العلمانية سرطان العصر للأمة الاسلامية

العلمانية سرطان العصر للأمة الاسلامية

بقلم مصطفى بن الزهرة

عندما تصاب أمة من الأمم بهذا المرض المدمر “فقدان الذات” فإن أبرز أعراضه يتمثل في الانبهار القاتل بالأمم الأخرى والاستمداد غير الواعي من مناهجها ونظمها وقيمها فتجرع أشباه المتثيقفين الثقافة الغربية حتى ثملوا وصاروا يهرفون ويطبلون بما لا يعرفون فقط إمعة ومجرد عبيد للغرب.

من بين شطحات اللادينين العرب ما صدعوا به رؤوسنا قولهم:

ضرورة العلمانية  في البلاد العربية.

وما فيها من بريق  ما يكفي لتضليل وإغراء من في نفسه مهزوز.

وقبل الخوض في التوضيح يوجب توضيح معنى العلمانية  ففي غالب الأحيان يحاول العلمانيون أن يربطوا العلمانية بأنها مشتقة من العلم بينما لفظ العلمانية ترجمة خاطئة لكلمة (secularism) في الإنجليزية، أو (secularity) بالفرنسية وهي كلمة لا صلة لها بلفظ “العلم” ومشتقاته على الإطلاق.

فالعلم في الإنجليزية والفرنسية معناه  (science) والمذهب العلمي نطلق عليه كلمة (scientism) والنسبة إلى العلم هي (scientific) أو (scientifique)  في الفرنسية.

والترجمة الصحيحة للكلمة هي (اللادينية) أو (الدنيوية) لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص هو ما لا صلة له بالدين، أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد.

وتتضح الترجمة الصحيحة من التعريف الذي تورده المعاجم ودوائر المعارف الأجنبية للكلمة:

تقول دائرة المعارف البريطانية مادة (secularism): (هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها).

وقد يتساءل الشخص كيف نشأة فكرة فصل الدين عن الدولة فالمتوغل في التاريخ يدرك أن سببها هو فكر الكنيسة وما كان بينه والعلم من حرب دارت ولا تزال حتى الآن.

وحرصا على الاختصار والإفادة فان أبلغ عبارة وجيزة تبين سبب ظهورها ما قاله عبد العزيز الطريفي:

نشأ (فصل الدين عن السياسة) في الغرب لأن دينهم فاسد وسيُفسد السياسة. ونشأ الفصل في الشرق لأنّ السياسي فاسد والدين يُفسد عليه سياسته .

ويحدث أن نتصادم في الحياة اليومية مع ما يتم زعمه والترويج له من شعارات براقة لجذب ضعاف النفوس والجهلاء ما ينشره الإعلام من ترهات كمثال على ذلك العلمانية تضمن حرية المرأة ويذكرني ذلك بما قاله علي شريعتي:

إنهم لا يردون حرية المرأة بل حرية الوصول لها.

فالحرية التي ينادون بها للمرأة هي الحرية الجنسية للزنا والدعارة وسلخ المرأة من ثيابها ومن حيائها وأخلاقها وعفتها.

والحرية الشخصية التي يزعمونها هي حرية الشذوذ وحرية التطاول على النبي صلى الله عليه وسلم ونشر الصور المسيئة بحجة حرية الرأي وحرية  الزوجة في معاشرة من تريد بحجة حرية شخصية والفن والإبداع  الذي يريدونه هو الفن الهابط كأفلام الإباحية والجنس وثقافة العري و …

كل تلك الخرطقات والخزعبلات مجرد وسيلة للترويج لبضاعتهم الفاسدة والتي لا يبتلعها إلا من اتبع هواه أو كان جاهلا.

وقد يعترض آخر علماني قائلا: أنت مخطأ في تعريفك لها.

حسنا وما تعريفها؟

العلمانية تعني فصل الدين عن السياسة.

ويكفي هنا أن نرى خبث ما يروجونه أنهم يحاولون محاربة الإسلام لأنهم يدركون انه سر قوتنا إن طبقناه، لذلك نرى الهجوم الشرس من الدول الغربية والضغوطات التي يفرضونها على كل بلد تقام فيه شعائر الإسلام.

مما سبق من قول العلماني إن العلمانية تعني فصل الدين عن السياسة سيتحول فيما بعد إلى فصل الدين عن الحياة.

والدين المقصود بالذات هو الإسلام تحديدا.

إذ أن الشريعة الإسلامية أكبر عائق يواجهه العلماني وقد يحدث أن يتساءل أحدنا لما الإسلام بالضبط؟

ذلك لأن الشريعة الإسلامية تحرم الشهوات والرذائل التي يريد فعلها فهم يطمحون إلى أن يصبغوا تلك الأفعال صبغة الأفعال اللائقة ويسعون لأن يوهمونا بأن الرذية مثلا كالشذوذ الجنسي فعل مقبول.

إن العلمانيين العرب أو كما أحب أن اصطلح عليهم ذيل الغرب لما نجح الغرب في التطور قالوا تطوروا لأنهم تخلو عن دينهم وهذا كلام شاعري لا صلة له بالمنطق.

فالدارس للتاريخ يدرك أننا كنا أسياد للأمة حينما اتبعنا ديننا وكلاب الروم تحت أقدامنا وبعد أن ابتعدنا عن الإسلام أصابنا  الذل والخوف.

على العلمانيين أن يدركوا أن الحلول المستوردة لا تنجح  علينا أن نولد حلولنا بأنفسنا لا أن نستوردها.

ثم ما الذي قدمه الملحدون والعلمانيون العرب؟

لا شيء.

أعتقد أن إظهار علمانيتهم هو لمجرد الحصول على تأشيرة للغرب فقط.

آه من هؤلاء الخونة.

وبنظرة للواقع فليصدق العلماني نفسه من قال إن الدول العربية هي دول دينية؟

فقط هو ينسب هذا ليقول ان الشريعة هي سبب فشلنا، والحقيقة  أننا بعيدون كل البعد عن شريعة الله عز وجل.

ان سبب تخلفنا هو الانحراف عن فهم الإسلام نفسه، وانحسار مفهوماته التصورية في معانٍ ضيقة ومدلولات محدودة.

أنظمتنا علمانية منذ زمن فماذا قدمت؟

الجواب لا شيء فقط متخاذلة منقادة بيد الغرب ثروتنا تنهب بلداننا محتلة و في تبعية وزد على ذلك غطرست أمريكا وبلطجتها على ظهورنا.

ويحيرني العلماني المسلم الذي يقول ان العلمانية هي الحل و البديل عن الإسلام طبعا فهذا ينقض إسلامه.

فهو يطعن في شريعة الله فهو كمن قال القرآن غير صالح الآن.

وهذا منافي للإسلام فالشريعة الاسلامية صالحة لكل مكان و زمان الى ما لانهاية.

فالمسلم الذي يقول أنه علماني  فهو في الحقيقة يطعن في الله عز وجل و كأنه يقول “شريعتك يا الله ليست صالحة لهذا الزمن والمكان وما تمليه امريكا صحيح ولها نسمع ونطيع”

انه هذا باطن ما يخفونه العلمانيين المنتسبين للإسلام .

يقول عز وجل:

وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ

المائدة:50

وهم بذلك يكذبون الآية الكريمة السابق ذكرها.

يتبع…

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى