كتب وبحوث

الإسلام والإرهاب متابعات سياسية وإعلامية وإحصائية في الميديا الغربية 1من 2

الإسلام والإرهاب متابعات سياسية وإعلامية وإحصائية في الميديا الغربية 1من 2

إعداد أكرم حجازي

مبدئيا

     في ظل الحرب الباردة بين القطبين لم تكن حركات التحرر المتحالفة مع الاتحاد السوفياتي إلا حركات إرهابية، في حين كانت الحركات الانقلابية المسلحة التي تدعمها الولايات المتحدة وحلفاءها تحظى بتسمية « مقاتلون من أجل الحرية». لكن الثابت، موضوعيا وتاريخيا، أنه حتى سقوط الاتحاد السوفييتي سنة 1992 لم يكن أحد يتحدث عن « الإرهاب» و « حقوق الإنسان» أكثر من الولايات المتحدة والدول الغربية أو تلك الدول التي تدور في فلك الرأسمالية العالمية. أما بعد ذلك، حيث صعدت القوى الإسلامية الجهادية، المحلية أو ذات التوجه العالمي، فقد بات الأعداء والخصوم والانتهازيين من شتى الأطياف الأيديولوجية والعقدية، حتى المصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية والدولية، يستعملون مفهوم « الإرهاب» بلا أية روادع تذكر. فبالنسبة لهم فـ « الإرهاب» هو كذلك عقديا وشرعيا وسياسيا وقانونيا وجغرافيا وقيميا وأيديولوجيا وثقافيا ومعرفيا واقتصاديا وتجاريا ورأيا وشكلا ولونا كما لو أنه في طريقه لٍأن يصبح، بين عشية وضحاها، بيولوجيا!!!

   كانت هذه الاستعمالات، ولمّا تزل، تنسحب تلقائيا على المسلمين، وحتى قبل أية تحقيقات، سواء كانوا معنيين بالأمر أو غير معنيين … أبرياء وضحايا أو متهمين ومدانين .. مشاركين فاعلين أو طارئين .. راضين أو ساخطين .. محذرين أو منفذين .. بل أن هذه الاستعمالات طالت، مثلما صدرت عن، مفكرين وباحثين وإعلاميين وسياسيين وعلماء وناشطين. فالمسلم هو بالضرورة (1) إرهابي من حيث المبدأ، و (2) من حيث التنفيذ، و (3) من حيث الدعم والمناصرة، و (4) كعالم شرعي، و (5) كباحث أو إعلامي .. إلى ما لا نهاية من التصنيفات والاتهامات، التي يتبعها قتل واغتيالات واختطاف واعتقالات وسجون ومطاردات ومضايقات وضغوطات وتهديدات وحرمان، وما إلى ذلك من وسائل القمع والاستبداد. باختصار؛ وسواء كان فردا أو جماعة أو شعبا أو مؤسسة أو دولة، فإن بريء اليوم هو إرهابي الغد، ولو باستنطاق النوايا واستدراج القلوب!!

   غداة هجمات 11 سبتمبر 2001 أعلن الرئيس الأمريكي، جورج بوش الابن، حربا صليبية على العالم الإسلامي: « هذه الحرب الصليبية، هذه الحرب على الإرهاب، سوف تستغرق بعض الوقت»[1]، ثم تساءل: « لماذا يكرهوننا؟»، لكنه لم يتساءل قط: « لماذا نقتلهم أو نغزوهم أو نستعبدهم؟ أو لماذا نعلن حربا صليبية عليهم»؟ في 18/9/2015 وأمام « قمة واشنطن لمكافحة التطرف العنيف17-19/9/2015»، أجاب الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بعبارة يتيمة قائلا: «من الواضح أن هناك تاريخا معقدا بين الشرق الأوسط والغرب، وما من أحد بيننا محصن من الانتقاد بهذا الشأن »*!! لم يقل « أمريكا» بل «الغرب». لأنه يعلم ماذا فعل ولمّا يزل. فالصراع لم يتوقف، والتاريخ تجري وقائعه الدامية كل حين، والمسألة لا تتعلق بانتقاد أو بعض اللوم، لاسيما حين يصدر من نفسٍ عدوانية شريرة. وكما هي العنصرية المتجذرة تضرب في الولايات المتحدة الأمريكية بلا هوادة، كذلك الأمر، مع فارق الخلفيات، فإن العداء المستحكم ضد الإسلام لن يتوقف، لأنه ببساطة الوحيد القادر على خوض الصراعات الكونية وتهديد قوى الظلم حتى وهو تحت « الحكم الجبري (= الهيمنة) ».

    كالعادة سنعتمد في التحليل على شهادات المصادر الغربية، المنصفة والمغرضة والمحايدة، كي تكون المشاهد واضحة (1) موضوعيا، و (2) رقميا، عبر مبحثين هما:

  • محاربة الإسلام والهيمنة
  • واقع الإرهاب

المبحث الأول

محاربة الإسلام والهيمنة

   لا ريب أن الأمريكيين وقوى النظام الدولي يدركون إدراكا تاما أن من يصفونهم بـ « الإرهابيين»، من أي تصنيف كانوا، حتى لو تعلق الأمر بالثورات الشعبية، إنما يصارعون للإفلات من قوى الاستبداد والهيمنة الدولية. ولأن الصراع يتعلق بلحظة إفلات يمكن أن تعم العالم الإسلامي، وفي القلب منه العالم العربي، فإن إحكام الهيمنة عليه لا تسمح بلحظة تنفس ولو يتيمة، وإلا فقد تدفع الحضارة الغربية ثمنا باهظا في تفوقها وهيمنتها، ومعها كل أدوات القوة والتحكم والسيطرة التي تمتلكها وترعاها في شتى أنحاء العالم. بهذا المعنى يكاد يكون من شبه المستحيل أن يتخلى النظام الدولي عن الهيمنة، بما يسمح للعالم العربي أن يتحكم بمصيره. ولأنه ما من معنى للعالم العربي خارج العقيدة، فستبقى المشكلة كامنة في الإسلام، باعتباره الهوية الأشد رسوخا ودينامية، في العقل العربي من العروبة ذاتها.

    في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 طفت مشكلة المسلمين في العالم الغربي على السطح، ولأنهم لم يرحلوا ولم يذوبوا في المجتمعات الغربية، فقد أعلنت عدة دول أوروبية رسميا، فيما يتعلق بالمسلمين، عن فشل ما يسمى بـ « التعددية الثقافية»، واتجهت نحو الانتقال فقط، وفي أحسن الأحوال، إلى الحديث عن « الاندماج الاجتماعي». وفي السياق، وفضلا عن الأقوال والأبحاث والدراسات التاريخية والمعاصرة للمستشرقين الأوروبيين، ومواقفهم الصريحة في محاربة الإسلام، بدا الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، وكأنه آخر المتحدثين بعد نظيريه البريطاني، ديفيد كاميرون، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، حين نقلت قناة « france24[2] – 10/2/2011» الفرنسية عنه أقوالا في برنامج تلفزيوني لا تقبل الجدل، عبّر عنها آخرون من قبل ومن بعد، وجاء فيها: « ينبغي أن يتمكن مواطنونا المسلمون أن يعيشوا ويمارسوا دينهم، كأي مواطن آخر … لكن لا يمكن أن يكون ذلك إلا إسلاما فرنسيا، وليس إسلاما في فرنسا»، ويبدو أن ساركوزي استوحى توصيفه المفضل للإسلام من مصطلح « إسلام الأنوار»، الذي سبق وصكه مواطنه، المستشرق جاك بيرك. ومع ذلك فلم يصمد توصيفه الحداثي المستعار طويلا. ففي تعليقه على صلاة المسلمين في الساحات العامة قال الرئيس الفرنسي: « الصلاة لا تغيظ أحدا ولكن لا نريد … دعوة دينية عدائية». وبالمعنى الدقيق لتصريحاته هذه، فالدين الإسلامي، وليس الصلاة فحسب، هو « دعوة دينية عدائية»، ولأنه كذلك بنظرهم فهو «مسألة وجودية».

    بعد الهجوم على صحيفة « شارلي إبيدو – 7/1/2015» الفرنسية ، و « هجمات باريس – 25/11/2015»، استعادت فرنسا خطابها العدائي للإسلام والمسلمين، وطالبت ثانيةً، عبر وزير الداخلية، برنار كازنوف، بالعمل على تطوير « إسلام مستنير». وخلال اجتماعه مع مسؤولين مسلمين من عشرة اتحادات إسلامية وخمسة مساجد كبيرة لإدانة هجمات باريس حاطب الوزير الفرنسي المجتمعين قائلا: « إن مسؤوليتكم إحياء هذا الإسلام المستنير لنبذ النفاق الروحي للإرهابيين ومن يتبعونهمأنتم الأفضل شرعية وتأهيلا لمحاربة تلك الأفكار القاتلة، علينا حماية شباننا من انتشار هذا الحمق، فكروا فقط في التأثير الذي يمكن أن يقدمه هذا الإسلام التقدمي لبقية الإسلام في العالم»[3]. غير أن المسألة، وعبر « الإسلاموفبيا» التي اجتاحت العالم الغربي، لم تتوقف فقط عند الإسلام حتى بدت اللغة العربية بعينها، وكل لغة يتحدث بها المسلمون، وكأنها « دعوة عدائية». ففي 19/2/2016 قرر عمدة مدينة ميغان الفرنسية، فرانسوا بوشير، منع تدريس اللغتين العربية والتركية في المدارس الحكومية بمدينته. وبطبيعة الحال؛ فلم يكن قرار العمدة شاذا، لاسيما وأن وزيرة التربية الوطنية الفرنسية، نجاة فالو بلقاسم، قررت وضع نظام جديد يسمى بـ « الأقسام الدولية»، لتدريس اللغات خارج الأوقات الرسمية، لتعويض نظام تعليم اللغات الأصلية الذي « لا يقدم تعليما نوعيا ويجعل التلاميذ منغلقين على هوياتهم»، وهو ما رحب له الصحفي باسكال حيلوت، في مقابلة له مع موقع « الجزيرة نت» كون القرار « يساعد التلاميذ على التركيز على تعلم الفرنسية مما يسهل اندماجهم في المجتمع الفرنسي، ولأن اللغة العربية مفخخة بالثقافة الدينية وتجر متعلميها إلى ثقافة مختلفة معادية للغرب، وتدفع بهم إلى الإرهاب»[4].

   بعيدا عن أساطير المنظومات الحقوقية والإنسانية، الغربية المنشأ والتصميم، والدولية التعميم، فإن ما يقوله القادة الغربيون هو عين الثقافة التي يعيشونها ويتوارثونها جيلا بعد جيل، وليس بدعا من القول. كان من الممكن التعامل معهم وفق قول الله عز وجل ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾،]  الكافرون: 6[، لكنهم يصرون على الوصاية على الدين الإسلامي، وتعميم ثقافتهم على المسلمين أيضا وباقي أمم الأرض وشعوبها! بل أن ثقافة العولمة لم تعد تتقبل أية خصوصية ثقافية لأية مجموعة بشرية! وكأن على الوجود الإنساني، أفرادا وجماعات ودول ومؤسسات، أن ينصهر في الثقافة الغربية، كما لو أنه مجرد نسخة منبتة عنها، والتي لا تنفك عن الترويج لمفاهيمها الأسطورية نظريا، والاستعمارية تاريخيا، والإقصائية واقعيا، من قبيل « التعددية» و « التنوع» و « التسامح» و « حق الاختلاف»!!!! وفي هذا السياق  بالضبط يقع ما يطلقون عليه « قيم الإسلام المعتدل» الذي يتوافق تماما مع الغرب والحداثة.

    ففي أعقاب « قمة واشنطن لمكافحة التطرف العنيف – 17-19/9/2015»، – وتصريحات الرئيس الأمريكي عن « تحريف الإسلام»[5] كتبت صحيفة « وول ستريت جورنال[6] – 19/2/2015»، بافتتاحيتها مقالة تحت عنوان:« التهديد الأيديولوجي الإسلامي- المتطرفون يشنون حرب أفكار يرفض الغرب خوضها»، قالت فيها: « إن البيت الأبيض ينظم

حاليا مؤتمرا حول التطرف العنيف بينما يتعرض لانتقادات جراء رفضه استخدام مصطلحات الإرهاب الإسلامي أو الإسلاموية» ولاحظت أنه في حين لا يمكن الفوز في حرب: « ضد عدو نرفض وصفه إلا بعموميات لا تعني شيئا». فإن: « أفكار التنظيمات المتطرفة» في المقابل« تجتذب مؤيدين بشكل متزايد لأنها تنبع من فكرة رفض قيم الإسلام المعتدل والغرب والحداثة». ورأت أن: العالم الحر وغير المتطرف لن يكسب هذه الحرب الأعمق إذا كانت الإدارة الأميركية ترفض حتى الاعتراف بطبيعة هذه الحرب».

    وفي سياق حرب « التحالف الدولي» على « الدولة الإسلامية» كتب الأدميرال المتقاعد، جوزيف فيزي، مقالة في « الواشنطن تايمز[7] – 4/10/2014» اعتبر فيها أن: « سياسة الضربات الجوية المتبعة ضد تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا، .. مصيرها الفشل كالذي لحق بالحرب الأميركية على فيتنام». وللخروج من مأزق « الدعوة الدينية العدائية» اقترح الأدميرال على الرئيس أوباما: « البدء بمبادرة دبلوماسية لإقناع القادة السياسيين في الدول الإسلامية لتضافر الجهود لقمع أيديولوجية التعصب والحقد»، أما الهدف الأول والأخير من هذه المبادرة، حيث بيت القصيد، فهو: « الاتفاق على رؤية بديلة ومقنعة للإسلام كدين سلام حقيقي»!!!! وبعبارة راندية «RAND »، تبحث عن « إسلام حداثي»، فـ: « من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية بل العالم الصناعي المتمدن بأسره يفضلون عالما إسلاميا يتماشى مع بقية النظام؛ أي يريدون عالما إسلاميا يتسم بالديمقراطية، بالقابلية للنمو، بالاستقرار السياسي، بالتقدم الاجتماعي، بالتبعية لقوانين ومعايير السلوك الدولي. هذا بالإضافة إلى أن هذا العالم الإسلامي المفضل ملزم بالمساهمة في منع أي صدام للحضارات، بكل صوره المتاحة والممكنة، الممتدة من القلاقل المحلية المتصاعدة (بسبب الصراعات بين الأقليات المسلمة والمواطنين الأصليين في الغرب) إلى العمليات العسكرية المتصاعدة عبر العالم الإسلامي، وما ينتج عنها من إرهاب وعدم استقرار»[8]. أي « تطويع» الإسلام بما يتلاءم مع « قيم الحداثة» الغربية، بحيث يغدو « إسلاما معتدلا»!!! و « مقنعا»!!! و « مقبولا»!!! للغرب من جهة، وفي نفس الوقت بعيدا عن « شبهات التحريف» بالنسبة للمسلمين، من جهة أخرى، أو بعبارة أخرى غير قابل للاجتهاد أو أية قراءة تمس حتى متغيرات العصر .. « إسلام صنمي» المحتوى!!!

   وفي سياق الحملات الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة قال الملياردير، دونالد ترامب، إن:«الإسلام في أميركا مشكلة يجب التخلص منها». وفي وقت لاحق تعهّد المرشح الجمهوري، خلال مناظرة لانتخابات الرئاسة لسنة 2016، والذي يطالب بـ « إعادة احتلال العراق»، بـ: « إغلاق المساجد إذا ما فاز بالانتخابات». وعند سؤاله في مقابلة مع شبكة « فوكس بيزنس[9]22/10/2015»، عن مدى قدرته على إغلاق مسجد في بلد يحترم

 الحريات الدينية، رد بقوله: «في الحقيقة لا أعرف .. بالتأكيد سننظر في الموضوع لاحقا»!!!

    وفي سياق الحروب على العالم الإسلامي، حيث تتكشف المواقف أكثر، وبعد 51 يوما من الحرب اليهودية على غزة، وسط الحديث عن التسويات والإعمار ونزع السلاح، كان لزعيم الحزب القومي اليهودي« إسرائيل بيتنا»، وزير الخارجية « الإسرائيلي»، أفيغدور ليبرمان، تصريحا شذ فيه عن كل سبل المجاملات الدبلوماسية والنفاق السياسي والإعلامي، حين قال في « لقاء[10] – 7/9/2014» مع صحافيين « إسرائيليين» إن: « نزاعنا ليس مع الفلسطينيين، جزء من سبب الفشل هو أن تشخيص النزاع غير صحيح. نزاعنا ثلاثي الأبعاد، وهو مع العالم العربي والفلسطينيين وعرب إسرائيل. إننا بحاجة للتوصل إلى اتفاق شامل يضم العناصر الثلاثة معا». لكنه في واقع الأمر لا يحتاج من العالم العربي إلا الاستسلام التام، عبر الخروج الصريح والطوعي من الحضارة والتاريخ والدين، والتسليم بكل «الأساطير المؤسسة للدولة اليهودية»*.

     أما الروس مثلا، فقد رافق الإعلان الرسمي عن تدخلهم العسكري في سوريا (30/9/2015)، دعما صليبيا صريحا من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وصل إلى حد وصفه بـ « الحرب المقدسة». ونقلت « وكالة إنترفاكس» الروسية للأنباء عن رئيس قسم الشؤون العامة في الكنيسة، فسيفولود تشابلن، قولهأن« القتال ضد الإرهاب هو معركة مقدسة اليوم»[11]. في المقابل، وفي أعقاب 24/11/2015 إسقاط المقاتلات التركية طائرة روسية مقاتلة من نوع سيخوي- سو24، ردا على اختراقها المجال الجوي التركي. ومهما أثار الحادث من أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين، رد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بانتقاد السلطات التركية قائلا:« إنها تتبع في السنوات الأخيرة بشكل مقصود .. سياسة أسلمة الدولة التركية»[12]!!!!! فما كان من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلا الرد بالقول: « إن 99% من الشعب التركي مسلم، فكيف يقال إن هناك أسلمة؟فهل يحق لنا اتهام روسيا بالتنصير وهناك ثلاثون مليون مسلم في روسيا؟»[13]، لكن لمن يعرف بحقيقة النظام الدولي ومرجعياته يعلم يقينا أن تصريح الرئيس الروسي هو بمثابة تحريض مبطن ضد النهج التركي الذي يكتسي طابعا إسلاميا.فما أراد الرئيس الروسي قوله بالضبط هو لفت الانتباه إلى أن تركيا تتجه فعليا، منذ سنوات، إلى الإسلام كمرجعية في تقرير سياساتها الداخلية والخارجية، في حين أنه من غير المسموح لأية دولة إسلامية أن تفكر باتخاذ الإسلام مرجعية لها، لا بقليل ولا بكثير، حتى لو أعلن كل زعماء الغرب وكنائسهم حربا صليبية على الإسلام والمسلمين في شتى أنحاء العالم.

      من الواضح أنهم لا يقبلون الإسلام، لا داخل بلدانهم ولا في مهده، ولا شكلا ولا مضمونا. أما لماذا؟ فلأن: « الغرب يخاف من هيمنة الإسلام لذلك يستمر في اتهامه بحرب الجميع». هذا التصريح ليس إجابة من الباحث بل هو عنوان مقالة للكاتب Sufyan bin Uzayr في مجلة« الفورين بوليسي[14] – 6 /5/ 2015». وفيها يعتقد الكاتب أن المشكلة أكثر ما تقع في صفوف (1) « المحافظين الجدد وغلاة المحافظين». وبالنسبة له، فإن هؤلاء « المتعصبون» يعتقدون أن: «التعددية الثقافية تشكّل تهديدًا لطريقتهم في الحياة، وهم دعاة أقوياء للسياسة العدوانية ضد أي شيء لا يعجبهم بما في ذلك المسلمون»، و:« يدعون أنّ الإسلام في حالة حرب مع الغرب، وهذه الحرب، وفقًا لتعريفهم، هي حرب البقاء على قيد الحياة. وعلى هذا النحو، يمكن أن يخرج الإسلام أو الغرب من هذه الحرب بشكل آمن وسليم، وبعبارة أخرى، لكي يبقى هؤلاء على قيد الحياة؛ يجب أن يتلاشى الإسلام، أو العكس».

  أما الأكثر إثارة لقلق الكاتب فهم أولئك الذين يوصفون بـ (2) «الخبراء»، أو ما يسمى بـ « اللبراليين» أو

 « بالأحرى المعتدلين والإصلاحيين والواقعيين، وتصورهم عن الإسلام». وهؤلاء ممن روج لعبارة «الحرب الأهلية في الإسلام». وكعينة لهؤلاء، ينقل الكاتب قراءة عنروجر كوهينالذي يرى أن: «الإسلام في أزمة، وحالة حرب مع نفسه، والغرب يقف موقف المتفرج لهذا الصراع الداخلي، ويقع ضحية له. وحتى الآن، كان رد فعل المسلمين على الجرائم التي تُرتكب باسم أيديولوجية الكراهية والموت المستمد من قراءة بعض النصوص الإسلامية، أمرًا يرثى له». أما توماس فريدمان فينقل عنه حاجة المسلمين إلى تنظيم: «مظاهرة حاشدة تضم ملايين الأشخاص ضد الجهاديين في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، مظاهرةٌ ينظمها العرب والمسلمون للعرب والمسلمين، دون أن يطلب ذلك أحد في الغرب»، فيما تذهب أقوال زكريا فريد إلى حد الاعتقاد بأن: «هناك سرطان يسمى التطرف داخل الإسلام اليوم. وهناك أقلية صغيرة من المسلمين تحتفل بالعنف والتعصب وتتبنى مواقف رجعية عميقة تجاه المرأة والأقليات. ويواجه البعض هؤلاء المتطرفين، لكن احتجاجاتهم ليست بصوت عالٍ». فماذا يقول الكاتب عن هؤلاء ونماذج تفكيرهم؟ «حسنًا. ردي على الآراء الواردة أعلاه؟ كلمة واحدة: سخيفة». فما هو وجه السخافة الذي يردده حتى الكثير من المسلمين؟

    يجيب الكاتب بنقطتين مذهلتين، وكأنه يرد بهما على (1) تجاهل المسلمين أنفسهم لما حققه الإسلام في تاريخه من القدرة على الوقوف بوجه القوى العدوانية العاتية في التاريخ الحديث، وعلى (2) تصرف المسلمين وكأنهم مذنبون، يتوجب عليهم الاعتذار الدائم للغرب، والدفاع عن أنفسهم في كل حين!!! أما رد الكاتب فقد جاء على النحو التالي:

    أولًا، الإسلام ليس في حرب لا مع نفسه ولا مع الغرب. ولكن، الشيء الوحيد الذي يزعج الغرب هو أنّ الإسلام يمثل

 الخطر الوحيد القابل للتطبيق لخططه للهيمنة على العالم. فلعدة قرون، وقف الإسلام بقوة في وجه الإمبرياليين والإمبراطوريات الفاسدة – الرومان والمصريين والفرس والمغول، وغيرهم!- واليوم، يدرك تيار الاستعمار الجديد أنّ الإسلام لديه الشجاعة لمواجهته؛ وبالتالي يحاول إبراز أنّ الإسلام هو العدو».

   « ثانيًا، المسلمون ليسوا ملزمين بأن يعلنوا بأعلى أصواتهم أنهم يسعون لتحقيق السلام، وليس الإرهاب». وفي هذا السياق يتساءل:« لماذا يجب أن نسير في جميع أنحاء العالم ونخبر الناس ما نؤمن به وما لا نؤمن به؟ الأهم من ذلك، لماذا يجب أن نحرص على تبرير أنفسنا في كل يوم؟ متى كانت آخر مرة فسّرت الولايات المتحدة الأمريكية معاملتها للمجتمعات اللاتينية والسود هناك؟ متى كانت آخر مرة اعتذر الناتو عن أفعاله في جميع أنحاء العالم؟ متى كانت آخر مرة اعتذر الغرب عن سرقة الأفارقة في بلدانهم؟».

    وفي ختام مقالته يخلصكاتب« الفورين بوليسي» إلى القول: « وجهة نظري بسيطة: على الرغم من أن تعريف المحافظين للإسلام مليء بالنفاق والعنصرية؛ إلّا أنّ الليبراليين يميلون أيضًا إلى النظر إلى الإسلام بشعور من عقدة الاستعلاء والنظرة الدونية للغير؛ فهم ينظرون إلى العالم الإسلامي من خلال نقطتهم الإمبراطورية العمياء، ويحاولون وضع الجانب الأخلاقي من أجل تجنب الحديث عن المصائب الغربية في الشرق الأوسط وفي أماكن أخرى. ويزعمون أن المشكلة تكمن في الإسلام، ويتوقعون بأنّ المسلمين سيكتشفون ذلك بأنفسهم، ولا يدركون أنّ جميع المشاكل صنعتها القوات الأجنبية»[. لكنها لم تصنعها قط في العالم العربي بقدر ما طالت «المشاكل» كل العالم الثالث.

    ولطالما كان عالم اللسانيات الأمريكي، نعوم تشومسكي، مع أنه ليس الوحيد، نشطا وصريحا في إدانة السياسات الغربية وكشف جرائمها. وفي تقريرها عن سلسلة الحوارات التي أجرتها معه اقتبست صحيفة «لوتون[15] – 15/6/2015» فقرة للكاتب الإنجليزي الشهير، جورج أورويل، تكشف في الصميم عن حقيقة النظرة الاستعلائية التي تستوطن في العقل الغربي تجاه سكان الأرض. أما الفقرة فتقول: ]«إن البشر الذين يعيشون خارج القارة الأوروبية وأمريكا الشمالية، وبعض البلدان المتقدمة في آسيا، لا يعتبرون بشرا». وهو اعتقاد طالما عبر عنه بعض الجنود الأمريكيين الذين قاتلوا في أفغانستان والعراق وارتكبوا جرائم فظيعة، وكانت تبريراتهم خلال محاكمة من افتضح أمره منهم هذه العبارة الشهيرة:« لم أكن أعتقد أنهم بشرا»!!! وفي السياق نقلت الصحيفة عن الفيلسوف والكاتب الأمريكي ذي الأصل السوفييتي، أندري فيتشاك، الذي أدار الحوار مع تشومسكي، قوله:« إن السياسة الاستعمارية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى الآن، أدت لمقتل ما بين 50 و55 مليون إنسان، بسبب حروب بدأتها الدول الغربية، أو انقلابات عسكرية صنعها الغرب، أو حروب أهلية تسبب في اندلاعها، بالإضافة إلى مئات الملايين من الضحايا الذين تأثروا بطريق غير مباشرة وماتوا في صمت، ولفّهم النسيان».

    أما تشومسكي فنقلت عنه الصحيفة أن: « التاريخ غيّب عدة حقائق، من بينها أن معسكرات التجميع لم تظهر لأول مرة في ألمانيا النازية، بل سبقتها إليها الإمبراطورية البريطانية، في جنوب إفريقيا، خلال حرب البورس الثانية بين 1899 و1902. أما ألمانيا فقد تورطت، قبل قيامها بتجميع اليهود، في مجازر رهيبة في أمريكا اللاتينية والقارة الإفريقية، خاصة في تشيلي وناميبيا، … ». وميز تشومسكي بين «الفترة الاستعمارية المباشرة والسياسات الاستعمارية الجديدة» التي تلتها، ووقعت فيها:« فظاعات كبيرة، في جمهورية الكونغو الديمقراطية مثلا، بسبب عنف المليشيات التي تدافع عن مصالح الشركات الكبرى، التي تسعى بدورها للهيمنة على الثروات الطبيعية عبر خلق الفتنة وتمويل هذه الحركات المسلحة. وهكذا، سقط ما بين ثلاثة وخمسة ملايين إنسان، بسبب سعي هذه الشركات للاستحواذ على المعادن الثمينة … ». وعن فظاعات كمبوديا وما اشتهر عن مذابح ارتكبها «الخمير الحمر» قال بأن: «الجميع يعتقد أن معاناة الشعب الكمبودي انطلقت مع النظام الشيوعي الذي فرضه الخمير الحمر، والمجازر التي حدثت بين سنتي 1975 و1979، لكن العالم يجهل أن المعاناة انطلقت قبل ذلك بسنوات، عندما طلب وزير الخارجية الأمريكي، هنري كيسنجر، بقصف المناطق السكنية في كمبوديا، فيما يشبه الدعوةلارتكاب مجازر تطهير عرقي“، بهدف ثني كمبوديا عن التفكير في مساندة جارتها فيتنام في حربها ضد الاحتلال الأمريكي، وسقط ملايين البشر ضحايا القتل بدم بارد في هذه المجزرة الاستباقية“، التي لم تتوقف إلا بعد فضحها من صحيفة نيويورك تايمز».

     وعن «ازدواجية المعايير لدى الإعلام الغربي»، لاحظ تشومسكي أن الغرب: « يحيي ذكرى قمع انتفاضة براغ على يد الاتحاد السوفييتي، سنة 1968، ويعتبرها ذكرى أليمة لا تنسى، بما أنها شهدت سقوط ما بين سبعين وتسعين ضحية، ولكن لا أحد يذكر أنه قبل ذلك التاريخ بثلاث سنوات، حدث انقلاب في أندونيسا، تقف وراءه الاستخبارات الأمريكية، بهدف السيطرة على هذا البلد الذي أصابه فيروس الطموح إلى التنمية والاستقلالية، وقد أدى هذا الانقلاب إلى سقوط قرابة ثلاثة ملايين ضحية»[.

      ومن جهته أوضح د. كاظم المقدادي في كتابه الذي صدر عن المجتمع العلمي العربي بعنوان: التلوث الإشعاعي والمضاعفات الصحية لحروب الخليج أن الولايات المتحدة الأمريكية أطلقت على العراق خلال الحربين 1991 و2003 كمية هائلة من ذخائر اليورانيوم، خلفت أكثر من 2200 طنا متري من اليورانيوم المنضب، … يساوي في ذريته ما يعادل 250 قنبلة ذرية، وهو رقم قدره البروفسور Katsuma Yagasaki ، من الهيئة العلمية في جامعة ريوكيوس في أوكيناوا في اليابان[16].

    مع انطلاقة موقع «theintercept »[17] سنة 2014 تلقى الموقع من الموظف المنشق عن وكالة الاستعلامات الأمريكية، إدوارد سنودن، آلاف الوثائق التي توثق جرائم الإرهاب الأمريكية. والتي استعملها كتاب وباحثو الموقع في كتابة سلسلة من المقالات والدراسات التحليلية والتوثيقية التي كشفت عما خلفته حرب الطائرات بدون طيار « Drones» من كوارث. وبعبارة ملطفة، كشفت الوثائق عن أن: «90% من الهجمات لم تصب أهدافها»!! والتي أثارت بدورها منظمة العفو الدولية، ودفعتها إلى مطالبة الكونغرس بإجراء تحقيق حول برنامج «Drones» القاتل. وعلقت مديرة الأمن وحقوق الإنسان فيها، Naureen Shah، بالقول: « إن الوثائق المسربة توفر المزيد من الأدلة الدامغة على أن أوباما واصل نهج سلفه جورج بوش الابن في جعل العالم ساحة حرب، بينما يتهرب من المساءلة»، فيما علق صاحب كتاب: « العيش تحت طائرات بلا طيار»، المحامي عمر شاكر بالقول: « إن الوثائق التي تم نشرها كشفت مدى خطأ اعتقادنا حول برنامج هذه الطائرات».

    يقول الكاتب الإنجليزي Giles Fraser في مقالة له عن « التطرف»، في صحيفة« الغارديان[18] 27/6/2015» البريطانية، بعنوان:«السياسة هي التي تصنع الإرهابيين وليس الدين»، أنه:« إذا كان الإرهاب الإسلامي يتعلق بالسياسة؛ إذن يجب علينا أن نعترف بأن التاريخ الطويل من التدخلات الكارثية الغربية في الشرق الأوسط هو جزء من سبب الرعب الذي لا يزال ينكشف في المنطقة. وبعبارة أخرى: علينا أن نواجه مسؤوليتنا».لكن هل ثمة من هو المعني بتحمل المسؤولية؟ قبل أن يطرح Fraser هذا السؤال؛ كان المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأهداف الإنمائية للألفية، Jeffrey D. Sachs، قد أجاب عليه بطرافة في مقالته « الحرب ضد الإسلام المتطرف[19] 2015/1/15»، والتي كتبها على مقربة من الهجوم على صحيفة « شارلي إبيدو» الفرنسية، قائلا: « نحن في الغرب نكره الاعتراف – بل ويرفض أغلبنا أن يصدق- بأن زعماءنا أسرفوا بشكل صارخ في حصد أرواح المسلمين طيلة قرن من الزمان، في حروب ومواجهات عسكرية لا حصر لها أشعلتها قوى غربية قاهرة لتأكيد وإدامة السيطرة السياسية الغربية على المنطقة». ويضيف: «قبل أن يضرب الإرهاب الإسلامي الغرب بفترة طويلة، كانت المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة تعتمد على الخداع والمغالطات الدبلوماسية، والانقلابات المدبرة، والحروب، والعمليات السرية في الشرق الأوسط لتأكيد وإدامة السيطرة السياسية الغربية على المنطقة».

   لا يبرر Sachs في مقالته « الإرهاب» الذي ضرب الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية، « كانعكاس – بل امتداد- للحروب الدائرة اليوم في الشرق الأوسط»، كما أنه لا ينظِّر له، لكنه ينظر في الخلفيات السياسية له. وعلى خلفية تصريحات رئيس الحكومة الفرنسية، مانويل فالس، الذي قال بأن: « فرنسا تخوض حرباً ضد الإسلام المتطرف»، يقرّ الكاتب: أن «موضوع هذه الحرب، مثلها كمثل أغلب الحروب، ليس الدين والتعصب والأيديولوجيا فحسب، فهي تدور أيضا حول السياسة الجغرافية، ويكمن حلها النهائي في السياسة الجغرافية».صحيح أن: « جرائم كتلك التي شهدتها مدن مثل باريس ونيويورك ولندن ومدريد … تستخف بقيمنا الإنسانية الأساسية وتهينها، لأنها تتضمن القتل المتعمد للأبرياء وتسعى إلى نشر الخوف في كافة أرجاء المجتمع»، إلا أننا: « تعودنا على اعتبارها أفعالا يرتكبها مخبولون ومختلون اجتماعيا»، بل أننا: « نشعر بالاشمئزاز لمجرد التفكير في أنها ربما يكون لها أي تفسير غير جنون مرتكبيها». والحقيقة أن: « الإرهاب في معظم الحالات لا تمتد جذوره إلى الجنون أو الهوس. فهو في الأغلب عمل من أعمال الحرب، وإن كانت حربا يديرها الضعفاء ولا تشنها دول أو جيوش منظمة».

    يتابع الكاتب رصد الموقف على الجهة الأخرى فيقول: « من منظور الجهاديين … تتسم الحياة اليومية بالعنف الشديد. فالموت منتشر، وهو يأتي غالباً مع القنابل والطائرات بدون طيار وقوات الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من القوى الغربية. والضحايا في الغالب هم الأبرياء، أو الأضرار الجانبية الناجمة عن الغارات الغربية التي تضرب البيوت، وحفلات الزفاف، والجنازات، والمناسبات المجتمعيةوالواقع أن الإرهابيين أنفسهم يضفون طابعاً سياسياً على أفعالهم، لكننا نادراً ما نصغي إليهم؛ بل إن كلمات الإرهابيين لا تُذكَر إلا بإيجاز عادة، هذا إن ذُكِرَت على الإطلاق. ولكن الحقيقة هي أن كل الهجمات الإرهابية تقريباً – التي وقعت في الغرب أو ضد سفارات غربية أو موظفين غربيين- كانت مصحوبة برسالة تؤكد أنها رد انتقامي لتدخل الغرب في الشرق الأوسط».

    و «لإنهاءُ إرهاب الإسلام المتطرف» يعتقد الكاتب بوجوب:« إنهاءَ حروب الغرب التي سعت دوماً إلى فرض السيطرة على الشرق الأوسط». ويرى في ذلك فرصة متاحة لاسيما وأن (1) عصر النفط يقترب من نهايته تدريجيا. وحتى (2) الدوافع القديمة الأخرى للتدخل الغربي لم تعد سارية، كحماية طرق التجارة، أو (3) الحاجة لإقامة طوق من القواعد العسكرية لاحتواء الاتحاد السوفياتي. وبالتالي فقد: « حان الوقت لكي يسمح الغرب للعالم العربي بحكم نفسه بنفسه واختيار مساره من دون تدخلات عسكرية غربية. وهناك أسباب مشجعة تجعلنا نعتقد أن الشرق الأوسط العربي – الذي يحكم نفسه ذاتياً- سوف يختار بحِكمة أن يصبح مفترق طرق عالمياً سلمياً»، ليس هذا فحسب بل:« وشريكاً في العلوم والثقافة والتنمية الإنسانية».

    في سياق المسؤولية التاريخية، حيث كانت هجمات باريس مناسبة لإثارتها من قبل بعض الكتاب، قال الأستاذ في العلاقات الدولية بالجامعات الأميركية، غوردون آدامز، في مقالة له بمجلة « فورين بوليسي -18/11/2015»[20]  الأميركية، أن: « التطرف الإسلامي” في فرنسا والشرق الأوسط هو رد فعل “كارثي” على التاريخ، وليس فقط ردا على القصف الجوي الفرنسي لسوريا … هذا التاريخ يفسر مشاعر الفرنسيين المتناقضة تجاه الإسلام وهؤلاء المهاجرين»، فضلا عن أن « فرنسا عاملت مسلميها بشكل سيئ وكانت النتيجة توترا، وعنفا وتطرفا وسط اليمين الفرنسي والنشطاء المسلمين جميعهم» .. وأن « العقل الفرنسي كان انتقائيا في علاقته بتاريخه وقد تنكر للصراع الطويل، والإمبراطورية، والحرب الدينية، والتدخل الاستعماري، وعدم الاحترام، والتمييز العرقي والغزو والتي وسمت العلاقة بين فرنسا والعالم الإسلامي». ورأى الكاتب أن « العنف بين الطرفين سيستمر حتى تواجه فرنسا ميراثها التاريخي العميق من الاستعمار والتحيّز. فبالإضافة إلى مواجهة تنظيم الدولة الآن، فإن فرنسا بحاجة إلى الوعي بتاريخها عن طريق الخضوع للمراجعة العميقة للذات والمراجعة الشاملة لممارستها الحالية مع مواطنيها المسلمين المتمثلة في تهميشهم، وعدم الاهتمام بتعليمهم بشكل كاف، وعدم توظيفهم بالإعمال وتركهم مهيئين للالتحاق بتنظيم الدولة».

   وعلى ذات نهج آدامز، علق السياسي، والناشط الغربي الوحيد الذي زار « الدولة الإسلامية» لمدة عشرة أيام، والرئيس السابق للجنة التسلح في البرلمان الألماني، يورغن تودنهوفر، على هجمات باريس بالإدانة والتضامن مع الضحايا، ورفضه لأي مبرر للإرهاب. لكن « التنديد بالإرهاب ورفض أي مبرر له يستوجب الكشف عن أسبابه والاعتراف بأن حروب الغرب خاصة الغزو الأميركي للعراق وليس الإسلام هي التي تسببت بتأسيس تنظيم الدولة الإسلامية في أكتوبر/تشرين الأول 2003 وفيما قام به التنظيم بعد ذلك من إرهاب». لذا فقد صب تودنهوفر جام غضبه على الغرب والسياسة الفرنسية، مطالبا إياهما بـ: « عدم نسيان أن الغرب مارس القتل لعقود طويلة في الشرق الأوسط، وعذب وقتل ملايين المسلمين من النساء والأطفال»، وملاحظاأن « أغلب الغربيين لم يبدوا اهتماما حقيقيا بكون معظم من قتلتهم دولهم هم مسلمون، في حين يقتل الأميركيون والروس والفرنسيون يوميا أعداد لا حصر لها من المدنيين السوريين»، وأن « الغرب لا يريد الاعتراف بأن ما زرعه من حروب في الشرق الأوسط حصده بعنف ارتد إليه بعقر أوروبا»، وأن « فرنسا تصدرت الصفوف في كل حرب دعا إليها الغرب ضد العالم الإسلامي، وأن مسؤولية ما حدث بباريس لا تقع على المواطنين البسطاء ولا الضحايا الأبرياء الذين سقطوا بالعاصمة الفرنسية وإنما على أشخاص مثل الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي»[21].

     في 25/5/20013، وعلى قناة « BFM»[22] الفرنسية، أيد الفيلسوف الفرنسي، ميشال أونفري، إعلان المجاهدين إقليم أزواد المالي إمارة إسلامية تطبق الشريعة. وفي نفس الوقت رفض الغزو الفرنسي للبلاد. متسائلا وموضحا: « لماذا لدينا مشكل مع الإرهاب؟ المسلمون ليسوا حمقى.. أقصد نحن نخوض حروبا ضدهم في أفغانستان مثلا، وفي مالي نجعل حياتهم مستحيلا، نقوم بمجازر هناك، نقتلهم بالعشرات أو بالمئات، وفي نفس الوقت  نريد منهم أن يكونوا طيبين. هم ليسوا طيبين وحُقَّ لهم ذلك. ما دمنا في حرب نصرة للعلمانية، بحجة أن الإسلام لا يناسبنا أو أن الإسلام  يشكل خطرا .. سياسيا ليس لدينا أي حق في فرض القانون على الآخرين». وفي أعقاب هجمات باريس، كتب تغريدة تقول: « اليمين واليسار اللذين زرعا في الخارج الحرب على الإسلام السياسي، يحصدان في الداخل حرب الإسلام السياسي. وفي « مقابلة تلفزيونية23/11/2015»، قال: « أنا لا أدافع عن تنظيم الدولة، لكن فرنسا انتهجت سياسة يقدمها التنظيم على أنها مماثلة لسياسة الصليبيين»، وأن باريس « اصطفت بعض الشيء خلف (الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش أثناء غزو العراق». وبسبب ما تعرض له من انتقادات حادة بسبب تصريحاته، رد أونفري قائلا: « أنا مواطن فيلسوف يعتبر أنه يجب إنقاذ السلام ..  عملي كفيلسوف يقوم على وضع الأمور في نصابها»[23].

   وفيما يلي نماذج متنوعة من الشهادات الأمريكية والبريطانية تجاه الإسلام والعالم الإسلامي:

  • شهادة الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك[24]

    خلال مؤتمر « الديمقراطية الآن»، وبالتحديد في 2/3/2007، كان القائد العام السابق للقوات الأمريكية في أوروبا، والقائد العام لحلف الناتو 1997 – 2001، وأحد المرشحين الديمقراطيين لسباق الرئاسة سنة 2004، الجنرال ويسلي كلارك، على موعد مع مقابلة تلفزيونية مثيرة كشف فيها عن مذكرة تظهر أن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الابن، خططت للسيطرة على سبع دول في ظرف خمس سنوات، هي العراق وسوريا ولبنان وليبيا والصومال والسودان وإيران. وفي شهادته يقول:

] حوالي عشرة أيام بعد أحداث 11/9، ذهبت إلى وزارة الدفاع. وبعد أن قابلت دونالد رامسفيلد وائبه بول ولفويتس، هبطت إلى الطابق الأسفل لمقابلة بعض الأشخاص الذين كانوا تحت إمرتي.

 أحد الجنرالات ناداني قائلا: سيدي؛ عليك القدوم والتحدث معي لفترة وجيزة.

 قلت له لكنك مشغول.

 قال: لا لا. لقد اتخذنا قرار خوض الحرب على العراق. كان هذا في حوالي 20/9.

قلت له … لماذا؟ قال: لا أدري!!! ثم قال: أظن أنه ليس لديهم ما يفعلوه غير هذا.

 قلت له: هل وجدوا أي دلائل تربط صدام حسين بالقاعدة؟

 قال: لا .. لا جديد في هذا! ولكنهم بكل بساطة قرروا الحرب على العراق. ثم قال: ولكن أظن أننا لا نعلم ماذا نفعل مع الإرهاب. ولكن عندنا قوة عسكرية قوية، ويمكننا إسقاط الأنظمة. ثم قال: وأظن أن الأداة الوحيدة التي لدينا ( القوة العسكرية) هي مطرقة، وكل مشكلة يجب أن تبدوا وكأنها مسمار.

يتابع الجنرال كلارك القول: عدت لرؤيته بعد عدة أسابيع، وفي ذلك الوقت كنا قد بدأنا القصف الجوي في أفغانستان، وقلت له: هل لا نزال على قرارنا بالحرب على العراق؟

 قال: بل أسوأ. ثم انحنى على مكتبه، وتناول مذكرة، وقال: لقد استلمت هذه، من على الأرض، من كتب وزير الدفاع. ثم قال: هذه مذكرة تصف كيف علينا أن نحتل 7 دول في مدة خمس سنوات، نبدأ بالعراق، سوريا، لبنان، ليبيا، الصومال، السودان، ثم ننتهي في إيران»[.

  • رأي مايكل شوير[25]

    في14/12/2011، كان مايكل شوير، الذي سبق وتولى وحدة مطاردة بن لادن قبل حلها، ضيفا على قناة روسيا اليوم، وتلقى من المذيعة سؤالا مباشرا هو: « لقد ذهب بن لادن. فمن هو عدو واشنطن رقم واحد الآن؟»، فكانت الإجابة مباشرة: ]« عدو واشنطن غير موجود. نحن نحارب عدو إسلامي تؤمن واشنطن أنه يريد قتلنا، لأن عندنا انتخابات ولأننا أحرار ولأن عندنا نساء في مناصب عليا. بل أنه .. لم يوجد حتى عندما كان بن لادن حيا، ولا يوجد الآن». أما لماذا هوجمت أمريكا؟ فـ « بسبب سياساتها الخارجية في العالم الإسلامي، وبسبب دعمها لإسرائيل، وبسبب دعمها للدولة السعودية البوليسية، وبسبب تواجدها في الجزيرة العربية. وإلى أن نقبل بهذا، وإلى أن يقول الأمريكيون لبعضهم البعض: سواء دعمنا إسرائيل أم لا، فإن علاقتنا بإسرائيل هي التي سببت لنا هذه الحرب، ولن نتمكن من أن نهزم هذا العدو».

    لكن « إسرائيل، بحد ذاتها كدولة ليست هي المشكلة. المشكلة الحقيقية هم زعماء وقادة الجالية اليهودية الأمريكيين في المجتمع الأمريكي، والذين يؤثرون ويفسدون الكونغرس الأمريكي، وذلك لحثهم على دعم إسرائيل, بينما ليست لنا أي مصالح هناك. لذا: « فالمؤسسة السياسية الأمريكية واقعة بين أمرين اثنين. الأمر الأول: هم يدعمون إسرائيل بتطرف. الأمر الثاني: هم مثل الماركسيين يؤمنون بأن الديمقراطية وانتشار الديمقراطية أمر حتمي لا مفر منه في جميع الأماكن، ولجميع الناس، وفي جميع الأوقات. لذا هم بحاجة إلى حماية إسرائيل، ولكن ليس باستطاعتهم أن يقولوها واقعا. على سبيل المثال: لن يكون هناك ديمقراطية في تونس أو ليبيا أو مصرن تشابه الديمقراطية التي تمارس لدى الغرب. ما فعلوه هو خلق حالة من الفوضى. لقد خلقوا وضعا؛ الوحيدون الذين استفادوا منه هم الإسلاميون. الأسلحة النارية التي طارت وحلقت خارج مصر أو خارج تونس أو خارج ليبيا، وتلقفتها أيادي الإسلاميين، كانت أعدادها كبيره. والسجون التي فتحت في مصر وتونس وليبيا قد أعادت تشكيل الجماعات الإسلامية في أنحاء العالم. لذا سعيهم المجنون إلى نشر الديمقراطية العلمانية بدون تفكير أو وعي في نهاية المطاف قد أدى إلى تهديد الاستقرار في كامل المنطقة وربما كل العالم. الحقيقة أن السياسة الخارجية لأمريكا والغرب لإدارة مصالحهم في الشرق الوسط قد اعتمدت ولخمسين عاما على الطغيان والطواغيت. الطغيان الذي منحنا طريقا للنفط، والطغيان الاستبداد الذي حمى إسرائيل، وفي آخر عشرين سنة ( ابتداء من 1990) الطغيان الذي اضطهد الإسلاميين لحمايتنا. كل هذا الطغيان والمكر سيذهب إلى جانب الطريق، ويصبح سدى»[.

  • رأي توني بلير، رئيس حكومة المملكة المتحدة الأسبق[26]

    كعادته في الترويج للحروب والعداء والتحريض، قدم توني بلير أطروحة تدعوا إلى مصالحة بين رموز النظام الدولي للتفرغ لمواجهة الإسلام. وفيما يلي تصريحات له في 29/9/2014، يقول فيها: « إن منطقة الشرق الأوسط، بما يحيط بها من مناطق كباكستان وأفغانستان وشمال أفريقيا .. كل هذه المناطق تغلي، ولا يلوح في الأفق أي حل أو استقرار .. وكل عدم الاستقرار هذا بسبب إسلام سياسي متطرف وعنيف .. أيديولوجية مشوهة، تنمو وتنشر عدم الاستقرار، وتنسف مفهوم العيش المشترك مع الآخرين .. إسلام يهدد المجتمعات والدول .. إسلام يهدد استقرار العالم .. ومع كل هذا نبدو عاجزين عن التصدي له». لذا، والكلام لبلير، فإن: « رسالتي اليوم أننا يجب أن نتوصل لحلول لكل مشاكلنا مع

الصين وروسيا لكي نتصدى لهذا العدو المشترك والخطر الداهم».

  • حرب السيناتورة الأمريكية، ميشيل باكمان والسيناتور Rick Santorum

     كانت أصرح المتحدثين والمتحدثات في الحرب على الإسلام. ففي كلمة لها أمام مؤتمر « قمة الناخبين – 26/9/2013»، في قاعة عجت بالحضور، دافعت السناتورة باكمان، صاحبة مقولة « إسرائيل هي حقا فكرة الرب»، عن المنصِّرين والأقليات في العراق، لاسيما الأقلية اليزيدية في بلدة سنجار. ومن نافذة « التيارات الجهادية»، أعلنت حربها على الإسلام: « هناك جهاديون يؤمنون بتلك الأيديولوجية المتطرفة التي تؤمن أن الموت في سبيل الإسلام يدخلهم الجنة .. هذه حرب روحية. وما نحتاج عمله هو أن نهزم الجهاد الإسلامي. نعم وللأسف نعم. للأسف رئيسنا لديه الوصفة الخطأ، لذ فشل حتى في إدراك دافعهم في الجهاد. ثم  وجهت كلامها للرئيس الأمريكي، باراك أوباما، قائلة: نعم سيدي الرئيس، إنه الإسلام»[27]. ومن نافذة إعلان « الدولة الإسلامية» للخلافة في 29/6/2014، وبقطع النظر عن أي موقف مؤيد أو معارض أو متحفظ، رأى السيناتورSantorum  في الإعلان خطرا يهدد الغرب، ما لم يتم اعتراض الإعلان في العالم الإسلامي: « ما أريد قوله أن ألف سنة من حرب الغرب على الإسلام لم يتمدد مطلقا، فعندما ينكمش الإسلام فإنه ينهار، ويتم القضاء على الخلافة. لكن الآن هم أنشؤوا الخلافة، ويظهرون جديتهم في توسيعها. فإذا لم نقم بعمل على الأرض، ونجعل الخلافة لا صلة لها بالعالم الإسلامي، أو العالم الإسلامي

 المتطرف، سيكون لدينا مشكلة كبيرة جدا»[28].

    سواء كانت هذه الشهادات معادية أو من منصفين أو اعترافات بلسان «عقلاء الغرب»، فإن المشهد الذي تشي به، والأكثر ثباتا ورواجا، هو ذاك العداء المستحكم الذي حوله « الغلاة الغربيون» إلى استثمار مؤسساتي ناجح في تعميم ما بات يعرف بـ «فوبيا الإسلام». وهي ظاهرة نمت وترعرعت على وقع « الجهل في الإسلام». هذا ما يراه كاتب مجلة « التايم» الأمريكية، هارون موغل. فقد كتب مقالة اعتبر فيها الجهل « سبب تمكن إدارة بوش من إقناع الجمهور الأميركي المتخوف من الإسلام … بالحرب على العراق، خاصة بعد أن صار يُنظر لظاهرة الإسلاموفوبيا على أنها تشكل تهديدا وجوديا للحضارة الغربية»، وبحسبهفرغم أن: « أميركا تعاني مشاكل من بينها (1) عدم المساواة في الدخل، و (2) انهيار البنية التحتية، و (3) الديون الطلابية، و (4) الفقر في مرحلة الطفولة، و (5) العنصرية الممنهجة»، إلا أن « (6) المشكلة الكبرى تتمثل في استمرار المتاجرة بفكرة أن التهديد الأكبر للولايات المتحدة هو التطرف الإسلامي، وأن المسلمين حول العالم إرهابيون محتملون»[29].

    المهم أن هؤلاء المستثمرون « الغلاة» هم ذاتهم الذين شرعوا في استثمار آخر صار يعرف بـ « فوبيا الدولة»، والذي ظهر بعد سيطرة « الدولة الإسلامية» على مدينة الموصل العراقية في 1/20140/6. والحديث في هذا السياق يدور عن مؤسسات لا هدف لها إلا تشويه الإسلام والمسلمين وتعميق الثقافة المعادية لهم خاصة في الولايات المتحدة. ومن جهته قدم الكاتب Dean Obeidallah قائمة بأسماء عدد من المؤسسات والناشطين والناشطات في مقالته المعنونة في بـ:« تشويه صورة المسلمين أصبح وظيفة مربحة»في«الديلي بيست[30] – 8 /5/2015». وفيما يلي نوجز ما ورد فيها من بيانات نقلها الكاتب عن عدة مصادر:

  • ] باميلا جيلر، ناشطة مؤيدة لـ «إسرائيل»،وهي التي نظمتمسابقة الرسوم الكرتونية للرسول، r بحضور النائب الهولندي العنصري، كيرت فيلدر، كضيف شرف.وتعمل في مؤسستهاالخاصة المسماةبـ« مبادرة الدفاع عن الحرية الأمريكية»، وتم تأسيسها، كما هو في الإقرارات الضريبية لمواجهة: «الخيانة التي يرتكبها المسؤولون الحكوميون على المستوى الوطني، والمحلي، وفي الولايات، ووسائل الإعلام، وغيرهم؛ في الاستسلام لحركة الجهاد العالمي والتفوق الإسلامي». والمؤسسة مجموعة مدرجة في قائمة مركز الجنوب الحقوقي لدراسة الفقر باعتبارها «منظمة معادية للمسلمين». في عام 2013، ذكرت تقارير أن إجمالي إيرادات منظمة جيلر وصل إلى 958،800 ألف دولار، وتتلقى منها راتبًا أساسيًا يصل إلى 192،500 ألف دولار بالإضافة إلى 18،750 ألف دولار كدخل إضافي.
  • فرانك جافني، الضيف الدائم في قناة « فوكس نيوز»، هو أحد قادة الحركة المعادية للمسلمين، والعقل المدبر الرئيس للادعاء بأن المسلمين يريدون فرض الشريعة الإسلامية في جميع أنحاء أمريكا. وقال جافني: « إنّ إعطاء الأمريكان المسلمين إجازة من العمل لقضاء العطلات الإسلامية هو شكل من أشكال فرض الشريعة». وأفادت تقارير بأنّ «مركز جافني للسياسة الأمنية»تلقى تبرعات من مؤسسة« سكيف» بأكثر من 3 ملايين$، محققا أرباحًا بقيمة 3.2 ملايين دولار سنة 2012. وباعتباره رئيس المركز، فقد دفع جافني لنفسه 300 ألف دولار سنويًا لعمله في تشويه صورة المسلمين.
  • ديفيد هورويتز، وهو الرجل الذي وصفه مركز الجنوب الحقوقي لدراسة الفقر بأنّه «الأب الروحي للحركة الجديدة المعادية للمسلمين»، يرأس « مركز الحرية»، وينشط فيمهاجمة الطلاب المسلمين في الجامعات وتهميشهم. ويمتد نشاطه العنصري ضد السود.وتلقى المركز « تبرعات من مؤسسة هاري برادلي ومؤسسة سكيف بقيمة خمسة ملايين$». وفي سنة 2013 حقق إجمالي أرباح أكثر من 7.2 مليون$ دولار، وكان راتب هورويتز 525 ألف دولار. كما يدفع راتبًا مجزيًالـروبرت سبنسر، أحد أشهر كارهي المسلمين، بقيمة 167 ألف دولار في السنة.
  • §       بريجيت غابرييل، الضيفة الأساسية في قناة « فوكس نيوز»، التي تشوه صورة المسلمين في كل منعطف. وتدير منظمة « افعل من أجل أمريكا؟!» وبحسب الإقرارات الضريبية للمنظمة لسنة 2012، فقد « كانت تحصل على راتب أساسي بقيمة 132 ألف دولار، ومكافآت بقيمة 84،090 ألف دولار». قال عنها مركز الجنوب الحقوقي لدراسة الفقر إنّها جزء من «الدائرة الداخلية المعادية للمسلمين». وهي صاحبة المقولات التقليدية المعادية للإسلام مثل: « تم اختراق أمريكا على جميع المستويات من قِبل (المتطرفين) الذين يرغبون في تدميرها. لقد تسللوا إلينا في وكالة الاستخبارات المركزية، وفي مكتب التحقيقات الفيدرالية، وفي وزارة الدفاع، وفي وزارة الخارجية».وقولها أيضا بأنّ: «عشرات الآلاف من المقاتلين الإسلاميين يقيمون الآن في أمريكا … ويذهبون إلى الكليات والجامعات، بل ويعملون في الحكومة».

   ينقل الكاتب عن محلل سياسي سابق في مركز التقدم الأمريكي والرئيس الحالي لمؤسسة السلام في الشرق الأوسط، مات دس، الذي شارك في كتابة تقرير صدر في فبراير بعنوان: « مؤسسة الخوف»، الذي يحقق في شبكة الإسلاموفوبيا في أمريكا ويتتبع الأموال المستخدمة لدعم اللاعبين الرئيسين، قوله أن: « تشويه صورة المسلمين أصبح صناعة مربحة للمتعصبين ضد المسلمين». « إذ يتم إنفاق عشرات الملايين من الدولارات في هذه الصناعة». وفيما يتعلق بتمويل هذه المؤسسات يرى دس بأن: « مجموعة من الممولين المحافظين والمتشددين يرون أنّ هناك فائدة سياسية من إثارة المخاوف والشكوك بين مواطنيهم الذين هم من المسلمين الأمريكان». ومن جهته يخلص الكاتب إلى القول بأن أنشطة هذه المنظمات « مربحة للغاية»[.


[1] الرئيس الأمريكي،جورج بوش الابن: « إعلان الحرب الصليبية عام 2001»، 28/12/2001، على موقع « يوتيوب»، على الشبكة: http://cutt.us/ephGV

* كان هذا واضحا في تصريحات الرئيس الأمريكي حتى قبل انعقاد القمة بنحو أسبوعين حين علق قائلا بأن: « أعمال العنف التي وقعت مؤخرا في باريس وباكستان وسوريا وأماكن أخرى في أنحاء العالم تظهر أن العقيدة والدين يمكن تحريفهما لاستخدامهما سلاحا». راجع: « أوباما: تنظيم الدولة يرتكب أعمالا همجية باسم الدين»، 5/2/2015، موقع « رويترز»:  http://cutt.us/kqqp

[2] « ساركوزي لا يريد أن يصلي الناس في الشارع بصورة طاغية»، 11/02/2011، قناة« france24» الفرنسية: http://cutt.us/29Zk7

[3] « فرنسا تدعو لـ ” إسلام مستنير” بمواجهة “التشدد”»، 30/11/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/pP6tx

[4] « استياء لمنع تدريس العربية والتركية بمدينة فرنسية»، 19/2/2016، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:             http://cutt.us/MII8o

[5] « أوباما: تنظيم الدولة يرتكب أعمالا همجية باسم الدين»، مرجع سابق.

[6] « صحف أميركية تدعو لحملة فكرية ضد التطرف العنيف»، 19/2/2015، موقع« الجزيرة نت»:  http://cutt.us/yUtNN ومن باب التذكير فإن الصحيفة، كغيرها من الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية ونخبة السياسيين والكتاب والأكاديميين،  =

=   رفضوا  استبدال مصطلح « الإرهاب الإسلامي» بمصطلح « التطرف العنيف» الذي استعمل لكسب تأييد أكبر قدر من المسلمين في الحرب على الجماعات الجهادية المسلحة.

[7] « انتقادات لأوباما وتحذير من حرب طويلة على تنظيم الدولة»، 4/10/2014، موقع « الجزيرة نت»: http://cutt.us/6D7fD

[8] تقرير مؤسسة «RAND » الأمريكية: «راند: الإسلام الحداثي أكثر لياقة»، ترجمة وتحرير: شيرين حامد فهمي، ١٨/3/2004، تقرير « مركز الكاشف للدراسات الإستراتيجية»، على الشبكة: http://cutt.us/Fz6TD

[9] « مرشح أميركي يتعهد بإغلاق المساجد»، 22/10/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/m4r

[10] « ليبرمان يعترف باستحالة نزع سلاح غزة»، 7/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/BU6gA

* غارودي (روجيه).- « الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» – بيروت، لبنان – عطية للنشر والترجمة والتأليف – الطبعة الثانية / تموز، يوليو 1996.

[11] « الكنيسة الروسية: بلادنا تقود “معركة مقدسة” في سوريا»، 30/9/2015، موقع« العربية نت»، على الشبكة:http://ara.tv/8sp99 لاحظ أيضا تعقيب قناة « الرافدين» العراقية على تصريحات الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وقادة الغرب والشرق وحتى الرافضة في حربهم على الإسلام: « بعد تصريحات الكنيسة الروسية .. هل عادت الحروب الصليبية؟»، 1/10/2015، موقع « يوتيوب»، على الشبكة: http://cutt.us/mg6ir

[12] « بوتين ينتقد “أسلمة تركيا” وأنقرة متمسكة بموقفها»، 25/11/2015، موقع الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Ag79w

[13] « أردوغان: الأسد وداعموه يُموّلون تنظيم الدولة»، 26/11/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/qiHcw

[14] Sufyan bin Uzayr« الغرب يخاف من هيمنة الإسلام لذلك يستمر في اتهامه بحرب الجميع»، 6 /5/ 2015، موقع مجلة « فورين بوليسي»: http://cutt.us/WfY4A

[15] « تشومسكي يتحدث لـ لوتون السويسرية عن الإرهاب الغربي»، 15/6/2015، ترجمة موقع « عربي21»: http://cutt.us/TIIGF

[16] « اليورانيوم الذي ألقي بالعراق يساوي 250 قنبلة ذرية»، 19/11/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/QUvlz

[17] في هذه الصفحة على الموقع يمكن متابعة حرب « Drones»:  https://theintercept.com/

[18] Giles Fraser: « السياسة هي التي تصنع الإرهابيين وليس الدين»، 27/6/2015، موقع صحيفة « الغارديان» البريطانية: http://cutt.us/FO5kO

[19] Jeffrey D. Sachs، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأهداف الإنمائية للألفية: « الحرب ضد الإسلام المتطرف»، 2015/1/15، موقع « بروجيكت سينديكيت»http://cutt.us/N99iQ

[20] « فورين بوليسي: هجمات باريس وليدة التاريخ»، 18/11/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Y77U

[21] « تودنهوفر: حروب الغرب سبب إرهاب تنظيم الدولة»، 18/11/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/0rZKb

[22] « الفيلسوف الفرنسي ميشال اونفري في لقاء قبل الأحداث الأخيرة يعترف بأن المسلمين على حق وصواب»، 25/5/2013، قناة«BFMTV» الفرنسية، موقع« يوتيوب»، على الشبكة:http://cutt.us/fNNen

[23] « غضب بفرنسا من فيلسوف انتقد الحرب على الإرهاب»، 25/11/2015، موقع « الجزيرة نت، على الشبكة: http://cutt.us/ibYi

[24] « شهادة الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك»، مقابلة مع الصحفية Amy Goodman، موقع « يوتيوب – 20/3/2011»، على الشبكة: http://cutt.us/RVZqu، وكذلك رابط آخر بعنوان:  «gegen den Irak, Iran, Syrien und Libyen seit langem geplant»: http://cutt.us/DpcGJ

[25] شهادة مايكل شوير: « الحرب على الإسلام»، مقابلة قناة « روسيا اليومRT»، 14/12/2011، موقع« يوتيوب»، على الشبكة:http://cutt.us/wn2mx

[26] « توني بلير يدعو من لندن إلى حرب صليبية ضد الإسلام»، 29/4/2014، موقع« يوتيوب»، على الشبكة: http://cutt.us/RGci

[27] « السيناتورة ميشيل باكمان تعلن أن الحرب على الإسلام وليست على تنظيم الدولة فقط»، 29/9/2014، موقع« يوتيوب»، على الشبكة:http://cutt.us/LtTh1

[28] السيناتور Rick Santorum، قناة « فوكس نيوز»، على موقع « يوتيوب – 1/3/2015»، على الشبكة: http://cutt.us/UdTpO

[29] « الإسلاموفوبيا تدمر أميركا.. لكن كيف؟»، 28/2/2016، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/E21D3

[30] Dean Obeidallah: « تشويه صورة المسلمين أصبح وظيفة مربحة»، 8 /5/2015، موقع « الديلي بيست»:http://cutt.us/zMtR4

(المصدر: رسالة بوست)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى