متابعات

بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول موقف هيئة كبار العلماء بالسعودية من جماعة الإخوان المسلمين

بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول موقف هيئة كبار العلماء بالسعودية من جماعة الإخوان المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بعد صدور بيان باسم هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، وتأييد مجلس الإفتاء الإماراتي برئاسة الشيخ بن بيه له، وكذلك ترحيب الصهاينة به، يتضمن اتهامَ (جماعة الإخوان المسلمين) بتهم خطيرة غير مسبوقة وغير معهودة من هيئة كبار العلماء، ولا من أي واحد من العلماء.. فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يجد نفسه ملزما بواجب البيان التام والنصح الخالص، في هذه القضية، إحقاقا للحق وإبطالا للباطل..

وقبل النظر في البيان المذكور، نود التذكير بجملة من المبادئ الشرعية التي ننطلق منها ونحتكم إليها:

• نؤكد تأييدنا ومحبتنا وشكرنا وتقديرنا، لجميع الحركات والجماعات والجمعيات والمؤسسات الإسلامية الإصلاحية السلمية، الدعوية والثقافية والتربوية والاجتماعية والسياسية، سواء كانت شعبية أم رسمية، إخوانية أو سلفية أو تبليغية، أو غيرها..

• وإذ نقدر للجميع جهودهم وجهادهم في خدمة الإسلام وإصلاح أحوال المسلمين، فإننا نؤكد أيضا ألا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنّ كل واحد منا يصيب ويخطئ، ويؤخذ منه ويرد عليه.. وأن السعيد من كثُـر خيره ونفعه وفضله، وقلَّ خطأه وتقصيره وزلـلـه..

من ذا الذي تُرضى سجاياه كلها كفى المرءَ نبلاً أن تعدَّ مَعايبُهْ

وقد قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (1/176 – 177): من قواعد الشرع، والحكمة أيضا: ” أن من كثرت حسناته وعظمت، وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره، ويعفي عنه ما لا يعفى عن غيره، فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث “.. ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر – في حق حاطب الذي تجسس – (ومايدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: ” اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم)”.

• نتعامل مع جميع العلماء والدعاة والمصلحين وهيئاتهم، بحسب ما يظهر من أفعالهم وما نراه من آثارهم، وبحسب أقوالهم ووثائقهم، وما عبروا عنه من أهدافهم ومناهجهم وبرامجهم، ولا نعول في ذلك على ما تبثه الحملات الإعلامية، أو تسربه الأجهزة الاستخباراتية، أو الجهات المعادية.

• نلفت الانتباه إلى أن حرمات المسلمين معظمة عند الله، ومحفوظة في شرع الله، وأن من يقع فيها ويسيء إليها بالإفك والبهتان، وبغير حجة ولا برهان، فإنما يوقع نفسه في خطر عظيم، ويعرضها لحساب شديد.. قال الله عز وجل:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. وفي الحديث القدسي الصحيح: عن أبي هريرة رضي الله عنه: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْب..)! رواه البخاري في صحيحه الحديث( 6504.

• ومن الواجب على الجميع – ونحن منهم – أن يتعاونوا ويتناصحوا بالتي هي أحسن، ما وجدوا إلى ذلك فرصة وسبيلا، وأن يتعاملوا على أساس الأخوة والمحبة وحسن الظن والاحترام المتبادل.

أما البيان الصادر باسم هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، الذي تم تخصيصه للطعن والقذف والتشهير بإحدى أكبر الجماعات الإسلامية القائمة بالدعوة والجهود الإصلاحية المباركة في هذا العصر، فقد آلمنا وحز في نفوسنا أن يصدر عن هيئة للعلماء، بل هيئة لكبار العلماء!!

وهذا البيان يتضمن إخراجهم من أهل السنة والجماعة، ووصفهم بأنهم ” جماعة منحرفة، وإرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فساداً، وأنها لا تمثل منهج الإسلام ” وبذلك يؤكد البيان على منهج التكفير والتبديع، الذي هو منهج الخوارج والدواعش.

ومن باب النصح لعامة المسلمين، وللسادة العلماء الذين صدر البيان باسم هيئتهم، نقول وبالله تعالى التوفيق:

1. جماعة الإخوان المسلمين، التي اتهمتموها بالانحراف والفتنة والإرهاب والمروق من الدين.. موجودة ومعروفة في كل أنحاء العالم، ولها في بلدكم خاصة، عشرات الآلاف من الأعضاء والمؤيدين، من السعوديين ومن الوافدين. وكان من سياسة حكام بلدكم استقطابهم والاستفادة منهم ومن خبراتهم في شتى المجالات، بما فيها المجال السياسي. وكان بعضهم مستشارين في الديوان الملكي ودواوين الأمراء والوزراء. وقد شهد لهم بالفضل والصلاح والخير، عدد من كبار السياسيين على رأسهم الملك فيصل ( رحمه الله ) ومن علماء المملكة، وعلى رأسهم الإمام الشيخ عبد العزيز بن باز رحمهم الله، فمتى أصبحوا إرهابيين؟ وما هي الأعمال الإرهابية التي ارتكبوها؟ ومن منهم تورط في عمل إرهابي؟ ومتى حوكموا بذلك؟ وأي هيئة قضائية أثبتت الإرهاب في حقهم؟!

كما أنهم موجودون معكم في التحالف اليمني، ولهم الوجود السياسي والدعوي في معظم بلاد العالم، فماذا تفعلون معهم؟.

2. تدينونهم وتحكمون عليهم بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159]، فأعطونا مثالا واحدا يكون معلوما ومحققا عندكم، قاموا فيه بتفريق جماعة المسلمين أو أوطانهم، وجعلوها شيعا..

3. ومن المعلوم أن أول حركة حديثة تبنت الإسلام السياسي هي حركة الملك عبد العزيز التي بنيت على هذه الفكرة، وخرجت على الدولة العثمانية، بل حاربتها باسم العقيدة السلفية حتى أقامت دولة دينية.

4. يعلم الجميع ان هجمتكم الأخيرة ضد جماعة الإخوان المسلمين، هي قرار سياسي محض، أُملي عليكم أو على أحد منكم، وأنه لا علاقة له بدين، ولا خلق ،ولا مبدأ. ولكنكم برضاكم وامتثالكم أو سكوتكم ومشاركتكم في الإفك والظلم، قد سننتم سنة سيئة غيرَ مسبوقة في التاريخ الإسلامي، وهي سنة الطاعة العمياء المطلقة للحاكم، وبصورة جماعية من كبار العلماء. فلأول مرة في التاريخ نرى “كبار العلماء” يُساقون إلى قول المنكر والزور، ونشره على العالمين!! نتألم لحالكم ولما آل إليه أمركم، ونخجل في مكانكم، ونسأل الله تعالى أن يجعل لكم فرجا ومخرجا..

والغريب أن تقرأ هذه الإفتراءات – التي تفرق ولا تجمع وتحدث الفتن وتشعلها – على منابر الحرمين الشريفين، وجميع المساجد التابعة للسعودية، فهذه بدعة مفرقة مفزعة.

5. بيانكم التشهيري الأخير، أسخط عامة المسلمين، في بلدكم وفي كل أنحاء العالم، ولكنه أرضى عنكم كافة أعداء الإسلام والمسلمين، وعلى رأسهم دولة الاحتلال الصهيوني، التي عبرت عن تأييدها ورضاها عن نهجكم الجديد.. فاعلموا أن هذه رسالة تحذير لكم من الله تعالى، الذي يقول: {ولَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].

6. ومن نتائج استسلامكم التام وطاعتكم المطلقة للقرار السياسي، مهما كان ظلمه وعبثيته، أنكم لم تعودوا قادرين نهائيا على قولِ معروف أو إنكار منكر، إلا بإيعاز من “الجهات المختصة”، فهي مرجعيتكم في معرفة الحق من الباطل والمعروف من المنكر، وفيما تقولون وما لا تقولون.

7. كنتم سابقا – بهيئتكم وبأفرادكم – تنكرون بعض السياسات الهدامة للدين وللمجتمعات الإسلامية، أينما كانت. ولكنكم الآن ترون بأعينكم وتسمعون بآذانكم ما يجري حولكم في بلدكم، من تدمير لهوية مجتمعكم وثقافته وحياته الإسلامية.. (وأنتم سامدون)!

8. كنا ننتظر منكم أن تهبوا وتتدخلوا لوقف المجازر التي يتعرض لها الأبرياء الفضلاء، من العلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين في بلدكم وفي مصر، والإمارات وغيرها.. مات منهم من مات تحت التعذيب، وما زال منهم من يعذبون في غياهب المعتقلات، ومنهم من يتعرضون للقتل البطيء.. وأنتم فرحون بمناصبكم ورواتبكم وقصوركم وموائدكم..

9. ننتظر منكم موقفا، بل مواقف، لصالح الإسلام والمسلمين، أمام التهجمات العدائية والسياسة الاستئصالية للدولة الفرنسية ورئيسها، فإذا بكم تسُلُّـون سيوفكم على المسلمين ودعاتهم وجماعاتهم، إرضاء لمن ترون بيده نفعكم وضركم؟!

10. وبعيدا عن التنابز بالألقاب والمصطلحات التي امتلأ بها بيانكم المذكور، فإن ما تقومون به في مواقفكم وبياناتكم وفتاويكم المسيسة، عبر وسائل الإعلام ومن فوق المنابر، إنما هو في الحقيقة إرهاب منكم وتخويف لكافة الدعاة والعلماء الناطقين بالحق الناصحين..

11. نذكر أنفسنا ونذكركم بقوله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 94]. قال الإمام الطبري: “يقول تعالى ذكرُه: ولا تتخذوا أيمانكم بينكم دَخَلا وخديعة بينكم، تغرون بها الناس (فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا) يقول: فتهلكوا بعد أن كنتم من الهلاك آمنين. وإنما هذا مَثل لكل مبتلى بعد عافية، أو ساقطٍ في ورطة بعد سلامة”.

وقال الإمام الحسن البصري رضي الله عنه: “ليس العجب لمن هلك كيف هلك، وإنما العجب لمن نجا كيف نجا..”!

12. أعطيتم صورة سيئة لعلماء السلاطين على مر التاريخ وأحييتم – مع بعض علماء مصر، وفي مجلس الإفتاء الإماراتي – سنة سيئة وهي الهجوم الشديد الذي قد يصل إلى التكفير – على الدعاة المسلمين الذين لهم تاريخ في الوقوف أمام المحتلين في فلسطين وغيرها، وفي الحفاظ على الإسلام في قلوب الشباب، ونشرت بياناتكم فوق المنابر، فكأنكم أحييتم ما فعله المعتزلة ضد من لم يقل بخلق القرآن حتى قال قائلهم ابن أبي دؤاد للخليفة المعتصم: اقتله – أي الإمام أحمد – ودمه في رقبتي ” فكان أشد بأساً من المعتصم حيث يضرب أحمد حتى أغمي عليه عدة مرات ( سير أعلام النبلاء 251 – 254).

13. إن بيان ابن بيه الذي أَيّد بيان مايسمى هيئة كبار العلماء أرجع كل شيئ إلى ولاة الأمر احتراماً والتزاماً وانضباطاً ونظاماً دون تقييده بالمعروف وفي غير المعصية، ودون الالتفات إلى قوله تعالى {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59].

والغريب أن يصدر هذا الجهوم الشديد من الشيخ ابن بيه الذي يعرف الإخوان وصاحبهم وعمل معهم، ونال منهم الدعم والاستقبال، وتسويقه على مستوى العالم، وبخاصة من العلماء المسجونين في السعودية الذين قاموا بتكريمه، فبدل أن يدافع عنهم – ولو بكلمة-وفاءً، فإذا به يؤكد تجريم الإخوان، ويدعم موقف الإمارات والسعودية في كل ما فعلته، وبذلك يشارك في نتائج أفعالهما، فهو يصرح دائماً بتأييد ولاة الأمر في الإمارات فيما فعلوه من التطبيع مع محتل المسجد الأقصى والقدس وفلسطين، وفي جميع مواقفها.

وأن من المعلوم في الإسلام بداهة أن طاعة أولي الأمر مقيدة بالمعروف وبما ليس فيه معصية فقال تعالى في حق طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: 12]، وقال صلى الله عليه وسلم في شأن هؤلاء الذين طلب أميرهم أن يدخلوا النار التي أوقدوها: ” لا طاعة في معصية، وإنما الطاعة في المعروف ” رواه البخاري في صحيحه (7257) ومسلم (1840) وأبو داود (2625) وابن حبان في صحيحه (4567)، وأحمد (20678).

بل إن الله تعالى أرجع الأمر عند التنازع إلى الله تعاللى ورسوله (أي الكتاب والسنة) بعد الأمر بطاعة أولي الأمر فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 59].

فقد كرر الله تعالى الأمر بطاعة الله ورسوله فقط دون ” أولي الأمر ” أكثر من عشر مرات، وذكر ” أولي الأمر” مرة واحدة، ومع ذلك قيد طاعته بأن تكون ضمن طاعة الله وطاعة رسوله، فكيف تكون مطلقة؟!!

ثم إن الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم) كانوا يؤكدون أنه لا طاعة لهم في معصية الله تعالى.

14. إن هذه الشهادة الواردة في البيانين السابقين ضد جماعة إسلامية لها تاريخها في خدمة الإسلام، واتهامها بالانحراف والإرهاب والإجرام دون دليل لا شك أنه يدخل ضمن شهادة الزور التي هي من أكبر الكبائر، وازدادت شهادتهم ظلماً وعدواناً وخطورة أنها يترتب عليها تشجيع الحاكم الظالم على أن يفعل بأعضاء هذه الجماعة من العلماء والدعاة من السجن والقتل والضرب في المليان بتهمة الانحراف والردة.

إن شهادة الزور بهذه الصورة بهتان وافتراء وظلم شنيع، وقلب للحقائق، وأكبر خدمة دينية للظلمة والطغاة، ولذلك شدد الاسلام في عقوبة شاهد الزور في الدنيا والآخرة فقال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30].، فقد ذكر الله تعالى قول الزور مع الشرك بالله تعالى ونهى عنه بعد النهي عن عبادة الأوثان مباشرة، وجمعهما في أنهما رجس، فالأول رجس في حق أخطر حق لله تعالى، والتالي رجس في حق أخطر حق للإنسان ولذلك فإن من مواصفات عباد الرحمن {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [الفرقان: 72].

وقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ” ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ” قلنا: بلى، قال: “الإشراك بالله، وعقوق الوالدين “، وكان متكئا فجلس _ أي لأهمية الموضوع-، فقال: ” ألا وقول الزور وشهادة الزور..” ثلاث مرات، رواه البخاري في صحيحه ( 5976- 6273، 2654) ومسلم (87).

وهل ينفعهم يوم القيامة هؤلاء الظلمة يوم يأتون فرادى، وفي {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89]، وقال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ} [البقرة: 48]، وقال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166]..

وأخيراً فإن نصيحتنا الخالصة لمن ينتسب إلى العلم أن يكون ربانياً {وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: 79]، فالعلماء هم ورثة الأنبياء في العلم والتبليغ وبالصدع بالحق، وعدم الخشية إلا من الله تعالى فقال تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا} [الأحزاب: 39].

ومن أهم واجبات العلماء أن لايقتربوا من السلاطين الظلمة إلا للنصح والإرشاد، وليس للمال والجاه، قال حذيفة رضي الله عنه: ” إياكم ومواقف الفتن! قيل وما هي؟ قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير – أي الأمير الظالم – فيصدقه بالكذب، ويقول له ما ليس فيه ” الأداب الشرعية لابن مفلح (3/459)، وذكر …أن الدخول على السلطان العادل ومساعدته على عدله من أعظم القرب.

ولذلك جاء تحذير الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من الدخول على الظلمة فقال: ” سيكونُ بعدي أمراءُ، فمن دخل عليهم فصدَّقهم بكذبِهم، وأعانهم على ظُلمهم فليس مني، ولست منه، وليس بوارد عليّ الحوض…” رواه الترمذي (2259) وصححه، وابن حبان في صحيحه (282) والنسائي (4208) وأحمد (18151)..

وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187].

هذا ونسأل الله تعالى الثبات على الحق

(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)

الدوحة: 13 ربيع الثاني 1442 هـ الموافق 28 نوفمبر 2020م

أ.د. علي القره داغي                           أ.د. أحمد الريسوني

الأمين العام                                           الرئيس

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى