تقارير وإضاءات

إرضاءً للكنيسة : حذف التاريخ من مادة التاريخ في التعليم المصري

استثمر الغرب الدعم المقدم لمصر سواء بواسطة المساعدات الأمريكية أو المنح والقروض التي تقدم من خلال البنك الدولي أو المجموعة الأوروبية للضغط عليها بهدف ترويض الهوية المصرية لتصبح مناسبة لتقبل عدة أمور , أبرزها تخفيف حدة تمسك المجتمع بهويته الإسلامية لصالح مشروع علمنة منظومة الدولة , و نتيجة لذلك سيتم وضع أسس سياسية تقبل بالتطبيع مع المشروع الصهيوني باعتباره حليف للدولة المدنية المصرية ، بالإضافة إلى تقبل تمدد الأقلية القبطية التي تتغنى بمظلوميتها منذ وقت طويل على حساب الهوية الإسلامية للمجتمع المصري.

إن أساس وركيزة الهوية السنية للمجتمع المصري هي مصادر التعليم , سواء كان ذلك الأزهر في أسوأ مراحل تاريخه أو المساجد و حلقات القرآن الكريم، ثم يأتي بعد ذلك مناهج التعليم الديني في المدارس الحكومية. ومنذ الانقلاب على الرئيس المصري السابق محمد مرسي بدأت السلطات الجديدة مرحلة يمكن تسميتها الانقلاب العلماني على مناهج التعليم في مصر لتخفيف تأثير التعليم الديني فيها، من خلال تغيير بعض الدروس وحذف البعض الآخر، وقد استهدفت حملة “تطهير” التعليم كل الدروس التي تحدثت عن فساد حسني مبارك أو النظام المصري ما قبل ثورة  25 يناير، بالإضافة إلى كل ما يرتبط بالثورة المصرية سواء الدروس المخصصة للحديث عن أحزاب سياسية أو أحداث، وفي تقرير لها، قالت صحيفة واشنطن بوست إن السلطة في مصر تعمدت حذف كل ما له علاقة بثورة 25 يناير من المناهج الدراسية بحيث لا يكاد يُلحظ اليوم وجود لها في المناهج.

الخطوة التي تلت استهداف الثورة المصرية، هي عملية التنظير للتطبيع مع الصهاينة في المناهج المصرية ، فقد أكدت صحيفة (إسرائيل ناشيونال نيوز) أن أحدث خطوة في تعزيز العلاقات بين مصر و الكيان الصهيوني هي “تحديث نظام التعليم المصري ليتضمن معاهدة السلام بين البلدين”. وتفجرت في القاهرة قبل أشهر قضية منهج التاريخ بمدرسة “الكلية الأميركية” بالمعادي الذي يقول بأن “إسرائيل انتصرت في حرب أكتوبر على مصر”.

واعتبر رئيس المعاهد القومية السابق ناجي الشهابي في تصريحات صحفية أن “تغيير المناهج الجديدة أشبه بزلزال يهز الثوابت, ويقدم ثقافة جديدة غير تلك التي تعلمناها وتربينا عليها، حيث تقدم الكيان الصهيوني دولة صديقة وتعرض اتفاقية كامب ديفيد على أنها ضرورية لتحسين الوضع الاقتصادي في مصر، ويركز على المزايا الاقتصادية للسلام مع الكيان الصهيوني”.

ويأسف الشهابي لاحتواء المناهج على” سابقة خطيرة”، وهي وضع صورة مناحيم بيغن مع السادات أثناء توقيع معاهدة السلام في الكتاب، في الوقت الذي حُذف الجزء الذى كان يتحدث عن تاريخ صلاح الدين الأيوبي”.

المناهج التي يتم فيها تغيير المناهج المصرية تضمنت مرحلة مخصصة لاستئصال الإسلام من التعليم المصري، حيث قامت وزارة التربية و التعليم العام الماضي بحذف ستة فصول تعادل نصف المقرر من قصة فاتح بلاد المغرب العربي عقبة بن نافع المقررة على الصف الأول الإعدادي.

كما تم حذف درس صلاح الدين الأيوبي القائد العسكري الذي حرر القدس ومؤسس الدولة الأيوبية من دروس اللغة العربية بالصف الخامس الابتدائي، وفي تعقيبها على ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة التربية والتعليم أماني ضرغام إن الوزارة ارتأت أن الأجزاء المحذوفة تحرض على العنف.

ورُفعت الوحدة الثالثة من مادة الدراسات الاجتماعية للصف الثاني الإعدادي تحت عنوان “الخلافة الإسلامية زمن الأمويين والعباسيين”.

وكانت وزارة التربية والتعليم شكلت لجنة من الخبراء التربويين في مارس 2015 لمراجعة مناهج مراحل التعليم “لتنقيحها من كافة الأفكار التي تدعو إلى العنف والتطرف” وكذلك الأفكار السياسية والدينية التي يمكن إساءة فهمها بالإضافة إلى إزالة الحشو والتكرار، طبقا لبيان وزاري.

كما شملت خطة الوزارة مناهج الثانوية العامة، ففي مادة الفلسفة حُذف الفصل الثاني من الباب الثاني بعنوان “المشكلة الخلقية بين فلاسفة الإسلام والفارابي”.

وشمل الحذف درس “خيرات وطننا العربي” من مادة الدراسات الاجتماعية للصف الثاني الإعدادي، إلى جانب حذف خريطة سكان الوطن العربي، ودرس “من روائع حضارتنا.. مظاهر الحضارة المصرية القديمة”.

كما استهدفت التعديلات المصرية، مناهج التعليم في الأزهر، وأعلن وكيل الأزهر الشريف عباس شومان أن المشيخة استشعرت خطورة المرحلة التي تمر بها الأمة بظهور أفكار ورؤى تخالف المنهج الأزهري الوسطي، فبادرت بالعمل على إصلاح منظومة التعليم الأزهري، “فتم حذف ما قد يفهم في غير معناه”.

وأضاف شومان أن الأزهر سيقوم بتعديل المناهج الدراسية كل ثلاث سنوات من أجل مواكبة العصر ومواجهة “الفكر المتطرف”، وفق وصفه.

وأكد شومان حذف الأحاديث التي قد تفهم خطأ، مثل “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله”، مشيرا إلى أن تلك الأحاديث قد يفسرها البعض خطأ، فتم حذف كل ما قد يفهم في غير معناه، وتم استبدال “الإفساد في الأرض” “بالإرهاب”، و”البغي” “بحكم الخروج على الحاكم”.

ويرى الباحث في الشؤون الإسلامية محمد سيد أن التغييرات تعود لحسابات سياسية، بهدف إرضاء أعداء الإسلام، كما أنها تساير دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني.

واستدل على ذلك بدمج مواد السيرة والحديث والتفسير للشهادة الإعدادية في مادة أصول الدين، وتقليص عدد الصفحات إلى 25 تقريبا بعد أن كان كل فرع مستقلا بذاته كمادة.

كل ما سبق يؤكد أيضاً تعاظم دور الكنيسة القبطية في التأثير على الثقافة المصرية  , فالتعديلات تمت كرد جميل للكنيسة وتعميق للتحالف معها مقابل دعمها لتحولات يونيو.

(المصدر: موقع المثقف الجديد)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى