تقارير وإضاءات

الددو يتحدث: الإساءات الموجهة ضد العلماء والدعاة وبعض الشعائر الإسلامية وصفقة القرن وموجة الاستعمار الجديدة

الددو يتحدث: الإساءات الموجهة ضد العلماء والدعاة وبعض الشعائر الإسلامية وصفقة القرن وموجة الاستعمار الجديدة

في الجزء الثاني من مقابلته مع الإصلاح الشيخ الددو يعلق على الهجمة ضد المقدسات والرموز

الإخوة المتابعون الأفاضل نعرض لكم الجزء الثاني من حوار موقع الإصلاح مع فضيلة الشيخ محمد الحسن الددو عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وتعليق الددو على حملة الإساءات الموجهة ضد العلماء والدعاة وبعض الشعائر الاسلامية، وتحدث الشيخ كذلك عن الأوضاع في صفقته القرن وموجة الاستعمار الجديدة

المحور الثالث: الهجمة على الرموز والمقدسات وسبل المواجهة

س/:

تصاعدت موجة الإساءة للرموز والمقدسات في موريتانيا منذ فترة،

ما خطورة ذلك وكيف تتم مواجهته؟

ج/:

هذا الأمر من سنن الحياة ومن سنن الدعوات، وما من بلد من البلدان إلا ولابد أن يكون فيه إفساد ومفسدون،

وخراب البلدان وإصابتها بما توعد الله به كل بلد من البلدان هو أن ينتشر الدمار فيها  والترف أن يبدأ في معصية الله سبحانه وتعالى فتترتب على ذلك العقوبة إن لم يأت من ينهى  وينكر ما هم عليه.

والله سبحانه وتعالى تعهد  بهلاك جميع قرى الدنيا، قال سبحانه وتعالى: ((وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيومة))،

والمترفون هم الذين أترفوا في الأرض وفتحت لهم الخزائن واتسعت لهم الأرزاق وغرتهم العافية والسلام  ووجدوا رخاء لم يكن لدى أسلافهم.

فهؤلاء يترفون في الأرض حين يتعودون على الإفساد فيها

وقوله ((وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها)) قيل أمرناهم أمرا قدريا، وليس هذا الأمر شرعيا. فالمقصود بالأمر هنا أمر التكوين وهو الذي لا يقع شيء إلا به، ((إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)).

قيل المقصود “بأمرنا” جعلناهم أمراء فيها، بمعنى أمَّرناهم عليها. وهذه الإمارة نسبية قد تكون ولاية عامة وقد تكون في ما دون ذلك بالتأثير والنخبوية. فيكون ذلك سببا لهلاك هذه المدن والقرى، ولكن مادام يوجد من ينكر المنكر فإن الله لا يبتلي بهلاك تلك القرى مادام يوجد فيها من ينكر المنكر. أما إذا رضي الناس وتابعوا فهم حينئذ عرضة للهلاك ويبدأ بهم. وهذه عقوبة من عرف الحق ولم يقم لله به.

أما التطاول على الجناب النبوي والقرآن والسنة، والتطاول على المسلمات في العقيدة وعلى الشريعة ومؤلفاتها ونحو ذلك، فهذه من الأمور التي عرفت في التاريخ وكانت سببا لإهلاك القرى والمدن. وإنكار المنكر وما ذكر من ان وتيرته قد تسارعت فإن هذا قد حصل بالفعل،

وهذا زمان الفتن، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الساعة أن الرجل يصبح كافرا ويمسي مؤمنا ويمسى كافرا ويصبح مؤمنا يبيع دينه بعرض من الدنيا. ونحن نشاهد ذلك، فكثير من أبناء المسلمين ومنهم أبناء أسر صالحة أعلنوا – نعوذ بالله – الانحلال سواء كان ذلك في عقائدهم أو أخلاقهم. ومنهم الملحدون الكفرة الفجرة ومنهم الذين وقعوا في الانحلال الخلقي والفساد وهو مثير.

ولا شك أن لوسائل الإعلام دورا كبيرا

في نشر ذلك وإذاعته بين الناس وبالأخص وسائل التواصل الاجتماعي، وهي مهيئة في أغلبها لذلك، فيذيعون هذا التصرف حتى ولو كان تصرفا صغيرا، لكن صوته سيكون مسموعا، والوسائل تنقله

والله سبحانه وتعالى نهى عن السعي للإشاعة بين الناس فقال: ((إن الذين يحبون أن تشيع  الفاحشة في الذين آمنوا))، فهؤلاء الذين يدعون على أبواب النار محصورون منبوذون  ويعرفون أن مستواهم  متدن في الأخلاق والقيم وأقرب الناس منهم آباء وأمهات يعرفون ضلالهم ويردون عليهم، ويعلمون بطلان ما هم عليه ويدعون لهم بالهدية والاستقامة، وهذا كله يدلنا على حصاره وانحساره، أما الداعون إلى أبواب الجنة فهم كثر ولله الحمد أيضا وهم محبوبون لدى الناس ويحبهم أهل الإيمان وكثرتهم بارزة واستقبال الشعب لهم بارز.

أما كيفية مواجهة مثل هذه الموجات فأهمها السعي لإصلاح وهداية أهلها، ومن عرف بفساده وجب التشهير به والتحذير منه، وعلاجه هو تطبيق أحكام الشرع فيه. فمن سب النبي صلى الله عليه وسلم فحكم الشرع فيه فلا بد من تنفيذه. وكذلك من سب الله عز وجل، ومثل ذلك أيضا   الذين يعلنون إلحادهم أو ردتهم أو أنهم يتمسكون ببعض المذاهب الباطلة الباطنة، كما ينتشر بعض الشباب الذين لم يتعلموا، فقد رأيت بعضهم يقول إنه لا يريد الله الذي يركن إليه المتشددون، وإنما يريد الله الذي يعرفه الناس في الأطفال، وتلك الصفات التي فيها جهل بالله جل جلاله وتعد عليه.

ولا شك أن إنكار هذه المنكرات والرد على أهلها والمناظرة معهم وتقديم الحجج لردهم وصدهم من الأمور المهمة. ومن الإلحاد المتعمد أناس يقصدون به أموال الغرب والحصول على أوراقهم وجوائزهم ونحو ذلك

وهذا لا يجادل أهله بل يشهر بهم ويبين فساد ما هم عليه. ومن بينهم من تكون لديهم شبهة يقعون فيها بسبب جهل أو بسبب فتنة تعرضوا لها نسأل الله السلامة والعافية هؤلاء هم الذين يجادَلون لإقامة الحجة لله في أحكام الله. وهناك بعض الأفراد يتهمون بعض الدعاة وبعض المؤسسات فهؤلاء لا يرد عليهم لأنهم ليسوا أهلا لذلك، فالدخول معهم في سجال يعد منافيا لمقتضى الكرامة والعقل أصلا، وإنما يناقشون في مثل هذا الطرح الذي يلتبس على الناس. يعني الطرح الديني في العقائد

والطرح أيضا في الانحراف الأخلاقي وإشاعته هي التي يناقشون فيها والرد على افكارهم فيها ومن المهم فيها عدم ذكر أسمائهم إلا إذا عرف شخص منهم بعداوة سافرة لدين الله فحينئذ التشهير به مطلوب شرعا وتقوية النكير عليه من الواجبات.

المحور الرابع: قضايا الأمة

س:جروح الأمة تنزف في أكثر من بقعة في صفقة القرن في قضية كشمير وسوريا وليبيا واليمن والصين وغيرها، هل نحن أمام موجة جديدة من الاستعمار؟

ج/:

الاستعمار لم يذهب قط، فالله سبحانه وتعالى قال في كتابه: ((وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين)).

وهذه الامة لن تزال عرضت لهذا الذي نراه من تكالب أعدائها عليها،  وقد أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قال أو من قلة يومئذ قال أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل”.

وهذا الحاصل غزو لجيوش الاستكبار العالمي للبلدان الإسلامية سواء كان ذلك مباشرا كما حصل في أفغانستان وفي العراق وفي سوريا أو ما كان غير مباشر كتحرك بعض الجيوش التابعة لها للغزو كما حصل في اليمن ونحو ذلك.

هذا كله من هذا الاستعمار بوسائل جديدة وتحت عناوين جديدة، منها العنوان الأبرز محاربة الإرهاب ولكن المقصود به هو محاربة  الإسلام، والأخرى جزئية مثل القضية الإنسانية ووجود مناطق آمنة ونحو ذلك. وهذه عرف كذبُها وأنها ما حققت شيئا ولذلك أهل إدلب الآن وهم في منطقة آمنة حسب اتفاقية يتعرضون الآن للإبادة ليل نهار، القصف دائم عليهم لا يتوقف.

كذلك الآن وعلى منظر من العالم غزو الجيش الهندي لكشمير المسلمة وقطع الاتصالات والكهرباء وكل وسائل الحياة عن أهلها غزو كبير وجيش هائل التعداد يؤذون الناس أشد الإيذاء ويشردونهم ضربا وسحبا إلى غير ذلك مما نشاهده، والعالم ساكت عن هذا لا يتدخل فيه. مثل هذا حبس الملايين من الإيغور في الصين والعالم ساكت في أغلبه عن ذلك.

بل الأيدي المتلطخة بدماء المسلمين هي التي تُكرَّم وتطعم في البلدان الإسلامية.

وقد شاهدنا رئيس وزراء الهند وهو يكرم في السعودية والإمارات.

شاهدنا كذلك تأييد عدد من الدول العربية لما قامت به الهند في كشمير ولما قامت به الصين فى الإيغور.

وأيضا ما يحصل فى المسلمين من إسلام إخوانهم كما شاهدنا في الروهينغا، فأقرب الناس إليهم مع الأسف في بنغلاديش حكامها ضد الإسلام ويقتلون خيرة أهلها.

ذبحوا عددا كبيرا من العلماء والدعاة

بتهم باطلة وكاذبة ملفقة.

ومع ذلك يغلقون الحدود عن هؤلاء المستضعفين الذين تُحرَق عليهم بيوتهم ومساجدهم ومدارسهم ويعذبون بأنواع العذاب.

كل هذا يدلنا على التخطيط العالمي وأن العالم كله مشترك فيه وأن الأمريكان الأوروبيين حتى دول الاستكبار في الشرق والغرب كلها متفقة على هذا وتتبادل فيه الأدوار.

س/:

قوى الاستكبار العالمي في تحالف مع قوى الاستبداد والطغيان، كيف للأمة أن تنهض في ظل هذا الواقع؟

ج/:

هذه الأمة تكبو وفيها وسائل النهضة وستنهض، ونهضتها أولا تبدأ بإصلاح علاقتها بالله عز وجل ثم بعد ذلك بإعادة روح الجهاد فيها وروح التضحية وتقوية المعنويات.

فإذا ارتفعت الروح المعنوية في المجتمع فإنه سيثور على هذا الباطل ويكتسحه اكتساحا، وقد حصل ذلك كما شاهدنا في ثورات الربيع العربي قبل أن تأتي موجات الثورة المضادة التي جاءت من خارج الحدود.

والطغيان لا يستمر والاستبداد كذلك لا يدوم. كلها ظلال زائلة لكنها تحتاج إلى تضحية وروح معنوية مرتفعة. وإلى جهاد وسعي إلى توحيد العباد في وجه الاستبداد، وذلك يحتاج إلى جهد مضاعف وتوعية للمجتمعات. وكانت في أيام مجيئ الاستعمار الخارجي في الفترات الماضية

هذه الروح المعنوية الكبيرة يحركها العلماء والدعاة والمثقفون.

وكان للشيخ عبد الحميد بن باديس في الجزائر اليد الطولى في إحداث هذه الروح المعنوية، وهو الذى قال:

شَـعْـبُ الْجَـزَائِـرِ مُــسْــلِــمٌ ….. وَإِلىَ الْـعُـرُوبَةِ يَـنْتَـسِـبْ

مَنْ قَــالَ حَـادَ عَـنْ أَصْـلِـهِ ….. أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَـقَـدْ كَـذَبْ

أَوْ رَامَ إِدْمَــــــاجًـــــا لَــــهُ ….. رَامَ الْـمُحَـالَ مِنَ الطَّـلَـبْ

 ومثل ذلك أيضا ما كان عليه عبد الكريم الخطاط وعلال الفاسي الذي يقول:

أ بعد بلوغي خمس عشرة ألعب

وألهو بلذات الحياة وأطرب

ولي نظر عال ونفس أبية

مقامًا على هام المجرة تطلب

وعنديَ آمال أريد بلوغها

تضيع إذا لاعبت دهري وتذهب

ولي أمة منكودة الحظ لم تجد

سبيلاً إلى العيش الذي تتطلب

على أمرها أنفقتُ دهري تحسرًا

فما طاب لي طعم ولا لذ مشرب

ولا راق لي نوم وإن نمت ساعة

فإني على جمر الغضا أتقلب

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى