متابعات

بيان رابطة علماء فلسطين | حكم الإسلام في التطبيع مع العدو الصهيوني المحتل لأرض فلسطين

بيان رابطة علماء فلسطين | حكم الإسلام في التطبيع مع العدو الصهيوني المحتل لأرض فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم الإسلام في التطبيع مع العدو الصهيوني المحتل لأرض فلسطين

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:

إن ما يجري الحديث عنه اليوم من تطبيع مع العدو الصهيوني وقبوله في المنطقة وما تبرره بعض الحكومات لهذا التطبيع يعد من أخطر الاختراقات وتهديداً لأمن الأمة وإفساد عقيدتها وتضييع شبابها لأن الصلح والتطبيع يعني: تمكين اليهود من أرض المسلمين، وعلى رقاب شعب مسلم، هذا بخصوص أي أرض إسلامية فما بالنا إذا كانت فلسطين المباركة، الأرض المقدسة وفيها المسجد الأقصى المبارك، الذي يعتبر جزء من ديننا قرآناً وسنةً وعقيدة.

ومن هنا فإن الصلح والتطبيع مع العدو الصهيوني يعني الاستسلام للكفار وعلو شأنهم، وإضاعة للدين وللأراضي الإسلامية.

والتطبيع لا يكون إلا بعد صلح، والصلح الشرعي المجمع عليه هو: الصلح مع الكفار إن دعت المصلحة على وضع الحرب مدةً معلومة إن كان عقداً لازماً، أو مدة مطلقة إن كان عقداً جائزاً ممكن الفسخ وقت الحاجة, هذه هي حدود الصلح الشرعي بالإجماع, أما الصلح أو الاتفاقيات المتضمنة تنازلات عقدية وإلغاء لأحكام شرعية فهذا صلح باطلٌ شرعاً بالإجماع، بل هو حقيقته استسلام ونكوص عن الشريعة وتخلٍّ عن بعض أحكامها.

ومما لا شك فيه أن من عقد صلحاً مع العدو الصهيوني لم يحصد سوى الخيبة والذل، ولم ينته مسلسل التنازل للعدو، فلم تعد الأرض لأصحابها ولم تحرر المقدسات ولم ينل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.

ومن منطلق الأدلة الشرعية وواقع الحال والمآل نؤكد على حرمة الصلح والتطبيع مع العدو الصهيوني ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن يعقده بتلك الصورة ، وإذا وقع كذلك فإنه يقع صلحاً باطلاً ومن هذه الأدلة:

1 ـ الصلح والتطبيع يضاد قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} وإذا كان الله أوجب القتال لإنقاذ المستضعفين فكيف نصالح الصهاينة المحتلين صلحاً يمكنهم من المستضعفين من المسلمين في فلسطين وهذا مما يتضمنه التطبيع.

٢ ـ قال تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} فكيف نصالح ونطبع مع العدو الصهيوني وقد قتل وشرد واعتقل الملايين من أبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا إلى يومنا هذا.

٣ ـ وهو صلح باطل لما فيه من الشروط الباطلة المضادة للإسلام، وقد جاء في حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: ” كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ ، كِتَابُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ “(متفق عليه)، ففيه من الشروط الاعتراف بالكيان اليهودي، وإلغاء الجهاد وأمثال ذلك.

4 ـ ويضاد الأصول المجمع عليها في جهاد الأعداء والبراءة منهم، وموالاة المسلمين ونصرتهم بدعمهم والوقوف معهم، وهذا ما أكدت عليه الأدلة الشرعية من الآيات والأحاديث.

  1. إن الصلح القائم والتطبيع الجاري يمثل ظلماً وعدواناً على الشعب الفلسطيني، فهو ينكر حق الشعب الفلسطيني في أرضه، ويقر زوراً بحق اليهود عليها مع ما يترتب على ذلك من تجريم المقاومة وكأنها معتدية والتضامن مع العدو وكأنه ضحية معتدى عليها فضلاً عن تمزيق الأمة وانقسامها على نفسها.

لكل ما سبق من أدلة وغيرها يعتبر الصلح والتطبيع مع العدو الصهيوني باطلاً وجريمة في حق  الأمة وأجيالها، ومخالفة صريحة لأحكام الشرع.

كما وتأتي هذه الفتوى تأكيداً لكل الفتاوى الشرعية التي صدرت عن علماء الأمة، فلقد أوجب أهل العلم في العصر الحديث منذ بدأت قضية فلسطين قبل أكثر من سبعين عاماً، أوجبوا القتال ضد اليهود الغاصبين، ومنعوا الصلح معهم، الصلح الذي بمعنى الاستسلام ويعنى مضادة الشريعة وإلغاء بعض أحكامها، وإن سُمي صلحاً.

وإن علماء الأمة ومنذ ثلاثينيات القرن الماضي؛ يعني ما قبل تأسيس الكيان الغاصب، فإنهم لم يختلفوا في حرمة التطبيع مع الصهاينة المحتلين الغاصبين، ولم يختلفوا كذلك على وجوب قتالهم لإخراجهم من أرض المسلمين.

فمن الفتاوى في ذلك:

1 . فتوى علماء وقضاة وخطباء فلسطين الذي انعقد في القدس عام 1355هـ الموافق 1935م وأصدروا فتوى بحرمة بيع الأراضي الفلسطينية على اليهود، لأنه يحقق المقاصد الصهيونية في تهويد أرض فلسطين، وأن من باع الأرض عالماً بنتيجة ذلك راضياً به فهذا يستلزم الكفر والردة، وأشاروا إلى فتاوى علماء المسلمين في العراق ومصر والهند والمغرب وسوريا والأقطار الأخرى بأنها أيضاً تحرم بيع الأرض في فلسطين لليهود، ثم ذكروا الأدلة في ذلك.

2 ـ وكذلك فتوى علماء الأزهر عام 1366 هـ وأيضاً عام 1367 هـ بوجوب الجهاد لإنقاذ فلسطين.

3 ـ وفتوى علماء المؤتمر الدولي الإسلامي المنعقد في باكستان عام1388هـ ، 1968م .

4 ـ وكذلك فتوى لجنة الفتوى في الأزهر الصادرة عام 1375 هـ بتحريم التطبيع مع اليهود .

5 ـ أيضاً أصدر مجموعة من العلماء عام 1409 هـ ، 1989م ، بلغ عددهم ( 63 ) عالماً من ثماني عشرة دولة فتوى بتحريم التنازل عن أي جزء من فلسطين.

6 ـ وأصدر مجموعة كبيرة جداً من علماء اليمن فتوى في تحريم التطبيع مع اليهود.

7 ـ وفتوى مؤتمر علماء فلسطين المنعقد في 1412 هـ أفتوا بحرمة المشاركة في مؤتمر مدريد وأفتوا أيضاً بحرمة التطبيع مع اليهود ثم ذكروا الأدلة الشرعية في ذلك.

نقول هذا إبراء للذمة، ونصحاً للأمة، وبياناً للحق، ودفعاً للالتباس والتضليل، والله تعالى أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رابطة علماء فلسطين – غزة

الخميس 26 جمادي الثاني 1440 هـ  الموافق 3 مارس 2019 مـ

(المصدر: رابطة علماء فلسطين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى