تقارير وإضاءات

الفكر المقاصدي قواعده و فوائده معالم كتاب الفكر المقاصدي (الجزء الثالث)

(من سؤال: هل في الشريعة ما لا يعلل ولا يعقل/ إلى / القاعدة الثانية)
الأصل في العبادات التعليل، والتعبد هو صفة جزئية استثنائية متمثلة في بعض جزئياتها.
1-أركان الإسلام معللة في جملتها وأصولها
•الصلاة:
قال تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون) العنكبوت: 45
عللت الصلاة بمصلحتين عظيمتين جامعتين:
أ‌-النهي عن الفحشاء والمنكر: والنهي عن الفحشاء والمنكر وإبعادهما والتخفيف منهما، إنما هي مصالح ينتفع الناس بها في دنياهم ويترتب عليها ثوابهم الأخروي.
ب‌-ذكر الله تعالى: وهذه مصلحة أهم من الأولى وأكبر منها، وأثرها في الحياة الدنيا يظهر في تحقيقها وترسيخها للسعادة والطمأنينة والتوازن الذي هو أسمى ما يبحث عنه الناس في حياتهم الدنيا، وتلك السعادة والطمأنينة تفضي إلى إزالة الفحشاء والمنكر أو إبعادهما أو التخفيف منهما.
•الزكاة:
مصالحها الدنيوية والاجتماعية أوضح من أن تحتاج إلى بيان واستدلال.
•الصوم:
علل بأنه سبب من أسباب تركيز وترسيخ التقوى التي هي اتقاء المعاصي، فهو وسيلة للارتياض بالصفات الملكية، والانتفاض من غبار الكدرات الحيوانية.
قال صلى الله عليه وسلم: (الصيام جنة) أي وقاية من أضرار كثيرة مما علمناه ومما توصل إليه العلم الحديث فعددها بعموم حذف متعلق جنة.
•الحج:
اجتمع فيه من المصالح ما تفرق في غيره:
– الصلاة والذكر والدعاء
-الإنفاق
-الجهاد المالي والبدني
-كبح الشهوات وتهذيب العادات
-التبادل التجاري
-التداول السياسي والاجتماعي
-رحلة تجربية واكتساب خبرة
لذلك قال تعالى (ليشهدوا منافع لهم) الحج: 28
2-تعبدية تفاصيل العبادات أو بعض تفاصيلها لا يلغي قاعدة أن الأصل في الشريعة كلها التعليل، ولا يقلب القاعدة، بل إن كثيرا من تلك التفاصيل عللها بعض العلماء واجتهدوا في بحث عللها ومقاصدها، ومن ذلك ما علل به الفضل بن شاذان وبعده ابن القيم تخصيص أعضاء الوضوء بالغسل وما فيه من مقاصد، وإن غلب عليها الظنية وعدم الجزم، إلا أنها تبقى معقولة.
3-تجري المقاصد العامة للعبادات على تفاصيلها كلها، وإن وجد لأي تفصيل تعليل آخر، فإنه يضاف إلى التعليل العام الذي يندرج تحته ذلك التفصيل.
إشكال : كيف نعلل بعض المقادير والتعبدات التي لا يمكن تعليها: كعدد ركعات الصلوات وأنصبة الزكاة، وعدد النساء المعتدات؟
الجواب:
1-هذه الأحكام هي منضوية لا شك تحت المقاصدة العامة المذكورة آنفا للأركان والعبادات.
2-عدم العلم لا يعني العدم فالصحيح أن نقول: كم ترك الأولون للآخرين من شيء، وليس ما ترك الأولون للآخرين من شيء.
احفظوا عن الشيخ الشهيد محمد بن عبد الكبير الكتاني: قول أهل الفروع: هذا تعبدي هو عجز منهم عن بيان الحكمة والسر، والشرع كله مكشوف لأهل العلم بالله، ليس عندهم فيه شيء غير معقول المعنى.
3-مقصد الضبط والحسم الذي ينسحب على كل تلك المقادير والأعداد والتعبدات، وهو ضبط تلك التكاليف والحسم في مقاديرها ابعادا للناس عن الحيرة والتنازع والاضطراب، لذلك لا بد من تحديد مقدار أو كيفية واضحة سهلة ينضبط بها الناس ويحتكمون إليها، وخاصة إذا كان التحديد من جهة خبيرة بصيرة بالطريق المثلى لنيل مصلحة ذلك العمل وذلك الفعل.
القاعدة الثانية… يتبع
(المصدر: موقع د. أحمد الريسوني)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى