تقارير وإضاءات

دراسة: على بايدن تكليف مسلمي أمريكا بصياغة سياسته تجاه العالم الإسلامي

دراسة: على بايدن تكليف مسلمي أمريكا بصياغة سياسته تجاه العالم الإسلامي

تحت عنوان “America needs a foreign policy by Muslims for Muslims”، أو “أمريكا تحتاج لسياسة خارجية يعدها مسلمون تجاه المسلمين”، دعا “معهد الشرق الأوسط” بواشنطن إدارة بايدن لتغيير تعامله مع المسلمين في العالم وإنهاء سياسات العداء لهم التي استشرت منذ هجمات 11 سبتمبر، مطالباً بسياسة خارجية مع المسلمين يعدها مسلمون.

الدراسة شددت على أن أمريكا لم تعد تعيش في حقبة ما بعد 11 سبتمبر، وتهديدات الأمن القومي اليوم باتت مختلفة إلى حد كبير عن تلك التي واجهتها واشنطن من الجماعات الإرهابية منذ ما يقرب من 20 عامًا، ويجب فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي.

وأكد أن إدارة بايدن بحاجة إلى سياسة خارجية شاملة تجاه العالم الإسلامي تعتمد على مواهب وخبرات الأمريكيين المسلمين، الذين هم في وضع أفضل اليوم ليمثلوا جسرًا موثوقًا به بين واشنطن وعواصم الدول الإسلامية.

وفتح صفحة جديدة مع المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة وحول العالم بعدما تأخر هذا كثيراً.

ومعروف أن مسلمي أمريكا دعموا الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ضد ترمب، وفاز منهم 67 مسلماً في مناصب نيابية وحكومية مختلفة، ووعدهم بايدن بتغيير سياسته تجاه العالم الإسلامي ووقف السياسات الخاطئة ضد المسلمين.

لماذا سياسة خارجية يرسمها مسلمون؟

ودعت الدراسة إدارة بايدن الديمقراطية للعمل على تطوير خطاب وسياسة جديدة موجهه للدول الإسلامية، بحيث يكون هناك نوع من الإشراك والدمج لهم، وهو ما لم يتم إلا بتمكين المسلمين المتواجدين في الإدارة الأمريكية أولاً من العمل على صياغة وتشكيل سياسات الولايات المتحدة الخارجية.

وأوضحت أنه سيكون لمثل هذه السياسة، إذ نُفذت، تداعيات عظيمة، خصوصًا أن بايدن بدأ بداية صحيحة عندما قام برفع الحظر عن سفر المسلمين في أول يوم له كرئيس لأمريكا مما يعد بداية جيدة لإدارته مع الإسلام والمسلمين.

ونوهت إلى أنه يوجد اليوم ما يقرب من ملياري مسلم منتشرين في 50 دولة ذات أغلبية مسلمة، وجميع هذه الدول ينتمي لها أعداد من مسلمي المهجر، والعالم الإسلامي مرتبط ارتباط وثيق بالخطوط العريضة للسياسة الخارجية الأمريكية، وهو ما يجب مراعاته بالتالي في السياسة الأمريكية.

وأنه حتى خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هناك في بلدان ومناطق متنوعة بها كتل إسلامية ضخمة مثل مناطق الإويغور المسلمين في الصين، وجامو وكشمير في الهند، ومسلمي الروهنجيا في ميانمار، كما ينتشر المسلمون على امتداد منطقة الساحل والقرن الأفريقي.

ولذلك، فإن وجود سياسة خارجية للعالم الإسلامي يضعها المسلمون ليس أمرًا ترفيهيًا أو اختياريًا بالنسبة لواشنطن، ولكنه أمر لا بد منه بالنظر إلى الوزن الجغرافي الإستراتيجي والجغرافي الاقتصادي للعالم الإسلامي في عصر تنافس القوى العظمى.

وتوضح الدراسة أنه، ومنذ 11 سبتمبر، تنظر الولايات المتحدة إلى العالم الإسلامي من خلال عدسة مكافحة الإرهاب فقط، وتنظر إلى حكومات الدول الأخرى باعتبارهم حلفاء أو أعداء بمقدار الدور الذي يمارسونه في مكافحة الإرهاب بصرف النظر عن موقف تلك الدول من قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وأكد أن “هذه الإستراتيجية ضيقة الأفق”، كما أنها عكست صورة سلبية لدى المسلمين عن الولايات المتحدة، وأصبح المواطن المسلم يعتبرها دولة معادية للإسلام والمسلمين، وأن حظر ترمب لسفر المسلمين لأمريكا زاد من تعزيز وجهة النظر هذه.

قمة الديمقراطية.. بداية

تبين الدراسة أن بايدن أتيحت له أول فرصة لقلب صفحة إستراتيجية 11 سبتمبر تجاه المسلمين، عندما قام بإطلاق دعوة لـ”قمة الديمقراطيات”، التي سيتم دعوة دول عربية وإسلامية، إضافة إلى مجموعة السبع الكبرى والهند وأستراليا وكوريا الجنوبية.

ودعته لدعوة القوى الديمقراطية الإسلامية في آسيا مثل ماليزيا وإندونيسيا، وأشارت إلى أن كلاً من جاكرتا وكوالالمبور قد تمثلان الجسر الذي يمكن أن يعبر به بايدن إلى العالم الإسلامي دون تقويض الدعائم الديمقراطية.

وأن دعوة الدول الديمقراطية الإسلامية لحضور القمة سيمكن بايدن من صياغة إستراتيجية أوسع للتواصل مع العالم الإسلامي، وتقويض الفكرة الكلاسيكية التي تفترض أن واشنطن لا تتعامل فقط سوي مع الأنظمة الدكتاتورية أو التي تتعاون معها في مكافحة الإرهاب.

وأشارت الدراسة إلى أن واشنطن اعتمدت أيضاً بصورة خاطئة في سياساتها تجاه العالم الإسلامي على فكرة “صراع الحضارات”، واعتمدت على قادة الفكر ذوي النظرة العنصرية والاستشرافية تجاه العالم الإسلامي، وأن إدارة بايدن بحاجة الآن لصياغة رؤية إبداعية للتعامل مع العالم الإسلامي.

المسلمون الأمريكيون

هنا تلفت الدراسة أنظار بايدن إلى أنه ولحسن الحظ أصبحت واشنطن تمتلك الكوادر المسلمة المناسبة للقيام بذلك في صورة المسلمين المقيمين في أمريكا، مشيره لاحتياج إدارة بايدن إلى مزيد من المسلمين في فريق السياسات الخارجية.

إذ يتمتع صانعو السياسة المسلمون الأمريكيون بالمصداقية، علاوة على التفهم الثقافي والدين مما يؤهلهم لصياغة سياسات مناسبة تخلق مناخًا من حسن النوايا مع نظرائهم المسلمين.

وتعترف الدراسة أنه رغم التنوع الثقافي والعرقي للمسؤولين في إدارة بايدن، فلا يمكن إنكار وجود نقص في التنوع بين الأديان وسط فريق بايدن، والمسلمون غائبون إلى حد كبير عن المناصب الرئيسة في السياسة الخارجية التي تعمل في مناطقهم الأصلية، وذلك على الرغم من وجودهم السياسي والاقتصادي والثقافي والانتخابي المتزايد في الحياة الأمريكية.

وأن إدارة بايدن تحتاج إلى معالجة قضية تمثيل المسلمين من أجل تنوع أكبر وإستراتيجية أفضل على الصعيدين المحلي والدولي، خصوصاً أن هناك 3.5 مليون مسلم أمريكي هم من بين أكثر الجماعات الدينية نشاطًا سياسيًا وأدوا دورًا حاسمًا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

كما أن الأمريكيين المسلمين هم من أكثر المجموعات تعليماً في الولايات المتحدة مع تقدير كبير للحياة والسعي وراء طموحاتهم، حيث ينتمي معظمهم إلى عائلات مهاجرة، جاء آباؤهم وأجدادهم إلى الولايات المتحدة في العقود الأخيرة بحثًا عن فرص أفضل.

ويتم غرس قيم الولاء والتقدير للديمقراطية الأمريكية في نفوس أطفال المهاجرين المسلمين اليوم، ولذلك فإن عدم استخدام الأمريكيين المسلمين في الشؤون السياسية والدبلوماسية سيكون بلا شك فرصة ضائعة للتعويض عن الأشخاص الذين تعرضوا للهجوم والتهميش في الداخل والخارج من قبل الإدارات السابقة، حسب الدراسة.

الحل إذاً هو تمكين الأمريكيين المسلمين من أدوار رئيسة، والمساهمة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه العالم الإسلامي، وعلى بايدن أن يبدأ بدراسة شغل المسلمين منصب نائب مساعد وزير الخارجية أو مناصب إدارية للمكاتب الإقليمية التي تغطي البلدان ذات الأغلبية المسلمة في وزارات الخارجية والدفاع والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.

فهناك الكثير من المتخصصين المسلمين الممتازين في السياسة الخارجية، وعلاقاتهم الثقافية بمناطقهم الأصلية الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى وغرب أفريقيا والقرن الأفريقي وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا تؤهلهم لذلك.

وعلاوة على ذلك، فإنه يجب على الإدارة أيضًا استحداث وظيفتي أساسيتين، هما: مستشار خاص للرئيس للعالم الإسلامي، ومسؤول للعالم الإسلامي في مجلس الأمن القومي، وسبق أن أنشأ الرئيس بوش منصب “مبعوث خاص للعالم الإسلامي” بعد 11 سبتمبر، وعين فيه –وكذلك أوباما- أكفاء من الأمريكيين المسلمين.

 https://www.mei.edu/publications/america-needs-foreign-policy-muslims-muslims

(المصدر: مجلة المجتمع)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى