التي غرها ما حدث في مؤتة التي اشتركت فيها إلى جانب الروم، فتجمعت تريد الدنو من المدينة، فتقدم عمرو بن العاص في ديارها ومعه ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، ولما وصل إلى مكان تجمع الأعداء بلغه أن لهم جموعًا كثيرة، فأرسل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يطلب المدد فجاءه مدد بقيادة أبي عبيدة بن الجراح[9]، وقاتل المسلمون الكفار، وتوغل عمرو في ديار قضاعة التي هربت وتفرقت وانهزمت، ونجح عمرو في إرجاع هيبة الإسلام لأطراف الشام، وإرجاع أحلاف المسلمين لصداقتهم الأولى، ودخول قبائل أخرى في حلف المسلمين، وإسلام الكثيرين من بني عبس، وبني مرة، وبني ذبيان، وكذلك فزارة وسيدها عيينة بن حصن في حلف مع المسلمين، وتبعها بنو سليم، وعلى رأسهم العباس بن مرداس، وبنو أشجع، وأصبح المسلمون هم الأقوى في شمال بلاد العرب، وإن لم يكن في البلاد جميعها[10]، وفي هذه الغزوة دروس وعبر وحكم تتعلق بعمرو بن العاص منها:

أ- إخلاص عمرو بن العاص:

يقول عمرو: بعث إلي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: «خذ عليك ثيابك، وسلاحك، ثم ائتني». فأتيته وهو يتوضأ، فصعد فيّ النظر، ثم طأطأ، فقال: «إني أريد أن أبعثك على جيش[11]، فيسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك في المال رغبة صالحة»، قال: قلت: يا رسول الله ما أسلمت من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. قال: «يا عمرو نعم المال الصالح للمرء الصالح»[12]. فهذا الموقف يدل على قوة إيمان وصدق وإخلاص عمرو بن العاص للإسلام وحرصه على ملازمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقد بين له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن المال الحلال نعمة إذا وقع بيد الرجل الصالح، لأنه يبتغي وجه الله ويصرفه في وجوه الخير ككفالة الأيتام والأرامل والدعاة ودعم المجاهدين، والمشاريع الخيرية وغيرها من وجوه البر، ويعف به نفسه وأسرته[13]، ويغني به المسلمين، ونستنبط من الحديث أن سعي العبد للحصول على المال الصالح أمر محمود يحث عليه النبي – صلى الله عليه وسلم -، كما أن الرجل ذا المال إذا استطعنا إيصال الصلاح له ليجمع بين صلاح المال وصلاح نفسه كما في الحديث، فهو أيضًا مطلوب ومحمود، وهذا خير له وللإسلام والمسلمين.

ب- حرص عمرو على سلامة قواته: بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عمرًا في غزوة ذات السلاسل، فأصابهم برد، فقال لهم عمرو: لا يوقدن أحد نار، فلما قدم شكوه، قال: يا نبي الله، كان فيهم قلة، فخشيت أن يرى العدو قلتهم، ونهيتهم أن يتبعوا العدو مخافة أن يكون لهم كمين، فأعجب ذلك رسول الله[14].

ج- من فقه عمرو بن العاص رضي الله عنه: قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: «يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟» فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله يقول: ﴿ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء:29]، فضحك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يقل شيئًا[15].

وهذا الاجتهاد من عمرو بن العاص يدل على فقهه ووفور عقله، ودقة استنباطه الحكم من دليله[16]، ولئن وقف الفقهاء عند هذه الحادثة يفرعون عليها الأحكام، فإن الذي يستوقفنا[17] منها تلك السرعة في أخذ عمرو للقرآن وصلته به حتى بات قادرًا على فقه الأمور من خلال الآيات وهو لم يمض على إسلامه أربعة أشهر، إنه الحرص على الفقه في دين الله، وقد يكون عمرو –وهذا احتمال وارد- على صلة بالقرآن قبل إسلامه يتتبع ما يستطيع الوصول إليه، وحينئذ نكن أمام مثال آخر من عظمة هذا القرآن الذي لوى أعناق الكافرين وجعلهم وهم في أشد حالات العداوة لهذا الدين يحاولون استماع هذا القرآن، كما رأينا ذلك في العهد المكي، ويؤيد هذا ما رأيناه من معرفته بالقرآن حينما طلب من النجاشي أن يسأل مهاجري الحبشة عن رأيهم في عيسى عليه السلام[18].

3- فضائله ومناقبه:

أ- شهادة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – له بالإيمان: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «أسلم الناس وآمن الناس عمرو بن العاص»[19]، وفي حديث آخر قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «ابنا العاص مؤمنان عمرو وهشام»[20]، وقال عمرو بن العاص: فزع الناس بالمدينة مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فتفرقوا، فرأيت سالمًا احتبى سيفًا فجلس في المسجد، فلما رأيت ذلك فعلت مثل الذي فعل، فخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرآني وسالمًا، وأتى الناس فقال: «أيها الناس ألا مفزعكم إلى الله ورسوله، ألا فعلتم ما فعل هذان الرجلان؟»[21].

ب- تقديم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – له على غيره، وشهادته له بأنه من صالحي قريش:

فقد جاء عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قوله: ما عدل بي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبخالد أحدًا منذ أسلمنا في حرب[22]. وشهد له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأنه من صالحي قريش، فعن أبي مليكة قال: قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إن عمرو بن العاص من صالحي قريش»[23]. وهنا درس نبوي في معرفة النبي – صلى الله عليه وسلم – لمعادن الرجال والاستفادة منها.

ج- دعاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – له: عن زهير بن قيس البلوي عن عمه علقمة بن رمثة البلوي قال: بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عمرو بن العاص إلى البحرين، ثم نعس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم استيقظ فقال: «رحم الله عمرًا». فتذاكرنا من اسمه عمرو ثم نعس ثانية فاستيقظ فقال: «رحم الله عمرًا» ثم نعس ثالثة فاستيقظ، فقال: «يرحم الله عمرًا». قلنا: من عمرو يا رسول الله؟ قال: «عمرو بن العاص» قلنا: وما باله؟ قال: «ذكرته إني كنت إذا ندبت الناس للصدقة، جاء من الصدقة فأجزل، فأقول: من أين لك هذا يا عمرو؟ فيقول: من عند الله، وصدق عمرو، إن لعمرو عند الله لخيرًا كثيرًا». قال زهير: فلما كانت الفتنة قلت: أتبع هذا، قال فيه رسول الله ما قال، فلم أفارقه[24].

4- أعماله في عهد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم:

كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أرسل عمرًا إلى دعوة ابني الجلندي «جيفر، وعباد» إلى الإسلام ودعاهما إلى الإسلام وصدقا بالنبي – صلى الله عليه وسلم – وخليا بين عمرو وبين الصدقة والحكم فيما بين قومهم، وكانا له عونًا على من خالفه[25]، وبعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وجه الصديق عمرو بن العاص بجيش إلى فلسطين، وكان الصديق خيَّره بين البقاء في عمله الذي أسنده إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبين أن يختار له ما هو خير له في الدنيا والآخرة، إلا أن الذي هو فيه أحب إليه، فكتب إليه عمرو بن العاص: إني سهم من سهام الإسلام وأنت بعد الله الرامي بها والجامع لها، فانظر أشدها وأخشاها وأفضلها فارم به[26]، فلما قدم المدينة أمره أبو بكر رضي الله عنه أن يخرج من المدينة وأن يعسكر حتى يندب معه الناس.. ثم أرسله بجيش إلى الشام[27]. وفي معركة اليرموك كان عمرو على الميمنة، فكان لمشاركته أثر كبير في انتصار المسلمين، وبعد وفاة الصديق استمر عمرو في الشام وكانت له مشاركة فعالة في حركة الفتح الإسلامي بالشام، فقد قام بمشاركة شرحبيل بن حسنة في فتح بيسان، وطبرية، وأجنادين[28]، كما قام رضي الله عنه بفتح غزة، واللد، ويُبنى، وعمواس، وبيت جبرين، ويافا، ورفح، وبيت المقدس، ولم يقتصر عمرو رضي الله عنه على فتح بلاد الشام وحدها، بل شمل أيضًا مشاهير بلاد مصر، حيث كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصدر أمره إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه بعد الفراغ من فتوح الشام أن يسير بمن معه من الجند إلى مصر، فخرج رضي الله عنه حتى وصل إلى العريش ففتحها، كما شملت حركة الفتح أيضًا: الفرما، والفسطاط، وحصن بابليون، وعين شمس، والفيوم، والأشمونين، وأخميم، والبشرود، وتنيس، ودمياط، وتونة، ودقهلة، والإسكندرية، وبلادًا إفريقية أخرى مثل؛ برقة وزويلة وطرابلس[29]، وقد شهد له الفاروق بصفات الزعامة والإمامة فقال: ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلى أميرًا[30]. وكان في عهد عثمان من المقربين إلى الخليفة ومن أهل مشورته، ولما أحيط بعثمان، رضي الله عنه، خرج عمرو بن العاص من المدينة متوجهًا إلى الشام وقال: والله يا أهل المدينة ما يقيم بها أحد فيدركه قتل هذا الرجل إلا ضربه الله عز وجل بذل، ومن لم يستطع نصره فليهرب، فسار وسار معه ابناه عبد الله ومحمد، وخرج بعده حسان بن ثابت وتتابع على ذلك ما شاء الله[31]، وعندما جاء الخبر عن مقتل عثمان رضي الله عنه وبأن الناس بايعوا علي بن أبي طالب، قال عمرو بن العاص: رحم الله عثمان رضي الله عنه وغفر له، فقال سلامة بن زنباع الجذامي: يا معشر العرب إنه قد كان بينكم وبين العرب باب فاتخذوا بابًا إذا كسر الباب، فقال عمرو: وذاك الذي نريد ولا يصلح الباب إلا أشاف[32]، تخرج الحق من حافرة البأس ويكون الناس في العدل سواء، ثم تمثل عمرو بن العاص بهذه الأبيات:

فيا لهف نفسي على مالك

وهل يصرف مالك حفظ القدر

أنزع من الحر[33] أودى بهم

فأعذرهم أم بقومي سكر

ثم ارتحل راجلاً يبكي ويقول: يا عثماناه؛ أنعي الحياء والدين، حتى قدم دمشق[34].

هذه هي الصورة الصادقة عن عمرو رضي الله عنه والمتتالية مع شخصيته وخط حياته وقربه من عثمان، أما الصورة التي تمسخه إلى رجل مصالح وصاحب مطامع وراغب دنيا فهي الرواية المتروكة الضعيفة، رواية الواقدي عن موسى بن يعقوب[35]، وقد تأثرت بالروايات الضعيفة والسقيمة مجموعة من الكتاب والمؤرخين، فأهووا بعمرو إلى الحضيض، كالذي كتبه محمود شيت خطاب[36]، وعبد الخالق سيد أبو رابية[37]، وعباس محمود العقاد الذي يتعالى عن النظر في الإسناد ويستخف بقارئه، ويظهر له صورة معاوية وعمرو رضي الله عنهما بأنهما:… انتهازيان صاحبا مصالح. ولو أجمع الناقدون التاريخيون على بطلان الروايات التي استند إليها في تحليله، فهذا لا يعني للعقاد شيئًا، فقد قال بعد أن ذكر روايات ضعيفة واهية لا تقوم بها حجة:.. وليقل الناقدون التاريخيون ما بدا لهم أن يقولوا في صدق هذا الحوار، وصحة هذه الكلمات، وما ثبت نقله ولم يثبت منه سنده، ولا نصه، فالذي لا ريب فيه ولو أجمعت التواريخ قاطبة على نقضه أن الاتفاق بين الرجلين، كان اتفاق مساومة ومعاونة على الملك والولاية، وأن المساومة بينهما كانت على النصيب الذي آل إلى كل منهما ولولاه لما كان بينهما اتفاق[38].

إن شخصية عمرو رضي الله عنه الحقيقية أنه رجل مبادئ، غادر المدينة حين عجز عن نصرة عثمان، وبكى عليه بكاءً مُرًا حين قتل، فقد كان يدخل في الشورى في عهد عثمان من غير ولاية، ومضى إلى معاوية، رضي الله عنهما، يتعاونان معًا على حرب قتلة عثمان والثأر للخليفة الشهيد[39]، لقد كان مقتل عثمان كافيًا لأن يحرك كل غضبه على أولئك المجرمين السفاكين، وكان لابد من اختيار مكان غير المدينة للثأر من هؤلاء الذين تجرأوا على حرم رسول الله وقتلوا الخليفة على أعين الناس، وأي غرابة أن يغضب عمرو لعثمان؟. وإن كان هناك من يشك في هذا الموضوع فمداره على الروايات المكذوبة التي تصور عمرًا همه السلطة والحكم[40].

———————————-

[1] المعجم الكبير للطبراني (9/ 53) أرسلها ابن اسحاق.

[2] الإصابة (3/ 2) خلافة علي، عبد الحميد، ص (263).

[3] تهذيب التهذيب (8/ 56).

[4] الأدم: الجلد.

[5] أجزأت عنها: كفيتها.

[6] استقام المنسم: تبين الطريق ووضح.

[7] صحيح السيرة النبوية، ص (494)، سير أعلام النبلاء (3/ 60)، والسيرة لابن هشام (2/ 276).

[8] مسلم، كتاب الإيمان، رقم (121).

[9] السيرة النبوية الصحيحة (2/ 471)، السيرة النبوية لابن هشام (3/ 280).

[10] السيرة النبوية لأبي شهبة (2/ 433)، السيرة النبوية لابن هشام (4/ 280).

[11] جيش: سرية ذات السلاسل.

[12] رواه ابن حبان في الموارد (2277)، صحيح السيرة، ص (508) صححه الألباني.

[13] التاريخ الإسلامي للحميدي (7/ 133).

[14] سير أعلام النبلاء (3/ 66).

[15] المصدر نفسه (3/ 67) إسناده صحيح، صححه ابن حبان، رقم (202).

[16] غزوة الحديبية لأبي فارس، ص (210).

[17] معين السيرة، ص (381)، القائل هو صالح أحمد الشامي صاحب معين السيرة.

[18] المصدر نفسه، ص (381)، مسند أحمد (1/ 203) رجاله رجال الصحيح.

[19] سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/ 238)، رقم (155) وحسنه.

[20] الطبقات (4/ 191)، السلسلة الصحيحة (1/ 240)، رقم (156).

[21] مسند أحمد (203) بسند حسن.

[22] سنن البيهقي باب إسلام عمرو بن العاص (4/ 43).

[23] سنن الترمذي كتاب المناقب، باب مناقب عمرو بن العاص، رقم (3844).

[24] المعجم الكبير (18/ 5) المستدرك (3/ 455) صححه الحاكم وقال الذهبي: صحيح إسناده حسن.

[25] الطبقات (1/ 262) جوامع السيرة لابن حزم، ص (24، 29).

[26] إتمام الوفاء بسيرة الخلفاء، ص(55).

[27] فتوح الشام للأزدي، ص (48-51).

[28] تاريخ الطبري (3/ 605)، الكامل لابن الأثير (2/ 498).

[29] سير أعلام النبلاء (3/ 70)، القيادة العسكرية في عهد الرسول، ص (634- 942).

[30] سير أعلام النبلاء (3/ 70).

[31] تاريخ الطبري نقلاً عن عمرو بن العاص للغضبان، ص (464).

[32] أشاف: جمع أشفى وهو المثقب.

[33] الحر: جمع حرة وهي الظلمة الشديدة.

[34] تاريخ الطبري نقلاً عن عمرو بن العاص، ص (464).

[35] عمرو بن العاص للغضبان، ص (481).

[36] سفراء النبي صلى الله عليه وسلم محمود شيت خطاب، ص (508).

[37] عمرو بن العاص، عبد الخالق سيد أبو رابية، ص (316).

[38] عمرو بن العاص للعقاد، ص (232،231).

[39] عمرو بن العاص للغضبان، ص (490،489).

[40] عمرو بن العاص للغضبان، ص (492).

المصدر: شبكة الألوكة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى