متابعات

د. أحمد الريسوني.. “شيخ المقاصد” رئيساً “للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”

د. أحمد الريسوني.. “شيخ المقاصد” رئيساً “للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”

يعد تقلد عالم المقاصد المغربي أحمد الريسوني مهام رئيس “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، بمنزلة تتويج لعالم له بصمات واضحة في المجالات الدينية والفكرية والسياسية.

الريسوني (65 عاما) حاصل على دكتوراه في أصول الفقه عام 1992، وشغل في السابق منصب نائب رئيس الاتحاد، وهو يتميز بجرأة علمية ومؤهلات معرفية ترتكز على مبدأ الاجتهاد.

يعرف الريسوني، المولود في إقليم العرائش شمالي المغرب عام 1953، بدفاعه عن منهج الوسطية وقول كلمة “الحق دون مواربة”.

وهو أيضا من العلماء المعروفين باجتهاداتهم التي تقدم إجابات عصرية عن تحديات الواقع، ويلقبه البعض بـ “شيخ المقاصد”، و”إمام الفقه المقاصدي المعاصر”، و”الفقيه المعارض”.

قبل توليه رئاسة الاتحاد، شغل الريسوني مناصب دعوية مهمة، بينها: رئاسة رابطة المستقبل الإسلامي بالمغرب منذ عام 1994.

وظل يترأسها حتى اندماجها مع حركة “الإصلاح والتجديد”، وتشكيل حركة “التوحيد والإصلاح” في أغسطس / آب 1996.

وشغل الريسوني بين عامي 1996 و2003 منصب أول رئيس لحركة “التوحيد والإصلاح”، وهي الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي.

كما انتخب أول رئيس لرابطة علماء أهل السنة، ثم نائب رئيس “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” في 7 ديسمبر / كانون الأول 2013، وهو أحد أعضائه المؤسسين.

** المسار الأكاديمي

على المسار الأكاديمي، يشغل الريسوني، وهو أب لخمسة أبناء، منصب مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث بالمغرب (غير حكومي) منذ عام 2012.

وعمل منذ 2006 “خبيرا أول” لدى مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، في مشروع “معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية”، ثم عين نائبا لمدير المشروع، ثم مديرا له حتى نهاية 2012.

نال عضوية مجلس الأمناء والمجلس العلمي لجامعة مكة المكرمة المفتوحة، وعمل مستشارا أكاديميا لدى المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وأستاذا زائرا بجامعة زايد بالإمارات وجامعة حمد بن خليفة بقطر.

كما تقلد وظائف حكومية في المغرب، منها محرر قضائي في وزارة العدل (1973 ـ 1978)، ورئيس للقسم الإداري في المحكمة الابتدائية بمدينة سوق الأربعاء (شمال) عام 1976.

بعدها، عمل أستاذا في الثانوية العامة بمدينة مكناس بين 1978 و1984، ثم انتقل لتدريس علم “أصول الفقه ومقاصد الشريعة” في جامعة محمد الخامس (حكومية) بالرباط، وفي دار الحديث الحسنية بالرباط، بين 1986 و2006.

أشرف في الجامعة على أكثر من 100 أطروحة دكتوراه ورسالة ماجستير في مختلف الجامعات المغربية، وكذلك على العديد من الدورات العلمية المنهجية للباحثين في العلوم الشرعية.

** الصحافة والفكر

للريسوني تجربة معتبرة في ميدان الصحافة، إذ تولى منصب المدير المسؤول لصحيفة “التجديد” (مغربية)، بين 2000 و2004، وأشرف على تحولها من أسبوعية إلى يومية.

كما كان عضوا في هيئة التحرير بمجلة “إسلامية المعرفة”.

وهو كاتب ومفكر له قرابة 30 كتابا أغلبها في علم المقاصد، منها: “نظرية التقريب والتغليب وتطبيقاتها في العلوم الإسلامية”، و”نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي”، وترجم إلى الإنجليزية والفارسية والأوردية والبوسنية.

ومن كتبه أيضا: “من أعلام الفكر المقاصدي”، و”مدخل إلى مقاصد الشريعة”، و”الفكر المقاصدي قواعده وفوائده”.

وللريسوني إصدارات في الفكر الإسلامي، بينها: “الشورى في معركة البناء”، و”فقه الثورة مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي”، و”الأمة هي الأصل”.

** مواقف واجتهادات

مواقف الريسوني من قضايا الأمة صريحة، ولا سيما دفاعه المستمر عن القضية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

وهو معروف بجرأته في تناول قضايا خلافية ومسائل يتجنب كثيرون الخوض فيها، مثل تقديس المذاهب الدينية، وعلاقة العلم بالدين والكفر بالتقدم، والحرية السياسية والثورة على الحكام.

فضلا عن تصوراته في مسائل حساسة، مثل حكم الإفطار العلني في شهر رمضان، والغناء والموسيقى وتجسيد الصحابة في الأعمال الدرامية والسينمائية.

يعارض الريسوني تجريم ومعاقبة مرتكبي فعل الإفطار العلني خلال رمضان، إذ يعتبر أن الصيام مسألة دينية وعبادة باطنية محضة.

ويجيز تجسيد الصحابة والخلفاء الراشدين في الأعمال السينمائية، معتبرا أن ذلك لا يعارض النصوص الشرعية أو يخالف مقاصدها.

وعامة، يرى أن الفن مباح وضروري للحياة، بل وحتمية وجودية.

ويدعم الريسوني حق الشعوب في رفع مطالب الحرية والكرامة، وهو مؤيد لثورات “الربيع العربي”، حتى أنه ألف كتابا عن “فقه الثورة”.

وحين اندلعت هذه الثورات بداية من أواخر عام 2010، انتقد الريسوني، على عكس علماء كثيرين، الأنظمة الحاكمة.

ودعا الحكام إلى إجراء إصلاحات سياسية حقيقية، والكف عن إيقاف فاعلية المجتمع، ما دفع البعض إلى تسميته “الفقيه المعارض”.

وجرى انتخاب الريسوني خلال فعاليات الجمعية العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في دورتها الخامسة (مدتها 4 سنوات)، التي انطلقت في مدينة إسطنبول التركية مساء السبت الماضي، وتنتهي الخميس.

وتأسس الاتحاد عام 2004، ومقره في العاصمة القطرية الدوحة، ويهدف إلى دراسة وتشخيص مشكلات الأمة الإسلامية وتقديم الحلول لها وخدمة قضاياها، من خلال إطار مؤسسي يكون لعلمائها فيه الدور الريادي، بحسب الموقع الإلكتروني للاتحاد.

(المصدر: وكالة الأناضول)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى