تقارير وإضاءات

لماذا سمِّي اتفاقُ التطبيعِ بين الإماراتِ ودولةِ يهود بالاتفاق الإبراهيمي “أبراهام”

لماذا سمِّي اتفاقُ التطبيعِ بين الإماراتِ ودولةِ يهود بالاتفاق الإبراهيمي “أبراهام”

أ. د. حسام الدين عفاتة

لماذا سمِّي اتفاقُ التطبيعِ بين الإماراتِ ودولةِ يهود بالاتفاق الإبراهيمي “أبراهام”
يقول السائل: ما قولكم فيما تداولتهُ وسائلُ الإعلام من تسميةِ اتفاقِ التطبيعِ بين الإماراتِ ودولةِ يهود بالاتفاق الإبراهيمي “أبراهام”، أفيدونا؟
الجواب:أولاً: “الاتفاق الإبراهيمي” هو الاسم الذي اختير عنواناً لاتفاقية التطبيع بين الإماراتِ ودولة يهود، الذي وقع يوم الخميس 13/8/2020م، حيث أعلن الرئيس الأمريكي ترامب أن اتفاق السلام بين إسرائيل والإمارات سيتم تسميته ” الاتفاق الابراهيمي”.
ووضح السفير الأمريكي لدى دولة يهود ديفيد فريدمان الأسباب التي تكمن خلف تسمية الاتفاق “بـالاتفاق الابراهيمي” بأنه جاء تيمناً بسيدنا إبراهيم أبو الديانات الكبيرة كلها، حيث قال فريدمان:” إن إبراهيم هو أبو الديانات الثلاث، فهو يمثل القدرة على التوحيد بين الديانات العظيمة الثلاث”. mubasher.aljazeera.net/news
https://www.alquds.co.
كما أن دولة يهود تُطلق على هذه المُعاهدة اسم اتفاق إبراهيم أو اتفاقيات أبراهام وبالعبرية: (הסכם אברהם) نسبةً إلى النبي إبراهيم، باعتباره شخصيةً محوريةً في الأديان السماوية الثلاث الرئيسية في العالم، وهي الإسلام والمسيحية واليهودية.
وقد ورد النصُّ على ذلك في البند السادس من الاتفاق المذكور: [التفاهم المتبادل والتعايش: يتعهد الطرفان بتعزيز التفاهم المتبادل والاحترام والتعايش وثقافة السلام بين مجتمعيهما بروح سلفهم المشترك إبراهيم]ثانياً: اقترحت صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية اليمينية أن يقيم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو صلاةً مشتركةً في المسجد الأقصى المبارك مع ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، أو مع رئيس الوفد الإماراتي الذي من المقرر أن يزور دولة يهود.
وهذا المقترح تجسيدٌ لما ورد في اتفاق التطبيع من الإقرار بـحق اليهود بالصلاة في “جبل الهيكل”، وهو المصطلح الإسرائيلي المزعوم للمسجد الأقصى المبارك.
وهذا المقترح بإقامة صلاة مشتركة في المسجد الأقصى جاء بناءً على بندٍ تضمنه الاتفاق يقضي بإنشاء مكان عبادة للديانات السماوية الثلاث، تحت مسمَّى “البيت الإبراهيمي”.
يقول الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين:[ إن الترويج هذه الأيام والحديث كثيرًا عمَّا يُسمَّى “البيت الابراهيمي” وهو المعبد الذي بناه محمد بن زايد ويضم مسجدًا وكنيسًا وكنيسةً، حيث يصلي المسلمون والمسيحيون واليهود تحت سقفٍ واحدٍ لربٍ واحدٍ كما افتخر ابن زايد.
إن هذا هو الخبثُ والمكرُ بعينه، حيث يُراد خلقُ نموذجٍ وتهيئته للقبول بأن تكون ساحاتُ المسجد الأقصى المبارك تتسعُ لمسجدٍ وكنيسٍ يصلي فيه المسلمون واليهود على سطحٍ واحدٍ لربٍ واحدٍ!
لقد قال كوشنير: إن من ثمار اتفاقية السلام بين اسرائيل والإمارات استطاعةُ المسلمين الوصولَ للصلاة في المسجد الأقصى، لكنه لم يفصل بالقول أنه المسجد الاقصى في القدس عاصمة اسرائيل الأبدية والموحدة]ثالثاً: مكانُ العبادة المشترك هذا في ساحات المسجد الأقصى المبارك، إنما هو استحضارٌ لنموذج “بيت إبراهيم” الذي يجري بناؤه في أبو ظبي في الإمارات، وسيشمل مسجداً وكنيساً وكنيسةً، وبزعم من أمر بالبناء فإن كل أبناء سيدنا إبراهيم سيصلون في مجمعٍ واحدٍ، لربٍ واحدٍ!؟
[والبيت الإبراهيمي الذي بدأت الإمارات ببنائه منذ مدة، حيث سيضم مسجداً للمسلمين وكنيسةً للمسيحيين ومعبداً لليهود، هذا المبنى صممه المهندس المعماري البريطاني ديفيد أدجاي، الذي قال: إنه سيتم توجيه المسجد نحو الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وسيتجه مذبحُ الكنيسة شرقًا نحو الشمس، وسيواجه المنبر اليهودي والتوراة القدس. وسيكون مكاناً للتعليم والحوار والعبادة للجميع.
وقد روج مفسرُ الأحلام وسيم يوسف على وسائل التواصل الاجتماعي “للبيت الإبراهيمي”. ونشر صورةً ”البيت الإبراهيمي” مرفقاً بتعليق قال فيه: “البيت الإبراهيمي” بيتٌ مكونٌ من ثلاثة أقسام يجمعُ الإخوةَ من صُلبِ آدم، ويحوي على معبدٍ لليهود وكنسيةٍ للمسيحيين ومسجدٍ للمسلمين. أبو ظبي تُجسدُ التعايشَ والتسامحَ في الإمارات. أبو ظبي جعلت من التسامح والتعايش حقيقةً علميةً وطبقتها على أرضها، بيتٌ سيزعج أهلَ الظلام ومن معهم” هكذا قال هذا الدَّعيُ المرتزق.
وزعمه أن “البيت الإبراهيمي” يجمع الإخوة من صلب آدم!؟ من أعظم الفرية على الله عز وجل، إذ يقول تعالى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } سورة آل عمران الآية 67.
يقول محمود رفعت الخبير بالقانون الدولي: [مشروع المسار الإبراهيمي تعمل عليه أمريكا وإسرائيل ليحل محلَّ سايكس-بيكو ومحاوره. وإزالة قدسية مدن مثل مكة، ومحو الهوية الدينية والقومية، وجعل الانتماء فقط للعمل وللرفاهية. ويحكم المنطقة المتفوق تكنولوجيا أي إسرائيل.] shms.ps/post/106453
ولا شك أن طرح هذه التسمية “البيت الإبراهيمي” إنما هو لتمرير اتفاق التطبيع، والسعي لإقناع دول أخرى للهرولة نحو التطبيع مع دولة يهود، التي لطالما كانت تسعى لذلك وعملت بكل الطرق والوسائل لأكثر من سبعة عقود، وقد جاءت الإمارات وتطبيعها بهذا الحلم الذي قال عنه نتنياهو: لطالما سعينا وراء ذلك، ولكن كان لدينا قناعةٌ بأنه سيأتي يومٌ ونحقق ذلك] khbrpress.ps/post
إن تكريس فكرة “الإبراهيمية” يعني القضاء على القضية الفلسطينية، وعلى حقوق المسلمين في المسجد الأقصى المبارك. وقد كانت القدس من أهم المحطات الأولى للتغيير على الأرض؛ فقد حاولت منظمة الأونروا فور وصول “ترامب” إلى السلطة حذف عبارة “القدس عاصمة فلسطين” من المقررات الدراسية للصف الأول إلى الرابع الابتدائي بمدارسها، لتحلَّ محلها عبارة “القدس المدينة الإبراهيمية”، تمهيداً لخلق واقعٍ جديدٍ، وبناء جيلٍ جديدٍ مؤمنٍ بهذا الطرح، كمحاولة لتغيير وتغييب هوية الأطفال خلال مرحلة التشكيل ليكونوا نواة التطبيق للمخطط المستقبلي. www.elwatannews.com/news
رابعاً: لا يجوز شرعاً أن يُسمح لليهود أو لغيرهم من غير المسلمين بإقامة طقوسهم الدينية في المسجد الأقصى المبارك، حتى لو كان تحت سلطة المسلمين، فالمساجدُ لله عز وجل ولا يُعبد فيها إلا الله سبحانه وتعالى، والمسلمون فقط هم أهل ذلك، فهم الموحدون دون غيرهم، فلا يُسمح أن تقام الطقوس الشركية في بيوت الله عز وجل، ولا يسمح بعبادة غير الله في مساجد الله، وقد قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً}سورة الجن الآية 18، وقال تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}سورة النور الآية 36، وقال تعالى:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}سورة البقرة الآية 125.
وقد صح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث أبا بكر أميراً على الحج في السنة التاسعة في رهطٍ يؤذنون في الناس يوم النحر، أن لا يحجَّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوفَ بالبيت عُريان) رواه البخاري ومسلم.
وقال الإمام الأوزاعي: [كتب عمرُ بن عبد العزيز رضي الله عنه: أن امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين] شرح السير الكبير 1/96.
وقال الشيخ ولي الله الدهلوي: [ لا ريب أن مواطن العبادة المعدة للمسلمين ينبغي تنزيهها من أردان المشركين، فهم لا يتطهرون من جنابة، ولا يغتسلون من نجاسة، فإن كان تلويثهم لمساجد المسلمين بالنجاسات، أو استهزائهم بالعبادة مظنوناً، فذلك مفسدة، وكل مفسدةٍ ممنوعةٌ، ما لم يعارضها مظِنةُ إسلام من دخل منهم المسجد، لما يسمعه ويراه من المسلمين، فإن تلك المفسدة مغتفرةٌ بجنب هذه المصلحة التي لا يُقدَّر قدْرُها] الروضة الندية 3/496، فالمساجد بيوتٌ لعبادة الله من المسلمين الموحدين، ويحرم شرعاً على غير المسلمين إقامةُ طقوسهم الدينية فيها.
وينبغي أن يُعلم أنه لا يصحُّ الخلطُ بين جواز دخول غير المسلمين للمساجد لحاجةٍ، وبإذن المسلمين، وبين إقامة طقوسهم الدينية فيها، فشتان بين الأمرين. قال العلامة ابن القيم:[ وأما دخول الكفار مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك لمَّا كان بالمسلمين حاجةٌ إلى ذلك، ولأنهم كانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم في عهودهم، ويؤدون إليه الرسائل، ويحملون منه الأجوبة، ويسمعون منه الدعوة، ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم ليخرج من المسجد، لكل من قصده من الكفار، فكانت المصلحة في دخولهم إذ ذاك، أعظم من المفسدة التي فيه…وأما الآن فلا مصلحة للمسلمين في دخولهم مساجدهم والجلوس فيها، فإن دعت إلى ذلك مصلحةٌ راجحةٌ جاز دخولها بلا إذن] أحكام أهل الذمة 1/407-408.
خامساً: إن مقترحَ إقامةِ صلاةٍ مشتركةٍ في المسجد الأقصى المبارك، تحت مسمَّى “البيت الإبراهيمي” وفكرة “البيت الإبراهيمي” الإماراتي بإنشاء مكان عبادة للديانات السماوية الثلاث، تندرجُ تحت مصطلح وحدة الأديان، الذي بدأ الترويجُ له منذ مدةٍ طويلة، وأولُ من أعلن عنه الرئيس المصري الهالك أنور السادات، ففي السادس من آب عام 1980 وجه السادات رسالةً من سيناء قال فيها:” إن عالمنا الآن وما يدور فيه من أحداثٍ جسامٍ أشدُّ ما يكون إلى رمزٍ ما يذكرنا بوحدة المصير الانساني ووحدة الرسالة السماوية، مشهداً يُجسدُ مفهوم الإخاء بين كافة المؤمنين بالأديان الإبراهيمية الثلاث”. gate.ahram.org.eg/News/2000139.aspx
والمقصودُ بذلك هو إقامةُ مجمعٍ للأديان “جامع، كنيسة، معبد يهودي” في سانت كاترين وسط سيناء. وهذا المشروع مات بموت صاحبه، وإن كان هنالك أصواتٌ تنادي بإحيائه.
وفكرةُ وحدة الأديان تلقى الدعم والمساندة من اللولبيات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية
وقد تبنتها مراكزُ دراساتٍ حكوميةٍ مرموقةٍ، وجامعاتٌ غربيةٌ مثل جامعة هارفارد وغيرها منذ تسعينيات القرن الماضي، وقد بدأت في العمل على أرض الواقع تحت شعارات مثل: (السلام العالمي، والتعايش، وتعزيز القيم الإنسانية، وثقافة السلام…) وذلك عبر إيجاد تفاسيرَ حديثةٍ وتأويلاتٍ جديدةٍ للنصوص؛ وخاصةً للآيات القرآنية التي ترى فيها الصهيونيةُ العالميةُ خطرًا عليها! ولما أرادت الإماراتُ توسيعَ دائرة العائلة، باحتضان السيخ والبوذية وكلِّ الملل والنحل والطوائف، سخَّرت علماءها للتنظير لذلك، فصار الشيخ عبد الله بن بيَّه لا يفتُأ يذكرُ “العائلة الإنسانية” ويبدو أننا أمام مخططٍ استراتيجي وطويل الأمد، ويبدو للوهلة الأولى أنه ذو أهدافٍ إنسانيةٍ ساميةٍ، إلا أنه يحملُ في طياته أهدافًا سياسيةً واستراتيجيةً تخدم مصالح قوى الإمبريالية العالمية.
ومشروع الثقافة الإبراهيمية ليس مشروعاً ثقافياً فحسب، بل هو مشروعٌ سياسي طويلُ الأمد، يهدف إلى تطبيع وجود إسرائيل ككيان طبيعي تمهيداً لتسويده في المنطقة من خلال تفوقه العلمي والتكنولوجي والثقافي.
إن انتشار فكرة “الإبراهيمية” واتساع المؤمنين بها، ينطوي على تحول دور العبادة بالأديان الثلاثة إلى مراكز للدبلوماسية الروحية، ومن ثم ستفقد قدسيتها. وإعادة قراءة النص الديني، واستخدامه لتفسير النهج السياسي، وستؤدي هذه الجهود مجتمعةً لاستيلاء إسرائيل على القدس كاملةً، ومن ثمَّ تسطو على المقدسات المسيحية والإسلامية هناك، والأهم من ذلك ضربُ الإسلام والأمة الإسلامية.
إن الهدف من نسف الأديان السماوية والدعوة للدين الإبراهيمي العالمي الواحد، هو التفاوض لإعادة الحقوق لأصحابها الأصليين –اليهود- وفرض الدولة اليهودية كباقي دول المنطقة على أساسٍ ديني، ويجب الاعتراف بها. www.elwatannews.com
إن نشر فكرة وحدة الأديان وتكريس فكرة “الإبراهيمية” يأتي ضمن مخطط أعداء الأمة المسلمة في الهجوم على ثوابتِ الإسلام، من بعض المنتسبين إليه، من أشباه العلماء ممن يُظهرون التَّزَيِّي بزي العلماء، ومن العلمانيين والليبراليين والقرآنيين وبعض الصوفية، وممنْ يُسَمَّون بالمفكرين وغيرهم. وقد زاد هذا الهجوم حِدةً واتساعاً مع انتشار وسائل الإعلام المختلفة، وهذه الهجمةُ المعاصرةُ على ثوابت دين الإسلام ما هي إلا هجمةٌ ممنهجةٌ ومخططٌ لها من أعداء الإسلام، بل مدفوعة الأجر!
وقد طالت هذه الهجمةُ القرآنَ الكريم، والسنةَ النبويةَ ومصادرها، وطالت عقيدةَ أهلِّ السنُّةِ والجماعةِ، فزعموا أن اليهودَ والنصارى ليسوا كفاراً ولا مشركين، بحجةِ أنهم أهلُ كتابٍ. ودعوا إلى إلغاء الفوارق الدِّينِية بين أصحاب الديانات الثلاث، الإسلام واليهودية والنصرانية، باسم وحدةِ الأديان أو توحيدِ الأديان على أساس الملة الإبراهيمية، أو وحدة الدِّينِ الإلهي أو وحدةِ أرباب الكتب السماوية، وتمييع الفوارق الدِّينِية بين أصحاب الديانات الثلاث، الإسلام واليهودية والنصرانية!! فيريدون صَهْرَ الأديان الثلاثة في بوتقةٍ واحدةٍ.
وما دعواتُ حوار الأديان عن ذلك ببعيد، يقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} سورة الكافرون.
وأكتفي هنا بذكر فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء في إبطال ونقض فكرة وحدة الأديان:[إن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى (وحدة الأديان): دين الإسلام، ودين اليهود، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء: مسجد وكنيسة ومعبد في محيطٍ واحدٍ، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلافٍ واحدٍ، إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب. وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي:
أولاً: أن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، التي أجمع عليها المسلمون: أنه لا يوجد على وجه الأرض دينٌ حقلٌ سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبقَ على وجه الأرض دين يُتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}آل عمران: 85. والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان.
ثانيًا: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام أن كتاب الله تعالى: (القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نزولاً وعهدًا برب العالمين، وأنه ناسخٌ لكل كتاب أُنزل من قبل، من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمنٌ عليها، فلم يبق كتابٌ منزلٌ يُتعبد الله به سوى: (القرآن الكريم) قال الله تعالى:{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} المائدة: 48
ثالثًا: يجب الإيمان بأن (التوراة والإنجيل) قد نُسِخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، كما جاء بيانُ ذلك في آيات من كتاب الله الكريم منها قول الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ} المائدة:13. وقوله جل وعلا: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} البقرة: 79. وقوله سبحانه: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} آل عمران: 78
ولهذا فما كان منها صحيحًا فهو منسوخٌ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرفٌ أو مبدلٌ. وقد ثبت أنَّ النبيَّ غضب حين رأى مع عمرَ صحيفةً فيها شيءٌ من التَّوراةِ، وقال عليه الصلاة والسلام: أوَ فيَّ شكٌّ يا ابنَ الخطابِ؟ ألم آتِ بها بيضاءَ نقِيَّةً؟ لو كان أخي موسى حيًّا ما وسِعَه إلا اتِّباعي”رواه احمد والدارمي وغيرهما .
رابعًا: ومن أصول الاعتقاد في الإسلام: أن نبينا ورسولنا محمدًا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال الله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} الأحزاب: 40.فلم يبق رسولٌ يجب اتباعُه سوى محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولو كان أحدٌ من أنبياء الله ورسله حيًا لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم ــ وأنه لا يسعُ أتباعهم إلا ذلك ـ كما قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} آل عمران: 81.
ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعًا لمحمد صلى الله عليه وسلم وحاكمًا بشريعته. وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ} الأعراف: 157.
كما إن من أصول الاعتقاد في الإسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} سبأ: 28. وقال سبحانه:{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} الأعراف: 158. وغيرها من الآيات
خامسًا: ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقادُ كُفرِ كل مَنْ لم يدخل في الإسلام مِن اليهود والنصارى وغيرهم وتسميته كافرًا، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار كما قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} البينة: 1.
وقال جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} البينة: 6. وغيرها من الآيات.
وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ”ولهذا: فمن لم يكفِّر اليهود والنصارى فهو كافرٌ، طردًا لقاعدة الشريعة: (من لم يكفِّر الكافر فهو كافر).
سادسًا: وأمام هذه الأصول الاعتقادية والحقائق الشرعية؛ فإن الدعوة إلى:(وحدة الأديان) والتقارب بينها وصهرها في قالبٍ واحدٍ دعوةٌ خبيثةٌ ماكرةٌ، والغرضُ منها خلطُ الحق بالباطل، وهدمُ الإسلام وتقويضُ دعائمه، وجرُّ أهله إلى ردةٍ شاملةٍ، ومصداقُ ذلك في قول الله سبحانه: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} البقرة: 217.وقوله جل وعلا:{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} النساء: 89.
سابعًا: وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاءُ الفوارق بين الإسلام والكفر، والحقِّ والباطل، والمعروفِ والمنكر، وكسرِ حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاءَ ولا براءَ، ولا جهادَ ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} التوبة: 29. ويقول جل وعلا: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التوبة:36.
ثامنًا: إن الدعوة إلى (وحدة الأديان) إن صدرت من مسلمٍ فهي تعتبر ردةً صريحةً عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان؛ وبناءً على ذلك فهي فكرةٌ مرفوضةٌ شرعًا محرمةٌ قطعًا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.
تاسعًا: وتأسيسًا على ما تقدم:
1 ــ فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلاً عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها.
2 ــ لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردَين، فكيف مع القرآن الكريم في غلافٍ واحدٍ!! فمن فعل ذلك أو دعا إليه فهو في ضلالٍ بعيدٍ، لما في ذلك من الجمع بين الحق (القرآن الكريم) والمحرف أو الحق المنسوخ (التوراة والإنجيل).
3 ــ كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة: (بناء مسجد وكنيسة ومعبد) في مجمعٍ واحدٍ، لما في ذلك من الاعتراف بدين يُعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة ولأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، ولا شك أن إقرار ذلك أو اعتقاده أو الرضا به كفرٌ وضلالٌ؛ لأنه مخالفةٌ صريحةٌ للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعترافٌ بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله ــ تعالى الله عن ذلك ــ.
كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس (بيوت الله) وأن أهلهـا يعبـــدون الله فيها عبادةً صحيحةً مقبولةً عند الله؛ لأنهـــا عبادةٌ على غير ديـــن الإسلام، والله تعالى يقول: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} آل عمران: 85، بل هي: بيوتٌ يُكفر فيها بالله. نعوذ بالله من الكفر وأهله. قال شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (22-162): [ليست ــ أي: البـِيعُ والكنائس ــ بيوت الله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يُكفر فيها بالله، وإن كان قد يُذكر فيها؛ فالبيوتُ بمنزلة أهلها وأهلُها كفارٌ، فهي بيوتُ عبادة الكفار]عاشرًا: ومما يجب أن يُعلم أن دعوة الكفار بعامةٍ وأهل الكتاب بخاصةٍ إلى الإسلام واجبةٌ على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة؛ ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيءٍ من شرائع الإسلام؛ وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيَّ عن بينة، قال الله تعالى: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} آل عمران: 64.
أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عُرَى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطلٌ يأباه اللهُ ورسولهُ والمؤمنون؛ والله المستعان على ما يصفون. قال تعالى: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} المائدة: 49.
وإن اللجنة إذ تقرر ذلك وتبينه للناس فإنها توصي المسلمين بعامة وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته، وحماية الإسلام، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة: (وحدة الأديان)، ومن الوقوع في حبائلها، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببًا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين وترويجها بينهم.
نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاتـه العلى أن يعيذنــا جميعــًا من مضــلات الفـتن، وأن يجعلنا هـــداة مهتدين، حماةً للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راضٍ عنا، وبالله التوفيــق، وصلى الله وسلم على نبينا محمـد وعلى آله وصحبه أجمعين] www.saaid.net/fatwa/f22.htm
وخلاصة الأمر أن “الاتفاق الإبراهيمي” هو الاسم الذي اختير عنواناً لاتفاقية التطبيع بين الإماراتِ ودولة يهود.
وأن الاقتراح بإقامة صلاةٍ مشتركةٍ في المسجد الأقصى المبارك ما هو إلا تجسيدٌ لما ورد في اتفاق التطبيع من الإقرار بـحق اليهود بالصلاة في “جبل الهيكل”، وهو المصطلح الإسرائيلي المزعوم للمسجد الأقصى المبارك.
وأن هذا المقترح بإقامة صلاة مشتركة في المسجد الأقصى جاء بناءً على بندٍ تضمنه الاتفاق يقضي بإنشاء مكان عبادة للديانات السماوية الثلاث، تحت مسمَّى “البيت الإبراهيمي”.
وأن مكان العبادة المشترك في ساحات المسجد الأقصى المبارك، إنما هو استحضارٌ لنموذج “بيت إبراهيم” الذي يجري بناؤه في أبو ظبي في الإمارات، وسيشمل مسجداً وكنيساً وكنيسةً.
وأن طرح هذه التسمية “البيت الإبراهيمي” إنما هو لتمرير اتفاق التطبيع، والسعي لإقناع دول أخرى للهرولة نحو التطبيع مع دولة يهود.
وأن تكريس فكرة “الإبراهيمية” يعني القضاء على القضية الفلسطينية، وعلى حقوق المسلمين في المسجد الأقصى المبارك.
وأنه لا يجوز شرعاً أن يُسمح لليهود أو لغيرهم من غير المسلمين بإقامة طقوسهم الدينية في المسجد الأقصى المبارك، حتى لو كان تحت سلطة المسلمين، فالمساجدُ لله عز وجل ولا يُعبد فيها إلا الله سبحانه وتعالى، والمسلمون فقط هم أهل ذلك، فهم الموحدون دون غيرهم.
وأن مقترحَ إقامةِ صلاةٍ مشتركةٍ في المسجد الأقصى المبارك، تحت مسمَّى “البيت الإبراهيمي” وفكرة “البيت الإبراهيمي” الإماراتي بإنشاء مكان عبادة للديانات السماوية الثلاث، تندرجُ تحت مصطلح وحدة الأديان.
وأن فكرة وحدة الأديان تلقى الدعم والمساندة من اللولبيات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تبنتها مراكزُ دراساتٍ حكوميةٍ مرموقةٍ، وجامعاتٌ غربيةٌ مثل جامعة هارفارد وغيرها.
وأن الدعوة إلى (وحدة الأديان) إن صدرت من مسلمٍ فهي تعتبر ردةً صريحةً عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الكتب، وتبطل نسخ الإسلام لجميع ما قبله من الشرائع والأديان؛ وبناءً على ذلك فهي فكرةٌ مرفوضةٌ شرعًا محرمةٌ قطعًا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.
وأنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً، الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلاً عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها.
والله الهادي إلى سواء السبيل

(المصدر: شبكة يسألونك الإسلامية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى