علماء من عصرنا

الشيخ عبد الباقي رَمْضُون العالم المهاجر الصابر

إعداد الشيخ مجد مكي

لم يقدر الله تعالى لي اللقاء بهذا العالم الفاضل الصالح، وأول ما تعرفت على اسمه في كتاب: ” خطر التبرج والاختلاط” الذي طبعه في السبعينيات من القرن الماضي، واقتنيت نسخة منه وضممته إلى كتبي في مكتبتي الصغيرة بحلب.

ثم تردد اسمه على مسامعي من كلام صديقيه الفاضلين: عبد الكافي وعدنان الأبرش رحمهم الله تعالى جميعا. 

ولما بلغني نبأ وفاته، نشرت صورته وكتبت على صفحتي:

انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ الفاضل العالم المهاجر

عبد الباقي بن عبد القادر رمْضون في إصْطنبول

فجر يوم الأربعاء ٢١ ـ ٥ ـ ١٤٣٩ هـ

الموافق ٧ ـ ٢ ـ ٢٠١٨ م

رحمه الله تعالى رحمة واسعة وتقبَّله في عباده الصالحين.

ثم تواصلت بعد ذلك مع ابنه الكبير أسامة ليمدني ببعض المعلومات عن هذا الفقيد، فنكرم وأرسل لي أوراقا فيها معلومات قيدها والده، فأخذتها وصححتها وصغت منها هذه الترجمة، وأضفت إليها بعض الكلمات التي قيلت فيه وأهمها كلمة الدكتور غازي التوبة حفظه الله في ذكرياته عن الفقيد، وكلمة فضيلة الشيخ محمد ممدوح جنيد عنه.

اسمه ونسبه: 

هو الأستاذ الشيخ عبد الباقي بن عبد القادر بن أحمد رمْضون.. القاضي، يصل نسبه إلى سيدنا الحسن بن على ابن بنت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ولادته ونشأته:

ولد في مدينه حمص عام 1936م الموافق 1354هجري لعائله متواضعة، كان والده يعمل بالصوف واللباد.

في عامه الخامس أدخل إلى الكتّاب عند الشيخ ياسين الشيخ سليمان، وتعلم منه الحروف العربية والآيات القرآنية.

وفي سنّ السادسة دخل في المدرسة الابتدائية (منبع العرفان) في حي بيت السباعي.

وفي المرحلة المتوسطة انتسب إلى (متوسطة خالد بن الوليد) …. وبدأ من الصف السادس، وفيها تعرف على فتيان بدر.

فتيان بدر: 

يقول الشيخ في ذكرياته: (جزى الله فتيان بدر خير الجزاء لأنهم أرشدوني ودلوني على الطريق الصحيح للدين الإسلامي من صلاة وصيام ودعوة وتحمُّل للأخرين والوقوف في وجه الدعوات الضالة، مثل دعوة الشيوعيين والبعثيين والقوميين ….. وغيرها كما علموني عقيده الولاء والبراء؛ الولاء لله ولمن يحب، والبراء ممن لا يؤمن بالله وممن لا يحبه الله، ومنذ ذاك الحين سرَتْ في أعماقي لذه العقيدة الصحيحة ولذة التعامل والتعاطف معها).

في مواجهة الشيوعيين: 

وكانت أول مواجهاته مع الشيوعيين الملحدين – كما يقول في مذكراته- في المرحلة الثانوية، وقد حصلت صدامات عنيفة مع الشيوعيين طرد على أثرها من المدرسة الثانوية نهائيا. ثم عُدِّل قرار الطرد الى 23 يوماً فقط مع نقله إلى مدرسة أخرى هي ثانوية عبد الحميد الزهراوي، ثم طرد بعدها 20 يوماً ، وعاد وتخرج بشهادة البكالوريا.

وفي تلك الفترة لازم المشايخ وقادة الفكر الإسلامي.

أساتذته وشيوخه: 

-الشيخ وصفى المسدِّي، درس عليه الفقه والتجويد ووجهه التوجيه الحسن، وكان أول مشايخه جزاه الله خير الجزاء ورحمه رحمة واسعة

– الشيخ محمود جنيد، درس عليه علم الفرائض والمواريث.

– الشيخ عبد السلام أبو السعود، درس عليه علم النحو.

– الشيخ عبد العزيز عيون السود، قرأ عليه القرآن.

– الشيخ أحمد الكعكى.

– الشيخ محمد على مشعل، واستفاد منه في منهجه في الدعوة إلى الله.

– الشيخ مصطفى السباعي. رحمهم الله تعالى جميعا.

– وتعلم من الأستاذ الشيخ علي الحسن أصول العقيدة وحقيقة الولاء والبراء وكيفية الصراع مع أعداء الله جزاه الله خيراً.

في دار المعلمين: 

بعد حصوله على الثانوية (فرع الطبيعيات) قبِل في كليه المعلمين في دمشق والتحق بها، وكانت هناك صراعات مع الشيوعيين والقوميين، وحصل على شهادة أهلية التعليم.

وعيِّن مديراً على ضفاف الفرات في قرية (أبوهريرة)، وكان إمام المسجد فيها.

انتسابه إلى كلية الشريعة بدمشق: 

انتسب إلى الجامعة السورية بدمشق في كليه الشريعة بعد مقابلة مع عميدها د. مصطفى السباعي – رحمه الله تعالى- وتخطّى السنة الأولى، وبعدها توقف عن الدراسة بسبب ظروف معيشية قاسية.

انتسب إلى جمعية العلماء في حمص كعضو فيها وألبسوه فيها مع أخيه وصديقه الحميم الشيخ عدنان الأبرش العمامة والجبة.

يقول في مذكراته: (عدت إلى حمص بعد سنتين، وعينت في جب البستان في جبال النصيرية، وحصل فيها بعض الصراع مع المرشدين وكان يؤيدني العلويون.

وعينت بعدها في حمص قرية دار الكبيرة.

ودعيت الى خدمة العلم بعدها (التجنيد الاجباري) في الكلية الحربية في حلب، ثم تمَّ تسريحي بعد سنة بقرار إيقاف إلزامي.

بعد عودتي إلى حمص خطبت في مسجد جوره الشياح في حفلة جمعية العلماء، ودعيت بعدها لمقابله المحافظ بسبب الخطبة.

عدت بعدها الى مسجد خالد بن الوليد، واعتصمت فيه، وانضمَّ إليَّ الشيخ عدنان الأبرش رحمه الله، وخطبت خطبة، وتأزم الوضع فطوِّق الجامع بالمخابرات والجيش والدبابات، واخترق المسجد بدبابة بعد تحطيم باب المسجد واعتقلونا واقتادوني إلى دائرة المخابرات فعذبنا، ثم نقلنا للسجن المركزي وبقيت فيه 15 يوما بعدها تدخلت جمعية العلماء على رأسهم الشيخ وصفي المسدي، وأفرج عني وعدت إلى وظيفتي).

دور جمعية العلماء في حمص: 

يقول رحمه الله تعالى: (كان لجمعيه العلماء دور في المناسبات الدينية ونشاط في الدعوة وتأليف الشباب حولها خاصه في المولد النبوي صلى الله عليه وسلم مما دفع الشباب إلى الالتفاف حول العلماء والدعاة، وظهر فيها نشاط فعَّال في هذا المجال فأُصدر قرار بمنع الاحتفال بالمولد النبوي إلا الاحتفال الرسمي مع المحافظ.

وعند وصول المحافظ إلى باب الجامع الكبير صرَّح بأنه هو الذي منع الاحتفالات فرماه أحد الشباب بحجر، وبدأ العراك فتدخلت الشرطة، ثم المخابرات، وأخيراً دخل الجيش بدباباته).

خروجه من حمص إلى طرابلس فالسعودية: 

كان الشيخ رحمه الله تعالى آنئذ خطيباً في مسجد صليبة القصيباتي فتعرض لهذا الموضوع بصراحة، ولوحق بعدها ونُصح أن يغادر البلد فذهب إلى طرابلس في لبنان، ومكث فيها سنة ونصفا، ثم انتقل إلى السعودية مدرساً وإماما لمسجد النور في تبوك لمده 24 عاما، وكان من المؤسسين للجماعات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، ومدارس تحفيظ القرآن في تلك المنطقة.

درَّس الشيخ في مدارس تبوك ما يزيد على أربعة عقود، وهو صنو الشيخ عدنان الأبرش رحمهما الله تعالى.

مؤلفات الشيخ: 

ترك الشيخ عددا من المؤلفات، هذه عناوينها:

– خطر التبرج والاختلاط، ألفه في لبنان بسبب كثرة التبرج والاختلاط فيه.

– الجهاد سبيلنا، تم تأليفه بالسعودية أثناء الغزو الروسي ضد الأفغان.

– لسان البيان في تجويد القرآن على رواية حفص بن سلمان.

– الأسئلة والأجوبة النحوية عن الألفية المالكية شرح بن عقيل.

– عالمية النظام الإسلامي (مسودات لم تكتمل بسبب مرضه).

كتابة الشعر:

كتب خواطر شعرية في مناسبات متنوعة وفي فترات مختلفة وفي عدد من المواضيع.

وهذه نماذج من أشعاره:

من ساحات الجهاد :

من تدمر شبَّت أحزاني=وفقدت أعزَّ الإخوان

وتأجَّج في قلبي نار=دبَّت في عظمي وكياني

في تدمر دمعي منسكب=كالغيث شديد الهطلان

من فرط حرارته يغلي=كالمهل شديد الغليان

فاضت أرواحهُمُ تشكو=للربِّ صنيع الطغيان

لاقوا في السجن مصارعهم=برصاص جنود الشيطان

ما كان سلاحهم إلا=تكبير باسم الرحمن

وفّوا بالعهد لربهم=ومضوا شهداء الإيمان

في أعلى الجنة مسكنهم=أعظم بالجنة من شان

أتمنى لو أني معهم=لأفوز بذاك الرضوان

لن أنسى مجزرة الباغي=لن أنسى صنيع العدوان

                            ***

سأعاود ذكراها أبداً=ما عشت بعمري وزماني

فجعت قلبي مأساتهمُ=فانشقَّ كورد ودهان

إن عشت سأثأر للشهدا=وسيثأر كل الإخوان

سأجاهد أعدائي أبداً=بيدي وبسيفي ولساني

كي أشفي صدري من غيظ=ويعود الأمن لأوطان

إلى أن يقول في أحداث الثمانينيات:

فانتفض الشعب بثورته=بقيادة جند الرحمن

لتدكَّ حصوناً وقلاعاً=وتطارد حزب الشيطان

وتردد في حمص صداها=فانفجرت مثل البركان

وحماة مجاهدة أبداً =في كل عهود الطغيان

ودمشق تصول مزمجرة=بدءا من حي الميدان

                            ***

في الجسر شباب قد هبوا=كالأسد بتلك الوديان

في إدلب جمر ملتهب=وكذا بمعرة نعمان

في الساحل رعد وبروق=والبحر شديد الهيجان

وفي الرقة والديرانتفضوا=والقامشلي وبحوران

فهنا نار وهنا لهب=والجو مليء بدخان

صبراً يا قومي بشراكم=فالصبر بشير الرحمن

فالله يؤيد ناصره=بالنصر بعهد وضمان

لاحت في الأفق بشائره=وأطلَّ بوجه فرحان

بالاسم الأعظم ندعوه=ونردد بسم الرحمن

وبكل الأسماء الحسنى=أن يعلي شأن الإيمان

وسلام الله ورحمته=تهدى لجنود الميدان

وقال رحمه الله تعالى:

رتلوا قرآنكم يا مسلمون

رتلوه وافهموه فهو سر للحياة=رتّلوا طه ويس ونون

رتلوه واعقلوه تعلمون=أنه خير الهدى للعالمين

                            ***

إنه النور الذي يمحو الظلام=إنه الحق الذي يهدي الأنام

إنه خير كتاب وكلام=منزل من عند رب العالمين

                            ***

هو طبّ وشفاء ودواء=هو مصباح ونور وضياء

وهو عز وإباء ومضاء=وهو حقاً سر عز المسلمين

                            ***

رتلوه فهو حب الكائنات=وافهموه فيه سر للحياة

واسلكوه فهو منهاج النجاة=يرشد السلاك للحق المبين

                            ***

رتلوه في الليالي الحالكات=والليالي المقمرات اللامعات

واهمسوا في جوفه بالدعوات=ليرد الله كيد الظالمين

                            ***

وطنوا أنفسكم يا إخوتي=طهروها من بقايا الغفلة

آزروا إخوانكم في المحنة=بدعاء وكذا عزم متين

                            ***

ارفعوا للدين رايات الجهاد=في بلاد سادها أهل الفساد

هاتفين الله أكبر يا عباد=جاهدوا في طرد شيطان لعين

                            ***

أنتم بالذكر أسياد الأمم=وبه أصحاب عز وكرم

أنتم بالذكر فزتم بالنعم=فاحفظوه واحفظوها شاكرين

                            ***

حافظ القرآن خير الحافظين=دارس القرآن خير الدارسين

عالم القرآن خير العالمين=علموا القرآن جيل المسلمين

هذه قصيدة من شعره بخط يده

أولاده:

للشيخ – رحمه الله تعالى -عشرة أبناء، ابنتان وثمانية أولاد وهم:

– محمد أسامة.

– محمد عبد الرحيم.

– محمد أنس.

  • عبد الله.
  • عبد الرحمن

– إبراهيم.

– جهاد.

– محمد.

مرضـه ووفاته:

أصيب الشيخ رحمه الله تعالى بورم في الرأس عام 2002م، وأجريت له عمليه جراحية في الرياض في المستشفى التخصصي، وعلى أثر العملية بدأت معاناته التي ظهرت في عدم توازنه وضعف سمعه وبصره، واستمرت معاناته مدة 15 عاما.

انتقل في أواخر عمره إلى إسطنبول عام 2017، وازداد هناك مرضه ومعاناته إلى أن توفي في يوم الأربعاء 21 من جمادى الأولى 1439 هـ الموافق 7-2-2017 م رحمه الله تعالى وأثابه رضاه.

وقد عزَّت بوفاته رابطة العلماء السوريين في هذه الكلمة:

إنا لله وإنا إليه راجعون.

تتقدم رابطة العلماء السوريين بأصدق التعازي إلى المسلمين عموما وإلى آل الفقيد آل رمْضون خصوصا بوفاة الشيخ الفاضل العالم المهاجر الأستاذ عبد الباقي بن عبد القادر رمضون الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى في إصْطنبول فجر يوم الأربعاء 21 ـ جمادى الأولى ـ 1439 هـ الموافق 7 ـ 2 ـ 2018 م رحمه الله تعالى رحمة واسعة وتقبله في عباده الصالحين، وأعلى مقامه في عليين، وحشره في زمرة الشهداء والعلماء العاملين …

وجعله الله رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى من الجنة

وعوض الله المسلمين خيرًا، وألهمنا الله وأهله وذويه وطلابه الصبر والاحتساب وعزاؤنا لأهله وأولاده وذويه وطلابه ومحبيه.

كلمة الشيخ محمد ممدوح جنيد عن الشيخ عبد الباقي رحمه الله: 

طلبت من فضيلة شيخنا العالم الصالح محمد ممدوح جنيد أن يكتب لي كلمات عن الشيخ عبد الباقي، فأرسل لي هذه الأسطر:

سطور مختصرة من حياة الشيخ عبد الباقي رمضون 

الشيخ عبد الباقي رمْضون رحمه الله، عرفته حمص شاباً محافظاً وغيورا على الإسلام والمسلمين.

نشأ في رعاية مشايخ حمص المعروفين، وَلَمَّا عُيِّن معلمًا في المدارس الرسمية كان مثالاً للمعلم المحبوب، تعلق به التلامذة فكان يأخذهم إلى صلاة الجماعة، وقد تعاون هو والشيخ عدنان الأبرش رحمه الله على تربية الطلاب تربية طيبة.

وقد كان رمزاً من رموز المربين الناجحين والمحبوبين.

وقد احتفلت حمص بثلاثة لبسوا زيِّ العلماء سويّة وقد كانت يومها حفلة مباركة كان الحاضرون فيها كثيرا من العلماء.

وهؤلاء الثلاثة هم المرحوم الشيخ عدنان الأبرش، والمرحوم الشيخ عبد الباقي رمضون، والشيخ محمد برهان مندو حفظه الله.

تعرض الشيخ عبد الباقي لكثير من المحن، وسجن من قبل نظام البعث، ثم ترك وطنه نتيجة الضغوط، وعاش في تبوك معلما عشرات السنوات. والسنوات التي عاشها في الغربة أكثر من السنوات التي عاشها في وطنه سورية

ثم قضى الله أن تكون منيته في تركيا في ٧/٢/٢٠١٨

رحم الله أبا أسامة، وجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين، وعوض الأمة خيراً

وبارك في عقبه وذريته.

وكتب صديقه الدكتور غازي التوبة عن الشيخ عبد الباقي هذه الكلمات:

من ذكرياتي مع المرحوم الأخ الشيخ عبد الباقي رمْضون غفر الله له:

اجتمعت مع الشيخ عبد الباقي رمضون رحمه الله في الصف السادس من المرحلة المتوسطة في ثانوية خالد بن الوليد في حمص، في العام الدراسي 1950-1951، ثم اجتمعنا سوية في الصف السابع أيضاً في العام الدراسي التالي في تلك الثانوية، وفي ذلك الصف كان معنا طالب شيوعي اسمه (عبدالباري المشنتف)، وتناقشنا أثناء الدوام المدرسي معه حول بعض القضايا الدينية، وتصايحنا حولها، وكان شيوعياً وقحاً، ثم تواعدنا على أن نلتقي معه خارج المدرسة للتقاتل، ثم تضاربنا بالأيدي في محيط المدرسة، وأخرج الأخ عبدالباقي رمضون سكيناً وطعن بها عبدالباري المشنتف، فجرحه جرحاً بليغاً، وكاد يقتله لأن الطعنة جاءت قريبة من القلب.

وأذكر أن المدرسة عاقبت الأخ عبد الباقي رمضون بأن فصلته منها، وأرسل الحزب الشيوعي عبد الباري المشنتف إلى روسيا على حسابها من أجل معالجته، ثم عاد إلى حمص، وأذكر أن الحزب الشيوعي خصص له مرافقاً، يتحرك معه باستمرار لكي يحرسه، لأن الحزب الشيوعي فرغ عبد الباري المشنتف –آنذاك- للدعوة للحزب الشيوعي بسبب أهميته بالنسبة للحزب وتضحياته حسب وجهة نظره.

ثم لازم الشيخ عبد الباقي رمضون مشايخ حمص، ومن أبرزهم الشيخ وصفي المسدي رحمه الله، وأخذ عنه العلم الشرعي، وأطلق لحيته في الخمسينيات، وارتدى زيّ المشايخ والعلماء.

ثم لما جاء البعث عام 1963، وأشعل مروان حديد ثورة حماة في ربيع عام 1964، واعتصم بمسجد السلطان، اعتصم عبد الباقي رمضون مع عدد من رفاقه في مسجد خالد بن الوليد في حمص، ثم جاءت دبابات البعث، واقتحمت المسجد، واعتقلت الشيخ عبد الباقي رمضون ومن معه، وأحالتهم إلى محاكمة عسكرية مع مروان حديد رحمه الله، وجرت المحاكمة في المركز الثقافي في حمص، وكان مصطفى طلاس هو القاضي، وأصدر أحكاماً قاسية بحق كلّ المحالين إلى المحاكمة، ثم جاء العفو عن كل المحكومين بعد أن قابل الشيخ محمد الحامد رحمه الله أمين الحافظ، وطالبه بإطلاق سراح المسجونين.

في ربيع عام 1973 ثارت قضية الدستور الذي كان يريد حافظ الأسد أن يصوغه، واحتج مشايخ سورية وعلماؤها على بعض المواد، وطالبوا بإضافة بعض المواد، وفي هذا الوقت تمت ملاحقة واعتقال عدد كبير من المشايخ والعلماء وقيادات الإخوان المسلمين في جميع أنحاء سورية.

وفي هذا الإطار تمت ملاحقة بعض قيادات حمص، وكان منهم الشيخ عبد الباقي رمضون، والشيخ عدنان الأبرش، وعبد الكافي الأبرش، وأبو إبراهيم النكدلي، ومحمد فرج غليون (أبو حيدر)، ومنهم العبد الفقير، وكنت مقيماً في دمشق آنذاك، فهربنا جميعاً، ولم يُعتقل أحد منا، ثم هربنا إلى لبنان، وسكن الشيخ عبد الباقي رمضون وبعض من إخوانه في طرابلس، في حين سكنتُ مع إخوة آخرين في بيروت، وكنّا في عام 1974 على تواصل مستمر، وكنا نتزاور ونلتقي بين حين وآخر، ثم انتهى المطاف بالشيخ عبد الباقي رمضون في الذهاب إلى السعودية والعمل في تبوك.

هذا بعض ما عندي حول الشيخ عبد الباقي رمضون رحمه الله، وأبرز صفاته التي عهدتها فيه هي الغيرة على الدين، والشجاعة، والصراحة، والجرأة في الحق، وأدعو الله أن يتغمده برحمته، ويعلي منزلته، ويكتب له أجر المجاهدين والصديقين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كلمة الأخ عبد الغفار الدروبي الحفيد: 

” كان الشيخ عبد الباقي يزورنا بمعيّة الشيخ عدنان الأبرش عندما كان الوالد (الشيخ محمد فيصل) مدرسا في تيماء، ويندر أن يمر حمصي بل سوري من تبوك دون أن يتوقف عند واحد من الثلاثة: ” الشيخ عدنان الشيخ محمد فيصل، الشيخ عبد الباقي، رحم الله الأموات وحفظ الوالد.

من ذكرياتي معه زيارة قام بها للجد الشيخ عبد الغفّار يرحمه الله في مسجد الأميرة حصة بحضور السيد الوالد، وكانت زيارة مباركة امتلأت بالفائدة.

حضرته في مرضه الذي مرضه، وكان مرضا شديدا فلم أر راضيا بقضاء الله كرضاه، وهو ممَّن حوصروا في جامع سيدنا خالد في السبعينيات، وقد كانوا من الأوائل الذين وقفوا في وجه طغيان البعث.

كلمة الشيخ عمر بن نمر العضيد من أهالي تبوك في الشيخ عبد الباقي رمضون:

“لقد كان الشيخ من أهل القرآن نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا..

وقد درس في حلقات تحفيظ القرآن الكريم بمدينة تبوك..

كان عضو لجنة الإختبارات في اجتياز مراحل الحفظ للجزاء بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن بتبوك..

له عدة مؤلفات في علوم القرآن وقد نفع الله به نفعا كثيرا في بلادنا..

رحمه الله رحمة واسعة وجعله من أهله وخاصته يوم القيامة الذين هم أهل القرآن”.

ثم أردف يقول: “أسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويعفو عنه هو وجميع موتانا وموتى المسلمين وأن يسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة بلا حساب ولا عذاب ولا عقاب..

اللهم اجبر مصابنا في فقده، وعظم لنا وله الأجر والمثوبة..

اللهم عوض الأمة خيرا في فقدها للعلماء الربانيين وأهل القرآن وأهل الفضل والعلم والمجاهدين والمرابطين والمصلحين الأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر “.

(المصدر: رابطة العلماء السوريين)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى