متابعات

خان الأحمر.. جريمة إسرائيلية في القدس محصنة بصمت دولي

على مدى أكثر من عشرة أعوام يقاوم سكان قرية “خان الأحمر” شرق القدس المحتلة، عمليات التهجير والترحيل التي تمارسها حكومة الاحتلال بهدف إفساح المجال أمام التوسع الاستيطاني، إذ يمثل “الخان” جيبا استراتيجيا مهما يمنع التواصل الاستيطاني بين أكبر التجمعات الاستيطانية في القدس المحتلة.

ومنذ أن صادقت المحكمة الإسرائيلية العليا على هدم منازل القرية أواخر أيار/ مايو الماضي، اقتحم ممثلو مؤسسات الاحتلال الأمنية القرية، أكثر من مرة، وقاموا بإجراء قياسات مختلفة للمنطقة والبيوت والمدرسة الوحيدة في المكان، وفحصوا إمكانية إدخال مركبات وجرافات الهدم والتجريف.

آخر التطورات

وفي آخر تطورات المشهد في خان الأحمر، قال عطالله الجهالين المتحدث باسم سكان خان الأحمر أن قوات الاحتلال اقتحمت المنطقة الخميس للمرة الثانية خلال 24 ساعة، وأعلنتها منطقة عسكرية مغلقة.

وأشار الجهالين في حديث لـ”عربي21” إلى أن مواجهات اندلعت بين الفلسطينيين والمتضامنين الأجانب من جهة، وقوات الاحتلال من جهة أخرى، اعتقل خلالها ثلاثة من المتضامنين الأجانب و2 من الفلسطينيين بينهم عضو المجلس الثوري لحركة فتح حسن فرج، فيما جرى الاعتداء بالضرب المبرح والتنيكل على عدد آخر من الناشطين.

ونوه إلى أن قوات الاحتلال أدخلت معدات ضخمة واستكملت شق طريق بدأته بالأمس، وعمدت إلى دخول الجرافات إلى مركز القرية، وشقت طرقا من وسط البيوت، فيما جرى احتجاز عشرات النشطاء داخل المدرسة الوحيدة في المكان، وسط انتشار كثيف لقوات الاحتلال، مع منع وصول المركبات، ما دفع المتضامنين والنشطاء لقطع مسافات طويلة سيرا على الأقدام وصولا للقرية.

وكانت قوات الاحتلال اقتحمت الأربعاء تجمع “الخان الأحمر”، وشرعت بشق طرق ومداخل تمهيدًا لتنفيذ عملية الهدم، إلا أن العشرات من الأهالي والنشطاء الفلسطينيين تصدوا لها بأجسادهم.

واعتدت تلك القوات على الأهالي والنشطاء بالضرب المبرح، ما أدى لإصابة 35 فلسطينيًا، نقل أربعة منهم للعلاج في المستشفيات، بحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، واعتقل نحو 14 متضامنًا بينهم 3 من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فيما وزع الاحتلال قرارًا على أهالي التجمع، يقضي بتحويله إلى منطقة عسكرية حتى نهاية الشهر الحالي.

الأمم المتحدة “قلقة”

وكعادتها اكتفت الأمم المتحدة بالتعبير عن قلقها “البالغ” من تهجير الاحتلال الإسرائيلي لسكان الخان الأحمر، وترى أن خان الأحمر هو واحد من 46 مجتمعا بدويا في وسط الضفة الغربية، معرضا لمخاطر النقل الإجباري بسبب البيئة الناجمة عن السياسات والممارسات الإسرائيلية التي تجبر الناس والمجتمعات على التنقل.

وذكر مكتب حقوق الإنسان أن أي أعمال هدم تتم في هذا السياق، من المرجح أن تصنف بأنها إجلاء قسري وانتهاك للحق في السكن.

وأعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن “القلق البالغ” من أن يؤدي تدمير تجمع خان الأحمر في النهاية إلى النقل القسري لسكانه من قبل القوة المحتلة. حيث يحظر القانون الإنساني الدولي النقل الإجباري لسكان أرض محتلة، بغض النظر عن الدافع.

ودعا المكتب السلطات الإسرائيلية إلى عدم المضي قدما في خطط تدمير خان الأحمر، واحترام حقوق سكانه في البقاء في أرضهم والعمل لأن يكون وضعهم نظاميا.

هدف استراتيجي

من جهته قال منسق الحملة الشعبية لمقاومة الاستيطان والجدار صلاح الخواجا إن هدم قرية الخان الأحمر يعتبر جزءا من مخطط إسرائيلي استراتيجي يستهدف كل المنطقة بهدف ترحيل نحو 46 تجمعا بدويا في الضفة الغربية المحتلة والقدس، منها 27 تجمعا في القدس و7 تجمعات في منطقة جنوب الخليل، وباقي التجمعات في الأغوار الفلسطينية.

ولفت الخواجا في حديث لـ”عربي21” أن إسرائيل تعتبر نجاحها في هدم خان الأحمر مقدمة لإزالة التجمعات السكانية بالكامل والتي يعيش فيها أكثر من 25 ألف فلسطيني، وتمثل فرصة لربط مستوطناتها بالضفة والقدس ببعضها بعضا، ما يعني سيطرتها على ما نسبته 63% من أراضي الضفة الغربية المحتلة فارغة بدون أي تواجد سكاني.

وقال الخواجا إن تركيز الاحتلال على الخان الأحمر يعتبر جزءا مهما وبداية لمخطط “القدس الكبرى” الذي يعمد الاحتلال إلى تنفيذه منذ عام 1999.

ويقع خان الأحمر بالقرب من شارع يسمى إسرائيليا “شارع رقم واحد”، ويربط بين “تل أبيب” غربا، بمستوطنات شرقي القدس ومنطقة البحر الميت ومناطق شرق الضفة الغربية المحتلة.

وبحسب الخواجا، فإن المشروع يعتمد على هدم المساكن البدوية في خان الأحمر والقرى المحيطة وطرد ساكنيها، وبناء نحو 40 ألف وحدة استيطانية في ذات المكان، وربط مستعمرات القدس الغربية التي أقيمت عام 1948 بمستوطنة معاليه أدوميم التي أقيمت بعد عام 1967، والاستمرار في مواصلة هذا المشروع وصولا إلى البحر الميت وبهذا تتمكن إسرائيل من بناء وربط أكبر مستوطنة على الإطلاق، وتحتوي على مليون مستوطن.

ولفت إلى أن هذا المشروع من شأنه فصل جنوب الضفة الغربية المحتلة عن وسطها وسيؤسس لأسوأ نظام أبارتهايد شهدته البشرية.

“172 كانتون”

وأردف الخواجا قائلا: “إسرائيل تتوسع على حساب الوجود الفلسطيني في الضفة والقدس، والاحتلال لا يسمح بعمليات البناء للفلسطينيين في تلك المناطق رغم تضاعف أعدادهم منذ احتلال الضفة عام 1967، وهي تمارس التطهير العرقي وستنهي بذلك أي حلم فلسطيني لإقامة الدولة الفلسطينية، خاصة مع قيام الجيش الإسرائيلي حاليا بتقسيم الضفة الغربية المحتلة والقدس إلى 172 قسما صغيرا معزولا (كانتونات) عن بعضها البعض ولا يوجد أي ترابط بينها”.

يشار إلى أنه في المنطقة الواقعة بين القدس المحتلة وأريحا شرقا، تعيش عشرات التجمعات العربية الفلسطينية البدوية، بينها عشيرة الجهالين، التي كانت تتنقل في مناطق النقب. وفي عام النكبة، 1948، قامت العصابات الصهيونية بطرد تجمعات كثيرة من النقب، وانتقلوا للعيش في الضفة الغربية عام 1952.

ومع احتلال الضفة الغربية، عام 67، بدأ الاحتلال يضيق عليهم الحيز الذي يتنقلون فيها بما يلائم نمط حياتهم، وبضمن ذلك منعهم من الوصول إلى مصادر المياه والرعي، بواسطة الإعلان عنها مناطق عسكرية مغلقة.

(المصدر: عربي21)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى