متابعات

الإسلام وفرية وصفه بالفاشية والإرهاب

بقلم أ. د. علي القرداغي

إن وصف أحد الأديان السماوية بالإرهاب، أو الفاشية، يحدث لأول مرة، حيث لم نسمع أن أحدا من المسلمين وصف النصرانية، كاثوليك أو بروتستانت، أو أورثوذوكس، بالإرهاب أو الفاشية على الرغم مما فعله بعض أتباعها من الجرائم التي ترتقي لجرائم ضد الإنسانية، مثلا ما فعله الصرب في البوسنة والهرسك وبخاصة في مدينة (سربرينيتشا)، التي قتل منها ثمانية ألاف مسلم، ومع ذلك لم يتهم المسلمون النصرانية أو الطائفة الأرثودوكسية بالإرهاب، أو الفاشية، وكذلك ما فعله الصليبيون ضد المسلمين في الأندلس من القتل والحرق، ومحاكم التفتيش وهكذا…

وكذلك ما فعلته وتفعله الصهاينة من مجازر كمجزرة دير ياسين، وصبرا وشاتيلا، وفي فلسطين المحتلة، ومع ذلك لم يتهم أحد اليهود جميعهم، ولا وصف الديانة اليهودية بالإرهاب، وأخطر شيء يحدث في التاريخ المعاصر ما تفعله دولة ميانمار الهندوسية البوذية، بالمسلمين  الروهينجيا حتى إن الأمم المتحدة تصفهم بأنهم أكثر الشعوب اضطهادا وقتلا وتهجيرا وإبادة جماعية، ومع ذلك لم توصف الهندوسية، أو البوذية بأنها دين الإرهاب أو الفاشية.

فما يريده هؤلاء السياسيون الغربيون خروج عن كل القيم الدينية والأخلاقية، وازدواجية في المعايير، وميكافيلية حقيرة للوصول إلى أهداف سياسية من باب ” أن الغاية ( مصلحتهم السياسية)، تبرر كل الوسائل المؤدية إليها”

وأكد الأمين العام على أن ترويج هذين المصطلحين بين الشعوب من خلال وسائل الإعلام والدعايات الانتخابية الرخيصة افتراء كبير، وإفك عظيم على الإسلام وتاريخه، فالنصوص القرآنية، والأحاديث النبوية كلها تؤكد على أن هذا الدين هو دين الرحمة للعالمين فقال تعالى:   “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) سورة  الأنبياء”، وأن القرآن العظيم الذي هو المنهاج والدستور للمسلمين يبدأ ” بسم الله الرحمن الرحيم ” في جميع السور، إلا سورة واحدة، وأن بداية القرآن أيضا يركز على أن الله رب العالمين، ونهايته “رب الناس” أجمعين وأن الإسلام من السلام، والإيمان من الأمن والأمان، وتحية المسلم السلام عند لقاءه بالأخر، وعند انتهائه من الصلاة، حيث يعطي العهد بالسلام لكل من في يمينه، ومن في يساره، إلا من بغى واعتدى عليه فله جزاءه حسب شريعة الإسلام.

فكيف يكون دين الإرهاب؟

ثم إن سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، مليئة بتطبيق هذه الرحمة مع غير المسلمين، فحينما هاجر إلى المدينة المنورة قام بكتابة دستور للعلاقة بين المسلمين، وبين اليهود والمشركين من سكنة يثرب، وهو الذي تذكره كتب السنن والسير والتاريخ ب(صحيفة المدينة، أو وثيقة المدينة)، تتضمن حوالي 50 مادة، تخص 27 مادة منها غير المسلمين حيث تقر لهم حقوق المواطنة بالكامل.

وهذا يحدث لأول مرة في التاريخ أن يتعايش أهل ديانتين في ظل الحقوق والواجبات المتكافئة، في حين أن التاريخ السابق واللاحق مليء باضطهاد أهل الأديان بعضهم لبعض، فالمسيحية اضطهدت اليهود في ظل دولة الرومان، وكذلك العكس صحيح، وظلت العلاقة بين المسلمين وغيرهم داخل العالم الإسلامي على أسس حماية الحقوق وكرامة الإنسان، فلم يحدث على مستوى الدولة أو الأمة اضطهاد لكل من يعيش على أرض الإسلام في عصر الرسول، والخلافة الراشدة، والأمويين، والعباسين، والأيوبيين، والعثمانيين، بل كانت ملجأ للمضطهدين، فلما طرد اليهود من أوروبا آوتهم الدولة العثمانية بكل عناية.

وحذر الأمين العام باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من الآثار المدمرة لإحياء العنصرية، والنازية من جديد، وإثارتها ضد الإسلام والمسلمين للحصول على مناصب حكومية أو أصوات العنصريين.

كما حذر الإعلام العنصري المصاحب لهذه الأفكار من خطورة ما آلت إليه هذه الدعوات وأثارها المدمرة للتعايش والسلم العالمي، وللحضارة والتقدم.

 وقال موجها لهؤلاء السياسيين: إن ما تقولونه وتفعلونه حول الإسلام ورفع شعار العنصرية ضد المسلمين قد تستفيدون منها آنيا ولكن أثارها مدمرة للأخلاق والقيم والحضارة ومؤذنة بفوضى هدامة لا يعلم نتائجها و مآلاتها إلا الله تعالى، حيث يمكن أن تصل إلى حرب عالمية ثالثة، وذلك لأن الحربين العالميتين السابقتين نتجتا عن الظلم والعنصرية، وقادتهما الفاشية والنازية، وكان التدمير الأكبر لأوروبا، فمثل هؤلاء العنصريون الجدد حريصون على مصالح شعوبهم وأوطانهم أم أنهم يريدون الوصول غلى مصالحهم السياسية بأي ثمن؟

وبالمقابل فقد ثمن الأمين العام للاتحاد مواقف جماعة ليست قليلة من الناس العقلاء، والمفكرين الحكماء، ورجال الدين، وجماهير عريضة من الشعوب في أمريكا وأوروبا وغيرهما على مواقفهم المشرفة نحو الإسلام والمسلمين ونحو الإنسانية ، فلهم منا الشكر والتقدير، فهؤلاء وحدهم هم المخلصون لشعوبهم وأوطانهم ويعرفون خطورة العنصرية وإهانة أي دين أو شعب على البشرية جمعاء، والله المستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى