كتب وبحوث

التكوير على التحرير والتنوير (26) | الشيخ محمد خير رمضان يوسف

التكوير على التحرير والتنوير (26)

الشيخ محمد خير رمضان يوسف

 

(خاص بمنتدى العلماء)

 

الجزء السادس والعشرون

سورة الأحقاف

2- {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}.

قال: تقدَّمَ القولُ في نظيرهِ في أولِ الجاثية. وملخصُ قولهِ هناك: {الْكِتَابِ} هو المعهود، وهو ما نزلَ من القرآنِ إلى تلك الساعة. والمقصود: إثباتُ أن القرآنَ موحًى به من الله إلى رسولهِ صلى الله عليه وسلم. وإيثارُ وصفَي {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} بالذكرِ دون غيرهما من الأسماءِ الحسنى، لإشعارِ وصفِ {الْعَزِيزِ} بأن ما نزلَ منه مناسبٌ لعزَّته، فهو كتابٌ عزيز، كما وصفَهُ تعالى بقوله: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [سورة فصلت: 41]، أي: هو غالبٌ لمعانديه، وذلك لأنه أعجزهم عن معارضته، ولإشعارِ وصفِ {الْحَكِيمِ} بأن ما نزلَ من عندهِ مناسبٌ لحكمته، فهو مشتملٌ على دلائلِ اليقينِ والحقيقة، ففي ذلك إيماءٌ إلى أن إعجازَهُ من جانبِ بلاغتهِ إذ غَلبت بلاغةَ بلغائهم، ومن جانبِ معانيهِ إذ أعجزتْ حكمتهُ حكمةَ الحكماء.

8- {كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

ترغيبٌ لهم إلى التوبةِ والإنابة، أي: ومع هذا كلِّهِ إِن رجعتُم وتبتُم، تابَ عليكم، وعفا عنكم، وغفرَ ورحم. (ابن كثير).

9- {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ}

وما أنا لكم إلّا نذير, أُنذرُكم عقابَ اللهِ على كفرِكم به، {مُبِينٌ} يقول: قد أبانَ لكم إنذارَه, وأظهرَ لكم دعاءَهُ إلى ما فيه نصيحتُكم. يقول: فكذلكَ أنا. (الطبري).

10- {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ}.

{وَٱسْتَكْبَرْتُمْ} أنتم عن اتباعه، وقالَ مسروق: فآمنَ هذا الشاهدُ بنبيِّهِ وكتابه، وكفرتم أنتم بنبيِّكم وكتابِكم. (ابن كثير).

11- {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيم}.

كذبٌ قديم، كما قالوا: أساطيرُ الأوَّلين. (فتح القدير).

12- {وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}.

وهو بُشرَى للذين أطاعوا اللهَ فأحسَنوا في إيمانِهم وطاعتِهم إيّاهُ في الدنيا, فحَسُنَ الجزاءُ مِن اللهِ لهم في الآخرةِ على طاعتِهم إيّاه. (الطبري).

14- {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا}.

ماكثينَ فيها أبدًا. (الطبري).

16- {وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ}.

فنغفرُ لهم الكثيرَ من الزلل. (ابن كثير)، فلا نعاقبهم عليها. (فتح القدير).

17- {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}.

{إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ}: إنَّ وعدَ اللهِ الذي وعدَ خَلقَهُ أنه باعثُهم من قبورِهم, ومُخرِجُهم منها إلى موقفِ الحسابِ لمجازاتِهم بأعمالِهم، حقٌّ لا شكَّ فيه. (الطبري).

18- {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ}.

… وجبَ عليهم عذابُ الله، وحلَّتْ بهم عقوبتهُ وسخطه، فيمن حلَّ به عذابُ الله، على مثلِ الذي حلَّ بهؤلاءِ من الأممِ الذين مضَوا قبلَهم مِن الجنِّ والإنس, الذين كذَّبوا رسلَ الله, وعتَوا عن أمرِ ربِّهم، إنهم كانوا المغبونينَ ببيعِهم الهُدَى بالضلال، والنعيمَ بالعقاب. (الطبري).

20- {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ}.

ذكرَ أن العرضَ تقدَّمَ في الآيةِ (46) من سورة غافر {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}. وقد أطالَ هناك رحمَهُ الله، وقالَ في آخره: معنى عرضِهم على النارِ أن أرواحَهم تُشاهِدُ المواضعَ التي أُعدَّتْ لها في جهنم.

21- {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}.

لا تُشركوا مع اللهِ شيئًا في عبادتِكم إيَّاه, ولكنْ أخلِصوا له العبادة, وأفرِدوا له الألوهة, أنه لا إله غيره. (الطبري).

24- {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ}.

أي: قالَ هود: ليسَ الأمرُ كذلك، بل هو {مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ} من العذاب. (روح البيان)، حيثُ قالوا: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا}. (فتح القدير).

25- {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}.

الكافرين بالله. (الطبري).

34- {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ}.

قالَ عند تفسيرِ الآيةِ (46) من سورة غافر {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}: معنى عرضِهم على النارِ أن أرواحَهم تُشاهِدُ المواضعَ التي أُعدَّتْ لها في جهنم.

وقالَ الشوكاني في لفظِ {يُعْرَضُ} في الآيةِ (20) من هذه السورةِ نفسها: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ} … فينظرون إلى النارِ ويُقرَّبون منها، وقيل: معنى يُعرَضون: يعذَّبون، من قولهم: عرَضَهُ على السيف، وقيل: في الكلامِ قلب، والمعنى: تُعرَضُ النارُ عليهم.

سورة محمد

8- {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}.

ذكرَ أنه فسَّرَهُ في الآيةِ الأولَى من السورة، بقوله: الإضلال: الإبطالُ والإضاعة، وهو يرجعُ إلى الضلال. وأصله: الخطأُ للطريقِ المسلوكِ للوصولِ إلى مكانٍ يُراد، وهو يستلزمُ المعانيَ الأُخَر.

10- {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}.

ذكرَ أن نظيرَهُ تقدَّمَ في سورةِ الرومِ وغافر، قالَ عند تفسيرِ الآيةِ (82) من السورةِ الأخيرة: السيرُ المستفهَمُ عنه بالإِنكارِ على تركه، هو سيرٌ تحصلُ فيه آياتٌ ودلائلُ على وجودِ الله ووحدانيته.

وفي الآيةِ (9) من سورةِ الرومِ أحالَ إلى ما فسَّرَهُ في الآيةِ (11) من سورةِ الأنعام، وهناكَ ذكرَ أن النظرَ في عاقبةِ المكذِّبين هو المقصدُ من السير، فهو ممّا يُرتقَى إليه بعد الأمرِ بالسير، ولأن هذا النظرَ محتاجٌ إلى تأمُّل وترسُّمٍ فهو أهمُّ من السير…

12- {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.

إنَّ اللهَ يُكرِمُ المؤمنينَ الصَّالحين يومَ القيامة، ويُثيبُهم على أعمالِهم خيرَ الجزاء، فيُدخِلُهم جنَّاتٍ عاليات، تجري مِن تحتِها الأنهار، لتزيدَ مِن سعادتِهم وبهجتِهم. (الواضح).

15- {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ}.

{وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}: وهم الذين اتَّقَوا في الدنيا عقابَهُ بأداءِ فرائضه, واجتنابِ معاصيه.

{خَالِدٌ فِي النَّارِ}: أمَّن هو في هذه الجنةِ التي صفتُها ما وصفنا، كمن هو خالدٌ في النار، (الطبري)، كمن هو خالدٌ في النار، التي لا يُطفَأُ لهيبُها، ولا يُفَكُّ أسيرُها، ولا يؤنَسُ غريبُها. (روح البيان).

16- {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}.

واتَّبعوا ما دعتهم إليه أنفسُهم, فهم لا يرجعونَ ممَّا هم عليه إلى حقيقةٍ ولا برهان… (الطبري).

18- {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُم}.

{السَّاعَةَ}: الساعةَ التي وعدَ اللهُ خَلقَهُ بعثَهم فيها مِن قبورِهم أحياء. (الطبري).

{فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُم}: ذكرَ أن تركيبَها مثلَ تركيبِ قولهِ تعالى: {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى} [سورة الدخان: 13]، قالَ هناك: الاستفهامُ مستعملٌ في الإنكارِ والإحالة، أي: كيف يتذكرون وهم في شكٍّ يلعبون، وقد جاءهم رسولٌ مبين، فتولَّوا عنه وطعنوا فيه؟

22- {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم}.

الرَّحِم: رَحِمُ المرأة، وهو منبتُ الولدِ ووعاؤهُ في البطن، ثم سمِّيتِ القرابةُ والوصلةُ من جهةِ الولادِ رَحِمًا بطريقِ الاستعارة، لكونهم خارجين من رحمٍ واحد.

ثم أوردَ قولَ أبي حيّان: الأظهرُ أن المعنى: إنْ أعرضتُم أيها المنافقون عن امتثالِ أمرِ الله في القتال، أن تفسدوا في الأرض، بعدمِ معونةِ أهلِ الإسلامِ على أعدائهم، وتقطعوا أرحامكم؛ لأن مِن أرحامكم كثيرًا من المسلمين، فإذا لم تُعينوهم قطعتُم أرحامكم. (روح البيان).

23- {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ}.

أبعدَهمُ اللهُ مِن رحمتِه. (الواضح).

32- {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}.

وصدُّوا الناسَ عن دينهِ الذي ابتَعثَ به رسله. (الطبري).

34- {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}.

وصدُّوا مَن أرادَ الإيمانَ باللهِ وبرسولهِ عن ذلك, ففتنوهم عنه, وحالوا بينهم وبين ما أرادوا مِن ذلك. (الطبري).

سورة الفتح

5- {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}.

جنَّاتٍ تجري مِن تحتِها الأنهار, ماكثينَ فيها إلى غيرِ نهاية، وليكفِّرَ عنهم سيِّىءَ أعمالِهم، بالحسناتِ التي يعملونَها، شكرًا منهم لربِّهم على ما قضَى لهم, وأنعمَ عليهم به، وكانَ ما وعدَهم اللهُ بهِ مِن هذهِ العِدَة. (منتخب من الطبري).

6- {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.

أحاطَ بهم السُّوءُ وأرداهُم، وسَخِطَ اللهُ عليهم وأبعدَهم مِن رحمتِه، وهيَّأَ لهم ما يَسوؤهم مِن العذابِ الشَّديدِ في جهنَّم، وبئسَ المصيرُ مصيرُهم. (الواضح في التفسير).

7- {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

ذكرَ أنه نظيرُ ما تقدَّمَ في الآيةِ (4) من السورة، ومن قولهِ هناك: … فالله من يملكُ جميعَ وسائلِ النصر، وله القوةُ القاهرةُ في السماواتِ والأرض… وأُطلِقَ على أسبابِ النصرِ الجنود، تشبيهاً لأسبابِ النصرِ بالجنودِ التي تقاتلُ وتنتصر.. ثم عدَّدَ أنواعَ جندِ الله، من مثلِ المؤمنين، والملائكة، والريح، والمطر…

10- {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.

وهو الجنة. (البغوي، فتح القدير).

12- {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ}.

ذكرَ أنه تقدَّمَ في الآيةِ (6) من السورة، قالَ هناك: المفتوحُ والمضمومُ مترادفان في أصلِ اللغة، ومعناهما: المكروه، ضدُّ السرور، فهما لغتان، مثل: الكَره والكُره، الضَّعف والضُّعف، والضَّر والضُّر، والبَأس والبُؤس.

14- {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}.

{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: وللهِ سلطانُ السماواتِ والأرض. (الطبري).

{لِمَنْ يَشَاءُ}: ذكرَ أن إجمالَ المشيئةِ وأسبابها بُيِّنتْ غيرَ مرة، من ذلك قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [سورة النساء: 48]. وقد أطالَ هناك رحمَهُ الله، وأوردَ أقوالًا، لكنْ قالَ آخرًا: اتفقَ المسلمون كلُّهم على أن التوبةَ من الكفر، أي الإيمانَ، يوجبُ مغفرته، سواءٌ كان كفرَ إشراك، أم كفراً بالإسلام، لا شكَّ في ذلك، إمّا بوعدِ الله عند أهلِ السنَّة، أو بالوجوبِ العقليِّ عند المعتزلة، وأن الموتَ على الكفرِ مطلقاً لا يُغفَرُ بلا شكّ، إمّا بوعيدِ الله، أو بالوجوبِ العقليّ، وأن المذنبَ إذا تابَ يُغفَرُ ذنبهُ قطعاً، إمّا بوعدِ الله، أو بالوجوبِ العقليّ. واختُلِفَ في المذنبِ إذا ماتَ على ذنبهِ ولم يتبْ، أو لم يكنْ له من الحسناتِ ما يغطّي على ذنوبه، فقالَ أهلُ السنَّة: يعاقَبُ ولا يخلَّدُ في العذابِ بنصِّ الشريعة، لا بالوجوب، وهو معنى المشيئة، فقد شاءَ الله ذلك وعرَّفَنا مشيئتَهُ بأدلةِ الكتابِ والسنَّة…

16- {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}

{يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا}: يُعطِكمُ اللهُ على إجابتِكم إيَّاهُ إلى حربِهم الجنَّة. (الطبري).

{تَتَوَلَّوْا}: تُعرِضوا. (البغوي).

{يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}: يُعذِّبْكمُ اللهُ عذابًا وجيعًا, وذلكَ عذابُ النار، على عصيانِكم إيَّاه, وتركِكم جهادَهم وقتالَهم مع المؤمنين. (الطبري).

17- {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا}.

لا إثمَ على الأعمَى، ولا على الأعرج، ولا على المَريض، في التخلُّفِ عن الجهاد، لِما بهم مِن العذر، ومَن يُطِعِ اللهَ ورسولَهُ فيما أُمِرَ بهِ ونُهيَ عنه، يُدخِلْهُ اللهُ جنَّاتٍ عاليات، تجري مِن تحتِها الأنهار، ومَن يُعرِضْ عن الطَّاعة، ويتخلَّفْ عن الجهاد، يُعذِّبْهُ في الدُّنيا بالمذلَّةِ والصَّغار، وفي الآخرةِ بالعقوبةِ والنَّار. (الواضح).

24- {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ}.

{كَفَّ}: ذكرَ أنه تقدَّمَ معنى (كفَّ) في الآيةِ (20) من السورة، قالَ هناك: الكفُّ: منعُ الفاعلِ من فعلٍ أرادَهُ أو شرعَ فيه، وهو مشتقٌّ من اسمِ الكفّ، التي هي اليد؛ لأن أصلَ المنعِ أن يكونَ دفعاً باليد، ويقال: كفَّ يدَهُ عن كذا، إذا منعَهُ من تناولهِ بيده.

29- {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.

{فَضْلاً}: ثوابًا. (البغوي). يلتمسون بركوعهم وسجودهم وشدَّتهم على الكفار، ورحمةِ بعضِهم بعضاً، فضلاً من الله، وذلك رحمتهُ إيّاهم، بأن يتفضَّلَ عليهم فيُدخلَهم جنَّته.

{الَّذِينَ آمَنُوا}: وعدَ الله الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، يقول: وعملوا بما أمرَهم الله به من فرائضهِ التي أوجبها عليهم. (الطبري).

سورة الحجرات

 

7- {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}.

الكفر: تغطيةُ نعمِ الله بالجحود، والفسوق: الخروجُ عن القصدِ – أي: العدلِ – بظلمِ نفسه، والعصيان: الامتناعُ من الانقياد، وهو شاملٌ لجميعِ الذنوب، والفسوقُ مختصٌّ بالكبائر. (روح البيان).

8- {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

أي: عليمٌ بمن يستحقُّ الهدايةَ ممَّن يستحقُّ الغواية، حكيمٌ في أقوالهِ وأفعاله، وشرعهِ وقدره. (ابن كثير).

9- {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.

إنَّ اللهَ يحبُّ العادلين، ويَجزيهم الثَّوابَ الجزيل. (الواضح).

11- {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}

فأولئكَ هم الذينَ ظلموا أنفسَهم, فأكسبوها عقابَ اللهِ بركوبِهم ما نهاهُم عنه. (الطبري).

سورة ق

9- {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا}.

أي: نزَّلنا من السحابِ ماءً. (فتح القدير).

20- {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}.

ذكرَ أن النفخَ في الصورِ تقدَّمَ في قوله: {وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [سورة الأنعام: 73]، وفيه أن الصورَ هو البوق، وأن يومَ النَّفخِ في الصُّورِ هو {وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ}  (في الآيةِ نفسها).

27- {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ}.

ذكرَ أنه نفسهُ الواردُ في الآيةِ (23) من السورة: {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد}. وقد أوردَ هناك ثلاثةَ أقوالٍ للمفسرين في (القرين)، وأن على الاختلافِ في المرادِ به يختلفُ تفسيرُ لآية، وهي: الملَك، والشيطان، والإنسان…

31- {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}.

للذينَ اتَّقَوا ربَّهم فخافوا عقوبتَهُ بأداءِ فرائضهِ واجتنابِ معاصيه. (الطبري).

33- {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيب}.

المنيب: الراجعُ إلى الخير، المائلُ إليه. (ابن عطية).

36- {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ}.

القرن: القومُ المقترنون. (روح البيان). أي: من أمة. (فتح القدير).

38- {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}.

وما بينهما مِن الخلائق. (الطبري).

45- {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيد}.

الوعيدُ الذي أوعدتهُ من عصاني وخالفَ أمري. (الطبري). والوعيد: التخويفُ بالعذاب، ويستعملُ في نفسِ العذاب. (روح البيان).

سورة الذاريات

12- {يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ}.

يعني يومَ القيامة. (البغوي).

15- {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}.

إن الذين اتَّقَوا اللهَ بطاعته, واجتنابِ معاصيهِ في الدنيا، في بساتينَ وعيونِ ماءٍ في الآخرة. (الطبري).

20- {وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ}.

لأهلِ اليقينِ بحقيقةِ ما عاينوا ورأوا إذا ساروا فيها. (الطبري).

25- {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُون}.

ذكرَ أن نظيرَهُ تقدَّمَ في سورةِ هود (الآية 69)، ومن قولهِ هناك (ملخصًا): التحية: السلام، و{سَلاَمًا} تقديره: سلَّمنا سلاماً. و{سَلاَمٌ} تقديره: أمري سلام، أي: لكم. ورفعُ المصدرِ أبلغُ من نصبه، ويكونُ ردُّ السّلامِ من إبراهيمَ عليه السلام، بعبارةٍ أحسنَ من عبارةِ الرسل، زيادةً في الإكرام.

28- {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}.

الغلام: الطارُّ الشارب، والكهل: ضدُّه. أو من حين يولَدُ الى أن يشبَّ، كما في القاموس. (روح البيان). {عَلِيمٍ}: كثيرِ العلم، عند أن يبلغَ مبالغَ الرجال. (فتح القدير).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى