تقارير وإضاءات

دور المؤسسات العلمائية في دعم الاستقرار في الصومال: (هيئة العلماء في الصومال نموذجا)

إعداد د. محمد شيخ أحمد

الحمد لله رب العامين وصلى الله وسلم على نبيه المصطفى واله الطيبين وصحبه الكرام. وبعد ،
فقد طلب مني الأخ الأستاذ محمد عمر المشرف على الملتقى حفظه الله ، الإسهام في موضوع (الخطاب الإسلامي ودوره في دعم الاستقرار في الصومال ) أو نحو ذلك – الذي كان مطروحا للتداول في الملتقى في الأيام الماضية – بمقالة عن تجربة  هيئة العلماء في الصومال في  هذا الصدد ، واعتذرت له بأنني مشغول بإعداد بحث علمي حان موعد تسليمه وهو  سبب الإحجام عن المشاركة في الموضوع مع انني أبديت رغبتي في ذلك، فأصر علي الطلب ولم يعذرني، وبرر إصراره  ذاك بضرورة الإسهام ولو بنتف من الخواطر التي لا تشغل ولا تعيق، ووضعني مثل موضعه ككاتب وصحفي يستسلم له المقال عند أول نزال ، وهو يعلم اني لست بذاك ، فعز علي الامران: الإقبال والإحجام، وآثرت الاستجابة على التعلل، وطلبت الإمهال وعدم التعقب، فاستجاب واكتفى بالكناية في المتابعة عن التصريح  فكانت أكثر  تأثيرا ، وأقوى استفزازا للخواطر ، وأثمرت هذه الخواطر أو المقالة.

أولا: خلفية تاريخية:

١. دور العلماء في المصالحة وحل النزاعات بين الأفراد والمجمتعات الريفية والقبلية الصومالية دور تاريخي مشهود لهم في التاريخ وحضراتكم في غني عن الاستشهاد لذلك والاستفصال.
٢. و في مطلع  التسعينات و بعد انفراط  العقد الاجتماعي تأسست عدد من المؤسسات العلمائية التي تعنى بالمصالحة ودعم الاستقرار  بالبلاد  ، أشير  منها على سبيل المثال إلى نماذج  كان لها دور بارز  في دعم مسيرة الاستقرار  في جنوب الصومال على وجه الخصوص، وهي:

أ- مجمع العلماء في الصومال :
تأسس على يد عدد من كبار العلماء ، منهم الشيخ محمد معلم ، والشيخ  إبراهيم صولي رحمهما الله واسكنهما فسيح جناته، و قد قام المجمع بجهود مقدرة في سبيل إصلاح ذات البين ، كما أنشأ أول محكمة إسلامية في مقديشو كأداة من أدوات  تحقيق الأمن والسلم المجتمعي قبل ان يوقفها الجنرال عيديد عندما شرعت في تنفيذ بعض الأحكام. ولا يزال للمجمع وجود وصوت حتى الآن برئاسة الشيخ يوسف علي عينتي العضو البرلماني السابق.

ب- المجلس الصومالي للمصالحة:
أسسته حركة الإصلاح  بالتعاون مع العديد من وجهاء وأعيان العشائر والمثقفين و السياسين للإسهام  في تحقيق الأمن و السلم المجتمعي ، وقدم جهودا معتبرة  في  سبيل الإصلاح  بين القبائل عند نشوب النزاعات بينهم، وأحيانا  بين السياسيين ، وكان من أبرز إنجازاته إسهامه في إنجاح مؤتمر عرتى الذي عقد في جيبوتي  عام  2000 ، وبموجبه  تشكلت الحكومة  الانتقالية  برئاسة عبد القاسم  صلاد حسن بعد عقد من الدوامة السياسية ، وتوالت بعدها الحكومات الانتقالية. وذلك بعد النجاح في عقد مؤتمر لعشائر قبيلة ( هوية ) في مقديشو ١٩٩٩م بالتنسيق مع عبد القاسم صلاد وحزبه، استمر لتسعة أشهر، وتوج بعقد مؤتمر عرتى. ويبدو أن المجلس احتجب عن الأنظار بعد ذلك، ربما لأنه حقق اهدافه، شان نظيرات له في ذلك !!

   ج. المحاكم الشرعية الشعبية :
قامت عدد من المحاكم الشرعية الشعبية في العاصمة مقديشو وفي  عدد من المحافظات بتعاون بين العلماء ووجهاء العشائر لتثبيت الأمن وتحقيق الاستقرار في هذه المناطق ، من خلال ترسيخ معاني العدل في المجتمع، وكانت كثيرا ما تنشأ المحكمة نتيجة لاتفاق صلح تم  بين فرقاء توكل المحكمة  لتنفيذ بنوده، فكانت  كلما قامت محكمة  شرعية  في منطقة  تنعم  بالاستقرار  وتشهد  العمران ، و لكن زعماء الحرب كانوا لها دائما بالمرصاد ، يحيكون لها المكائد  والحيل ، بالتعاون  مع  بعض القوى الدولية والإقليمية ، فكانت تشهد فترات مد وجزر مع هؤلاء الزعماء ، كلما أشعلوا نارا للفتنة أعقبها إنشاء محكمة لاطفائها ، وكلما نجحت محكمة في تحقيق السلم الاجتماعي في منطقة شنوا عليها حربا لإخماد نورها، إلى أن توحدت قوى المحاكم الشرعية، وتطورت لاحقا الى ما عرف بالمحاكم الإسلامية عام 2006م.

ثانيا: رابطة العلماء في الصومال:  النشأة والتطور وأبرز المحطات والمعالم والمآخذ:

١. البداية رابطة العلماء في الصومال:
مع مطلع الألفية الثالثة تأسست رابطة علماء الصومال  بواسطة  مجموعة  من العلماء  من مختلف التوجهات الإسلامية، وتشكلت برئاسة الشيخ محمود عبد الباري (فقيه ذو توجه صوفي معتدل ، رئيس المجلس العام  لعلماء الصومال حاليا )، ونيابة الشيخ نور بارود جرحن وآخرين، وكان لها دور مشهود في توجيه الخطاب الدعوي العام وتوحيده الى حد كبير،  وفي تسديد الفتوى ومعالجة القضايا  الوطنية ، كانت  هذه التجربة فريدة  أثبتت  إمكانية صياغة الخطاب الدعوي العام في الصومال رغم  تنوع توجهات أصحابه في بوتقة واحدة، وأهمية الوقوف صفا واحدا في القضايا الإسلامية والوطنية العامة، رغم أن القيادات التنظيمية الرسمية أو بعضها كانت ضد هذا التوجه ، أو على الأقل لم تكن ترحب به او ترتاح له، خوفا من تنامي دور العلماء ومرجعيتها للمجتمع على حساب مرجعية التنظيم  وقيادته.
وللمعلومية فقد كانت هذه التجربة هي الثانية من نوعها في حدود علمي من المشروعات المشتركة الناجحة  بين التوجهات الإسلامية بعد  مشروع رابطة التعليم النظامي الأهلي ١٩٩٩م في عموم الصومال، الذي فتح الطريق أمام تجربة توحيد المشروعات بعد تعثر تجارب توحيد التنظيمات.
لكن انفرط عقد الرابطة بعد الشتات الذي أصاب المجتمع  – ومنهم العلماء -إثر نشوب الصراع بين المحاكم الإسلامية والحكومةالصوماليةواجتياح القوات الإثيوبية للعاصمة وجنوب الصومال. ولعل في الملتقى من هم من صناع هذه التجربة وروادها فيتحفنا بما لديه من مكنون الأسرار.

٢. لجنة المصالحة وتصحيح المسار:
وفي أواخر عام ٢٠٠٨م تأسست لجنة المصالحة وتصحيح المسار  لمعالجة  الخلافات الحادة بين الجبهات الإسلامية المتصارعة آنذاك، وبعد رفض الأطراف المعنية  لمشروع  اللجنة  وأطروحاتها انشغلت  بمواحهة  الموجات التكفيرية المتنامية وتسديدها ، ونجحت نسبيا في تخفيف   غلوائها والحد  من آثارها في أوساط المجتمع .

٣. من الرابطة إلى الهيئة:
وفي عام ٢٠٠٩م تم إعادة تفعيل رابطة العلماء بعد تغيير أسمها إلى “هيئة العلماء في الصومال”، لكن دون مشاركة التيار الصوفي وغياب خطابه هذه المرة  أو  تغييبه  بالأحرى  بسبب  هيمنة التيار السلفي ( الذي لم تتسع بعد أدبياته في عمومها للتصالح مع الخطاب الصوفي آنذاك)  على دفة الأمور، مع مشاركة رمزية من تيارين اخوانيين هما: الإصلاح (الجديد)  ، والتجمع  (آل الشيخ). هذه المرحلة من عمر الهيئة لم تعمر  طويلا، ولم تنجز كذلك كثيرا، بسبب غليان الخطاب الديني، وفوران الأوضاع السياسية بين الحكومة برئاسة الشيخ شريف حديثةالتكوين من جهة، وحركة الشباب و الحزب الإسلامي المعارضين من جهة ثانية، و عدم و ضوح  الرؤية و ضبابية الخطاب والمواقف الذي تبنته الهيئة من جهة ثالثة، فعلى الرغم من عقد  مؤتمرين و إصدار  بيان في كل منهما ، إلا أنها لم تات بالقول الفصل من جهة، ولم تجد آذانا صاغية من المعارضة خاصة من جهة ثانية. وقد قطعت جهيزة قول كل خطيب عند ما  تطور  الثوران إلى حرب مسلحة  بين الطرفين ومؤتمر الهيئة منعقد، أو لم يجف مداد بيانه بعد. وانفرط بعد ذلك عقد الهيئة إثر شتات أعضائها في الآفاق.

٤. إعادة تفعيل الهيئة:
وفي عام ٢٠١١م تم تفعيل الهيئة من جديد إثر مؤتمر عقد في مقديشو شارك فيه علماء من بعض الولايات ،  و كان  برعاية  الاتحاد  العالمي لعلماء المسلمين ، و أدخلت في الهيئة بعض التعديلات تمثلت في  إعادة  التيار  الصوفي  إلى حضنها  ، و إعادة  تشكيل  المكتب  التنفيذي  من  جديد بمشاركة ممثلين من أربعة تنظيمات  ، هي:  الاعتصام ، والإصلاح (الجديد) ، والتجمع (ال الشيخ) ، بالإضافة إلى التيار الصوفي، مع الإبقاء على الشيخ بشير رئيسا للهيئة.
أ. هذه الفترة استمرت لأكثر من خمس سنوات و لا  تزال . كما تميزت  بإحجام معظم العلماء من المشاركة في أعمال وأنشطة الهيئة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية المفروضة، وازدياد حملة إسكات العلماء  المسعورة  ، التي  تعرض بسببها بعضهم للاغتيال في بداية هذه  الفترة ، منهم على سبيل المثال الدكتور أحمد حاج عبد الرحمن، والشيخ عبد القادر نور فارح، رحمهما الله رحمة واسعة، وكانا من المشاركين في المؤتمر الأخير. كما نجى الله الشيخ بشير  من محاولة اغتيال ، ومثل ذلك الشيخ نور بارود،  نجا باعجوبة من حادثة تفجير واقتحام فندق صحفي ،  كما اغتيل ابنه الأكبر .
ب. ورغم  هذه الظروف الحالكة فقد كانت هذه الفترة خصبة وأسهمت فيها الهيئة في نشر الخطاب  الدعوي  الموزون  الوسطي من  خلال المنابر العامة ، وإصدار المواقف والبيانات حول القضايا الوطنية العامة ، وعقد  دورات  تدريبة للأئمة  والخطباء ( دورة  فقه المقاصد وصناعة الفتوى عام٢٠١٢م في مقديشو نموذجا ) ، وعقد المؤتمرات  ( مؤتمر  معالجة  ظاهرة  الغلو  في مقديشو ٢٠١٣م نموذجا بالتعاون مع الحكومة)، أو عقد ندوات و ورش عمل ( ندوة الشيعة والتشيع مقديشو ٢٠١٥م نموذجا، ومشروع  قانون الأحزاب مع اللجنة البرلمانية المكلفة بإعداده، ومثل ذلك مشروع الدستور  مع لجنة الدستور ) والمشاركة في المؤتمرات الوطنية التي تعقدها الحكومة من وقت لآخر  لمناقشة بعض القضايا الوطنية.
ج. كما أسهمت بدور فعال في بسط الاستقرار من خلال توحيد الخطاب الدعوي العام والحد من فوضى الفتوى الى حد ما وكسب ثقة المجتمع من جانب ، وتقريب الشقة ، وتقليل  المسافة  بين النظرة المجتمعية المشحونة بالعاطفة بحكم سيطرة أدبيات الخطاب التكفيري على الساحة الشعبية في بداية الفترة ،   وإن كان  يزداد خفة يوما بعد يوم  بسبب النضج  الشعبي المتنامي ، وبين الخطاب المضاد المعبأ سلوكيا هو الآخر في كثير  من الأحيان ( أو  هكذا بعض الياته وادواته على  الأقل  بحكم  الدور  الأجنبي في صياغته ) بروح الوطنية المغلفة بالتسيب والتحلل من كل ما هو  ديني بحجة محاربة الإرهاب والتطرف ، ومن ثم  الإسهام  عمليا – بطريقة أو  بأخرى – بانتشار الخطاب التكفيري.

د. خياران أحلاهما مر : وعليه كان أكبر تحد واجهته الهيئة و المؤسسات العلمائية الواعية – ولا تزال – هو  إنقاذ  الأمة  شعبا و حكومة من الوقوع فريسة  للمعادلة المفروضة علينا و على العالم الإسلامي ككل، وهي الصيررورة إلى أحد خيارين أحلاهما مر:
أولهما : ركوب  موجات  الانحراف الفكري والتطرف الديني المغلفة بالشعارات الإسلامية ، والتي تجتاح  البلاد  و العالم  الإسلامي طولا وعرضا ، وتاتي على الأخضر واليابس ، لا تبقي ولا تذر.
وثانيهما : ركوب  موجات رد الفعل والتطرف اللاديني ، و تبني  الانحراف الفكري و القيمي والسلوكي ومحاربة كل ما له صلة بالدين بذريعة التطرف والإرهاب،  وذلك كله تحت راية الوطنية ورفع شارات الدفاع عن الوطن.
و الهدف من فرض هذين  الخيارين  وأد صوت ( الأغلبية  الصامتة ) المفروض عليها الصمت  ، لإزاحة الخطاب  الإسلامي الوسطي الذي عليه جماهير  الأمة عن الساحة، والإبقاء عليه دون راية مرفوعة، و لا صوت مسموع.

 ه. الإسهام في حل النزاعات القبلية والمناطقية: لم ينحصر دور الهيئة في الخطاب الدعوي ، وإنما تجاوز وأسهم كذلك بشكل أو بآخر في المصالحة و حل  النزاعات  في  المناطق  التي  تنشب  فيها الحروب و التوترات القبلية ، و الإدارية ، وأحيانا حتى في حل الخلافات السياسية بين المؤسسات الحكومية من رئاسة و حكومة و برلمان وغيرها ،  كان لها كلمتها ومبادراتها في كل ذلك.

   و. الإسهام في حملات إغاثة المنكوبين وإيواء النازحين من الجفاف والحروب: ومما يمكن عده في إطار  الإسهامات العلمائية  في الاستقرار  – وهو أمر لا يخفى على أعين المتابعين –  دورها في حملات إغاثة المنكوبين والمتضررين من الجفاف والتصحر تارة، والفيضانات التي ابتليت بها البلاد والعباد في السنوات الأخيرة تباعا تارة أخرى، و مثل ذلك إيواء النازحين و اللاجئين من الحروب (العائدين واللاجئين من الحرب اليمنية نموءجا )، و قد كان الشيخ  نور  بارود  جرحن والشيخ بشير احمد صلاد ، و الشيخ يوسف علي عينتى من أبرز المساهمين في اللجان التي عملت في هذه  المشروعات التي لا  يخفى  دورها  في تحقيق الاستقرار المجتمعي على أحد.

هذه إشارات خفيفة لبعض المعالم المشرقة لدور هيئة علماء الصومال في الفترة السابقة والتي تصب في خانة دعم  الاستقرار المجتمعي  في البلاد، ولا شك أن هذه الكلمات المرتجلة لا توفي بالغرض  ، و لا  تعطي الصورة الحقيقية  لدور الهيئات العلمائية و خطابهم  في  دعم  مسيرة الاستقرار بالبلاد.

الزاوية الاخرى في الاتجاه المعاكس:

ولا شك كذلك أن هناك وجها آخر أو وجوها أخرى ليست كذلك، بل قد يرى البعض أنها سلبية وتسهم في  زعزعة  الاستقرار  في بعض الأحيان بدلا من تثبيت أركانه ، و أن  خطاب الهيئة  في كل هذه الفترات كان يحمل هنات كثيرة، و كان على عكس ما ذكر عاطفيا وغير متوازن، نا هيك عن أن يكون وسطيا معتدلا.

كل هذا وأكثر يمكن أن يقال في الهيئة وغيرها من المؤسسات العلمائية؛ لأن عملها اجتهاد بشري غير معصوم، و القصد منه التسديد و التقريب ،  بقدر الامكان ،  وطبيعي أن تشوب هذا الاجتهاد الشوائب و الاخطاء و لا بد ، لا سيما  إذا  كان العمل في بيئة  استثنائية  كل ما  فيها  تقريبا  استثنائي و غير طبيعي، بكل ما تحمل هذه الكلمة من مضامين، و هذا يعني أن القضايا المطروحة والأدوات المستخدمة  و الإمكانات المتاحة  ، والقدرات البشرية ، وكل  مدخلات هذا العمل استثنائية تقريبا وغير طبيعية، فلا غرابة إذا كان  المنتج كذلك غير طبيعي.
وليس المقصود في هذه المقالة التقويم ولا التبرير بقدر ما هو عرض لبعض المعالم التي تهدي إلى غيرها  ، و التقويم  و التسديد متروك للسادة العلماء الأفاضل في هذا الملتقى.

مآخذ في مقابل المعالم:

يمكن الإشارة باقتضاب إلى بعض ملامح النقص وجوانب الضعف الذي ظلت تعاني منه الهيئة على الرغم من كل ما ذكر، و تحتاج إلى جبر و تسديد من أصحاب  الخبرات و المؤهلات العلمية بالرغم من كل ما ذكر:
١. لم تنجح الهيئة في إقناع علماء بعض الاتجهات الفكرية  بالانضمام  إليها رغم  محاولة  ذلك  عند إعادة  التفعيل في المرحلة  الأخيرة على الأقل ( الإصلاح – القديم ، العائق الظاهر وجود الطرف الآخر المنافس).
٢. إحجام معظم العلماء عن الانخراط في نشاط الهيئة وأعمالها رغم قناعتهم التامة بها، للأسباب الأمنية المعروفة للجميع ، و ظل ذلك و لا يزال مصدر إعاقة كبيرة لأدائها.
٣. لم تتمكن الهيئة من الانتشار أفقيا و توسيع عضويتها في الأقاليم ، و افتتاح  فروع لها  في المحافظات بالرغم  من التجاوب الكبير معها  ، للأسباب الأمنية أولا ، ولأثر  الحمى الفيدرالية تارة، ولضعف التخطيط والقدرات والإمكانات ثالثا.
٤. لم يتم الاحتفاظ طويلا بالطرف الذي كان يمثل الاتجاه الصوفي، حيث خرج من عباءتها بعد عامين ونصف تقريبا، لأسباب سياسية ولم تكن فكرية ، و لكن أيا كانت الأسباب والمسؤول عنها فهي محسوبة على الهيئة ولا تحسب لها.
و لكن ما  يحسب لها  أنه  تم  تدارك  هذا الأمر  ومعالجته  لاحقا ٢٠١٦م  بشكل أفضل من  الأول، وهو تنسيق العمل و توحيد المشروعات بدلا  من توحيد المؤسسات و الإدارات وأتى بنتائج أفضل، بحيث تمت التوأمة بين ثلاث مؤسسات علمائية عاملة في الساحة، وهي:
أ. هيئة العلماء في الصومال برئاسة الشيخ بشير أحمد صلاد، موضوع الحديث.
ب. المجلس العام لعلماء الصومال، وهو مظلة تمثل المؤسسات العلمائية ذات التوجه الصوفي في جنوب الصومال، يرأسه الشيخ محمود عبد الباري، ويمثله غالبا في المحافل المتحدث باسمه: الشيخ عبد القادر شيخ محمد ابوبكر (صومو) .
ج. مجمع العلماء في الصومال برئاسة الشيخ يوسف علي عينتى.

٥. لم  تتمكن الهيئة من  ترسيخ المؤسسية في عملها العلمي والإداري بإنشاء لجان متخصصة علمية وإدارية تساعد المكتب التنفيذي في دراسة القضايا و المسائل المطروحة  على بساط البحث، بما يكفي لإنضاج القرارات و الفتاوى و البيانات والمواقف التي تصدرها و بما يتناسب مع حجم الهيئة في نظر  المجتمع و الدولة ، مما عرضها لانتقاد شرائح واسعة من المجتمع لبعض مواقفها (الموقف من تمثيل المراة في البرلمان ، وقضية الجندر نموذجا ) ؛ و  ذلك لضبابية  في الرؤية وضعف في التخطيط  ، و نقص في  القدرات البشرية، و قلة في الإمكانات …. وهلم جرا.
٦. وقل مثل ذلك وللأسباب نفسها الإخفاق في صياغة  ميثاق  شرف  حول  القضايا  الفقهية الخلافية ، بحيث  يكون هو المرجع  في كل ما يصدر باسم الهيئة، بعيدا عن القناعات الشخصية لممثل  الهيئة ، أو  المتحدث  باسمها ، أيا  كانت المناسبة ، وأيا كان موقعه و منصبه فيها، بحيث يتم التمييز  بين المواقف التي يدلي بها  العضو بصفته ممثلا للهيئة ملتزما بميثاقها عن تلك التي يدلي بها بصفته الشخصية أو ممثلا لجهة أخرى غير الهيئة.
٧. ومن أبرز جوانب الضعف (وللأسباب المذكورة وغيرها) ضعف القدرة في  توثيق  أعمال  الهيئة وأنشطتها وإنجازاتها وإصدار التقارير والكتيبات أو الكتب والمواثيق  لتعريف المجتمع  الصومالي والعالم بالهيئة:رؤيتهاورسالتهاوأهدافها وخططها ومشاريعها، وما تقوم به من البرامج .

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى