تقارير وإضاءات

أكفان الأمم المتحدة في الغوطة

إعداد خالد مصطفى

صورة صادمة تلك التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا وظهر فيها أطفال من الغوطة الشرقية في أكفان عليها شعار مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة…

ووفقا لنشطاء بداخل الغوطة فقد قتل طفلان أثناء ساعات الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة وكان المفترض بموجبها أن يتوقف القتال لخمس ساعات كل يوم…وتداول النشطاء الصورة على نطاق واسع منددين بإخفاق الأمم المتحدة في حماية أطفال الغوطة من قصف نظام الأسد وروسيا على الرغم من الموافقة الأممية على هدنة يومية…

لقد هزت الصورة مشاعر الكثيرين الذين تعجبوا من مدى عجز أكبر منظمة في العالم عن مساعدة الآلاف من الأطفال المحاصرين واكتفت بأن تترك أكياسها كأكفان لهؤلاء الأطفال..الصدمة تصاعدت مع انسحاب قافلة المساعدات الأممية من الغوطة الشرقية التي دخلتها أمس الاثنين بعد تلقيها إيعازا من روسيا ونظام الأسد بذلك…

وخرجت القافلة دون أن تتمكن من تفريغ 9 شاحنات من أصل 46 شاحنة دخلت إلى الغوطة، في وقت استمر القصف على الغوطة وبنفس الوتيرة منذ دخول القافلة إلى الغوطة…وقالت بيان ريحان عضو المجلس المحلي لمدينة دوما(تابعة للمعارضة) :  أن “افراد القافلة تعرضوا لضغوط من النظام وروسيا للخروج من الغوطة، وبعدها بساعة وصلهم إيعاز بالانسحاب المباشر من المنطقة فخرجوا بسرعة وحتى دون تنسيق مع فصائل المعارضة التي رافقتهم خلال جولتهم”…وأكدت ريحان أن القافلة خرجت دون أن تتمكن من تفريغ 9 شاحنات(فيما تم إفراغ العدد الباقي من الشاحنات)، واصفة الانسحاب بالسريع والفوري…

وأكد مراسل أورينت نيوز في الغوطة الشرقية أن وفد الأمم المتحدة الذي دخل إلى مدينة دوما أمس هرع إلى الخروج من الغوطة الشرقية، إثر تلقيه أوامر من الجانب الروسي بالخروج من المنطقة على الفور، حيث بدأ الطيران الروسي بغارات بالقنابل العنقودية على الغوطة…ونوه المراسل إلى أن بعض الأنباء تشير إلى انطلاق صواريخ بالستية باتجاه الغوطة الشرقية من اللواء 157 في ريف درعا، فيما يبدو أنه السبب وراء إسراع فرق الأمم المتحدة بالخروج من الغوطة المحاصرة…

لقد هربت قافلة الأمم المتحدة من الغوطة بعد ساعات قليلة من دخولها ولم تحتمل القصف الوحشي في حين يتحمل أهالي الغوطة بأطفالها ونسائها القصف والحصار منذ عدة سنوات دون أن يتمكنوا من الرحيل إذا أرادوا إلا بشروط الجلاد..لقد استمر تبجح النظام وحلفاؤه وتحديهم للعالم فبعد رحيل القافلة الأممية شنوا هجوما جديدا على أهالي الغوطة بالغازات السامة فقد أفاد الدفاع المدني اليوم الثلاثاء، بأن قوات النظام قصفت ليلة أمس، بلدة حمورية في غوطة دمشق الشرقية بغاز الكلور السام، ما أدى إلى إصابة 30 شخصاً بحالات اختناق.

وجاء في بيان نشرته عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي “تمكنت فرق الإنقاذ في الدفاع المدني من إجلاء 30 مدنياً مصابين بحالات اختناق، جُلهم من النساء والأطفال، جراء هجوم لقوات النظام السوري بغاز الكلور على الأحياء السكنية في المدينة”…وأضاف البيان أن متطوعين اثنين من الدفاع المدني، أصيبا بحالات اختناق أثناء قيامهما بواجبهما الإنساني في إسعاف المصابين…

هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها نظام الأسد الغازات السامة في الغوطة ولكن هذه المرة تحمل العديد من الرسائل للعالم من أهمها, أن النظام قرر القضاء على أهال الغوطة بكافة الوسائل وأنه لم يعد يتأثر بالتهديدات والتصريحات الجوفاء التي تصدر من هنا أو هناك, وأن المحاولات بشأن إغاثة المدنيين لن تجد آذانا صاغية بغض النظر عمن وراء هذه المحاولات…

إن الأكفان الأممية في الغوطة الشرقية ترسم ملامح لعصر من التوحش والهمجية تسقط فيه كافة الشعارات المزيفة الصادرة من قبل من وصفوا أنفسهم بـ “العالم الأول” أو “العالم المتحضر” وتكشف عن المخطط الذي يتم تنفيذه بدقة بالغة وتشترك فيه العديد من الأطراف الفاعلة لكسر إرادة الشعب السوري.

(المصدر: موقع المسلم)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى