علماء من عصرنا

فضيلة العلامة الشيخ أبي الحسن محيي الدين الكردي رحمه الله

فضيلة العلامة الشيخ أبي الحسن محيي الدين الكردي رحمه الله

كاتب الترجمة : بقلم ولده الشيخ محمد نزار محيي الدين الكردي

اسمه ومولده ونشأته :

هو العلامة الكبير ، المقرئ المدقق ، الفقيه المتمكن ، الإمام الزاهد ،

الشيخ المعمّر ، أبو الحسن محيي الدين بن حسن بن مرعي بن حسن بن علي الكردي .

أحد كبار قراء الشام وفقهائها وعلمائها الأفذاذ .

* ولد في : دمشق الشام ، في حيّ الحيواطية ، خلف بستان المجتهد ( المشفى حالياً)

حيث دار والده ، وذلك سنة : 1330 هـ . 1912 م .

* نشأ في : حجر والديه ؛ وكان لهما الأثر الكبير في تربيته ، وخاصة والدته ؛ المرأة الصالحة العابدة التقية الورعة ، كثيرة الصيام والقيام . وكذلكم أخت جدته .

شيوخه

الذين تتلمذعليهم :

أكرمه الله تعالى بتمام حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عزالدين العرقسوسي ،

وكان عمره نحواً من سبع عشرة سنة .

وأحبه الشيخ عزالدين حباً جمّاً ، عندما رآى همّته ودأبه في طلب العلم ،ولما رأى عنه من أدب جمّ ، وصلاحٍ ظاهرٍعلَى مُحيّاه من مطلع شبابه ،وكان معجباً بجودة قراءته ، وحُسن أدائه ، حتى إنه كان يدارسه القرآن الكريم ، فيقرءان كل يوم عشرة أجزاء ، وذلك عدّة سنوات .

*حضرالدرس العام للمحدث الأكبرالشيخ بدرالدين الحسني الذي كان يعقده بعد صلاة الجمعة في المسجد الأموي تحت قبّة النسر ، وقد سمع منه الكثير. ثمّ بعد ذلك حضر بعض الدروس الخاصّة للمحدّث الأكبروأجازه بكلّ مروياته

*الشيخ رشيد شميس الفقيه الحنفي المتمكّن رحمه الله ، إمام جامع الحيواطية ،وقد قرأ عليه شيئاً من الفقه الحنفي ، وكتاب مشكاة المصابيح .

*الشيخ محمد بركات إمام جامع العنابي ، في حي باب السريجة حيث قرأ عليه بدايات الفقه الشافعي .

* الشيخ حسني البَغَّال إمام جامع عز الدين في حي باب السريجة ، حيث قرأ عليه كتاب شرح ابن قاسم لمتن أبي شجاع ، والمقدمة الأزهرية في علم العربية للشيخ خالد الأزهري المصري ، وشرح قطرالندى وبل الصدى لابن هشام .

*ومن أبرز شيوخه الشيخ محمود فائز الديرعطاني رحمه الله (أحد كبار قرّاء عصره) قرأعليه ختمة كاملة برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية ، وأجازه بها ، ثم بدأ بجمع القراءات على الشيخ فائز ، هو والشيخ محمد سكر في زمن واحد ، وكان الابتداء بتاريخ 1367هـ .1948م. والانتهاء1371هـ. 1952 م. كما هو مثبت في إجازته بختم الشيخ فائز رحمه الله ، فاستغرق جمع القراءات معهما خمس سنوات . وكان الشيخ قد بلغ من العمر أربعين عاماً .

* الشيخ العلامة الفقيه الورع الشافعي الصغير صالح العقاد رحمه الله تعالى قرأعليه كتاب مغني المحتاج بشرح المنهاج مرتين ، وكتاب التحرير ،والورقات في أصول الفقه ، وبقي ملازماً للشيخ صالح ملازمة تامة حتى وفاته رحمه الله . قال سيدي الوالد : رأيت الشيخ صالح مسجّىً على فراش الموت وهو مبتسم .

*العلامة المربي الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله ، حيث قرأعليه الكثيرمن العلوم ، كالأصول والفقه والمنطق وعلم التوحيد واللغة العربية وغيرها ، ولازمه ملازمة تامة لا يكاد يفارقه ، وكان يمينه في الدعوة إلى الله تعالى في كل الظروف والأحوال .

وكان للمشايخ كلهم تأثير كبير في نفسه : فقد تأثر بالشيخ بدرالدين الحسني ، في التواضع وصفاء النفس وطهارة السريرة .

وبالشيخ صالح العقاد ، في الزهد والورع الشديد .

وبالشيخ محمود فائز الدير عطاني ، في الهمة العالية والدأب والمثابرة في تحصيل العلم واغتنام الوقت .

وبالشيخ عبد الكريم الرفاعي في المصابرة على الدعوة ،والاهتمام بالشباب خاصة.

– أبرزالمزايا والصفات التي كان يتمتع بها :

– قويّ الحافظة ، واسع الاطلاع ، على غاية من الاستحضارلأوجه القراءات وتحريرها ومتونها ، مع تقدم عمره المديد ، وحتى آخر حياته .

– من أشهر من علّم ودقق ، ونطق بالحروف الصحيحة .

– له جلد عجيب ، ودأب غريب ، وصبر ومصابرة ، على القراءة والإقراء ، ملازماً لذلك ليلاً ونهاراً ، فتخرج به خلق كثير من الرجال والنساء.

– لبِثَ سبعين عاماً يُقرئ القرآن بقراءاته ، وكان كثيراً ما يقول :

(الحمد لله الذي أفنى عمري في كتابه).

– شيخ مقارئ مساجد زيد بن ثابت الأنصاري في دمشق الشام .

– متناهياً في الفضل والدّين ، منقطعاً إلى الخير ، إماماً في النقل ، علماً في الزهد والورع ، فاق أهل وقته ؛ حتى عدّوه من بقية السلف الصالح .

– وهو ممن إذا رأيته واستمعت إليه ذكّرك حاله ومقاله بالله العظيم .

– كثير الختم للقرآن الكريم ، خالط القرآن قلبه وروحه ، وأخذ عليه لبّه ومشاعره ، لا تكاد تراه إلا وبين يديه كتاب الله ، عابداً صوّاماً قواماً ، يحج ويعتمر كل سنة ولم يترك الحج والعمرة إلا قبيل وفاته بسبب مرضه.

فحج ستاً وخمسين حجة , كان أولها عام 1369هـ. , وآخرها عام 1425هـ.

 التواضع : كان رحمه الله مفطوراً على خلق التواضع غير المتكلّف ، كان كثير الاتهام لنفسه بالعجز والتقصير ، وعندما يوصف بوصف من أوصافه أو شمائله التي كانت حقيقة فيه ، يظهرعليه أثر الانزعاج وربّما يبكي ويقول : ” وما أدراكم ، ليس المعول على الكلام !!! إنما المعول على حسن الختام ” .

* وقد ضم إلى هذا التواضع الرفيع الفطري غيرالمتكلف ؛ العزة المحمودة ، فكان يغضب لله وينتصر للعلم والعلماء وطلاب العلم في غيابهم أو حضرتهم ، ولا يسمح لأحد أن يتكلم عنهم بسوء .

كان شديد الاعتناء بنظافة ثوبه وبدنه ومكانه وكل حوائجه أكثر من عنايته بمظهر ذلك وشكله وهيئته ، ويختارمن الطيب أحسنه وأجوده .

الزهد والورع : عرفه الناس بزهده في الدنيا وزخارفها ، راغباً في الآخرة ونعيمها ، وهذا ظاهر في ملبسه ومسكنه وسائر شؤون حياته ؛ يتكون أثاث غرفته من خزانة صغيرة فيها أدويته ، وخزانة أخرى فيها نفائس كتبه وأشياؤه الخاصة ، وينام على سرير في أبسط أشكاله .

لا ينظر إلى دنيا الناس ، وإذا دخل إلى مكان ليشارك الناس في مناسباتهم ( صالة أو بيت… ) يغض الطرف عن زخارف المكان وأثاثه ، وكأنه يغض طرفه عن محرم لا يجوز أن يراه ، وإذا ما قلت له مداعباً بعد خروجنا : هل رأيتم سيدي اللوحة الفلانية والأثاث الفلاني ؟ تجاهلني تماماً ، ولا يخوض في هذا أبداً .

أهداه أحد الطلاب هدية – وتكررهذا أكثر من مرة – فغضب وقال : ” لا تفسد عليّ عملي ” . فهو يريد الأجر كاملاً من الله ،

على طريقة السلف الصالح من كبار القراء .

*ومن صفاته الجود و الكرم :

يقوم بنفسه عندما كان في صحته وعافيته ، ويُعِدّ لطلابه ما تيسر من الضيافة ، فكان مثال العالم العامل . وكل من عاصره يعرف كرمه وجوده .

*ومن صفاته نقاء السريرة : فكل من يجلس إليه يشعر مباشرة بصفاء نفسه ونقاء قلبه وطهارة سريرته . لطيف المعشر ، كثير الصمت والتفكر ، حسن الخلق مع أهله وجيرانه ، ومع طلابه خاصة ، عفيف اللسان لا يذكر أحداً بسوء ، ولا يغضب إلا إذا انتُهكت حرمة من حرمات الله عزوجل .

*ومن صفاته : مزيتان عظيمتان امتاز بهما رحمه الله ، من النادر أن تجتمعا في رجل واحد في آن واحد ، وهما : أنه كان مع هدوئه وصفائه ولطفه وحرصه على البقاء في الظّل… كان رجلاً شجاعاً قوياً ، متحمّساً للدعوة إلى الله عز وجل ؛

وقد سمعت من عدد من علماء عصره أكثر من قصة ، وشهدت عدداً من المواقف كلها تدلّ على غاية في الشجاعة والقوة والرجولة .

طلّابه : عدد الطلاب الذين قرؤوا عليه مباشرة برواية حفص فقط : اثنان وخمسون من الذكور ، وواحدة وعشرون من الإناث . وأما في القراءات العشر فمن الذكور : ثمانية وعشرون ، ومن الإناث : سبع نساء .

من أبرز من قرأ عليه (القراءات العشر) :

1- المقرئ الحافظ الجامع الشيخ محمد تميم الزعبي نزيل المدينة المنورة وعضواللجنة المشرفة على التسجيلات بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف .

2- المقرئ الحافظ الجامع الشيخ الدكتور أيمن رشدي سويد وكان الشيخ يثني على دقة علمه وسعة اطلاعه .

3- المقرئ الحافظ الجامع الشيخ محمد نعيم العرقسوسي حفظه الله ، وكان الشيخ يحبه جداً ، يأنس به وبحديثه العذب .

4- المقرئ الحافظ الجامع الشيخ أسامة حجازي كيلاني رحمه الله ، صهره زوج ابنته ، وقد توفي شابّاً في حياة الشيخ وحزن لوفاته حزناً شديداً، وكان يقول في حقه :” لم أسمع في حياتي كقراءة الشيخ أسامة” .

ومن قرأ عليه أكثر من ختم :

1- الحافظ الجامع المتقن الشيخ محمد هيثم سعيد منيني رحمه الله ، بلغ الغاية في إتقان الحروف ومخارجها ، وروعة القراءة وحسن أدائها ، وكان رديف الشيخ في إمامة صلاة التراويح ، وقد توفي شابّاً في حياة الشيخ وحزن لوفاته حزناً شديداً.

2- الحافظ الجامع الشيخ الدكتورعبد المنعم أحمد شالاتي ،لازم الشيخ ملازمة تامة، وكان يقرأعليه أثناء صحبته له في ذهابه وعودته من درس الشيخ أحمد الشامي .

3- ولده الحافظ الجامع محمد نزارمحيي الدين الكـردي ( مُعِدُّ هذه الترجمة )

حيث قرأ عليه هؤلاء الثلاثة القراءات العشر جمعاً وإفراداً

( لكل راوٍ ختمة ) وأجازهم بذلك كله .

– العلوم التي كان يُعنى بها 

برع في علم التجويد وتعليمه ، وأبدع في إتقان الحرف القرآني ودقة مخرجه ، ومواطن الوقف والابتداء ، وتألّق في استحضار القراءات القرآنية وشواهدها وتحريراتها ،

* كما برع في الفقه الشافعي ، وهو أحد أبرز فقهاء عصره ،

له درس فقه يومي ، صباحاً أو مساءاً ، لا يدعه مطلقاً ، وقد أقرأ الفقه لغالب طلابه، يقصده الناس من أجل الفتوى ، ويعودون إليه في المعضلات من المسائل الفقهية ، وربما عاد إليه في ذلك بعض فقهاء عصره .

* وله اشتغال واسع في علم أصول الفقه :

قرأ كتب الأصول : (كالمستصفى للغزالي ، وحاشية البناني للمحلي على جمع الجوامع للإمام السبكي) منها على الشيخ صالح العقاد ، ومنها على الشيخ عبد الكريم الرفاعي . وأقرأ علم الأصول لغير واحد من طلابه عدة مرات .

* وله اهتمام كبير في كتب اللغة العربية ( النحو والصرف والبلاغة )

يُقرئها لطلابه ، ويحضهم على قراءتها والمطالعة فيها دائماً .

* وله مشاركات في بقية العلوم : كالتفسير ، والتوحيد ، والمنطق

أقرأ ذلك بعض طلابه أيضاً .

أهم أقواله :

* حبي للجنة لأن فيها قراءة قرآن ، ثم يستشهد بحديث النبي عليه الصلاة والسلام : (( يقال لقارئ القرآن : اقرأ وارق ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها )) فنشعر منه أنه لا يسعد ولا يتنعم في الدنيا ولا في الآخرة من غير قرآن .

*إذا قال له أحدهم داعياً : ( الله يطول عمرك ) يقول له مباشرة : قل في طاعة الله ، قل في طاعة الله …متمثّلاً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خيركم من طال عمره وحسن عمله “

* يدعو باكياً إذا أثنى عليه أحد : اللهم إن الناس قد ظنَّوا بي خيراً ، وأنت ألقيت ذلك في قلوبهم ، فلا تخيّب ظنهم ، ولا تكذبني عندهم .

المساجد التي خطب بها ، والأماكن التي أعطى بها الدروس :

أ- أسند له في البداية إمامة مسجد الفاخورة في حيّه الذي يسكن فيه حيّ قبرعاتكة وبقي يؤمّ الناس فيه عدة سنوات .

ثم أسند له بالأصالة الإمامة والخطابة في جامع الذهبية في الحيّ ذاته ،(يؤم الناس في صلاة التراويح بالقراءات المختلفة )

وبقي فيه إماماً وخطيباً ومقرئاً ومدرساً وواعظاً نحواً من سبعين عاماً.

ب- أستاذ محاضر لمادة التجويد في قسم التخصص في مجمّع الفتح الإسلامي فرع الأزهرالشريف .

الشيخ يُحوّل علمه إلى عمل يُفيد به المجتمع :

وذلك ، بانصرافه شبه الكلّي لخدمة كتاب الله تعالى ، ليخرج للأمة جيل القرآن .

كان يعيش في زمان ندر فيه حفاظ القرآن الكريم ،

وكان الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله متحمّساً جداً لدعوة الشباب ، فاقترح على أبي الحسن أن يفرد رواية حفص بإجازة ترغيباً للشباب ، ولم يكن مشتهراً عن القرّاء وقتئذٍ أن يُجيزوا برواية واحدة ، وأعجب الشيخ أبوالحسن بهذه الفكرة لما رأى فيها من تحفيز للمسلمين وخاصة الشباب ليُقبِلوا على كتاب الله تعالى .

واستشاروا بذلك الشيخ أحمد الحلواني رحمه الله شيخ القراء بالديارالشامية فوافقهم . وطُبعت الإجازة ، وقام الشيخ أبو الحسن في نشرها حق القيام ،كان يجلس في مجلس الإقراء مايقارب سبع عشرة ساعة دون كلل أو ملل .

كل هذا مع محافظته على حياته الاجتماعية ؛ فيحضرأفراح الناس ويشاركهم أحزانهم ، ويواسي مريضهم ، ويبذل جهده في معونتهم ، ويصبرعلى جاهلهم .

* وكان للشيخ تجرِبة ناجحة في رعاية وتشجيع الحركة النسوية في حفظ القرآن الكريم في دمشق ، وقد أعطت ثمارها وبارك الله خطاها . ولا يخفى ما للمرأة من دور في التربية والمحافظة على الأسرة المسلمة التي إن صلحت صلح المجتمع كله . فكان بالقدر الذي يهتم فيه بالإتقان التام ، يهتم جداً بصلاح المجتمع عن طريق صلاح النساء وقد كانت عبارة لولا المتشابهات لحفظت البنات ) شائعة في زمانه ، فجعلت الكثيرات يتكاسلن عن حفظ القرآن الكريم ، كان يقول : ” ما سمعت أيام شبابي بأن امرأة تحفظ القرآن في بلدنا ” .

إلى أن جاءه بعض الأخوات ، وطلبن أن يقرأن عليه ، ففرّغ لهنّ وقتاً كافياً واهتمّ بشأنهنّ كثيراً ، حتى قرأت عليه ثلّة منهنّ ختمة كاملة برواية حفص ،(ومنهن من جمعت القراءات العشر بعد ذلك) ، وبعد أن أجازهنّ ، قمن بإقراء النساء في المساجد ، ثم يأتين بتلميذاتهنّ – اللواتي آنسن منهن الإتقان وجودة الحفظ – إلى الشيخ فيختبرهنّ اختباراً دقيقاً ، فإذا وجد تلاوة إحداهن متقنة ، وتعليمها دقيقاً ، شهد على إجازتها . كل ذلك من وراء حجاب .

* وهو أول من أحيا سنة قراءة ختم كامل من القرآن الكريم في تراويح رمضان في مساجد دمشق ، وكان البدء في جامع زيد بن ثابت الأنصاري ، وكان لا يقام ذلك في دمشق إلا في المسجد الأموي (مشهد الحسين) فلاقت هذه السّنة انتشاراً واسعاً بعد ذلك ، حتى شملت أغلب مساجد دمشق وأريافها بل ومحافظات سورية ولله الحمد .

– آخر أيام حياته ووفاته : 

بلغ الوالد رحمه الله تعالى من العمر مئة عام وهو متمتّع بكامل ذاكرته وكل حواسه، ثمّ أصيب في الأشهرالستة الأخيرة من حياته بآلام شديدة ، في كل جسده ، ومع تلك الآلام كان على عادته ، صابراً محتسباً ، لا يكثر الشكوى ، ويكثر من قراءة الآيات والأذكارالنبوية في الشفاء ، ويردد ويقول : ” يارب إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ” ثمّ يؤكّد مستدركاً : ولكن عافيتك هي أوسع لي .

وفي آخر أسبوع من حياته كان ينام ساعة ، ثم يصحو ويقرأ آية من القرآن ويكررها مرات عديدة ، ثم ينام نصف ساعة ، ثم يصحو ويقرأ آية أخرى وهكذا أسبوعاً كاملاً ، لا يأكل ولا يشرب ، ولا يتكلم إلا قراءة القرآن التي كانت حياته ،

دخلت عليه صباح الخميس 15 شعبان 1430 بعد صلاة الفجر ، فسمعته يقرأ قول الله تعالى : ” وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ ” (105 الإسراء) وبقي يكررها ويعيدها طيلة ذلك اليوم وعشيته .

وبعد عصر الجمعة 16 / شعبان / 1430هـ. الموافق 7 / آب / 2009 م .بدأت حالة النزع ، حتى فاضت روحه إلى بارئها مغرب ذلك اليوم .

وصلي عليه عقب صلاة العصر في اليوم التالي في المسجد الأموي الكبير بدمشق وقد غصّ المسجد بالناس الذين جاؤوا للصلاة على شيخهم ومقرئهم من كل أنحاء دمشق وضواحيها وقراها ، ودفن في روضة العلماء في مقبرة الباب الصغير . رحمه الله وأناله مبتغاه وجعل الفردوس مأواه .

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى