تقارير وإضاءات

خالد مشعل لـ “ميدان”: الصفقة خطيرة.. وكل خيارات النضال مفتوحة

خالد مشعل لـ “ميدان”: الصفقة خطيرة.. وكل خيارات النضال مفتوحة

إعداد علياء كنعان

لم يكن إعلان “خطة ترامب للسلام” أمرا مفاجئا، لكنها بدت محطة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية، خاصة بعد الموقف الفلسطيني الموحَّد من رفضها رغم الخلافات السياسية بين القوى والفصائل الوطنية.

وفي ظل التباينات بين هذه الفصائل في التعاطي، ما مدى واقعية هذه “الخطة”؟ وكيف تقرؤها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”؟ وما الخطوات العملية المتاحة لمواجهتها؟

في المقابلة التي أجراها “ميدان” مع أحد مؤسسي حركة حماس، ورئيس مكتبها السياسي السابق “خالد مشعل”، يُجيب عن عدد من التساؤلات المُلِحَّة في هذه الانعطافة الحساسة في تاريخ القضية الفلسطينية.

1- ما دلالة إعلان “الخطة الأميركية للسلام” في هذا التوقيت تحديدا؟

كما يعلم الجميع، مضى على الصفقة ثلاث سنوات في التحضير لها و(التبشير) بها، وبَين شدٍّ وجذب، وتقدُّم وتراجع، وتسريبات مصاحبة لها، ثم جاءت هذه اللحظة بصورة مفاجئة، مما يوحي بأن هذا التوقيت مقصود، والأرجح أنه مُتعلِّق بالأزمة الداخلية لترامب في الإدارة الأميركية والأزمة الداخلية لنتنياهو في الكيان الصهيوني، وبالتالي كأن الاثنين أرادا إنقاذ نفسيهما من هذه المآزق على حساب الشعب الفلسطيني. إذا، التوقيت مريب، والمضمون سيء جداً. هو ليس خطة سلام بل اتفاق أمريكي إسرائيلي انحاز للعدو الصهيوني بصورة كاملة، وتبنى رؤيته وكل مطامعه وتطلعاته، وتجاهل الطرف الآخر للصراع، وهو شعبنا الفلسطيني، وهذه وقاحة وبلطجة خرجت حتى عن محددات السياسة الأمريكية التقليدية، المنحازة أصلاً، كما خرجت عن مألوف السياسات والمواقف الدولية التقليدية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي.

2- ما الآثار الواقعية لبنود “الخطة” من الناحية السياسية والقانونية؟

الصفقة خطيرة بلا شك، ومن حيث مآلاتها على الأرض هناك زاويتان؛ الأولى، طالما أن الطرف المعنيّ بالصراع كان غائبا ومُغيَّبا عن الصفقة والإخراج المسرحي العبثي لها في البيت الأبيض، والمستخف بالعالم كله وبكل الأعراف، وهذا الطرف هو الأساس وصاحب الأرض والمعنيّ الأول بالقضية والصراع، وهو قد رفض الصفقة وبإجماع فلسطيني وطني واضح حاسم، لذلك أنا أقول لا مستقبل لهذه الصفقة، رغم خطورتها، ولا سند ولا شرعية سياسية أو قانونية لها. فإدارة ترامب قدمت نفسها ليس كراعٍ، بل كطرف وخصم ضد الشعب الفلسطيني، بكل استخفاف ولامبالاة، ولم تضع في الاعتبار إلا المصلحة الإسرائيلية ومصالح ترامب ونتنياهو، لذلك هناك انتقادات دولية واسعة لها حتى داخل أمريكا نفسها.

أما الزاوية الثانية، فإن الكيان الصهيوني وهو الذي اعتاد أن يمارس صنع الأمر الواقع وفرض الوقائع على الأرض، وتصعيد اعتداءاته وجرائمه بحق شعبنا وأرضه ومقدساته، فإنه سيجد نفسه الآن مستقوياً بالغطاء الأميركي عبر هذه الصفقة ليفعل ما يشاء. ترامب قالها صراحة لهم: “تستطيعون تطبيق أيٍّ من بنود رؤيتي” بكل صفاقة، بمعنى أن هذا سيُجرِّئهم أكثر على تهويد القدس وإحكام القبضة عليها، وتصعيد العدوان على المسجد الأقصى وتسريع مخطط تقسيمه زمانيا ومكانيا، إضافة إلى ضمّ الكتل الاستيطانية ومناطق الغور وشمال البحر الميت للكيان الصهيوني، والمزيد من إجراءات الحصار والتضييق على شعبنا في الضفة والقطاع.

علاوة على أن العدو تعوّد أن كل صفقة أو مبادرة منحازة له جزئياً أو كلياً، فإنه يتعامل معها باعتبارها نقطة بدء، ومن هنا رحّبَ نتنياهو بالصفقة الأميركية وقال إنه سيعتبرها أساسا للتفاوض مع الطرف الفلسطيني، أي حتى هذه الهدية الأميركية المسمومة بكل ما فيها من ظلم واستهداف لحقوق شعبنا، فإن العدو يعتبرها مجرد نقطة بداية، وهو ما يعني المزيد من المساومة على ما تبقى من الفتات الذي تضمنته الصفقة للشعب الفلسطيني!!

3- يتحدّث السياسيون الفلسطينيون هذه الأيام بنبرة تبدو واثقة حول فشل الخطة الأميركية للسلام، في حين يمكننا ملاحظة أن عددا كبيرا من الخطط الإسرائيلية قد طُبِّقت بالفعل واقعا على الأرض، حتى قبل إعلان الخطة، كنقل السفارة الأميركية للقدس وتوسع المستوطنات وغيرها من الإجراءات، واقتصرت ردود الفعل على الغضب الشعبي الذي ما لبث أن هدأ، فما الذي سيمنع هذه الخطة من النفاذ كأمر واقع؟

نحن في ظل موازين قوى مُختلّة، وبالتالي لا أحد في الساحة الفلسطينية في ظل إدراكه لموازين القوى يقول أو يدّعي أن فعلنا الفلسطيني وغضبنا وآليات نضالنا ستمنع أو تُوقف بالكامل مخططات الأعداء. شعبنا في السنوات التي سبقت عام 48 قدم أقصى ما لديه من نضال ومقاومة وتضحيات لوقف زحف العصابات الإسرائيلية المدعومة من الانتداب البريطاني وقوى دولية أخرى. نعم لم يتوقف المشروع الصهيوني آنذاك، لكنه لم يكتسب الشرعية، وشعبنا لم يطوه النسيان كما قدّروا وخططوا، وظل شعبنا بمراحل نضاله المتعاقبة شوكة فاعلة استنزفت العدو وجعلته في حالة عدم استقرار دائمة، وفاقداً للشرعية الحقيقية أمام الرأي العام الإنساني.

من زاوية أخرى، في تاريخنا النضالي الفلسطيني استطعنا أن نُوقف مخططات للعدو، ولم نستطع أن نُوقف أخرى، وهذه نتائج اختلال موازين القوى، وليس بسبب ضعف الإرادة أو نقص الجهود والتضحيات المبذولة. فمثلا، لمّا بدأ الاحتلال محاولاته لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا أفشلنا هذا المخطط، كما أفشلنا مشروع البوابات الإلكترونية على مداخل الأقصى. كما أن مقاومة شعبنا وتضحياته الجمة في الانتفاضة الثانية أجبرت العدو على الانسحاب من غزة وتفكيك المستوطنات فيها، ودفعته في الضفة الغربية للانكفاء إلى الداخل خلف الجدران، بعد أن كانت سياسته قائمة أساساً على التوسع.

نحن أمام شعب لا يملك الأدوات نفسها التي يملكها المحتل المُدجّج عسكريا والمدعوم من قوى دولية كبرى على رأسها الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي، الذي يُبشِّر به الشعب الفلسطيني ليس امتلاكه القدرة على وقف كل شيء، ولكن يؤكد دائماً ثقته بأنه سيُدفّع الاحتلال الثمن، وسيُناضل بكل طاقته بحيث يجعل تمرير هذه المشاريع والصفقات أمرا بالغ الصعوبة، ويجعلها فاقدةً للشرعية والقبول الفلسطيني، ويبقي القضية حية ومشتعلة، ويفقد الاحتلال دائماً شرعيته السياسية والأخلاقية، إلى حين النصر والتحرير بإذن الله، وهذه هي فلسفة نضال الشعوب في مواجهة المحتلين. نعم، صفقة القرن خطيرة، وتشكل تحدياً كبيراً لحقوقنا ومصالحنا، لكننا سنفشلها.

4- يرى البعض أن هذا الانحدار في التعاطي مع القضية الفلسطينية قد يكون إيجابيا على مستوى كشف “المؤامرة” كاملة، وفرصة لإعادة توحيد الصف الفلسطيني، فكيف تنظر إلى هذا الموقف؟

لا نعتبر ما جرى إيجابيا، بل جريمة صارخة بحق شعبنا الفلسطيني، وخطراً كبيراً على حقوقه، وكارثة أخلاقية وسياسية على مستوى الأداء الأميركي، لكن رغم ذلك، بين ثنايا ما جرى فرص يلتقطها الشعب الفلسطيني، لأنه تعوَّد أن يتعامل مع المخاطر والتحديات، ولا ينكسر أمامها ولا يستسلم، بل تدفعه للتحدي والمواجهة بكل شجاعة ورجولة، ومن ذلك رفضه القاطع للصفقة، والتوحُّد على هذا الموقف، والسير بخطوات جادة نحو المصالحة لترتيب البيت الفلسطيني، وتطوير أدواته وخياراته في إدارة الصراع ليكون أكثر جدية.

هُنا، أنا لا أتكلم عن الشعب، فهو دائما جاد، لكني أتكلم على مستوى القيادات والقوى، فلا شك أن المناخ الداخلي الفلسطيني اليوم مناخ أكثر إيجابية، وأكثر تحفزا لمواجهة هذا التحدي، وتدفيع الإسرائيليين ثمن هذه العربدة تجاه الحق الفلسطيني، وإعطاء رسالة للإدارة الأمريكية أن أوهامكم لن تتحقق على الأرض، وأنكم خسرتم كثيرا حين تمالأتم مع الإسرائيليين ضد شعبنا الفلسطيني.

5- ما الإجراءات العملية التي ستتخذها “حماس” لمواجهة هذه الصفقة؟

أول شيء صنعته حماس هو أنها لم تنكسر أمام العدوان الإسرائيلي، بل استعدت لمواجهته جيداً، وصنعت في غزة معادلة توازن رعب مع العدو، واجتهدت في مقاومة الاحتلال في القدس والضفة والرد على جرائمه بكل ما تستطيع، إلى جانب بقية قوى المقاومة الفلسطينية، وذلك على الرغم من الظروف القاسية التي يعيشها شعبنا في مختلف أماكن وجوده.

الأمر الآخر، خلال السنوات الماضية، كان الأميركيون والإسرائيليون راغبين بجذب حماس إلى مربع التعاطي مع صفقة القرن، بحكم أن حماس هي التي تحكم غزة، وصفقة القرن ترى غزة هي الأساس فيما يُسمى الدولة الفلسطينية التي يتحدثون عنها، لأنها تعطى فُتاتا في الضفة الغربية، كما بدا من الخريطة التي نشروها، فهي عبارة عن جزر معزولة ومتقطعة وموصولة بأنفاق وجسور، وبذلك، فهم يعتبرون أن الكتلة الأساسية هي غزة. ولكنّ حماس ومعها بقية القوى والفصائل، رغم الحصار والمعاناة والتضييق وحصار استمر 12 عاما، كان موقفها واضحا صارما برفض التعاطي مع تلك الصفقة.

خالد مشعل: الشعب الفلسطيني خبير بالمقاومة والنضال بكل أشكاله، يُجيد المقاومة المسلحة، والمقاومة الشعبية والانتفاضات، ولديه مخزون لا ينضب من هذا النضال

وإلى جانب المعركة العسكرية، تخوض حماس مع شركائها في المقاومة معركة أخرى منذ أكثر من سنة ونصف، مُتمثِّلة في مسيرات العودة. رد حماس كان واضحا بأنه لا يمكن التعاطي مع صفقة القرن، ونرفضها جملة وتفصيلا، وكذلك رفضها الأخ أبو مازن وحركة فتح وكل القوى. وهذا أمر يُحسب للشعب الفلسطيني أنه أجمع على رفض صفقة القرن.

الموقف الفلسطيني برمّته لم يتغير طوال السنوات الثلاث الماضية، برفضه لصفقة القرن بصرف النظر عما سُرِّب منها، وحين قُدِّمت بطريقة رسمية قبل أيام أعلن الفلسطينيون جميعهم رفضهم. بالطبع هذا لا يكفي، فالرفض هو الخطوة الأولى كما أشرت.

أما الخطوة الثانية التي بدت أيضا سريعة فهي تواصل فلسطيني بين غزة والضفة، بين فتح وحماس، وبين مجمل القوى والفصائل الفلسطينية، وروح جديدة تتعلق بالتعامل مع ملف الانقسام وضرورة إنجاز المصالحة، وترتيب البيت الفلسطيني وإنهاء حقبة الانقسام.

قد يساور الناس بعض الشكوك، ويكون لديها تخوفات لأنه سبق وجُرِّب ذلك، ولكن أعتقد أن الحدث الخطير اليوم يفرض نفسه على الجميع، ويفرض عليهم المزيد من الجدية والمبادرة وتحمل المسؤولية.

الخطوة الثالثة هي حشد الموقف الفلسطيني، وأوراق القوة التي نملكها كفلسطينيين، وكيف ندير هذا الصراع مع الاحتلال؟ فنحن نملك عدالة القضية وشرعيتها. نحن على الأرض ومنغرسون فيها، لا نقاتل بعيدا عنها. الشعب الفلسطيني خبير بالمقاومة والنضال بكل أشكاله، يُجيد المقاومة المسلحة، والمقاومة الشعبية والانتفاضات، ولديه مخزون لا ينضب من هذا النضال. ولديّ ثقة كبيرة أن المقاومة الشعبية لو أجمعنا عليها واعتمدناها برنامجاً مشتركاً ينخرط فيه الجميع، فإنها ستُحدِث فارقا هائلا في الضغط على الكيان الصهيوني، وإجباره على التراجع والانسحاب.

       

رابعا، الشعب الفلسطيني في الأيام الأخيرة، وعبر مختلف قواه وفصائله وشخصياته، وضع العناوين الفلسطينية الأساسية على رأس الأجندة، وأعلى شأنها، باعتبارها هي عناوين الصمود والنضال الفلسطيني: القدس، الأرض، حق العودة، السيادة والاستقلال والتحرر الحقيقي، وتحشيد الأمة وأصدقائنا في العالم حول قضيتنا. فالعودة إلى جذور الصراع والتمسك بها ووحدة الموقف الفلسطيني تجاهها سيُقرِّبنا مما أُسمّيه إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني.

في الماضي، كان لدينا مشروع وطني فلسطيني متعارف ومتفق عليه من قبل كل القوى والشخصيات الفلسطينية، لكن منذ أوسلو وحتى الآن، ومع الافتراقات والاختلافات السياسية، أصبح المشروع الفلسطيني مُختَلَفا عليه داخل الساحة الفلسطينية. الآن هذه لحظة تاريخية تسمح بالتوافق على إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني من جديد، وتشكيل مرجعيته الوطنية الجامعة، والتوافق على استراتيجية نضالية مشتركة.

خالد مشعل: لا شك أن هناك خلافات سياسية بيننا كفلسطينيين في التعامل مع أدوات الصراع، لكن رغم ذلك هناك مساحات مشتركة بيننا كبيرة، خاصة مواجهة صفقة القرن

نحن اليوم بوحدتنا وبتحفّزنا وبممارستنا النضال على الأرض بفاعلية أكبر قادرون على حشد ظهير عربي وظهير إسلامي وظهير إنساني، وأن نزيد حجم الغضب وردة الفعل الرافضة للبلطجة الأميركية التي سُمّيت صفقة القرن. نعم، نحن اتخذنا موقفنا الوطني الفلسطيني وبدأنا العمل وسنواصل النضال والمواجهة. هل هذا يعني أن الموضوع سهل؟ لا، ليس سهلا، فالخطر كبير، والمعركة قاسية. فعندما تقف أكبر دولة في العالم مع عدوك، فهو أمر صعب للغاية، لكن الشعب الفلسطيني الذي أمضى مئة عام وهو يعمل ويناضل ويقاوم في هذه البيئة الصعبة، وبقي صامدا ولم ينكسر، قادر اليوم على تصعيد المواجهة وإفشال مخططات العدو، بل قادر بإذن الله على حسم الصراع لصالحه في نهاية المطاف.

6- بالحديث عن المصالحة، وبحسب عدد من المحللين السياسيين، فإن إحدى العقبات المركزية في فشل أي مساعٍ للمصالحة تكمن في “التنسيق الأمني” وخطره تجاه أي فاعلية قد تكون على الأرض، فكيف ترون “التنسيق الأمني” في ظل الوضع الراهن؟

نحن نعتبر التنسيق الأمني جريمة ومن الأخطاء والخطايا التي مورست في الساحة الفلسطينية. نعم صدر بشأنه قرارات لوقفه عبر مؤسسات قيادية فلسطينية متعددة، لكنها لم تُطبّق حتى اليوم، وقد آن الأوان لتطبيقها بالكامل، بمعنى وقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال. وأعتقد أن المرحلة تُوجب ذلك أكثر من أي مرحلة سابقة، وأدعو كل القيادات الفلسطينية، خاصة الإخوة في قيادة السلطة في رام الله، أن يكونوا عند مواقفهم الأخيرة بالالتزام بوقف التنسيق الأمني الكامل مع العدو الصهيوني المحتل.

7- جاء في بنود “خطة السلام” أن تكون غزة منزوعة السلاح، وجاء في كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القمة العربية الطارئة أنه لا يريد أن يستخدم السلاح في مواجهة “الخطة”، فما تعليقك على هذا؟

لا شك أن هناك خلافات سياسية بيننا كفلسطينيين في التعامل مع أدوات الصراع، لكن رغم ذلك هناك مساحات مشتركة بيننا كبيرة، خاصة مواجهة صفقة القرن. وفيما يتعلّق بأدوات النضال، نعم، هناك خلافات حولها، خاصة المقاومة المسلحة، لكن هناك التقاء على المقاومة الشعبية، وهذه مساحة مهمة، فالمقاومة الشعبية في ظل توافق وطني فلسطيني، وإجماع قيادي فلسطيني على هذا النهج، وإدارته معا، سيحدث فارقاً كبيراً خاصة في القدس والضفة الغربية. مع حق شعبنا الدائم في استعمال كل أشكال النضال بما فيها المقاومة المسلحة. أما نوايا أمريكا والعدو الصهيوني بنزع سلاح غزة فلن تتحقق بإذن الله، فسلاح المقاومة هو حق شعبنا وحياته ومصيره.

     

8- ما انعكاس التقاربات الأخيرة بين بعض الدول العربية وبين الاحتلال الإسرائيلي على الصفقة بشكل خاص، والقضية الفلسطينية بشكل عام؟

هذه الاختراقات في الموقف العربي التي نجح الأميركيون والإسرائيليون في تحقيقها هي اختراقات مؤسفة ومُدانة ومرفوضة منا كفلسطينيين ومن شعوب هذه الدول ومن عموم أمتنا العربية والإسلامية، لكن من ناحية أخرى فإن مثل هذه الموافق العربية الشاذة والخارجة عن الإجماع العربي والإسلامي لن تستطيع توفير غطاء لصفقة القرن، طالما أن الصفقة مرفوضة فلسطينياً بصورة إجماعية من مختلف القوى والقيادات، فضلاً عن رفضها من جميع شعوبنا العربية والإسلامية ومن غالب دول الأمة. وندعو هذه الدول إلى أن تُعيد حساباتها وتتراجع عن موقفها المسيء لها، والمضر بمصالح شعبنا وحقوقه.

9- هل يمكننا اعتبار “خطة السلام” مرتبطة بإدارة ترامب تحديدا، وأنها قد تزول بزوالها؟ أم أنها أصبحت أمرا واقعا لا يمكن التراجع عنه؟

السياسة الأميركية بشكل عام سياسة مُنحازة ولا نُراهن عليها، لكن أي تغيير في الوضع الأميركي السياسي ربما يُضعف هذه الصفقة التي هي نتاج سياسة أمريكية متخبطة في عهد ترامب. لكننا ندرك في ذات الوقت أن السلوك الإسرائيلي يعتبر أي شيء يحصل عليه مُكتسبا يَبني عليه ولا يتراجع عنه، وهذا مكمن الخطورة. نحن قبلنا التحدي ورفضنا الصفقة، ولا نراهن على غيرنا، بل رهاننا بعد الله تعالى على أنفسنا وعلى أمتنا وعلى أصدقائنا في العالم وعلى نضالنا. ونحن قادرون على البقاء في الميدان ومواجهة كل التحديات والمخاطر الناشئة عن الاحتلال ومخططاته ومشاريعه العدوانية.

10- هل يمكن أن يقود هذا التصعيد إلى مواجهات عسكرية مباشرة؟

كل خيارات النضال والمقاومة مفتوحة بالنسبة لنا كشعب يعيش تحت الاحتلال، ويتعرض لكل هذه المخاطر والمخططات والاعتداءات. ونحن نعمل مع بقية شركائنا في الوطن على توحيد الموقف الفلسطيني، والتوافق على استراتيجية نضالية مشتركة، وكيفية إدارة المواجهة مع الاحتلال، ومتى وأين وكيف نستعمل كل شكل من أشكال النضال وأدوات الصراع والمواجهة، وذلك بما يحقق أهدافنا الوطنية في التحرر والتحرير والعودة واستعادة كامل حقوقنا بإذن الله.

(المصدر: ميدان الجزيرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى