اختلف المسلمون سياسيًّا.. فكان الجواب دينيًّا

اختلف المسلمون سياسيًّا.. فكان الجواب دينيًّا

بقلم عدي قاقيش

ما إن وصل شهر رمضان المبارك إلى اليوم التاسع والعشرين، حتى رفع المسلمون السيوف في وجوه بعضهم، لكن هذه السيوف كانت من خلال الاختلاف في موعد إعلان عيد الفطر المبارك.

حيث أعلنت كل من تركيا والسعودية وقطر والإمارات والبحرين والجزائر والكويت أن يوم الثلاثاء 4 يونيو (تموز) 2019 عيد الفطر المبارك، حيث يختتم رمضان بـ29 يومًا، بينما أعلنت كل من الأردن ومصر وفلسطين وتونس والسودان وماليزيا وإندونيسيا واليابان والصين وليبيا وسوريا أن رمضان ثلاثون يومًا، بينما لبنان والعراق واليمن انقسمت بحسب طوائفها حيث أعلن السنة أن رمضان تسعة وعشرون يومًا بينما الشيعة توافقوا مع إيران التي أعلنت أن الأربعاء هو أول أيام العيد والتي كانت قد أعلنت الصيام بعد أغلب الدول الإسلامية بيوم أي أنها تكون قد صامت 29 يومًا وليس 30 يومًا كدول السنة التي خالفت السعودية.

هذه الاختلافات التي شاهدناها لم تكن أبدًا دينية ولو بنسبة 1%، لكنها كانت نتاج تأثيرات سياسية بحتة، حيث نجد أن كثيرًا من الدول العربية تفردت في قرارها في مراقبة الهلال ومشاهدته دون الرجوع للسعودية كما هو العرف المتبع عندها، ويأتي هذا التأثر بالدرجة الأولى بسبب السياسات السعودية في الفترة الماضية التي تعارضها كثير من الدول وكذلك الخلافات السياسية مع الدول الأخرى.

تركيا التي تتبع المراقبة الفلكية في مراقبة الهلال سواء في بدء رمضان أو في إعلان العيد، حيث أعلنت تركيا منذ أسبوع أن رمضان 29 يومًا حيث يصادف العيد يوم الثلاثاء، وتبعتها بذلك قطر، السعودية ترى في أن تركيا تنافسها على زعامة العالم الإسلامي تأثرًا بالخلافة الإسلامية العثمانية، وأن تكون هي من تصدر مواعيد عيد الفطر وهذا لا يتماشى مع السياسة السعودية، حيث أعلنت السعودية أنها رأت هلال شوال في مرصد تمير ولم تشاهده في باقي مراصدها لمراقبة الهلال وبذلك أعلنت بداية شهر شوال معلنةً بذلك موعد عيد الفطر.

الأردن الذي لم يختلف يومًا في إعلانه بداية رمضان ونهاية رمضان مع المملكة العربية السعودية، حتى في السنوات التي اعترفت فيها السعودية أن الصيام أو العيد لم يكن صحيحًا، كانت على الدوام مع القرار السعودي في هذا الموضوع، لكن السعودية التي تعمل على تمرير صفقة القرن وتعمل للضغط على الأردن لقبول الصفقة مقابل مبالغ مالية كبيرة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وغيرها من الشروط كنزع الوصاية الهاشمية عن المقدسات في القدس، وفي ظل تخلي السعودية عن الأردن في أزمتها الاقتصادية، حيث أعلنت الأردن مرارًا وتكرارًا عدم قبولها الصفقة والتوطين والمساس بالمقدسات في القدس، مما يعني بالنسبة للعربية السعودية تحديًا لها وعدم الوقوف بصفها في إنهاء القضية الفلسطينية «لصالح الاحتلال الصهيوني»، قامت دائرة الإفتاء الأردنية بمراقبة هلال شوال وأعلنت عن عدم التمكن من رؤية هلال شوال مما يعني تأجيل العيد ليوم آخر واليوم الـ30 هو المتمم لشهر رمضان.

كذلك اتضحت معالم الخلاف السياسي دينيًا والذي كان واضحًا وضوح الشمس في كل من العراق واليمن ولبنان، حيث أعلنت الطوائف السنية في هذه الدول أن رمضان 29 يومًا بما يتوافق مع السعودية، والطوائف الشيعية ذهبت للجانب الإيراني الذي أعلن العيد الأربعاء.

إذًا رمضان 2019 اعطى صورة واضحة لا تشوبها شائبة لخلافات المسلمين فيما بينهم، لكنهم أعلنوا هذه الخلافات من خلال الجانب الديني، هذه القرارات أعلنت حجم الخلاف الكبير الذي يعانيه المسلمون فيما بينهم، هذا الخلاف الذي يزداد يومًا تلو يوم.

المسلمون الذين اجتمعوا قبل أيام في مكة حيث أعلنوا عن وحدة الصف ونبذ الفرقة وتوحيد الخطاب السياسي، ما هو إلا نفاق سياسي يخفي تحته جملًا عظيمة من الخلافات، وهذا ما يرشدنا إلى أن ما تم الحديث عنه عن وحدة الصف والوقوف ضد من يتدخل في شؤون الدول الإسلامية وموقفهم الثابت من القضية الفلسطينية وصفقة القرن، ما هو إلا كذب ونفاق لا يقترب من الصدق في شيء.

(المصدر: ساسة بوست)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى