علماء من عصرنا

تعرّف على العالِمُ الداعية المؤلِّف المحقِّق “الدكتور محمد حميد الله الْحَيْدَرْآبادي”

تعرّف على العالِمُ الداعية المؤلِّف المحقِّق “الدكتور محمد حميد الله الْحَيْدَرْآبادي”

بقلم أ. سيد عبد الماجد الغوري -معهد دراسات الحديث النبوي- / الكلية الجامعية الإسلامية العالمية بسلانجور – ماليزيا

رجلٌ فَذٌّ عالِيُ الْهِمَّة …. كان يُعَدُّ من أعلام المسلمين ومشاهيرهم في هذا القرن.

أوقف حياتَه كلَّها على خدمة الدين والعِلم، وعلى البحث العلمي والكتابة والتحقيق.

أتقن العديدَ من اللغات العالمية مثل: العربية والأردوية والتركية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، وألَّف في كلٍّ منها كتباً هادفةً إسلاميةً نافعةً.

عاشَ في فرنسا مدةً مديدةً ناهزت نصفَ القرنِ داعياً إلى الله عزَّ وجلَّ، وقد أسلم على يديه أكثَرُ من أربعين ألف فرنسيٍّ.

تَرْجَمَ القرآنَ الكريمَ باللغة الفرنسية وأجاد فيها إجادةً تامَّةً، وقد طبعتها السعوديةُ في عدد مئات الآلاف ووزّعتها مجاناً.

عَمِلَ في كبرى جامعات فرنسا وتركيا وباكستان محاضراً وأستاذاً وباحثاً، وتخرَّجت عليه نخبةٌ ممتازةٌ من المشاهير أمثال: الأستاذ فؤاد سِزْكِيْن (مؤلِّف “تاريخ التراث العربي”)، والدكتور إحسان أوْغلو (الأمين العام السابق لمنظَّمة المؤتمر الإسلامي OIC )، والمفكِّر الداعية الأستاذ يوسف ضياء قاوَقْجِي، والمؤرِّخ البروفيسور الدكتور إحسان ثُرَيَّا صَرْما، والدكتور محمود أحمد الغازي (وزير الأوقاف الباكستاني ورئيس الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد سابقاً).

عَرَض عليه الملكُ فيصل بن عبد العزيز الجنسيةَ السعوديةَ من الدرجة الأولى، فاعتذر إليه عن قبولها قائلاً: “إنَّ إقامته في فرنسا أنفَعُ للإسلام مِن إقامته في السعودية”؛ لأنه كان سببَ هدايةِ كثيرٍ من أهلها.

كان شديدَ الزهدِ والاحتسابِ، حتى إنه عندما عُرِضَ عليه التَّرَشُّحُ لجائزة الملك فيصل العالمية تقديراً لمؤلَّفاته الإسلامية القيمة وجهوده المُخلِصة المُثمِرة في نشر الإسلام في أوروبة؛ رَفَض بشِدَّةٍ قائلاً: “أنا كلُّ ما ألّفتُه من الكتب فهو مِن أجل ابتغاء رِضا الله عزَّ وجلَّ فقط، فلا تُفسِدوا عليَّ ديني”. ولَمّا مُنح له أرفعُ وسامٍ من باكستان تقديراً لأعماله المميَّزة في السيرة النبوية؛ قد تبرَّع بقيمة الجائزة السخية كلِّها قائلاً: “لو قبلتُ الجائزةَ في هذه الدنيا الفانية، فماذا سأنال هناك في الدار الباقية؟”.

ألَّف العديدَ من الكتب النافعة، ومئاتٍ من المقالات العلمية في: القرآن الكريم، والحديث النبوي، والسيرة النبوية، والفقه، والتاريخ، والحقوق، والمكاتيب، وغيرها، كما حقَّق العديدَ من المخطوطات النادرة في كلٍّ من هذه الموضوعات.

ومِن أبرز إسهاماتِه تأسيسُه لمبدأ الحياد في القانون الدولي الإسلامي، وكان على قناعةٍ بأنَّ فكرة القانون الدولي مستمدةٌ أساساً من إسهامٍ إسلاميٍّ، كما أنَّ له الفضل في إدخال مصطلحات جديدة في القاموس الإسلامي مثل: “الدولة المدنية”، والدستور المدني”.

إنه …. العالِمُ الداعية المؤلِّف المحقِّق …. “الدكتور محمد حميد الله الْحَيْدَرْآبادي”….، مؤلِّفُ كتاب “مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة”، الذي يُعتبَر مرجعاً ثَرّاً في هذا الباب، ولا غِنًى عنه لكلِّ مَن له اشتغالٌ بالتاريخ الإسلامي والسيرة النبوية والحديث الشريف.

وفَّقني اللهُ بتأليف كتابٍ عن حياته وآثاره (أيامَ طلبي للعِلم في دمشق الفَيْحاء حَرَسها المولى تعالى وأعاد إليها بهاءَها وجمالَها)، وقد طُبِعَ في بيروت بتقديم أستاذَيَّ الجليلَين وشيخَيَّ الكبيرَين: الدكتور نور الدين عِتْر الحلبي والدكتور محمد عَجَاج الخطيب الدمشقي (من الأساتذة المبرَّزين سابقاً في جامعة دمشق وغيرها الكثير من الجامعات الإسلامية المرموقة)، وأوّلُ مَن هَنَّأني على تأليفه هو تلميذُه النابغة الدكتور محمود أحمد الغازي عبر الهاتف قائلاً: “إنك بتأليف هذا الكتابِ قد أدَّيتَ عنا فرضَ الكفايةِ”.

كتبتُ هذه الكلماتِ بمناسبة الذكرى السابعة عشر لرحيله (الذي كان في 17 ديسمبر عام 2002م ).

 

 

 

 

(المصدر: صفحة أ. سيد عبد الماجد الغوري على الفيسبوك)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى