متابعات

تجاهل العالم معاملة الصين للأويغور يشكل سابقة خطيرة

تجاهل العالم معاملة الصين للأويغور يشكل سابقة خطيرة

على الرغم من الجهود التي تبذلها الصين للحد من التحقيق في اضطهادها للمسلمين الأويغور، فإن الأدلة المتراكمة والموثوقة والمتاحة للجمهور حول نطاق وحجم “برنامج إعادة التعليم” في بكين قد كُشفت حقيقته – وهو حملة محددة الهدف ومتعمدة للحبس التعسفي والاضطهاد على أساس العرق الذي يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية الثقافية وينطوي أيضاً على جرائم ضد الإنسانية.

 وكانت هناك بعض المؤشرات على أن التغطية الإعلامية المستمرة لسوء معاملة الصين للأويغور والأقليات المسلمة الأخرى كان لها تأثير في بكين. تواجه الصين ضغوطاً متزايدة من الولايات المتحدة وحلفائها بشأن مجموعة من القضايا الاقتصادية والاستراتيجية، ومن المحتمل أن إعلان الصين مؤخراً الإفراج عن معظم الأويغور المسجونين فى معسكراتها هو محاولة لإزالة مسألة الأويغور من قائمة نقاط الضغط التي تؤثر على علاقاتها الدولية.

 لكن إعلان بكين يفتقر إلى المصداقية والأدلة الداعمة على حد سواء. وتؤكد الصور الملتقطة حديثاً بالأقمار الصناعية والتقارير التي قدمها صحفيون قاموا بزيارة المنطقة أن بكين تواصل تشغيل وتوسيع شبكة تضم أكثر من 120 مركز اعتقال في جميع أنحاء منطقة شينجيانغ (تركستان الشرقية) الأويغورية ذاتية الحكم.

 وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنها لم تتلق أي تقارير عن إطلاق سراح واسع النطاق من مراكز الإحتجاز، وتم اتهام الصين بـ “الإدلاء ببيانات خادعة لا يمكن التحقق منها في محاولة عبثية لتهدئة القلق العالمي إزاء الإعتقالات الجماعية للأويغور والأقليات الأخرى في السجون.

 ومع ذلك، يبدو أن بكين تفوز في محكمة الرأي العام العالمي. وعلى الرغم من أن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها 22 دولة للكتابة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حيث تدين معاملة الصين للأقليات فيها قد أعطت هذه المسألة المزيد من الإهتمام الدولي، فإن 37 بلداً آخر قد كتبوا أيضاً إلى المجلس دفاعاً عن إنجازات بكين في مجال حقوق الإنسان. وقد قوضت تأثير هذا البيان.

 والمشكلة بالنسبة لأولئك الذين يدافعون عن إستجابة عالمية لما ينظر إليه على أنه مماثل في نطاقه للبرامج الستالينية المناهضة للقوميات في الإتحاد السوفياتي هي أن معظم الدول لا تزال تتجاهل حقيقة ما يحدث في شينجيانغ. وكان الموقف الأكثر سخرية هو الموقف الذي إتخذته بعض البلدان ذات الأغلبية المسلمة التي تعلن إلتزامها بمبدأ التضامن الإسلامي ولكنها تغض الطرف عن برنامج بكين للإبادة الجماعية الثقافية الذي يستهدف المسلمين، وهم يفضلون بوضوح العلاقات التجارية والإقتصادية مع الصين عن حقوق الإنسان الأساسية للمسلمين الآخرين. وقد نفى البعض، مثل إندونيسيا، تقارير عن الإضطهاد الديني للأويغور باعتبارها مجرد دعاية غربية تهدف إلى تشويه سمعة الصين.

 ولكن مع ظهور المزيد من الأدلة على تفاصيل اضطهاد بكين المنهجي والإستيعاب القسري للأويغور وغيرهم من المسلمين، سيكون من الصعب جداً على هذه الدول إنكار حقيقة ما يحدث في الصين.

 على سبيل المثال، هناك أدلة متزايدة على أن أطفال الأويغور يتم جرفهم أيضاً في شبكة بكين. وتفيد التقارير بأن الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سنتين يخضعون “لسياسة منهجية للفصل بين الأجيال (بين الآباء وأطفالهم). ويقول الشهود إن الأطفال يتم إيوائهم قسراً في دور أيتام ومرافق تعليمية قسرية مؤمنة للغاية تركز على “تعليم اللغة الصينية المكثف الذي تسيطر عليه الدولة والإنغماس، إلى جانب التلقين السياسي والتصحيح النفسي.

 لا يمكن لبكين أن تدعي بمصداقية أن هؤلاء الأطفال يمثلون مخاطر أمنية، ويعكس هذا البرنامج بيان بكين بأنها تعتزم محو نسب الأويغور، وإزالة جذورهم، وكسر صلاتهم وكسر أصولهم من خلال مجموعة من التدابير القسرية، والتي تم تفسيرها على أنها تأكيد لنوايا الإبادة الجماعية في بكين. وقد أيد هذا الإستنتاج كذلك التقارير التي تفيد بتعقيم قسري جماعي لنساء الإويغور المحتجزات في معسكرات الاعتقال.

 كما يبدو أن بكين تسعى إلى تحقيق الدخل المالي من برنامجها الخاص بإحتجاز الأويغور. وقد ألقت التقارير الأخيرة الضوء على مدى استغلال بكين للأويغور المسجونين في معسكرات العمل القسري. وبينما تدعي سلطات شينجيانغ أنها تركز على بناء المهارات وتحسين فرص العمل للأويغور، من الواضح أن السلطات المحلية تستغل العمل القسري للمحتجزين لجذب الشركات إلى شينجيانغ، كما تُستخدم العمالة القسرية كآلية أيضاً لزيادة السيطرة على حياة الأويغور في شينجيانغ.

 ومما يثير القلق أكثر من ذلك أن هناك أيضاً مؤشرات على أن الصين تقوم بعمليات نقل لأعضاء الجسم من الأويغور قسرياً. وخلصت المحكمة المستقلة المعنية بالحصاد القسري لأعضاء الجسم من سجناء الرأي في الصين في تقريرها النهائي في يونيه 2019 إلى أنها متأكدة بما لا يدع مجالاً للشك.

 وحددت المحكمة وجود تفاوت كبير بين عدد المتبرعين بالأعضاء “المؤهلين” في الصين وهم- 5146 لعام 2017 – وعدد عمليات زرع الأعضاء في الصين، التي يقدر عددها بما بين 60,000 و90,000 سنوياً. ويثير هذا التفاوت تساؤلات خطيرة حول مصادر المستشفيات الصينية لزراعة الأعضاء.

 وخلصت المحكمة إلى أنه على الرغم من أن “ممارسي الفالون غونغ كانوا أحد – وربما المصدر الرئيسي لمصادر زراعة الأعضاء … إلا أن الإضطهاد المدبر والإختبارات الطبية للأويغور هو أكثر حداثة، وأنه قد يكون ذلك دليلا على الحصاد القسري للأعضاء من هذه المجموعة قد تظهر في الوقت المناسب.

  وفقاً لمذكرة من الخبراء، تم منذ عام 2016 إجراء فحص الحمض النووي لجميع السكان من الأويغور والقازاق وغيرهم من المسلمين في شينجيانغ كجزء من برنامج “الفحوص الصحية القسرية” التي لم تشمل السكان من عرقية الهان في المنطقة. وبالنظر إلى مزاعم حصاد الأعضاء، فإن هذا أمر هام لأن “فحص الدم شرط مسبق لمطابقة الأعضاء، ويمكن أن يؤدي تحليل الحمض النووي إلى مطابقة أكثر دقة للأعضاء.

 ولكن الوضع الذي يتكشف في غرب الصين هو أكثر من مجرد الأويغور – بل هو حول الصين حيث تثبت للأنظمة الإستبدادية والقمعية الأخرى أن المجتمع الدولي لم يعد مهتماً في إنفاذ القواعد على كيفية معاملة الدولة لمواطنيها. وإذا إستمر فشل المجتمع الدولي في التحرك لحماية الأويغور – وهم مجموعة عرقية نابضة بالحياة ومتميزة كانت بارزة في آسيا الوسطى لأكثر من ألف عام – إلى جانب فكرة المسؤولية الأخلاقية الجماعية عن حماية السكان من التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية فإن المجتمع الدولي سوف يُوضع في مزبلة التاريخ.

(المصدر: تركستان تايمز)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى