تقارير وإضاءات

النوري وزيدان وصلاح الدين الأيوبي.. افتراءات “الميديا” وحقائق التاريخ

النوري وزيدان وصلاح الدين الأيوبي.. افتراءات “الميديا” وحقائق التاريخ

إعداد عمران عبدالله

هاجم الممثل السوري عباس النوري القائد التاريخي الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، وذلك على خطى الكاتب المصري يوسف زيدان الذي أطلق في وقت سابق تصريحات نارية في حق صلاح الدين الأيوبي ومكانته الرمزية في التاريخ الإسلامي.
وقال عباس النوري الموالي للنظام والذي اشتهر بشخصية أبو عصام في مسلسل “باب الحارة” إن “الكذبة الكبيرة التي تعيش في وسط الشام ولها شواهد كبيرة بمدخل سوق الحميدية وبداية القلعة هي تمثال صلاح الدين”، معتبرا أن “صلاح الدين كذبة.. لم يدخل القدس بالحرب، بل دخلها بصلح وهو من أرجع اليهود إليها”.

وتابع النوري على أمواج إذاعية محلية تابعة للنظام السوري أنه “بعد معركة حطين أصيب صلاح الدين بهزيمة كبيرة من الصليبيين في معركة اسمها أرسوف وسلم على أساسها كل الساحل السوري، من غزة حتى الساحل اللبناني،لسوريا كلها”.

ويأتي هجوم النوري على صلاح الدين الأيوبي بعد تصريحات شبيهة للأديب المصري يوسف زيدان قال فيها أيضا إن صلاح الدين الأيوبي لم يحرر مدينة القدس وإنما أخذها صلحا.

ووصف زيدان صلاح الدين الأيوبي بأنه “شخصية حقيرة” وكال له الكثير من التهم، من بينها حرق المكتبة الفاطمية الكبيرة في القاهرة.

صلاح الدين الأيوبي يمثل في الوعيين العربي والأوروبي على حد سواء نموذجا للفروسية والبطولة (مواقع التواصل)

ما هي الحقائق؟
في تعليق لاحق للنوري على صفحته في فيسبوك قال إنه استند في رأيه إلى بعض المراجع، أولها كتاب “تاريخ الأيوبيين” للمؤرخ قاسم عبده قاسم، لكن ما رواه المؤرخ المصري المعاصر والمؤرخون الآخرون الذين استشهد بهم -ومنهم المقريزي- مختلف تماما.

فقد نجح صلاح الدين في جمع مصر والشام والحجاز وتهامة وأجزاء من العراق تحت لواء واحد، وحقق انتصارا ساحقا في معركة حطين، وأسر ملك بيت المقدس، وأسس دولة قوية بعد فترات الضعف والانحدار الفاطمي.

وبعد المعركة سرعان ما حرر صلاح الدين وجيشه مدن الشام الساحلية، ومنها طرابلس وعكا وبيروت وصيدا ويافاوقيسارية وعسقلان، وحاصر القدس وقطع إمدادات ملوك أوروبا عنها.

واستعاد صلاح الدين الأيوبي القدس من الصليبيين سنة 1187 بعد أن أجبرهم على صلح يشترط خروجهم من المدينة ودفع فدية، وقدم بذلك نموذجا للفتح لا يشبه أنهار الدماء التي أراقها الصليبيون عندما سقطت القدس بأيديهم سنة 1099.

وعلى الرغم من أن جيش صلاح الدين الأيوبي هزم في معركة أرسوف عام 1191 بعد حطين وتحرير القدس لكن هذه الهزيمة المحدودة لم تغير الواقع الإستراتيجي الذي تحقق قبلها، وظلت القدس بيد صلاح الدين حتى وفاته.

ثم نجح الصليبيون في السيطرة على المدينة بعد وفاة صلاح الدين في عهد الملك فريدريك ملك صقلية، وظلت بأيديهم 11 عاما إلى أن استردها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244 مرة ثالثة.

بقايا من منبر صلاح الدين الأيوبي الموجود في المتحف الإسلامي بالأقصى حاليا (الجزيرة-أرشيف)

لماذا الهجوم؟
استخدم زيدان والنوري تعبيرات مثل “كذبة كبيرة” و”شخصية حقيرة”، وهي تعبيرات توحي بكراهية وحقد لا تتسق مع مزاعم البحث والتدقيق التاريخي.

كما أن التوقيت مريب للغاية، ويبدو كما لو كان محاولة لإشاعة روح الإحباط واليأس في ظل أحداث عربية مؤلمة، بحسب تعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي.

ويمثل صلاح الدين الأيوبي في الوعيين العربي والأوروبي على حد سواء نموذجا للفروسية والبطولة، فهو محرر القدس وموحد البلدان والقائد المسلم الذي صنع دولة قوية ونصرا عظيما دون أن يفرط في إنسانيته.

وهو كذلك نموذج للشهامة للدرجة التي امتدح فيها عدوه ريتشارد قلب الأسد عظمته وقوته، وكتب المؤرخون الأوروبيون عن نزاهته وبسالته.

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى